Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

عمرو الألفي يكتب: المصرية للاتصالات و«الاستثمار المتوازن»

في سوق المال، أي مستثمر حريص يقارن بين شقيّن وهما العائد والمخاطرة، فما بالك بالمستثمر الاستراتيجي؟

منذ استثمارها في فودافون مصر — شبكة المحمول الثانية وقتئذ من حيث عدد المشتركين — كانت المصرية للاتصالات تراهن على تنوع خدماتها التي كانت متركزة تاريخياً عند خدمات الهاتف الثابت والإنترنت فيما بعد.

فلم يكن هناك فرصة متاحة لشركة الاتصالات الأولى في مصر للاستثمار في سوق خدمات الهاتف المحمول الذي كان سوقاً منغلقاً على لاعبين اثنين فقط: أورانج مصر (التي كانت تعرف باسم موبينيل سابقاً) وفودافون مصر (التي كانت تعرف باسم مصر فون سابقاً ثم كليك جي إس إم لاحقاً).

فقد كان قرار تحويل هيئة الاتصالات إلى الشركة المصرية للاتصالات بمثابة فتح السوق للمنافسة، حيث كانت هيئة الاتصاالات تقدم خدمات الهاتف المحمول بالفعل ولكن كانت تفتقر للاستثمارات الكبيرة التي كان يتطلبها السوق في أواخر التسعينيات والتي تم طرحها لتصبح شبكة موبينيل فيما بعد.

لذا، عندما حانت الفرصة للمصرية للاتصالات في دخول سوق الهاتف المحمول مرة أخرى عن طريق الاستثمار في شبكة فودافون مصر، قامت الشركة برفع حصتها بها لتبلغ حوالي 45%.

وبالتالي قامت المصرية للاتصالات بتخفيض المخاطرة بتنويع استثماراتها وتخفيض تركزها في قطاع أو قطاعين أعمال فقط مع الاستفادة من معدلات النمو العالية في قطاع خدمات الهاتف المحمول. ولكن بقيّ الشق الأول من الاستثمار غير محقق وهو العائد على الاستثمار.

وبحكم حقوق ملكيتها في الشركة، كانت المصرية للاتصالات تسجل في قوائمها المالية حصتها في ربحية فودافون مصر بغض النظر عن كون هذا العائد في صورة نقدية أم لا.

وحسب اتفاقية المساهمين بين المصرية للاتصالات وفودافون جروب – الشريكين الرئيسيين في فودافون مصر – لم يكن هناك سياسة توزيع (dividend policy) واضحة.

فتارة تقوم الحمعية العمومية لفودافون مصر بتوزيع نقدي بسيط في عام وتارة أخرى تقرر عدم التوزيع وإعادة استثمار النقدية بالشركة في توسعاتها.

لذا كانت الأخبار الأخيرة بخصوص توقيع المصرية للاتصالات وفودافون جروب على اتفاقية مساهمين معدلة تحدد علاقتهم المستقبلية بمثابة إعادة تقييم للعلاقة بين المستثمرين الاستراتيجيين في أكبر مشغل للهاتف المحمول في مصر وأكثرها ربحية وهو ما سيعود بالنفع بدرجة قوية على الطرفين وخصوصاً المصرية للاتصالات.

فبعد أن كانت سياسة توزيع الأرباح غير محددة ستقوم فودافون مصر بتوزيع نقدي استثنائي هذا العام يبلغ 10 مليار جنيه مصري، تم توزيع ملياري جنيه منهم بالفعل خلال الربع الأول من عام 2021، ليكون نصيب المصرية للاتصالات منها حوالي 4.5 مليار جنيه، تم استلام حوالي 900 مليون جنيه منها ويتبقى 3.6 مليار جنيه ليتم استخدام هذه السيولة في تخفيض ديون المصرية للاتصالات التي بلغت 21 مليار جنيه في آخر مارس 2021 وهو ما يعني توفير للمصروفات التمويلية فيما بعد وبالتالي ارتفاع ربحية الشركة وسهمها.

ولكن الأفضل من ذلك هو أن فودافون مصر أصبح لديها سياسة توزيع واضحة وهي أن يتم توزيع 60% من التدفقات النقدية الحرة فيما بعد وهي سياسة توزيع متزنة، توازن بين حقوق المساهمين في تحقيق عائد على استثماراتهم وبين ضمان توفر السيولة اللازمة لتمويل النفقات الرأسمالية لفودافون مصر مما يحافظ على معدلات النمو بها. أيضاً، بموجب اتفاقية المساهمين المعدلة سيكون للمصرية للاتصالات الحق في الوصول إلى معلومات حول استثمارها في فودافون مصر كمساهم استراتيجي له حصة مؤثرة.

أما بالنسبة لفودافون جروب، فتعتبر اتفاقية المساهمين المعدلة بمثابة تأكيد على اهتمامها بسوق الاتصالات المصري من جهة — وهو سوق واعد لا يزال هناك العديد من الفرص التي لم يتم استغلالها بعد، مثل خدمات الجيل الخامس وخدمات المحتوى عبر النطاق العريض للهاتف المحمول (mobile broadband) وبمثابة اتفاق جديد مع الحكومة المصرية (الشريك الأساسي في المصرية للاتصالات) لضخ المزيد من الاستثمارات في القطاع من جهة أخرى.

في النهاية، تمكنت المصرية للاتصالات وإدارتها في إعادة ضبط علاقتها بشريكها الرئيسي في فودافون مصر وبالتالي تحقيق الشق الأول من أي استثمار وهو الحصول على العائد على الاستثمار مما يعني أن فودافون مصر أصبح استثمار متوازن بالنسبة للمصرية للاتصالات تستطيع من خلاله تحقيق أهدافها الاستراتيجية المرجوة.

تحليل يكتبه: عمرو الألفي

رئيس قسم البحوث بشركة برايم لتداول الأوراق المالية