Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

دكتور محمد راشد يكتب.. أزمة العقارات في الصين.. قراءة في التداعيات والأسباب

علي مدار الفتره الماضية واجه قطاع الاستثمار العقاري في الصين تحديات عديدة وسرعان ماتحولت إلى أزمة عنيفة كادت أن تعصف بالقطاع العقاري هناك.

واشتدت تلك الأزمة خلال العامين الماضيين، ولا سيما بعد أن تم التشديد في قوانين منح القروض العقارية وبخاصة السكنية، وكذلك تمويل الشركات العقارية بكل أحجامها، ولعل ذلك الركود الذي شهده قطاع التطوير العقاري في الصين تلك الدولة التي تحتل المركز الثاني في قائمة أكبر الاقتصادات على مستوى العالم، قد طرح العديد من التساؤلات حول مستقبل قطاع الاستثمارات العقارية في الصين خاصة وعالميا بشكل عام.

أزمة العقارات في الصين لا تخص بكين وحدها

كما طرح تساؤل كيفية التعاطي مع الصعوبات التي أصبحت موجودة الآن، وأزمات كبيرة لهذه العقارات تعني أيضا مشكلات مالية كبيرة ليس على مستوى الصين فقط، بل على المستوى العالمي.

وتوجد نسبة كبيرة الآن في كافة الدول في آسيا وأوروبا من البنوك منكشفة على الشركات العقارية الكبرى سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، حيث أنه قبل عام تقريبا، عندما تفاقمت الأزمة، باتت المخاوف منتشرة على الساحة العالمية بقوه خشيه تكرار سيناريو الولايات المتحده الامريكيه في عام 2008.

توقف المشاريع الكبرى

وهذا الوضع، أدى إلى توقف مشاريع عقاريه ضخمة، كما تحولت العديد من المشروعات العقارية قيد الإنشاء إلى ميادين أشباح، وفق وصف المراقبين المهتمين بهذا الجانب الحساس من النشاط الاقتصادي والمالي الصيني.

وفي أواخر العام الماضي، أكدت مجموعة «ستي جروب» المصرفية أن أزمة الديون العقارية في الصين تتعمق أكثر، بل وتهدد القطاعات المالية في البلاد، حتى شركات العقارات المدعومة من الحكومة معرضة لخطر ارتفاع حالات التخلف عن السداد أيضا، وهو ما يعد مؤشرا على مستوى جودة الأداء العقاري من عدمه.

وبحسب المجموعة نفسها، فإن الديون الرديئة في القطاع العقاري، ارتفعت في سبتمبر الماضي بنسبة 29% من إجمالي القروض خلال النصف الأول من العام الماضي.

تداعيات أزمة العقارات على القطاع المصرفي

والتحدي والتخوف الأكبر يكمن في التداعيات التي يمكن أن تحدث في الصناعة المصرفية عموما التي تبلغ قيمتها 52 تريليون دولار، ومن المشكلات الكبرى، هي تلك المتعلقة بالمنازل الفاخرة التي يجري بناؤها وتوقفت بالفعل، حيث أن هذا النوع من العقارات بات يشكل تهديدا حقيقيا في القطاع ككل، خصوصا أنها مخصصة لفئه الأثرياء وهو ماقد يثير الشكوك حول جدوى امتلاكها في سوق عقارية مضطربة وغير مستقره.

ومن الأسباب الرئيسة لهذا الوضع، أنه ابتداء من 2020، أقدمت الحكومة على كبح النشاط من خلال فرض قيود على منح متعهدي البناء تمويلات لازمة لهم.

وجاء ذلك بعد أن تراجع الطلب إلى مستويات منخفضة، ما تسبب في تراكم ديون هائلة على هؤلاء المتعهدين، حيث إنه في ظل هذه التطورات تم التخلي عن 4% من المشاريع الجارية لبناء المساكن بكل أنواعها، أو بمساحة إجمالية تبلغ 231 مليون متر مربع.

ولعل ذلك ما عمق الركود العقاري في الصين، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة لاحتواء أي أزمة يمكن أن تتسع دائرتها في المستقبل القريب، فعلى سبيل المثال، حققت شركة العقارات العملاقة «إيفرجراند» خسائر صافية تزيد على 113 مليار دولار في 2021 و2022، مع نحو 340 مليار دولار من الديون المستحقة عليها، وهو ما يمثل مخاطر جمة ليس على الشركة المذكورة فحسب، بل على القطاع العقاري الصيني بأكمله.

وتحاول هذه الشركة القيام بإعادة هيكلة بتشجيع من السلطات المختصة، لكن ذلك لن يكون سهلا، خصوصا أنها تطرح مبادلة الدائنين لديونهم بسندات فيها.

وأخيرًا فانه لا شك أن الأزمة العقارية في الصين تتسع، وأن العلاج المطلوب ينبغي أن يكون سريعا وطويل الأمد وليس مؤقتا، فقد توقف العديد من العملاء عن دفع أقساط قروضهم في أعقاب توقف مشاريع البناء.

كما أصبحت العديد من المشاريع العقارية قيد الإنشاء خاويه، فيما ستدفع الحكومة أيضا كل ما تستطيع من أجل إعادة الثقة إلى قطاع كبير ومهم، وحماية مستحقات الأفراد الذين دفعوا أموالا من أجل التملك العقاري.