Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

عبد الله العثمان يكتب: تأملات في الانطلاقة السعودية الحالية في قطاع التكنولوجيا المالية

على مدى السنوات القليلة الماضية، اكتسب قطاع التكنولوجيا المالية بالمملكة العربية السعودية زخما هائلا، حيث تستفيد الشركات الناشئة، الذكية والمبتكرة، من التطور التكنولوجي بالمملكة، والذي شهق بالخدمات المالية في جميع أنحاء المملكة.

في الواقع، زاد عدد شركات التكنولوجيا المالية في المملكة العربية السعودية بنسبة 37%، بحسب مبادرة Fintech Saudi. بالنسبة للمستثمرين، فقد شهدوا فرصا هائلا في عام 2021 وحده، وحققت استثمارات رأس المال في شركات التكنولوجيا المالية بالسعودية مستوى قياسيا تعدى 347 مليون دولار.

يدرك المستثمرون الأذكياء أن حلول التكنولوجيا المالية هي حلول للحياة، وليست مجرد ترف تقني يمكن الاستغناء عنه، فهي تخترق كل جوانب الحياة تقريبا في جميع المجتمعات على اختلاف صنوفها، وبفضل قوة الذكاء الاصطناعي وتقنيات تعلم الآلة وتحليل البيانات، يمكن  لشركات التكنولوجيا المالية مساعدة الفرد منا طوال مسيرته، بداية من امتلاك حساب بنكي للمراهقين إلى إطلاق الشركات الناشئة وإنجاز المشتريات والدخول إلى عالم الاستثمار والبيزنس.

التحدي التنظيمي

من المهم أن نفهم أن النظام البيئي للتكنولوجيا المالية يضم العديد من اللاعبين، منهم المبتكرين (شركات التكنولوجيا المالية الناشئة)، ومطوري التكنولوجيا، والحكومات، والعملاء الماليين، والمؤسسات المالية التقليدية.

يوجد مبتكرو التكنولوجيا المالية في القلب من النظام البيئي، ولكي يحققوا ازدهارا، عليهم التواجد في بيئة تنظيمية مشجعة، ولتمكين الابتكار في مجال التكنولوجيا المالية، تقوم الحكومات بإصدار لوائح جديدة، وكذلك تخفيف بعض القوانين وتطويرها وإصلاحها. هذا مهم بشكل خاص، لأن الإجراءات المطولة ستؤثر بالتأكيد على تطوير المنتج والتوسعات المقررة وخطط الاستثمار.

على الرغم من تطوير الجهات الرقابية السعودية للوائحها وقوانينها، إلا أنها لا تزال تمثل تحديا للمملكة العربية السعودية، كما الحال في العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم.

على سبيل المثال، وخلال السنوات القليلة الماضية، كان عدد الموافقات الممنوحة لشركات التكنولوجيا المالية للعمل بالسعودية منخفضا نسبيا مقارنة بالمراكز المالية الأكثر تطورا بالمنطقة، فوفقا لعدة تقارير، تم اعتماد 35 شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا المالية في عام 2020، ومؤخرا، تم الموافقة على 16 شركة خلال الربع الثالث من عام 2021.

على الرغم من هذا التحسن، إلا أنه يمكن إجراء هذه العملية بشكل أسرع مقارنة بالعدد المتزايد لشركات التكنولوجيا المالية الناشئة في جميع أنحاء العالم، والذي وصل في عام 2021 إلى نحو 26 ألف شركة، فلا بد من وجود طرق مبتكرة لتحقيق التوازن بين هذه الأولويات وعملية الحصول على الموافقات والتراخيص بسرعة.

من الحلول المقترحة إدخال المزيد من الصناديق الآمنة إلى المملكة، وإصدار لوائح وقوانين لحمايتها، وبذلك يتم إطلاق المزيد من الصناديق الاستثمارية الآمنة التي تحقق قدر أكبر من الابتكار في مجال التكنولوجيا المالية، وتوفير بيئة مثالية للتعاون ضمن القواعد المالية المستقرة، وتوفير ثقة أكبر للنظام البيئي.

وتشير الأخبار السارة إلى أن المملكة تحرز تقدما ملحوظا، ولم يكن التحول الأخير إلى المدفوعات الفورية ليحدث دون زيادة إمكانية الوصول إلى قنوات الدفع الرقمية، وهو الأمر الذي قاده البنك المركزي السعودي كأولوية في السنوات الأخيرة، وقد أعلن البنك مؤخرا إلى تجاوز نقاط البيع داخل المملكة حاجز المليون.

أصبح هذا العمل الفذ ممكنا بعد تعاون مكثف مع القطاع المالي وشركات التكنولوجيا المالية، مثل Geidea، التي أطلقت أكثر من 700 ألف نقطة وماكينة ATM في جميع أنحاء البلاد.

توضح هذه الاتجاهات أن الجهات التنظيمية قد مهدت الطريق أمام الجهات الفاعلة في مجال التكنولوجيا المالية للالتقاء معا بطريقة مثيرة للغاية من خلال تمكين الابتكار والتعاون بين القطاعات المعنية.

الحرب على المواهب

كما هو الحال في كل صناعة تقريبا، يعتمد نمو قطاع التكنولوجيا المالية على ابتكار القطاع الخاص، ومن الواضح أن صانعي السياسة السعوديين يرغبون في تمكين الاختراع والإبداع بدلا من امتلاكهما بشكل دائم، وإطلاق العنان لأفضل ما في الرأسمالية بدلا من استخدام الأدوات الحكومية.

لذلك، لم يكن مفاجئا إطلاق البنك المركزي السعودي لمبادرة Fintech Saudi، بالشراكة مع هيئة سوق المال، في أبريل 2018، من أجل دعم رواد الاعمال في مجال التكنولوجيا المالية في كل مراحل تطورهم، وبناء المهارات والمعرفة اللازمة لتنمية قطاع التكنولوجيا المالية.

ومع ذلك، تمثل المهارات تحديا لتطور التكنولوجيا المالية في المملكة العربية السعودية، ولجميع مزودي التكنولوجيا المالية، لا سيما للمؤسسات المالية التقليدية مثل البنوك، إذ يتطلب الأمر توظيف المواهب الرقمية لتصميم الخدمات المالية الرقمية وتطويرها، والتي يجب أن تملك خبرة وخلفية ومهارة وفهما عميقا لاحتياجات العميل.

بالنسبة للبنوك، يتزايد الضغط لجذب أفضل مبتكري التكنولوجيا المالية في المملكة، والاحتفاظ بهم، ما يجعلهم يخوضون منافسة قوية مع الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية.

وينعكس حجم التحدي في البيانات الواردة في التقرير السنوي للتكنولوجيا المالية السعودية لعام 2021، والذي يقول أن 38 إلى 40% من شركات التكنولوجيا المالية في السعودية تعتبر توظيف المواهب أكبر عقبة أمامها، كما ذكر أن 88% منها تؤكد أن مجموعة المهارات الأساسية هي أحد التحديات الرئيسية لتوظيف المواهب.

إطلاق العنان للنجاح

كجزء من حل هذه المعضلة، يمكن التعاون بين اللاعبين المختلفين من جميع أنحاء النظام البيئي من اجل تبادل المهارات والخبرات، ولذلك من المشجع تبني العديد من المؤسسات المالية التقليدية للخدمات المصرفية المفتوحة وواجهات برمجة التطبيقات المفتوحة (APIs) كوسيلة لتوليد الابتكار عبر النظام البيئي.

هذا هو تعريف التعاون، حيث تستفيد العديد من الشركات والمؤسسات المالية من البيانات لبناء المزيد من المنتجات والخدمات، ما يحفز الابتكار والمنافسة والتبني الرقمي.

بفضل هذه الرؤية، يتوقع أن تنتشر الهواتف الذكية بنسبة 80% في المملكة، وأن تزداد شهية المستثمرين في القطاع مدفوعة بكون ثلثي السكان في السعودية تقل أعمارهم عن 25 عاما، ما يبشر بانتقال المملكة إلى مستقبل غير نقدي بالكامل.

إن الفرص الاقتصادية التي يوفرها هذا النظام البيئي ستكون أكثر إثارة مع النضج الذي يحققه النظام البيئي للتكنولوجيا المالية في المملكة العربية السعودية، ومن خلال التعاون والابتكار والدعم التنظيمي، سيحقق مشهد التكنولوجيا المالية في المملكة نجاحا وطنيا للجميع.

تحليل كتبه: عبد الله العثمان (ترجمة عربية للمقال الأصلي المنشور بالإنجليزية)

مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة التقنية المالية السعودية Geidea