Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

«قطاع التكنولوجيا المصري».. مطالب ملحة للاقتراب خطوات من عالم الكبار

 يعد قطاع التكنولوجيا أحد أهم المرتكزات الرئيسية لتعزيز تنافسية الاقتصاد المصري خلال المرحلة المقبلة، في ظل التحديات العالمية القائمة وأثارها السلبية على القطاعات الحيوية، والتي تتطلب التحوط منها بمجموعة من الخطوات الفاعلة والسريعة التي تحقق عوائد من العملة الصعبة وتوفر فرص تشغيل متنامية، وهو مايتوفر في هذا القطاع الحيوي الذي نجح خلال السنوات الماضية بدعم المشروعات الرقمية الكبرى واستقطاب العديد من الشركات العالمية المتخصصة للسوق المصري، وتوطين العديد من التقنيات، في دعم معدلات النمو وتحقيق مؤشرات تنمية رقمية مناسبة.

إلا أنه وفقا للخبراء، مازال هناك خطوات يجب تبنيها لانطلاق قطاع التكنولوجيا المصري نحو أفاق جديدة للنمو والريادة في المنطقة في ظل المنافسة الإقليمية، والواقع الاستثماري والتشغيلي الذي فرضتة التداعيات العالمية للتعرف على الإمكانات غير المستغلة للتكنولوجيا وما هي القطاعات الأكثر استعدادا للتطور في مصر، مؤكدين على أنه على الرغم من بعض التحديات الاقتصادية إلا أنه في حال استمرار الحكومة في معدلات الرقمنة المتسارعة وتدشين خطة محكمة لتحقيق التحول الرقمي الكامل سيصبح القطاع الرقمي في مصر من أهم القطاعات الجاذبة للاستثمار خلال السنوات القليلة المقبلة.

تصنيف السوق

الخبراء حددو مجموعة من العناصر التي يجب أن يرتكز عليها صانعو السياسات لتوسيع ودفع قطاع التكنولوجيا في مصر إلى المرحلة التالية من تطوره وتغيير قواعد اللعبة لصالحنا، منها العمل على تصنيف السوق بمقاييس منضبطة تراعي مراحل التطور الذي يشهده والتحديات التي يواجهها على كافة المستويات، والعمل أيضا على تحديد التخصصات التي تعمل بها الشركات لتحديد مستويات النمو والوقوف على التحديات، والإطلاع على الفرص المتوافرة، مشيرين إلى أن تصنيف القطاع ووضع خريطة متكاملة له على مستوى الاستثمار وحجم التمويلات والقوي العاملة ومستويات التدريب يعد أبرز المرتكزات في هذه المرحلة.

وأشارو إلى ضرورة إقرار حزم تنظيمية وتشريعية شاملة، تتلائم مع تطورات التكنولوجيا وطبيعتها، وبما يوحد الجهة التي تتعامل معها الشركات في هذا القطاع لضمان نفاذ وسرعة جذب الاستثمارات وأيضا توحيد الإجراءات المنظمة لعمل القطاع بكافة مستوياته، إلى جانب العمل على تبني سياسات تشريعية تخفف الضغوط الضريبية على الشركات خاصة المتوسطة والصغيرة والتي تمثل النسبة الأكبر من الشركات المصرية العاملة في هذا المجال.

وبلغ معدل نمو قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مجتمعين نحو 16.3% فى العام المالى 2022/2023؛ ليصبح القطاع هو الأعلى نموا بين قطاعات الدولة على مدار 5 سنوات متتالية، ونمت الصادرات الرقمية لتصل إلى 6.2 مليار دولار خلال عام 2023 صعودا من 4.9 مليار دولار خلال عام 2022 بنسبة نمو 26%.

وركز الخبراء على ضرورة العمل على إحداث ثورة تعليمية وثقافية متعلقة بالقطاع، عبر هيكل تنظيمي تعليمي أكثر شفافية وسهولة لتشجيع انتشار التعليم التكنولوجي على نطاق واسع وزيادة الوعي بأهمية التكنولوجيا في تحفيز معدلات النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل للشباب، وذلك بالتوزاي أيضا مع تبني سياسات مالية ونقدية تعزز من تمويل الشركات الناشئة، والمشروعات الريادية ما يسلط الضوء على جاذبية السوق المصري وإمكانياته المتزايدة في قطاع التكنولوجيا.

وليد جاد
وليد جاد

المهندس وليد جاد رئيس غرفة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، قال أن تحول قطاع التكنولوجيا في مصر لمستويات جديدة من النمو يحتاج لضخ استثمارات كبيرة في مجالات التكنولوجيا الحديثة وعدم الوقوف على التكنولوجيا النمطية التي تنتمي لأجيال سابقة، منوها إلى أن أبرز هذه التقنيات الواعدة يتمثل في مجالات الذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياء والبيانات والأمن السيبراني وهو ماسيعزز من مسارات نمو القطاع في مصر ويرفع من أعداد الشركات المحلية العاملة في هذه المجالات.

العنصر البشري

وأشار إلى أن العنصر البشري في مصر جاهز لاستيعاب هذه التكنولوجيا، والابتكار فيها بشكل كبير، وهو ماتحتاجه الشركات العاملة في هذه المجالات سواء العالمية منها أو المحلية، وبالتالي يمكن جذب استثمارات عالمية كبرى في هذه المجالات خاصة وأن بيئة العمل في قطاع التكنولوجيا بمصر تتمتع بمستويات مقبولة من الحوافز والسياسات وأيضا مستويات متدنية من الأجور مقارنة بالدول المحيطة وهو ماتمكنت من خلاله الهند في صناعة تجربة رائدة في هذا القطاع.

ولفت المهندس وليد جاد،  إلى أن ملف التمويل، يعد مرتكز رئيسي لضمان تطور القطاع وزيادة مساهمته في الناتج المحلي، عبر تدابير مالية مرنة وسياسات نقدية تستوعب طبيعة عمل شركات التكنولوجيا، منوها إلى ضرورة العمل أيضا على ابتكار أليات مالية أكثر حداثة وتخصصيه لهذه القطاع عبر إنشاء صناديق استثمار متخصصة تمول عمليات التدريب والتأهيل أيضا عبر شراكات مع الشركات العاملة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من خلال تخصيص جزء من أرباحها لهذا المجال في إطار تنموي متكامل وليس بمنطق المسئولية المجتمعية والدعم.

وأكد على ضرورة إفساح المجال للشركات المصرية للعمل في المشروعات الرقمية الكبرى بشكل أكبر خاصة وأن عدد كبير منها يتمتع بالخبرة والكفاءة اللازمة لتنفيذ أجزاء رئيسية من هذه المشروعات مما يعزز من زيادة التنافسية ونمو القطاع خاصة أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة، منوها إلى أن تراجع العملة المحلية يمثل رغم التحديات فرصة كبيرة في جذب وتعزيز الاستثمارات في هذا المجال بما يوفره من تراجع لتكلفة الأجور والتشغيل.

ونوه رئيس غرفة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى ضرورة الوقوف على التحديات التي تواجه شركات التكنولوجيا المصرية في الوقت الحالي للبحث عن حلول واضحة تضمن استدامة عمل هذه الشركات وتوسعها المحلي والإقليمي ، في ظل ظروف وأحداث عالمية عطلت بشكل كبير من حركة رؤوس الأموال المغامرة في ظل التواترات الجيوسياسة وارتفاع أسعار الفائدة، وهو مايتطلب حوار مجتمعي لتقوية مراكز هذه الشركات على مستوى التمويل والتشغيل.

أحمد صبري
أحمد صبري

المهندس أحمد صبري، خبير تكنولوجيا المعلومات، قال هناك العديد من العناصر التي نفتقدها لانطلاق قطاع التكنولوجيا المصري نحو أفاق جديدة للنمو والريادة في المنطقة، وأول مشكلة هي فكر المستثمر والمؤسسات المالية في مسألة ضخ الأموال في الشركات الناشئة والتكنولوجية، فقد أسست ما يقرب من 9 شركات ووجدت أن المؤسسات المالية تتعامل مع الاستثمار التكنولوجي على أنه دين، فالحصول على تمويل أو استثمار من المؤسسات المالية الرسمية يحتاج إلى أصول مادية سواء شقة أو أرض أو سندات، والفوائد تكون ضخمة.

حجم التمويلات

وأشار إلى أن المستثمر المصري يفتقد إلى الفكر الاستثماري، ويرى أنه طالما أصبح مستثمرا في شركة فهو شريك ويتحكم في الإدارة، ورأينا شركات ناجحة عندما دخل مستثمر فيها أصبح هو المدير وعطل من أفاق الشركة للنمو، بجانب أن تقديم فكرة المشروع للحصول على تمويل رحلة طويلة ومكلفة، وفي النهاية تحصل على تمويلات بسيطة لا توازي الحصة الممنوحة.

وأضاف صبري أن هناك أمور مختلفة في دول أخرى بما فيها الدول العربية، فالأردن تدعم هذا القطاع، وغيرت اسم وزارة الاتصالات لوزارة الاقتصاد الرقمي وريادة الأعمال، وهناك أكثر من جهة تدعمها الدولة لتمويل القطاع، والتمويل يحدث خلال 15 يوما، والإمارات أيضا تسير بشكل رائع في دعم هذا القطاع.

وأكد أنه يجب تهيئة البيئة التشريعية والسياسات من أجل دعم هذا القطاع، ففي القانون المصري يمكن أن يحبس المدير العام للشركة أو العضو المنتدب بسبب أي خطأ حتى لو عدم تقديم إقرار ضريبي، كما أن التخارج من الشركة صعب جدا، فالبيئة التشريعية يجب أن يتم تعديلها بجانب البيئة التمويلية، فمصر لديها كفاءات وكوادر يمتلكون أفكار رائعة، ولكن بدون تمويل وبنية تحتية لن تحقق تلك الأفكار أي شيء، وهناك نماذج لشركات خرجت من مصر واستطاعت جذب استثمارات، فسويفل عندما خرجت أصبحت شركة مليارية.

محمد الحارثي
محمد الحارثي

بينما تطرق محمد الحارثي، خبير تكنولوجيا المعلومات، إلى النواقص الفنية لانطلاق قطاع التكنولوجيا المصرية نمو آفاق جديدة للنمو والريادة في المنطقة، موضحاً أنه على مستوى الكوادر لا يوجد عجز أو نقص لدينا في الكوادر، لكنه حذر في الوقت ذاته من هجرة واستقطاب بعض الكوادر للعمل خارج مصر، مشيراً إلى أننا في حاجة للحفاظ على الكوادر واستمرارها داخل مصر وأن تشارك في مشروعات وتقدم خدمات رقمية من مصر الى خارج مصر وهو ما يسمى بتصدير الخدمات والمهارات الرقمية.

وأضاف خبير تكنولوجيا المعلومات، أن الدولة قطعت شوطاً كبيراً فيما يتعلق بإتاحة التدريب وتهيئة الكوادر بشكل كبير جدًا وبما يتوافق مع السوق المحلي والسوق العالمي.

حوافز تشريعية

وبالنسبة للسياسات والتشريعات، أشار الحارثي، إلى أن أننا في حاجة إلى إطار يشجع الشركات المصرية لاستقطاب العملة الأجنبية داخل مصر، علاوة على دعم الشركات المتوسطة والصغيرة عن طريق الإعفاء الضريبي إلى أن تصل لحجم مناسب وتبدأ في الخضوع للمستوى الضريبي مثل باقي الشركات، ولكن في المرحلة الأولى يجب دعمها بتخفيف الضغوط عليها خاصة الشركات التي تستطيع تصدير خدمات رقمية وجلب عملة أجنبية ومن ثم إتاحة امتيازات كبيرة.

وتابع دكتور محمد الحارثي، أن هناك بعض التجارب الشبيهة التي يمكن الاستفادة منها للانطلاق نحو الريادة، ومنها على سبيل المثال التجربة الصينية فالمجتمع الصيني الأقرب من حيث الكثافة السكانية والنمو، ففي فترات سابقة كانت الصين تسعى للنمو والاعتماد على فكرة تصدير كافة الخدمات ومنها تكنولوجيا المعلومات، بالتالي تمكنت من النمو بشكل كبير فيما يتعلق بصناعة تكنولوجيا المعلومات وتصدير الخدمات الرقمية وفكرة دعم الشركات التي تعمل في التصدير فحدث النمو على فترات كانت بعيدة في البداية ثم تقاربت بشكل ما.

وأكد أننا في حاجة إلى توجيه الأجيال الجديدة إلى قطاع تكنولوجيا المعلومات وهو ما يتحقق عن طريق تأهيل الشباب وصناعة حشد تعليمي وتأهيلي، وفي هذا الإطار لفت إلى ضرورة أن تتحول الجامعات للشكل التطبيقي خاصة الجامعات الخاصة بتكنولوجيا المعلومات، فلابد أن تكون تطبيقية من اليوم الأول وتعتمد على مشروعات ومعامل بحثية تطبيقية، والاندماج مع القطاع الصناعي داخل الجامعات، وأن تصبح الجامعات بمثابة أكاديمية تعليمية تطبيقية تصب وتوفي احتياجات القطاع الخاص على مدار العام، لأن المتغيرات كبيرة ومتسارعة.

صناعة علامة تجارية

كما أشار إلى أهمية صناعة علامة تجارية قوية ودعم الشركات الناشئة وتوجيهها، والمقصود هنا ليس فقط مجرد أن عدد الشركات الناشئة أكثر من استدامة الشركات الناشئة، ولكن تحريك الشركات تجاه للمجالات التي يمكن العمل بها ومجالات الاستثمار وتشجيعهم لفتح أسواق جديدة واعطائهم امتيازات حتى يمكنها النمو والتغلب على المعوقات التي تواجهها بحيث تنمو ولا تتراجع للخلف.

وأفاد بأنه إذا تمكنت مصر من تصدير الخدمات الرقمية وتوطين صناعة تكنولوجيا المعلومات ستنمو إقتصاديا بشكل كبير لأن الاقتصاد الرقمي من مكونات الاقتصاد الأساسي.