Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

«على بابا » من الحلم بالمكاسب إلى كابوس ينذر بخسائر فادحة

أمرت السلطات الصينة شركة “آنت” الذراع المالية لمجموعة على بابا الصينية، قبل شهرين، بإعادة فحص أعمالها في مجال التكنولوجيا المالية، والتي تمتد من إدارة الثروات وحتى التأمين والإقراض المالي الاستهلاكي، والعودة إلى جذورها كخدمة مدفوعات، قبل يومين من خطوتها نحو أضخم اكتتاب عام أولي في العالم.

ورغم أن بيان البنك المركزي، أمس، لم يقدم تفاصيل، إلا أنه يمثل تهديداً خطيراً لنمو أكثر عمليات الملياردير جاك ما ربحاً في امبراطوريته للتمويل الإلكتروني. لم تطلب الجهات التنظيمية مباشرة تفكيك الشركة، بل أكدت بدلاً من ذلك على أهمية “أن تعي آنت ضرورة إعادة هيكلة أعمالها” وطلبت منها التوصل إلى خطة وجدول زمني بالسرعة الممكنة.

تلقت آنت توبيخاً من السلطات بشأن تدني الحوكمة عن المستوى المطلوب في الشركة، وازدراء المتطلبات التنظيمية، والانخراط في المراجحة التنظيمية. قال البنك المركزي إن آنت استخدمت نفوذها لإقصاء المنافسين، ما ألحق الضرر بمصالح مئات ملايين المستهلكين.

وقالت شركة آنت في ردها إنها ستشكل فريقاً خاصاً للامتثال لمطالب الجهات التنظيمية، وستحافظ على عملياتها لمستخدميها، وتعهدت بعدم زيادة الأسعار على المستهلكين والشركاء الماليين في الوقت الذي ستزيد فيه من ضوابط المخاطر المستخدمة.

وأضاف المنظمون إنه يجب على هذه الشركة التي يقع مقرها في هانغتشو تأسيس شركة مالية قابضة منفصلة للامتثال للقواعد والتأكد من امتلاكها لرأس مال كافٍ.

وإليكم بعضاً من السيناريوهات التي توصل إليها مستثمرون ومحللون حول كيف ستبدو عملية إعادة الهيكلة:

يقول المتفائلون إن الجهات التنظيمية تقوم بإعادة التأكيد على حقها في الإشراف على القطاع المالي في البلاد فحسب، وترسل بذلك تحذيراً إلى شركات الإنترنت بدون أن يكون لديها نية في إحداث تغيير كبير.

ويمكن أن بكين تحاول جعل شركة آنت التابعة لجاك ما نموذجا، باعتبارها الأضخم بين مجموعة من المنصات الجديدة واسعة الانتشار للتكنولوجيا المالية. تسببت حملات القمع السابقة من هذا النوع بضربات قصيرة الأمد للشركات، وإن بقيت سالمة في غالبية الأحيان.

وأصبحت شركة تينسينت هولدينغز، مثلاً، عملاق وسائل التواصل الاجتماعي هدفاً بارزاً لحملة لمكافحة الإدمان على ألعاب الفيديو بين الأطفال في عام 2018. ورغم أن أسهمها تعرضت لضربة، إلا أنها تعافت في النهاية وصولاً إلى السعر الأعلى على الإطلاق.

أما الشركة الشقيقة لآنت، علي بابا غروب هولدينغ، فقد استعادت أيضاً ثقة المستثمرين بعد عمليات بيع قصيرة الأمد تلت الاتهامات التي وجهتها السلطات إليها بشأن كل شيء بدءاً من الضغط غير العادل على التجار وحتى غض النظر عن المنتجات المقلدة المعروضة على منصتها.

قال زانغ كاي، محلل في شركة أبحاث السوق أناليسيز: “لا أظن أن الجهات التنظيمية تفكر في تفكيك آنت، فليس هناك شركة تكنولوجيا مالية في الصين ضمن تصنيف الاحتكار، وهذا الفعل لا يستهدف آنت فحسب بل إنه يرسل رسالة تحذيرية لشركات التكنولوجيا المالية الأخرى”.

وأضاف زانغ إن البعض يرى في ذلك فرصة لشركة آنت. فالصناعة بأسرها تواجه عمليات إشراف أكثر صرامة، ولدى آنت موارد أكثر للتأقلم مع التحديات بصفتها رائدة فيها.

سيناريو سيء

ستكون هناك نتائج مقلقة أكثر إن تحركت الجهات التنظيمية نحو تفكيك آنت غروب. سيعقد هذا من هيكلية حملة الأسهم، ويضر بأعمال الشركة الأسرع نمواً.

تقدر قيمة الشركة بـ 315 مليار دولار قبل تعليق الاكتتاب العام الأولي الخاص بها، وتستقطب آنت استثمارات من أضخم صناديق التمويل في العالم، من بينها واربيرغ بينكوس، كارليل غروب، سيلفر لايك مانجمنت، تيماسيك هولدينغز، وجي آي سي.

دعم المستثمرون العالميون الشركة عندما كانت قيمتها تقدر بحوالي 150 مليار دولار في آخر جولة تمويل لها في عام 2018.

وسيؤدي تفكيك الشركة إلى جعل عائدات الاستثمار فيها غير مؤكدة، وخاصة بعد تأجيل موعد الاكتتاب العام الأولي الذي كان من المفترض حدوثه في نوفمبر إلى المستقبل البعيد.

يمكن للحكومة أن تطلب من آنت فصل عملياتها الأكثر ربحاً والمتمثلة في إدارة الثروات والإقراض الإئتماني والتأمين، ونقلها إلى شركة مالية قابضة ستواجه تدقيقاً أشد صرامة.

قال مايكل نوريس، مدير الأبحاث الاستراتيجية في شركة إيجنسي تشاينا للاستشارات التي يقع مقرها في شنغهاي: “الحقيقة الواضحة هي أن المشرعين في الصين يعتمدون تشريعات مماثلة فيما يخص البنوك واللاعبين في قطاع التكنولوجيا المالية”.

لا تترك أعمال المدفوعات في آنت وحدها مجالاً كبيراً للخيال، ففي حين تعاملت هذه الخدمة مع 17 تريليون دولار خلال عام واحد، إلا أن عمليات الدفع الإلكتروني كانت خاسرة على نطاق واسع. عملت أضخم شركتي مدفوعات إلكترونية، آنت وتينسينت، على دعم الأعمال واستخدمتها كبوابة لكسب المزيد من المستخدمين. عملت الشركتان على الاستفادة من خدمات الدفعات لبيع منتجات مثل إدارة الثروات والإقراض الائتماني لجني المال.

قال تشين شوجين، رئيس الأبحاث المالية الصينية في جيفريز فاينانشال غروب التي تعمل انطلاقاً من هونغ كونغ: “سيتم تتويج إمكانيات آنت في النمو بالتركيز مرة أخرى على خدمات المدفوعات. أما في البر الرئيسي للصين، فإن سوق المدفوعات الإلكترونية مشبعة تماماً وبلغت حصة آنت السوقية حدها الأقصى”.

السيناريو الأسوأ بمثابة كابوس

يتمثل السيناريو الأسوأ في أن تتخلى شركة آنت عن أعمال إدارة الأموال والائتمان والتأمين، وتوقف عملياتها في هذه الوحدات التي تخدم نصف مليار شخص.

يمثل نشاطها في إدارة الثروات، والذي يتضمن منصة يو إيباو التي تبيع الصناديق المشتركة وصناديق أسواق المال حوالي 15% من الإيرادات.

كانت تقنية الائتمان، التي تضم وحدتي هوابي وجيبي، في شركة آنت أكبر محركين لإيرادات المجموعة، حيث ساهمتا بنسبة 39% من الدخل الإجمالي في الأشهر الستة الأولى من هذا العام، وقدمتا قروضاً لحوالي 500 مليون شخص.

ستعمل هذه النتيجة على دعم فكرة أن قادة الصين قد أصيبوا بالإحباط من تبجح المليارديرات في مجال التكنولوجيا ويريدون تلقينهم درساً من خلال القضاء على أعمالهم – حتى لو كان ذلك يعني ألماً قصير المدى للاقتصاد والأسواق.

حافظ القطاع الخاص في الصين على علاقة حساسة مع الحزب الشيوعي طوال عقود من الزمان، ولم يحظ بالاعتراف كمحور لمستقبل الأمة إلا مؤخراً. عزى العديد من المعلقين الحملة الأخيرة على شركات التكنولوجيا المالية إلى التصريحات التي أدلى بها ما في مؤتمر في أكتوبر، عندما شجب محاولات كبح جماح هذا المجال المزدهر باعتبارها قصيرة النظر وعفا عليها الزمن.

تحكمت علي بابا وآنت وتينسينت معاً برأس مال سوقي يقارب 2 تريليون دولار في نوفمبر، متجاوزة الشركات العملاقة المملوكة للدولة مثل بنك الصين في تصنيفها ضمن الشركات الأكثر قيمة في البلاد.

استثمرت هذه الشركات الثلاث مليارات من الدولارات في مئات من شركات الجوال والإنترنت الناشئة، واكتسبوا مكانة صانع الملوك في أكبر سوق للهواتف الذكية والإنترنت في العالم من قبل المستخدمين.

قال أليكس كابري، زميل أبحاث في مؤسسة هينريش في سنغافورة: “إن الحزب الشيوعي هو الطرف الأفضل والأخير في الصين، وهو يتحكم في كل شيء”. وأضاف: “لا يوجد شيء لا يتحكم فيه الحزب الشيوعي الصيني وأي شيء يبدو أنه يخرج من مداره بأي شكل من الأشكال ستتم إعادته بسرعة كبيرة، ويمكننا أن نتوقع رؤية المزيد من ذلك”.