Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

«البلوك تشين».. اختبار جديد فرضته التكنولوجيا على قطاع البنوك المصري

صندوق النقد العربي: 3.1 تريليون دولار مكاسب اقتصادية متوقعة من تطبيق تقنية بلوك تشين عالميًا بحلول 2030

طرأت عدة تغيرات على الاقتصاد العالمي خلال السنوات الأخيرة، كان لفيروس كورونا نصيب الأسد منها، وذلك من خلال تأثيره الكبير والقوي في إحداث تحولات سريعة نحو التحول الرقمي والدفع الإلكتروني والحد من تداول النقد، مدعومًا بالمقومات التي منحتها له تطبيقات ما يعرف بـ«البلوك تشين» وزيادة الاستثمار في العملات المشفرة والرقمية، بالتزامن مع تنافس البنوك المركزية حول العالم للفوز بإصدار أول عملة رقمية تابعة لبنك مركزي.

وتعتبر «البلوك تشين» شبكة سحابية آمنة، يتم من خلالها تسجيل وتنفيذ التعاملات والتداولات المرتبطة بالوثائق الحكومية والخاصة مثل الأسهم والمنتجات المالية والعقود التجارية على اختلاف أنواعها، إضافة إلى العملات الرقمية، حيث تتم هذه التداولات بسرعة وأمان وفاعلية، ضمن أطراف الشبكة والمشاركين فيها، كما تتميز الشبكة بشفافية عالية، نظراً لاطلاع جميع أطراف الشبكة المعنيين بتفاصيل كل معاملة وكل تداول.

وعلى الرغم من أن تقنية «بلوك تشين» لا تزال جديدة وستتطور عدة مرات قبل أن يتم دمجها بالكامل في المجتمع، فإن العديد من الدول والمؤسسات الاقتصادية بدأت في إعادة صياغة استراتيجياتها للاستفادة من هذه التقنية الحديثة.

ولعل الإمارات هي الدولة العربية الأولى التي تبنت تقنية التعاملات الرقمية «بلوك تشين» في تنفيذ المعاملات الحكومية، حيث أطلقت الدولة استراتيجية الإمارات للتعاملات الرقمية 2021 واستراتيجية دبي للتعاملات الرقمية، بهدف تطويع التقنيات المتقدمة وتوظيفها لتحويل 50% من التعاملات الحكومية على المستوى الاتحادي إلى منصة بلوك تشين خلال 2021.

وأكد تقرير أصدره مركز الإمارات للثورة الصناعية الرابعة بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي ومؤسسة دبي للمستقبل، أن تبني تكنولوجيا التعاملات الرقمية «بلوك تشين» في الإمارات سيسهم في تحقيق وفورات تتجاوز 3 مليارات دولار، وستساعد مجتمع الأعمال بالدولة على الحد من استخدام 398 مليون ورقة مطبوعة، وتوفير 77 مليون ساعة عمل سنوياً من خلال توظيف تقنيات البلوك تشين في معالجة المعاملات اليومية.

تطبيق «البلوك تشين» في القطاع المصرفي

وفي دراسة لصندوق النقد العربي حول تطبيق تقنية «بلوك تشين» فى الخدمات المالية، توقعت أن تبلغ المكاسب الاقتصادية التى يمكن تحقيقها عالميًا بحلول عام 2030 من هذه التقنية نحو 3.1 تريليون دولار، فضلاً عن التأثير الإيجابى الذى تتركه هذه التقنية على مختلف القطاعات الاقتصادية، مشيرة إلى أن تطبيق «البلوك تشين» فى القطاعات المصرفية يحقق وفرًا سنويًا من 8 إلى 12 مليار دولار، تمثل من 30% إلى 70% من تكلفة العمليات المصرفية وتكاليف الإجراءات التقليدية لمبادئ «اعرف عميلك».

ومن المتوقع، أن تسهم تقنية بلوك تشين فى زيادة مستويات كفاءة وفاعلية الخدمات المالية بطريقة تماثل الطريقة التى غيرت بها الإنترنت صناعة الإعلام، وسوف تمكن الأفراد والشركات من الحصول على خدمات مالية أفضل دون وجود وسطاء ماليين أو ما يسمى «إنترنت القيمة» أو فكرة «تضييق القطاع المصرفى».

وتطرقت الدراسة إلى تأثير تقنية «البلوك تشين» على عمليات المقاصة والتسوية قائلة «تعتبر أنظمة الدفع والتسوية أحد أهم مجالات الخدمات المالية التى ستستفيد من تقنية «البلوك تشين»، حيث تسهم فى زيادة كفاءة عمليات الدفع والتسوية من خلال خفض الوقت اللازم لإنجاز المعاملات من أيام إلى دقائق وتعمل على خفض التكلفة المرتبطة بمثل هذه العمليات بشكل ملموس، كما يمكن أن يلبى استخدام الحلول المستندة إلى تقنية «البلوك تشين» احتياجات نظام التسويات الإجمالية الفوري».

وتعتبر التحويلات المالية من أبرز الخدمات المالية التى بدأت بالفعل الاستفادة من تقنية «البلوك تشين» وعلى نطاق واسع حيث أصبح من الممكن التحويل الفورى للأموال عبر الحدود بتكلفة منخفضة نسبيًا وفى وقت لا يتجاوز دقائق، مما قد يسهم فى زيادة حجم التحويلات العالمية التى تقدر بحوالى 500 مليار دولار سنويًا باستخدام قنوات التحويلات التقليدية.

الشمول المالي

وفيما يخص الشمول المالى، فإن «البلوك تشين» تعتبر داعم قوى له، بجانب الهاتف المحمول، حيث يُمكن من توفير الخدمات المالية لمليارات الأشخاص غير المخدومين ماليًا، كما توقعت الدراسة أن تحقق هذه التقنيات عائدات مصرفية تبلغ وفق تقديرات البنك الدولى حوالى 380 مليار دولار فى عام 2020.

ورغم الاهتمام العالمى المتزايد باستخدام تقنية «البلوك تشين» فى الخدمات المالية، فإنه من الملاحظ أن نطاق انتشار هذه التقنية لا يزال محدودًا حتى الآن، وهو ما يعزى إلى عدد من التحديات التى تحول دون الاستخدام الواسع النطاق لهذه التقنية فى القطاع المالى فى الوقت الحالي، حيث تتضمن هذه التحديات طبيعة صناعة الخدمات المالية ذاتها التى تتسم بكثافة الأطر التنظيمية والرقابية التى تحكم هذه الصناعة، لا سيما فى أعقاب الأزمة المالية العالمية 2008، إضافة إلى الطبيعة الناشئة لهذه التقنيات وعدم اختبارها على نطاق واسع، وعدم اليقين بشأن الوضع القانونى والتنظيمى لها، واعتبارات حماية البيانات والخصوصية؛ ومخاطر الهجمات السيبرانية، فضلاً عن صعوبات التشغيل المتداخل المحتملة للجمع ما بين الأنظمة المختلفة لتقنية «البلوك تشين» وارتفاع تكاليف رأس المال المرتبطة بهذه التقنيات.

«البلوك تشين» في البنوك المصرية

وعلى المستوى المحلي، بدأت البنوك المصرية في بدء التعامل بتقنية البلوك تشين وإطلاق منتجات رقمية تعتمد على هذه التقنية، خاصة بعدما أعلن البنك المركزي المصري في يناير 2020 عن انتهائه من الدراسات الخاصة بمشروع ميكنة مبادئ «اعرف عميلك»، والتي تعتمد بشكل أساسي على تقنية البلوك تشين، وذلك للتيسير على البنوك من تكرار البيانات الخاصة بالعملاء.

وفي 2017 انضم البنك التجاري الدولي إلى تحالف «R3 blockchain» العالمي كأول بنك في شمال أفريقيا ينضم للتحالف، كما كان واحدًا من بين 39 من ممولي تجربة دعم نظام blockchain العالمي في تلبية توقعات العملاء بالتوازي مع تخفيض تكلفة ووقت عمليات الامتثال لعملاء الشركات.

وفى فبراير 2020 أعلن البنك الأهلي المصري، عن توقيع اتفاقية تعاون مع شركة Ripple يتاح من خلالها توفير قناة اتصال جديدة لاستقبال حوالات المصريين بالخارج، ليصبح بذلك البنك الأهلي أول بنك في مصر يستخدم تقنيات البلوك تشين.

وقالت داليا الباز نائب رئيس البنك الأهلي، إن شبكة Ripple Net تضم أكثر من 300 بنك ومؤسسة مالية منتشرة بكافة دول العالم ومن المتوقع نمو أعداد المشتركين بتلك الشبكة بشكل مطرد، إضافة الى ما تتيحه الخدمة من آليات تسهم في دعم إدارة السيولة وكذلك زيادة حصيلة البنك الأهلي من العملات الأجنبية، بالإضافة إلى تطبيق تقنيات Block Chain التي تسهم بشكل فعال في التأكد من تنفيذ العمليات المالية بأقل معدلات أخطاء حيث تلتزم الشركة بالتحديث الأمني للشبكة بشكل دوري بحيث يتوافق مع أية معايير جديدة للأمان وهو ما يقلل بالتبعية الفرص لأية مخاطر محتملة الامر الذي يجعل البنك الأهلي المصري سباقا في استخدام تلك التقنية التي ستحدث نقله نوعية في الأداء المصرفي في هذا المجال.

محمد الإتربي

شكل الخدمات المصرفية في المستقبل

وكان محمد الإتربي رئيس مجلس إدارة بنك مصر، ورئيس اتحاد البنوك، ونائب رئيس اتحاد المصارف العربية، قال في تصريحات سابقة، إن أزمة كورونا أكدت أن التحول نحو الاقتصاد الرقمي أمر حتمي ولم يعد رفاهية كما كان يُعتقد سابقا، وهو ما أدى إلى تنامي التحول العالمي نحو الاقتصاد الرقمي ودخول التكنولوجيا إلى جميع الأنشطة الاقتصادية المصرية.

وأضاف أن التكنولوجيا الموجهة تؤثر على تحسين الكفاءة التشغيلية بشكل كبير، لاسيما في قطاع التجزئة المصرفية، كما تشير بعض الدراسات إلى أن خفض التكاليف وتحسين خدمة العملاء هما المناطق الأكثر فائدة لاستخدام تطبيقات التكنولوجيا المالية.

وأوضح أنه من شأن البنوك الرقمية أن تعيد تعريف مستقبل الخدمات المصرفية في جميع أنحاء العالم، على الرغم من البداية المتحفظة في العديد من البلدان بما في ذلك الولايات المتحدة بسبب القواعد التنظيمية والرقابية، فإن التطورات الأخيرة بعد جائحة كورونا، تشير إلى أن البنوك الرقمية تستعد للانطلاق.

وأوضح الإتربي أنه في سياق التطورات التكنولوجية المذهلة، يعتقد العديد من الخبراء أن التقنيات الجديدة مثل البلوك تشين سيكون لها أكبر تأثير على الخدمات المصرفية والمالية في المستقبل القريب، مؤكدًا أن العالم يشهد اليوم نقلة نوعية من الاقتصاد النقدي إلى الاقتصاد غير النقدي، نتيجة التطور المتسارع في تكنولوجيا الخدمات المالية، حيث أصبحت البنوك تقدم الخدمات المصرفية بصورة أسرع ، وأسهل ، وأقل تكلفة، مقارنة بالوسائل التقليدية.

وأشار الإتربي إلى أن التكنولوجيا المالية تستطيع أن تساهم بدور فعال في تحقيق الاستقرار المالي، كما أنها تلعب دوراً جوهريا في صياغة مستقبل الصناعة المصرفية.

وأكد على أنه في ظل المنافسة القوية في مجال التكنولوجيا المالية، وتنامي دور البنوك المركزية في دعم التحوّل الرقمي والمتطلبات الجديدة للرقابة والإشراف، أصبح من الضروري تهيئة البنية التحتية التكنولوجية والبيئة القانونية لتنفيذ هذا التحوّل، ووضع تصوّرات تتيح للبنوك التعرّف على أهم الفرص والتحديات والتواصل لوضع خارطة طريق استراتيجية التحوّل الرقمي للمصارف العربية.

وأضاف الإتربي أن قانون البنوك الجديد سيسهم في تحقيق نقلة نوعية للقطاع المصرفي بأكمله من حيث المعايير الرقابية والتطور التكنولوجي والحوكمة، وسوف يكون داعما لعملاء القطاع، حيث يعتبر علامة فارقة في تاريخ الجهاز المصرفي وتتويجاً لإنجازات البنك المركزي المصري ورؤيته الشاملة لتطوير وتحديث القطاع المصرفي ورفع مستوى أدائه وفق أفضل الممارسات الدولية والنظم القانونية للسلطات الرقابية المناظرة في مختلف دول العالم، ويسعى القانون إلى المحافظة على الاستقرار النقدي والمصرفي، وتحقيق الشمول المالي اعتمادًا على التكنولوجيا المالية والصيرفة الإلكترونية، بما يسهم بشكل أكبر في رفع معدلات النمو الاقتصادي.

طارق فايد

«Block-chain» تقود الخدمات المالية والمصرفية

فيما قال طارق فايد، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لبنك القاهرة، إن القطاع المصرفي في العقود الأخيرة شهد تطورات متسارعة في ضوء ما شهده الاقتصاد العالمي من حرية تدفقات رؤوس الأموال، وانفتاح الأسواق المالية المحلية على الأسواق الدولية، لافتا إلى أن التكنولوجيا المالية ساهمت وتعاظم التوجه نحو التحول الرقمى في إحداث تحول جذري فى أنماط العمل المصرفي.

وأضاف، أن التحول الرقمي ارتفع في مجال الخدمات المالية بشكل ملحوظ، وأصبح من المتوقع أن تقود التقنيات الناشئة وعلى رأسها بلوك تشين Blockchain، وتقنية القياسات الحيوية الصناعة المصرفية لسنوات قادمة.

وأكد رئيس بنك القاهرة أن التحول الرقمي من شأنه إحداث طفرة إيجابية للخدمات المالية حيث تعزيز جهود تحقيق الشمول المالى، وتنوع وخفض وقت آداء الخدمات المصرفية وزيادة كفاءتها مع تحقيق معدل عائد أعلى نتيجة تخفيض تكلفة المعاملات، كما يساعد على الاستخدام المبتكر للبيانات لأغراض التسويق وإدارة المخاطر، كما يكون له تأثير إيجابى على الاستقرار المالى بسبب زيادة المنافسة.

وأشار إلى أن الابتكارات المالية تساهم فى جعل النظام المالى والمصرفى أكثر قوة واستقراراً مع مزيد من التنوع والعمق وتخفيض مخاطر التركز لافتا إلى أن التحول الرقمى يمثل رافعة لتحسين الإنتاجية وخفض التكاليف التشغيلية وبالنسبة للبنوك فى البلدان المتقدمة فهو سلاح تنافسى ضد الوافدين الجدد إلى ميدان التكنولوجيا المالية الذين يطورون خدمات جديدة سهلة الاستخدام.

إسلام ذكري

تطويع التكنولوجيا الحديثة

من جانبه قال إسلام ذكري الرئيس التنفيذى لتحليل وإدارة البيانات بالبنك التجاري الدولي CIB، إن التكنولوجيا أصبحت جزءا حيويًا من معظم الصناعات في هذا العصر وخاصة البنوك، مشددًا على ضرورة أن يكون هناك تناغم بينها وبين باقي الإدارات حتى تحقق الغاية المنشودة، حيث أن التكنولوجيا هي وسيلة للوصول لهدف معين للبنك وليست هي الهدف.

وحول الاستعانة بـ«Block-chain» في فروع البنوك الالكترونية، قال «ذكري» إن البنك الرقمي يجب أن يطوع التكنولوجيا لتقديم خدمة مختلفة للعملاء تتميز بالسرعة والسهولة الشديدة في الاستخدام مع إمكانية التعامل مع البنك في أي وقت ومن مختلف نقاط التواصل المتاحة للعميل.

وأوضح أن الـ Block-chain تعتبر ضمن تكنولوجيا الجيل الجديد، حيث أن اختيار التكنولوجيا الموافقة لكل وظيفة شيء مهم، وكل تكنولوجيا لديها مزايا مثل السرعة والدقة، وعيوب في حماية المعلومات وتكلفة التطبيق، مشيرًا إلى أن أكبر مشاكل من المحتمل مواجهتها هي التنفيذ والتطبيق العملي، خاصة وأن كثير من عملاء البنوك لم يستخدموا خدمات رقمية من قبل، لهذا تجربة العملاء يجب أن تكون بسيطة وفعالة.

ولفت «ذكري» إلى أن البيانات هي المحرك الأساسي لإنتاج قيمه اقتصادية للمؤسسات، مضيفًا «بعد خمس سنوات من تجربة CIB في تحليل بيانات العملاء، أستطيع القول بأن استخدامها أصبح جزءًا مهمًا من منظومة اتخاذ القرار في معظم الصناعات ولا يستثنى منها البنوك. الفارق الجوهري بين الوضع بالنسبة للبنوك الرقمية والبنوك الحالية في موضوع Big Data هو أن كمية المعلومات المتوفرة عن العميل أكثر».

ونوه بأن استخدام «Big Data» في المؤسسات يساعد في العديد من الجوانب، والتي تتمثل في فهم طبيعة العملاء وتحقيق متطلباتهم، متابعة وتحسين العمليات الداخلية، التأكد من ربحية العمليات التجارية، توفير خدمات وعروض مفصلة للعميل، موضحًا أن هذه المتغيرات تُحدث تغيير جذري في علاقة العميل بالبنك، مما يُمكنه من تعظيم الاستفادة المقدمة للعملاء.