Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

الشركات الناشئة في مصر تستعد لانطلاقة جديدة بدعم قرارات الإصلاح الاقتصادي وتحرير سعر الصرف

واجه عدد من الشركات الناشئة في مصر خلال العامين الماضين، مجموعة من التحديات الفنية والمالية على كافة المستويات نتيجة عدم استقرار سعر صرف الدولار أمام الجنيه وماتبعه من وقف استخدام البطاقات البنكية من نوع الخصم المباشر “دبت” خارج مصر، والارتفاعات المتتالية في أسعار الفائدة على المستوى المحلي والدولي، وأيضا التحوط الشديد من صناديق الاستثمار ورأس المال الجرىء عن التمويل في ظل الظروف والتداعيات العالمية التي بطأت من حركة الاستثمار وخفضت من معدلات الثقة، ماأدخل الكثير منهم في حالة من عدم الاتزان في تنفيذ الأهداف الموضوعة، وتبعه أيضا انخفاص التقييم لهذه الشركات.

لكن الرهان الإيجابي أصبح في الوقت الحالي قريب المنال لكسر هذه التحديات تباعا، في ظل قرارات الإصلاح الاقتصادي الأخيرة التي تبناها البنك المركزي وعلى رأسها تحرير سعر الصرف بعد عودة التدفقات الأجنبية، وهو مايوحد سعر صرف الدولار ويعيد تداول العملة الصعبة داخل القطاع المصرفي مايعزز قدرته على ضخ تلك الأموال في مشاريع استثمارية وقطاعات إنتاجية مفيدة، وتدبير احتياجات الشركات من العملة الصعبة ومنها الشركات الناشئة التي تحتاجها في الكثير من الأعمال التسويقية والفنية.

كما يعزز الرهان تمكن العديد من الشركات الناشئة من تحقيق مستويات مرضية من النمو وجولات التمويل خلال العام الماضي، بالوقوف على مستوى التحديات وإتخاذ الدولة خطوات جادة لدعم بيئة ريادة الأعمال، إلى جانب تبني الشركات مراجعات جادة لضبط سياساتها المالية والتشغيلية، وإقرار الدولة المزيد من السياسات الداعمة من جانب الدولة والأجهزة المعنية لتسريع عملية نمو الشركات الناشئة واستيعاب أجيال جديدة من الشركات ورواد الأعمال.

الشركات الناشئة في مصر

وقيم محللين هذه التحرك الإصلاحي من جانب الدولة، بأنه يصب بشكل إيجابي في صالح الشركات الناشئة ليس على مستوى إحداث توازن في احتياجاتها، ولكن أيضا في تعزيز قدراتها على تطوير حلول قابلة للتصدير أو تعظيم قدراتها على اختراق الأسواق الخارجية، مشيرين إلى أن التصدير واختراق الأسواق الخارجية بافتتاح فروع، ملاذ أمن للشركات الناشئة لتعزيز استدامتها ومقوماتها في مواجهة المتغيرات الاقتصادية المتكررة.

وأشارو إلى أن التحديات رغم صعوباتها، فإنها أعادات بناء سوق الشركات الناشئة على أسس سليمة والذي يصل لنحو ألف شركة ناشئة توفر أكثر من 50 ألف فرصة عمل، وذلك وفقا لقواعد يحكمها المنطق الاستثماري وتحقيق عوائد على رأس المال بعد سنوات من المبالغة في التقييم والتحرك المحموم للتوسع على حساب السيولة والقدرات التي تمتلكها الشركات بالفعل، ماخلق نماذج من الشركات الهشة التي لاتسطيع مقاومة أي تغيرات اقتصادية أو حتى تأثيرات قطاعية مؤقتة.

الشركات الناشئة المصرية حصلت على تمويلات بقيمة 340 مليون دولار خلال أول 10 أشهر من عام 2023، وفقاً لبيانات منظمة “أفريكا ذا بيج ديل”، وحصلت 129 شركة مصرية ناشئة على تمويل أكثر من مليون دولار بقيمة إجمالية 2.1 مليار دولار منذ عام 2019 حتى نهاية أكتوبر الماضى، بواقع 100 مليون دولار فى 2019 ومثلها فى 2020، ونحو 500 مليون دولار فى 2021 و0.6 مليون دولار فى 2022، وخلال الفترة من 2019 وحتى أكتوبر 2023، استحوذت مصر على 84% من إجمالى 2.5 مليار دولار تمويلات للشركات الناشئة فى المنطقة الشمالية، و16% من إجمالى 13 مليار دولار تمويلات للشركات الناشئة فى أفريقيا.

فكيف تؤثر قرارات الاصلاح الاقتصادي الأخيرة على بيئة أعمال الشركات الناشئة في مصر؟ وماهي الاحتياجات الملحة التي يحتاجها القطاع؟

عمرو العباسي
عمرو العباسي

قال عمرو العباسي، استشاري تمويل واستثمار الشركات الناشئة، أن عام 2023، شكل محطة مليئة بالتحديات للشركات الناشئة على كافة المستويات، بسبب التأثيرات السلبية للتوترات العالمية على حركة رؤوس الأموال والمؤشرات الاقتصادية الكلية، ونقص رؤوس الأموال الجريئة وصناديق الاستثمار وضعف ثقة المستثمرين أصحاب الخبرة في الأعمال الريادية، بما أوجد بيئة صعبة لاتناسب طبيعة هذه الشركات في كافة مراحلها التشغيلية، وقدرتها أيضا على التوسع والانتشار في الأسواق والتي تشكل هاجسا يسيطر على فكر الرائد من ناحية والمستثمر من ناحية أخرى.

واكد على أن تحرير سعر الصرف سيساعد الشركات الناشئة على جذب الاستثمارات مرة أخرى، ولكن ستكون الجولات بقيمة أقل من المعتاد، خصوصا أن استثمار بقيمة 50 ألف دولار إذا تم ترجمته بالجنيه المصري سيصل إلى حوالي 2.4 مليون جنيه ، وهذا سيسهل كثيرا من الحصول على استثمارات،ولكن المشكلة أن العائد للمستثمرين يجب أن يكون بالدولار، ولذلك على الشركات الناشئة أن توسع من نطاق أعمالها سواء بالبيع بالخارج أو التوسع بدول أخرى، حتى يكون لديها عائدا بالدولار.

ولفت عمرو العباسي، إلى أن هناك فرص جيدة جدا للشركات الناشئة من أجل التوسع، وربما يؤثر الحصول على استثمارات بقيمة منخفضة على تقييم الشركات، ولكن هذا أمر غير مضر، لأنه كانت هناك مبالغة كبيرة في التقييمات في الفترات الماضية، وهذا صعّب من مهمة الشركات في الحصول على استثمارات في دورات تمويلية أخرى، ولكن الوضع الحالي يسمح للشركات من الحصول على استثمارات في دورات تمويلية أخرى بشكل أسهل، بجانب أنه لن يكون هناك ضغوط على المستثمرين مثلما كان يحدث سابقا، مع تصحيح مسار تقييم الشركات.

ونوه العباسي أن المصانع التي تعمل في القطاعات التقليدية ستبدأ في التصدير خصوصا مع توفير المواد الخام، وعلى الشركات الناشئة أن تساهم في ذلك، من خلال معرفة التحديات والصعوبات التي تواجه هذه المصانع، والعمل على حلها من خلال حلول تكنولوجية، وتدعم المصانع في توسعاتها، مثلما تقوم شركة سيمبلكس على سبيل المثال، والتي تصنع ماكينات أفضل من الخارج، فهناك فرص في قطاعات كثيرة نحتاج فيها إلى حلول من الشركات الناشئة، وتكون بديلة عن الحلول الأجنبية، ويضيف أن الأمور تتحرك للأفضل ويجب المساهمة في زيادة الجودة، واستغلال الفرص المتاحة.

وبحسب تقرير حديث لشركة انطلاق المتخصصة في دعم ريادة الأعمال في مصر استطاعات الشركات الناشئة في مصر الحفاظ على معدلات نمو تفوق 85% على مدى السنوات الخمس الماضية، وبلغت حجم التمويلات التي جمعتها الشركات الناشئة ومشروعات ريادة الأعمال في مصر منذ مطلع 2023 أكثر من 500 مليون دولار، تمويلات استهدفت عشرات الشركات في العديد من القطاعات وإن تصدرها قطاع التكنولوجيا المالية والتجارة الإلكترونية.

وذكر العباسي، أن بيئة ريادة الأعمال في مصر يجب أن يحدث بها العديد من التغيرات بالتوزاي مع برنامج الإصلاح الاقتصادي، وفقا لمعطيات الأزمة الاقتصادية العالمية، أهمها العمل على توحيد الرؤى المتعلقة بتنمية القطاع من جانب الحكومة والقطاع الخاص وكافة أطراف المنظومة، منوها إلى أن أحد أهم الإيجابيات التي حدثت خلال الفترة الأخيرة هو إنشاء غرفة مختصة ببيئة ريادة الأعمال تحت رئاسة رئيس مجلس الوزراء وبتفعيلها سيكون هناك مردود إيجابي جدا على القطاع .

وأشار إلى ضرورة العمل أيضا على صناعات برامج متخصصة في المجالات المختلفة التي تشملها ريادة الأعمال، للخروج بقطاع نوعي يحقق أهداف الدولة ويعزز من القطاعات التي تراهن عليها في قيادة النمو، حتى لايحدث خللا تنظيميا سواء في أعداد الشركات بمجال محدد أو بطبيعة المنافسة بين الشركات سواء على المستوى المحلي، أو على المستوي الإقليمي إذا ماقررت التوسع خارجيا.

رفيق دلالة
رفيق دلالة

من جانبه قال المستثمر رفيق دلالة الشريك المؤسس لشركةIntercap Capital، أن المسار الطبيعي لجذب الاستثمارات في مجال الشركات الناشئة، كان يحتاج لحل مشكلة سعر الصرف وقد حدث هذا بشكل كبير بعد قرارات البنك المركزي، ثم يأتي بعد ذلك دور التشريعات، ويجب تفعيل قرار إعفاء الشركات الناشئة من الضرائب لمدة 5 سنوات، ولكن هذا يحتاج إلى تعريف واضح للشركات الناشئة، ويتم تعميم القرار على كل الشركات الناشئة، بجانب توفير وسائل تمويل جديدة تتناسب مع تطورات بيئة ريادة الأعمال.

وأضاف أنه في نهاية العام الماضي توقف العديد من المستثمرين عن ضخ أموالهم في أي شركات ناشئة، في ظل انتظار عدم استقرار سعر الصرف للدولار والتغيرات أيضا التي تحدث في غزة والعدوان الإسرائيلي على القطاع، وبالطبع الشركات الناشئة تأثرت، بينما الشركات الناشئة التي حصلت على استثمارات خلال هذه الفترة  كانت اتفاقات سابقة، وهو مايشير إلى أننا في طريقنا لتحقيق انفراجة مؤقتة مع قرارات الإصلاح الاقتصادية واتجاه الحكومة لدعم الشركات الناشئة ببعض التشريعات والتسهيلات، وتقديم تسهيلات للمستثمرين من أجل ضخ أموالهم بشكل أكبر سواء من الداخل أو الخارج، واعتقد أن بيئة ريادة الأعمال ستتحسن في 2024.

وطالب دلالة، بالعديد من الحلول التي يمكن الاعتماد عليها لجذب المستثمرين ورجال الأعمال لضخ أموالهم في الشركات الناشئة، من خلال إنشاء صناديق استثمار تابعة للدولة تستثمر في الشركات الناشئة، مثلما يحدث في أسواق الخليج، فعندما تضخ الدولة أموالها في تلك الشركات سيكون هناك حراك أكبر في السوق، مما يشجع رجال الأعمال على المشاركة في ذلك.

وأكد الشريك المؤسس لشركةIntercap Capital،  على أهمية أن يكون هناك ثقافة داخل كافة مؤسسات الدولة حول أهمية دور ريادة الأعمال وتأثيرها على الاقتصاد، بجانب أهمية حل العديد من المشاكل مثل مشكلة البطاقات الائتمانية والدفع بالدولار، كما أن المستثمرين في حاجة إلى مزيد من التسهيلات من أجل ضخ أموالهم في السوق المصري بدلا من إقناع مؤسسي الشركات بالانتقال إلى الخارج، حيث إن المستثمر يخشى من عدم قدرته على بيع نسبته أو عدم قدرة الشركة على القيام بدورها.

أمل عنان
أمل عنان

وقالت أمل عنان، الشريك الإدارى فى «جلوبال 500»، أن الشركات الناشئة المصرية يجب أن تعي الدرس جيدا سواءا التي تتمتع بتواجد متميز في السوق أو من تسعى لأخد مساحة لها في المستقبل، وذلك بفرضيات الأزمة العالمية، وحجم التحديات المتواجدة حاليا والتي تؤثر بشكل رئيسي على المؤشرات الاقتصادية الكلية وبالتبعية على كافة القطاعات، مشيرة إلى ضرورة التحول نحو سياسات أكثر اعتدالا تضمن تدفقات رؤوس الأموال وأيضا تعزز من هيكل الشركات ومناعتها ضد الأزمات ، وتضمن أيضا الالتزام بالمتطلبات تنظيمية المخصصة للقطاع.

وأشارت إلى أن الشركات الناشئة ستلعب دورا محوريا خلال المرحلة المقبلة فى تحقيق إستراتيجية التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030  ، مشيرة إلى أن هناك العديد من المؤشرات التي تشير إلى أن وضع الشركات الناشئة سيكون أفضل خلال الفترة القادمة، لافتة إلى تخطيط صندوق 500 جلوبال العالمي لرأس المال المخاطر لزيادة استثماراته في الشركات الناشئة خلال الفترة القادمة، بعد أن قام الصندوق بالفعل بتمويل أربع شركات ناشئة بمصر في العام الماضي.

ونوهت عنان أن الصندوق ضخ استثمارات بقيمة تقارب الـ 30 مليون دولار في 65 شركة مصرية منذ 2013، وحتى 2023، وتتراوح التمويلات التي يقدمها الصندوق بين 50 ألف و500 ألف دولار، وكان الصندوق قد دخل في شراكة مع هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات لافتتاح أول مقر له في أفريقيا داخل مصر، مما يسعى إلى تعزيز قدرات الشركات الناشئة ودعم الابتكار وريادة الأعمال.

وأكدت على أن مصر تمتلك  كفاءات كبيرة من الشباب الذين يمتلكون أفكارا رائعة، ومن سيكون لديه فكرة تقدم قيمة حقيقية سيكون متواجد بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة، مع اتساع المجال لاستقبال كافة الأفكار الريادية التي يمكن أن تعزز أى قطاع اقتصادي، وأيضا مع استقرار الأوضاع المالية والنقدية.

محمد عكاشة
محمد عكاشة

وفي فبراير الماضي كشف محمد عكاشة، الشريك المؤسس لصندوق ديسربتيك عن حجم الأموال المتوقع استثمارها في مصر من جانب صناديق استثمار أجنبية خاصة الإفريقية والخليجية، وتصل إلى 220 مليون دولار خلال العامين المقبلين وفقا لتقارير دولية.

وأكد عكاشة أن غياب المستثمرين الأجانب في المرحلة الحالية للاستثمار في الشركات الناشئة المحلية يعد فرصة كبيرة أمام المستثمرين المحليين ويعطي فرصة للمستثمرين المصريين في ضخ أموال بدون مبالغة في تقييم الشركات.

ولفت إلى إن الاهتمام الكبير بالسوق المصرية يأتي لكونها تمثل نحو 110 ملايين شخص ورغم أن القدرة الشرائية بطيئة بعض الشيء لكن الأيدى العاملة في مصر تتسم بالكفاءة ويوجد اهتمام كبير بفتح مكاتب في مصر للاستفادة من الأيدي العاملة صاحبة الكفاءات في القطاع التقني لا تكون دائما متوافرة بالمعدل الموجود في مصر.

وأشار محمد عكاشة،  إلى تيسيرات أتاحتها الحكومة للشركات الناشئة في مصر شملت تسهيل الإجراءات وتخفيض الرسوم الضريبية لجذب الشركات، موضحة أن قطاع التكنولوجيا المالية من القطاعات الجاذبة للاستثمارات.