Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

«صفقة فودافون».. هل نشهد ترسيم حدود جديدة لقطاع الاتصالات المصري أم يبقي كلٌ في مكانه؟

يبدو أن قطاع الاتصالات المصري، على موعد مع إلغاء الحدود بين شركات الاتصالات الواقعة على خريطته خلال الفترة المقبلة، والتي سلمنا بها لسنوات وكانت مسارا للعمل والاتفاقيات والمساحة التي تنافس فيها الشركات بعضها البعض، لترسم حدود جديدة بواقعية التطور التكنولوجي التي تحدث حاليا وتقود هيكلة شركات الاتصالات، وأيضا قوة الشركات الأم التي تمتلك السيولة الكافية والخبرات التي تؤهلها لتغيير قواعد لعبة الشطرنج والوقوف بجوار “الملك” أو تهديد “الملك” نفسه.

فخلال الأيام القليلة الماضية رصدنا تحركات قوية من جانب مجموعة “&e” الإماراتية التي تمتلك الحصة الحاكمة في شركة “اتصالات مصر”، اتجاه فودافون العالمية حيث رفعت حصتها بها بنحو 1.2% لتصل إلى 11% من رأس المال المصدر للمجموعة البريطانية، لتحظى بـ 3.02 مليار سهم بدلًا من 2.77 مليار كانت قد استحوذت عليها في مايو الماضي، لتشكل علامة فارقة في مستقبل شركة فودافون التي ظلت أسهمها في حالة ركود، إذ انخفضت بأكثر من 40% منذ أن تولى رئيسها التنفيذي “نيك ريد” في أكتوبر 2018 وحتى الآن، وتراجعت إلى نفس المستوى الذي كانت عليه قبل عقدين من الزمن.

ووفقا لتقارير إعلامية تستكشف مجموعة”&e”، الاستثمار في أعمال “فودافون” بأفريقيا لتعزيز وجودها في الأسواق الدولية، حيث تدرس المجموعة الإماراتية جدوى تقديم عرض لشراء جزء أو حصة فودافون العالمية البالغة نحو 60% في مجموعة “فوداكوم” الجنوب الأفريقية، والتي أتمت عملية نقل ملكية 55% من شركة فودافون مصر لصالحها الأسبوع الماضي في صفقة بلغت قيمتها حوالي 59.6 مليار جنيه الأسبوع الماضي.

أبراج المحمول

تقارير إعلامية أخرى كشفت في أكتوبر الماضي، أن الصندوق السيادي القطري يجري محادثات متقدمة لضخ استثمارات تقدر بنحو 2.5 مليار دولار في صفقات لشراء حصص بشركة فودافون مصر وشركات أخرى غير مدرجة في البورصة، وأفادت التقارير أن جهاز قطر للاستثمار الذي يدير أصولاً بقيمة 445 مليار دولار، يتفاوض على شراء 20% من أسهم “فودافون مصر”  من حصة الشركة المصرية للاتصالات؛ التي تمتلك حِصة تصل إلى 45% من شركة فودافون مصر، تنخفض في حال تنفيذ الصفقة إلى 25%.

قوة قطاع الاتصالات

هذه المسارات المتوازية من الأخبار، تشير في مجملها إلى قوة قطاع الاتصالات المصري الذي يحظى بالكثير من الاهتمام خلال الفترة الأخيرة نتيجة التجارب الناجحة التي حققها المشغلين في السوق، من جيث حجم النمو وأعداد المشتركين، إلى جانب توافر فرص نمو كبيرة واعدة له في المستقبل القريب مع تنوع أعمال الشركات وتوسعها في تقديم الخدمات التكنولوجية المتطورة كالحوسبة السحابية وخدمات المدن الذكية ومراكز البيانات وتوافر فرص كبيرة في هذه المجالات مع اتجاه الدولة المتسارع للتحول الرقمي الكامل، بالإضافة إلى التحسن الكبير في مناخ الاستثمار فى ضوء سياسات الإصلاح الاقتصادى الذى طبقته الحكومة وعلى رأسها تحرير سعر صرف الدولار مقابل الجنيه فى إطار استعداد مصر للحصول على حزمة تمويل جديدة من صندوق النقد الدولي لإحداث استقرار في السياسة النقدية وتوفير العملة الصعبة .

ونجح قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر، في تحقيق معدلات أداء مرتفعة على المستوى الاقتصادي والحفاظ على مكانته في الصدارة كأعلى القطاعات نموًا على مدار الأعوام المالية الأربعة الماضية، حيث سجل القطاع نموا بلغ 16.3% في العام المالي 2021-2022 ليصبح القطاع الأعلى نموا بين قطاعات الدولة المختلفة.

فما هي أبرز السيناريوهات المتوقعة لهذه التحركات الاستثمارية، وتأثيرها على سوق الاتصالات المصري في ضوء السياسات الجديدة التي تتبناها الشركات للدخول في مرحلة جديدة من النمو تعتمد على القوة المالية والتكنولوجية ؟

عمرو الألفي
عمرو الألفي

خريطة القطاع

عمرو الألفي رئيس قطاع البحوث في شركة برايم، أشار إلى أن هذه التحركات من جانب مجموعة “&e” حيث أنها “تبدو الأكثر جدية”، تشير إلى أننا أمام واقع جديد سيفرض نفسه خلال الفترة المقبلة على السوق، من حيث تغير خريطة القطاع بشكل كبير وإعادة تقييمه، سواءا على مستوى المحلي أو الدولي، خاصة وأن شهية المستثمرين والصناديق الخليجية مفتوحة بشكل كبير على قطاع الاتصالات المصري نظرا للنمو الكبير الذي يحظى به والاستقرار على المستوى التشغيلي والمالي وتعاظم الاستهلاك.

وأشار، إلى أنه يمكن رسم سيناريوهات لصفقة “&e” المنتظرة والخاصة بتملك حصة في فوداكوم المالكة لفودافون مصر، فإما أن تتملك حصة غير حاكمة وبالتالي يؤول لتبعيتها حصة مباشرة من فودافون مصر، أم تستحوذ على الحصة الأكبر وبالتالي سيكون هناك دور لجهاز تنظيم الاتصالات في الموافقة على هذا التحرك من عدمه خاصة وأن “e&” ستحظى بحصص حاكمة في شركتين بسوق الاتصالات المصري وهما “اتصالات وفودافون” وهو ماقد يعرقل الصفقة بدعوى الاحتكار.

ونوه عمرو الألفي ، إلى أنه لايمكن استبعاد سيناريو أخر، وهو قيام “&e” في حال نجاحها في الاستحواذ على حصة حاكمة في فوداكوم، من ضم أصول فودافون مصر لأصول اتصالات مصر في كيان واحد تحت “e&” ، وتكوين شركة ذات ملكية واحدة، وهو أيضا ماسيستدعي تدخل من جهاز تنظيم الاتصالات لمراعاة بنود وأسس لهذه الصفقة المحتملة.

ارتفاع قيمة الأصول

ولفت إلى أن الشركة المصرية للاتصالات ستكون مستفيدة بقوة من هذا الحراك، سواء من حيث ارتفاع قيمة أصولها في فودافون مصر بعد إعادة تقييم أسهم الشركة ، كما أنها ستحظى بمنافسة أكثر حمية في سوق المحمول الذي تراهن عليه خلال الفترة المقبلة في قيادة النمو لأعمال الشركة في السوق المحلي.

قطاع الاتصالات المصري

 

وأكد الألفي، أن هذه التحركات تشير إلى أن الشركات والصناديق الإقليمية التي تمتلك السيولة المالية الكافية سيكون لها نصيب الأسد في الخريطة الجديدة لقطاع الاتصالات بالمنطقة، وسط سياسات تتبعها الشركات العالمية كفودافون للخروج من الأسواق غير الرئيسية لها ، منوها إلى أنه يمكن الإشارة إلى شركات “e&” الإماراتية ، وأيضا صندوق الاستثمارات العالمة السعودي والصندوق السيادي القطري ، كما أنه لايمكن استبعاد “STC” السعودية حتي لو كانت انسحبت في وقت مضى من صفقة شارء فودافون.

في 29 يناير 2020، أعلنت شركتا الاتصالات السعودية STC وفودافون العالمية عن توقيع مذكرة تفاهم لبيع محتمل لحصة فودافون العالمية البالغة 55% في فودافون مصر إلى شركة الاتصالات السعودية، مقابل 2.39 مليار دولار، ولكن في 21 ديسمبر 2020، أسدلت شركة فودافون العالمية الستار على صفقة بيع حصتها في “فودافون مصر” لصالح شركة الاتصالات السعودية STC، بعد عام من المفاوضات.

وأوضح الألفي أن تأثير أسعار الدولار وتحركها في الفترة الأخيرة سيكون واضح على هذه الصفقات من حيث التقييمات ، حيث إن قطاع الاتصالات يعتمد على السوق المحلي في تحقيق الإيرادات وتكون بالجنيه المصري، إلا أنه يعتمد بصفة أساسية على العملة الصعبة في الاستثمار وتطوير الشبكات وبالتالي سيكون مرتبطا في كافة عمليات التطوير بأسعار الدولار، مما يشير إلى تفاوت في هذه المعادلة يكون تأثيره سلبيا على القطاع إذا ماكانت كافة العوامل الأخرى ثابته كالأسعار الحالية للخدمات أو عدم حدوث زيادات في الاستخدام بالشكل المطلوب وأعداد المستخدمين.

تحديات في المواجهة

ولفت الألفي أن هذه التحركات الاستثمارية، لاتمنع في أن سوق الاتصالات يواجه تحديات على مستوى توفير العملة الصعبة ، وارتفاع أسعار التشغيل مما يتطلب تبني سياسات للشركات تعمل على تحقيق أعلى عائد على الاستثمار عبر الحفاظ على نموها التصاعدي على مستوى عملياتها التشغيلية ومشروعاتها الرقمية داخل الدولة وأيضا على مستوى تنويع محفظتها الاستثمارية، بالدخول بخدمات جديدة تعزز من عملية التحول الرقمي داخل الدولة المصرية ، وتتلائم بشكل مثالي مع متغيرات السوق المصري الذي أصبح أكثر وعيا وطلبا للخدمات الرقمية بالإضافة إلى تبني سياسات تعمل على خفص التكاليف ومعدلات الإهلاك لتعويض هذه التأثيرات السلبية لأسعار الصرف الجديدة.

هشام حمدي
هشام حمدي

من جانبه قال هشام حمدي محل قطاع الاتصالات بشركة نعيم القابضة، إن نقل ملكية حصة فودافون العالمية في فودفوان مصر إلى فوداكوم الجنوب الأفريقية، يستهدف تبسيط نظم إدارة العمليات للشركات التى تعمل بها فودافون فى إفريقيا وتتيح لفودافون مصر تبادل الخبرات مع الأسواق الأفريقية فى مجال الحلول التكنولوجية، مشيرا إلى أن فودافون العالمية تستهدف التركيز خلال الفترة الحالية على خدمات الجيل الخامس في أوروبا، وإعادة ترتيب أوضاعها في السوق الإفريقي بما يتناسب مع الفرص والتحديات المتواجدة.

وفيما يخص تحرك مجموعة “&e” بتقديم عرض شراء جزء أو كل حصة فودافون العالمية في مجموعة «فوداكوم» المدرجة في جوهانسبرج، أشار «حمدي» إلى أنه في ظل امتلاك اتصالات مصر عدد مستخدمين يقدر بنحو 29.5 مليون مستخدم من سوق المحمول في مصر من إجمالي 114 مليون مستخدم، ووصول عدد مستخدمي فودافون مصر نحو 43.8 مليون مستخدم فإن إتمام هذه الصفقة سيؤدي إلى احتكار جهة واحدة أكثر من 64% من سوق المحمول في مصر.

صعوبات تمرير الصفقة

وتوقع محل قطاع الاتصالات بشركة نعيم القابضة، صعوبة تمرير هذه الصفقة من جهازي تنظيم الاتصالات وحماية المنافسة، خاصة أن منظمي سوق المحمول في مصر يعمل بشكل مستمر على الترويج للمنافسة في سوق ينمو بشكل سريع، منوها إلى أن الصفقة يمكن أن تكون مقبولة إذا استحوذت مجموعة & eعلى حصة غير حاكمة في فوداكوم.

وأشار إلى أن مجموعة الإمارات للاتصالات رفعت حصتها مؤخرًا في مجموعة فودافون إلى أحد 11%، للاستفادة من خبرات الشركة العالمية في مجال الاتصالات الخدمات الرقمية.

وفي ظل الحديث عن بيع حصة المصرية للاتصالات المملوكة للدولة، في فودافون للصندوق السيادي القطري، أوضح أن هذه الخطوة لن تؤثر في السوق بشكل كبير، حيث أن التغيير يأتي من الجهة التي تملك حصة حاكمة في السوق، في حين أن صندوق قطر يسعى للاستحواذ على نحو من 20 إلى 25% من السوق مما يعني أن تأثيره ضعيف.

وترغب الدولة المصرية في هذا التوقيت من زيادة موارد العملة الصعبة، والتي تأثرت بشدة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة سلاسل الإمداد وقبلهم جائحة كورونا.

وحول توقعاته لنمو قطاع الاتصالات خلال 2023، أشار إلى أن القطاعات الرئيسية التي من المتوقع أن تقود عملية النمو في القطاع تتمثل في الاستثمارات في البنية التحتية، بالإضافة إلى النمو في صادرات القطاعات التكنولوجية وخدمات التعهيد والكابلات الدولية.

إيمان مرعي
إيمان مرعي

اهتمام عربي كبير

من جانبها قالت إيمان مرعي، محلل مالي بشركة العربي الأفريقي لتداول الأوراق المالية، إن هناك اهتمام كبير من الجهات الإماراتية والقطرية والسعودية بشراء حصة المصرية للاتصالات في فودافون مصر، إلا أن الأخيرة كانت ترفض عملية البيع، خاصة وأن هذه الحصة تسهم بأكثر من 40% من الإيرادات الاستثمارية الخاصة بالمصرية للاتصالات.

لفتت إلى أن المصرية للاتصالات رحبت مؤخرًا ببيع حصتها في فودافون مصر لهذه الجهات، حيث تلقت فودافون مصر عرضًا من شركة الاتصالات السعودية stc في وقت سابق وتم التوصل لاتفاق مبدئى لاستحواذ على 55% من فودافون مصر مقابل 2.4 مليار دولار، إلا أن المفاوضات توقفت.

وأشارت إلى التوقعات بإنهاء جهاز قطر للاستثمار صفقة استحواذ على حصة من «فودافون مصر» تتبع المصرية للاتصالات فى الربع الأول من 2023، موضحة أن التقييم المبدئي لحصة 25% التي من المقرر أن يستحوذ عليها جهاز قطر للاستثمار تتراوح بين مليار و1.25 مليار دولار، والسعر النهائي سيتوقف على سعر الجنيه أمام الدولار وقت إتمام عملية التنفيذ.

وعن توقعاتها لشراء e& جزء أو كل حصة فودافون العالمية في مجموعة «فوداكوم» المدرجة في جوهانسبرج، أشارت إيمان مرعي إلى أن موافقات الجهات التنظيمية في مصر هي التحدي الأساسي أمام إتمام هذه الصفقة.

كما توقعت أن يحقق قطاع الاتصالات نموًا مطردًا خلال العام الجديد، خاصة في ظل العمل والدراسة عن بُعد منذ عام 2020 مما يسهم بشكل كبير في نمو القطاع، فضلاً عن النمو السريع في استخدام الإنترنت من قبل الأفراد، مضيفةً أن التوجهات الاستثمارية للشركات ستركز بشكل رئيسي على الاستثمار في البنية التحتية لخدمات الجيل الرابع لتحقيق أقصى استفادة ممكنة .

حنان رمسيس
حنان رمسيس

نشاط الاستحواذ

من جانبها قالت حنان رمسيس، خبيرة أسواق المال، أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر يعد من القطاعات التي جاءت في المقدمة من حيث عدد الصفقات وقيمتها في إطار نشاط الاستحواذ والاندماج في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال النصف الأول من العام الحالي، مشيرة إلى أن أحدث تقرير صادر عن إرنست ويونج حول صفقات الاندماج والاستحواذ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا،كشف عن تسجيل 524 صفقة في الأشهر التسعة الأولى من العام 2022 بقيمة إجمالية بلغت 55.2 مليار دولار.

وأشارت إلى أن أسهم قطاع الاتصالات والتكنولوجيا فى السوق المصرية جاذبة للغاية سواءا مقيدة في البورصة او خارجها ،وذلك فى ظل التطور الكبير للبنية التحتية التكنولوجية، وحجم الاستهلاك الكبير،  بالإضافة إلى انخفاض الأجور مقارنة بالشركات المتواجدة في المنطقة بالأسواق المحيطة، ما يجعل الاستثمار فى القطاع واعد للغاية للمستثمرين الأجانب والعرب.

ونوهت حنان رمسيس،إلى أنه في ضوء التغيرات المتوقعة في ملكية أسهم شركات الاتصالات في مصر يجب العمل على زيادة عدد الشركات المقيدة فى قطاع الاتصالات والتكنولوجيا في البورصة المصرية خاصة بالتخصصات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعى وإنترنت الأشياء، مشيرة إلي أن ذلك التوجه يدعم تنصيف الأسهم وقيمتها في الأسواق الإقليمية والدولية ويعزز من حوكمه القطاع.

وذكرت أن القطاع يواجه فرصًا وتحديات جديدة تفرضها التغيرات الاقتصادية الحالية والبيئة التنظيمية والتنافسية، في ظل الانتقال السريع من أسواق النطاق العريض وخدمات الداتا الأكثر تنافسية إلى الأمن السيبراني والحوسبة السحابية وتكنولوجيا انترنت الاشياء واتجاه الشركات لتغيير طبيعة عملها من مشغلي اتصالات لشركات فاعلة في القطاع التكنولوجي والتحول الرقمي.

ويلقي الإنفوجراف التالي الضوء على تاريخ دخول فودافون إلى السوق المصرية في عام 1998، وهيكل ملكيتها الحالي بعد إتمام صفقة فوداكوم، إلى جانب عدد مشتركيها النشطين وقوتها العاملة.