Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

مشروع «رأس الحكمة».. ساحل الفرص الذهبية لشركات البنية التحتية الرقمية

أحدثت صفقة تطوير وتنمية منطقة «رأس الحكمة» بالساحل الشمالي، بشراكة إماراتية، واستثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار، تتضمن ضخّ نحو 35 مليار دولار استثماراً أجنبياً مباشراً للخزانة المصرية خلال شهرين، حالة من التفاؤل داخل كافة الأوساط الاقتصادية باعتبارها شهادة ثقة لمناخ الاستثمار في مصر خلال الفترة الحالية، ومرتكز رئيسي لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لاعتبارات حجم الصفقة والتي تعد أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ مصر، وأيضا لاعتبارات التوقيت الي يعاني فيه الاقتصاد المصري من ندرة العملة الصعبة نتيجة التداعيات العالمية.

القطاعات الاقتصادية ومنها قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، نظر للصفقة باعتبارها فرصة استثمارية سانحة نظرا لطبيعة وحجم الصفقة، واحتياجاتها الأساسية من بنية تكنولوجية متطورة،وتطبيقها لأحدث التقنيات الحديثة في كافة الأعمال التشغيلية والفنية للمشروعات التي ستضمها أرض الحكمة، باعتبارها مشروع شامل للتنمية العمرانية والسياحية الشاملة، والذي سيحتاج لوضع خارطة طريق نحو صناعة هوية عالمية في الاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة واعتماد التكنولوجيا والابتكار والحلول المستدامة.

الخبراء أكدو جاهزية الشركات المصرية العاملة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لهذا التحدي، في ظل الواقع العملي والفني الذي شهد قيادة هذه الشركات للتحول الكبير للمجتمعات الذكية المتكاملة، وانتهاج أنماط التكنولوجيا الحديثة في المشروعات العقارية كإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي وأجهزة الطاقة المتجددة والتطبيقات الذكية وغيرها من صور التكنولوجيا، بالإضافة إلى الإطار الإداري والتنظيمي والذي يشمل أنظمة المرور والمخلفات والتشغيل، وتجميع وإدارة وتحليل البيانات الضخمة لمساعدة إدارات المدن.

وأشارو إلى أن مشروع رأس الحكمة، سيعتمد بشكل رئيسي على شركات الاتصالات والتكنولوجيا المصرية في ظل الشراكات المباشرة لها مع شركات المقاولات والتطوير العقاري المزمع تنفيذهم لهذا المشروع ، منوهين إلى أن الاستعانة بالشركات العالمية في بعض الأعمال سيكون ضمن تحالفات مع شركات مصرية وإماراتية، لضمان توافر الخبرات التي تتمثل في الكوادر البشرية المصرية ، وأيضا إداراتها في المستقبل، إلى جانب ماستقدمه الشركات المصرية من حلول فنية متكاملة في مجالات البنية التحتية والمستلزمات الرئيسية ككابلات الفايبر.

وأكدوا على أن مشروع بهذا الحجم، سيدفع معدلات نمو القطاع على المدى البعيد، بما سيوفره من مشروعات متنوعة وأيضا فرص عمل مباشرة، وحجم طلب كبير على المستلزمات الخاصة بالبنية التكنولوجية، مشيرين إلي ضرورة أن تدعم الحكومة تواجد الشركات المتوسطة والصغيرة في أعماله عبر العديد من الحوافز والشراكات المشتركة مع الجانب الإماراتي وهو ماتم كشفه في تصريحات رئيس الوزراء بتخصيص مقرات لشركات التكنولوجيا الصغيرة بشكل خاص في هذا المشروع، وهو مايمنحها العديد من المميزات، ويؤدي إلى نمو تلك الشركات وجذب استثمارات لها من الخارج.

ووفقا لآخر تقرير صادر عن الهيئة العامة للاستثمار، فإن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يتصدر الاستثمارات الإماراتية فى مصر بنحو 55 شركة واستثمارات تبلغ 2 مليار دولار.

فما هو الأفاق التي يحملها هذه المشروع لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وما هي عناصر القوة التي تمتلكها الشركات المصرية للحصول على أكبر حصة من الكعكة ؟

الدكتور أحمد خطاب
الدكتور أحمد خطاب

أكد الدكتور أحمد خطاب، الخبير الاقتصادي وعضو مجلس الأعمال المصري الكندي، أن مشروع رأس الحكمة يعتبر بمثابة طفرة اقتصادية في جميع القطاعات، حيث إنه فرصة للشركات المصرية بجانب الإماراتية للقيام بأدوار مختلفة، ومن أبرز القطاعات التي ستستفيد من هذا المشروع هو قطاع الاتصالات والتكنولوجيا، فهذا المشروع يقدم فرصة لشركات الاتصالات والتكنولوجيا بمصر من أجل تحقيق معدلات نمو كبيرة بفضل هذا المشروع، حيث سيكون من فئة المدن الذكية، وسيحتاج إلى بنية تحتية تكنولوجية ضخمة، مثل مد خطوط الفايبر والكابلات بجانب أن التحصيل الإلكتروني سيعمم في كل الخدمات، مما يوفر فرص كبيرة لشركات هذا القطاع، بجانب أنه سيضم جامعات ومدارس ومستشفيات، وكلها تحتاج إلى خدمات تكنولوجية.

وأشار إلى أن المشروع سيتكلف أكثر من 150 مليار دولار، ومن المتوقع أن يتم تخصيص 15 مليار دولار لقطاع الاتصالات والتكنولوجيا، خصوصا أنه سيكون هناك مراكز للمال والأعمال وما تحتويه من بنوك ومؤسسات مالية وتكنولوجية، وهي فرصة ضخمة لشركات الاتصالات.

وأكد خطاب أن شركات الاتصالات المصرية لديها القدرة على القيام بهذا الدور مع تطوير البنية التحتية، حيث إنها تدربت على ذلك من خلال عملها في المدن الحديثة مثل العلمين الجديدة او العاصمة الإدارية، فقد أصبحت على وعي كبير بالقيام بهذه الأدوار، بجانب وجود شركات إماراتية أيضا، وسيحدث تعاون كبير بين الطرفين، بجانب أن المشروع يمنح العديد من الفرص لشركات التكنولوجيا الصغيرة، خصوصا مع إعلان رئيس الوزراء عن توفير مقرات لشركات التكنولوجيا الصغيرة بشكل خاص في هذا المشروع، وهو توجه الدولة منذ فترة بمنح تلك الشركات العديد من المميزات، وهذا يؤدي إلى نمو تلك الشركات وجذب استثمارات لها من الخارج.

وقال مصدر رفيع بإحدي شركات الاتصالات، أن الصفقة ستعزز بالتأكيد مستويات التشغيل من جانب الشركات سواء على مستوى دعم المنطقة بشبكات متطورة وببنية تكنولوجية فائقة الجودة وتصميم مراكز بيانات ضخمة من جانب، وتقديم كافة الخدمات المتطورة كالذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياء وغيرها للشركات والفنادق التي ستنشأ ضمن المشروع، إلى جانب تقديم هذه الخدمات لقاطني هذه المنطقة والذي من المتوقع أن يكون عدد كبير منهم من السائحين إلى جانب المصريين والعرب.

المدن الذكية

وأضاف أنه من السابق لأوانه تحديد شكل التراخيص الخاصة بالمشروعات الرقمية داخل راس الحكمة، إلا أنه من المتوقع أن تكون التحالفات بين الشركات هي المسيطر عليها بين الشركات المحلية والعالمية، خاصة فيما يتعلق بتصميم مراكز البيانات أو مراكز السيطرة والتحكم، منوها إلى أن شركات الاتصالات قادرة على تقديم خدمات الـ Triple Play وخدمات المدن الذكية بكفاءة وجودة وفقا للمقاييس العالمية ولديها العديد من التجارب الناجحة مع شركات التطوير العقاري في مصر.

ولفت المصدر إلى أن المدن والمجتمعات الذكية في مصر والتي سيكون أحدثها راس الحكمة وليس أخرها، أمامها فرص نمو مطردة وأيضا عائد على الاستثمار مجزي خلال السنوات المقبلة، خاصة وأن النمط الطبيعي لفئات كثيرة من المجتمع المصري أصبحت استخداماتها تقنية بشكل كبير سواء في استخدمات المحمول المتنامية أو الحصول على الخدمات بشكل إلكتروني إلى جانب التوسع الكبير للدولة المصرية في تسريع التحول الرقمي وتقديم الخدمات الذكية وفقا لرؤية مصر 2030.

وأشار إلى أن دمج التكنولوجيا المتطورة بالمشروع ستساهم بشكل رئيسي في تعزيز الطلب عليه، سواء من الناحية التسويقية للمشروعات، أو تعزيز خدمات المشروعات بنوعيات متطورة من التكنولوجيا تشكل جزءا رئيسيا من اختيارات العملاء في عملية الشراء، منوها إلى أن مفهوم التكنولوجيا في صناعة العقارات، أصبح جزءا رئيسيا من معادلة مستقبل القطاع العقاري في مصر والمنطقة، والتي تشمل الخدمات المتطورة التي تقدمها الحلول الذكية لإدارة العقارات باستخدام تقنيات البلوك تشين وتحليل البيانات الضخمة والحوسبة السحابية ومد كابلات الفايبر وغيرها من الحلول العقارية الذكية، وحلول حجز وتأجير العقارات، وتكنولوجيا التخطيط والبناء، والتكنولوجيا المالية العقارية.

وفقًا لتقرير بحثي لـ “MarketsandMarkets” بعنوان “سوق المدن الذكية” والذي يشمل النقل والمباني والمرافق الذكية، وخدمات المواطن الذكية والتي تشمل (السلامة العامة ، والرعاية الصحية ، والتعليم الذكي ، وإضاءة الشوارع ،والحوكمة الإلكترونية)، أن حجم سوق المدن الذكية العالمي سينمو إلى 873.7 مليار دولار بحلول عام 2026 ، بمعدل نمو سنوي مركب  يبلغ 13.8٪ خلال فترة التوقعات.

ولفت التقرير إلى أن منطقة الشرق الأوسط تشهد نموا واعدا في سوق المدن الذكية العالمي ، مع تنامي الشبكات في المنطقة وتوسيع وتحديث شبكات الاتصالات والاستعداد للانتقال نحو البنية التحتية للجيل الخامس، وتوجه شركات الاتصالات الكبري فيها للترويج من للتقنيات الحديثة مثل الحوسبة السحابية وتقسيم الشبكات، وبالتالي تفعيل تبني المدن الذكية بتكلفة منخفضة ولإدارة حضرية استراتيجية.

الدكتور صلاح حسن
الدكتور صلاح حسن

قال الدكتور صلاح حسن أستاذ التسويق الدولي والإدارة الاستراتيجية بجامعة جورج واشنطن بالولايات المتحدة، أن المدن الذكية كالعاصمة الإدارية والعلمين وحديثا “راس الحكمة” أصبحت ضرورة للنهوض بقطاعات التكنولوجيا والصحة والتعليم وغيرها من المجالات الحيوية في الدولة المصرية، وسط التكدس البشري الكبير الذي يسيطر علي مصر في العديد من المدن ويستحال معه إحداث تطوير تكنولوجي بشكل كامل، وهو مايعزز ايجابية رؤية القيادة السياسية بإطلاق المدن الذكية مثل العاصمة الإدارية الجديدة، وغيرهما من المدن على مستوى الجمهورية، مشير إلى أن مشروع رأس الحكمة الجديد بما سيضم من مبان وفنادق ومنتجعات ستصمم وفقا لأحدث المواصفات العالمية ومشروعات تكنولوجية مؤمنة ستعزز نقل مصر لاقتصاد رقمي قوي.

وأشار إلى أن اقتصاديات المدن الذكية أصبحت جزء من الاقتصاد العالمي الحديث القائم على الابتكار خاصة في ظل جائحة كورونا المستجد التي فرضت تغيرات على طبيعة التعامل مع التكنولوجيا باعتبارها جوهر رئيسي للتنمية المستدامة وتحديد أوجه المستقبل وتوفير حلول لأزمات القطاع الصحي والتعليم، لافتا إلى أن المدن الذكية أصبحت واحدة من مصادر الدخل الرئيسية للدول سواء في الجامعات الذكية مثل التي تقوم بها مصر حاليا في العاصمة الجديدة مثل الجامعات الأهلية والخاصة القائمة على التكنولوجيا والإبداع ومدينة المعرفة، وأيضا جذب المقرات الرئيسية لكبري الشركات حول العالم.

وفقًا لبيانات الاتحاد الدولي للاتصالات، فإن قرار التوجه للمدن الذكية لم يعد رفاهية، حيث أشار إلى أن تكدس أكثر من نصف سكان العالم في المدن ومسؤولياتها عن أكثر من 70% من انبعاثات الكربون واستحواذها على 60-80% من استهلاك الوقود.

المدن الذكية
المدن الذكية

وعدد الاتحاد الدولي للاتصالات نماذج عديدة يمكن أن تسهم خلالها المدن الذكية في تحسين جودة الحياة، أبرزها الشبكات الذكية التي تستخدم تكنولوجيا الاتصالات في إدارة شبكات الكهرباء، وتوفير معلومات عن أنماط استهلاك الطاقة ، كما أن التطبيقات الحديثة تساعد على توفير بيانات عن مناطق الاختناقات المرورية بهدف تفاديها، وتحسين حركة السيولة المرورية، واستخدام أجهزة لقياس نسب التلوث والتحكم فيه، .إلى جانب تطوير حلول توفير الخدمات المالية إلكترونية، لا سيما عبر تقنية “البلوك تشين” الأكثر أمانا للحسابات المالية والمصرفية ، وهو مانشهده مطبقا في العاصمة الإدارية الجديدة .

ويعرف الاتحاد الدولي للاتصالات المدن الذكية بأنها «مدينة مبتكرة تستخدم تقنية المعلومات والاتصالات وكفاءة العمليات والخدمات الحضرية، والقدرة على المنافسة، لتحسين نوعية الحياة، وتلبي في الوقت ذاته احتياجات الأجيال الحالية والمقبلة من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية»