Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

محمد أبو خضرة يكتب: لو عندي شكوى من الخدمات المالية في مصر.. أكلم مين؟!

طوال الفترة الماضية، وفي كل مناسبة، وفي كثير من المقالات، تحدثت عن أهمية وجود جهاز وطني رقابي على البنوك ومقدمي الخدمات المالية، تحت إشراف البنك المركزي المصري، أسوة بالجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.

أعود لأثير هذا الاقتراح مجددا، بعد تكرار حوادث سرقات حسابات البنوك مؤخرا، الأمر الذي تسبب في موجة من القلق، زادتها –أحيانا- الرسائل النصية التي استقبلها عملاء البنوك المصرية على هواتفهم من البنوك التي تحتضن حساباتهم وأرصدتهم بضرورة عدم الإفصاح عن بياناتهم وأرقام حساباتهم لأي شخص، وعدم التعرض للخداع من المكالمات الهاتفية التي تطلب تحديثا للبيانات بحجة تبعيتها للبنك المركزي أو البنك الخاص بك، وهو إجراء لا يحدث نهائيا في الأمور العادية.

إنني لا أشك مطلقا في أن الجهات الرقابية والقضائية والبنوك والبنك المركزي تتحرك سريعا للتحقيق في أي تجاوز، وفي ملاحقة أي جريمة مالية تتعرض لها المؤسسات والشركات والأفراد، بل وتحديد أوجه القصور ومعالجتها.

لكن الأزمات الأخيرة كشفت عن غياب كيان محدد يمكن للشخص المتضرر أن يلجأ إليه معترضا أو شاكيا، فاللجوء إلى البنك عند الشكوى تجعل منه خصما وحكما في نفس الوقت، وقد يحمل كثير منا تجربة أو أكثر للتعامل مع خدمة عملاء البنوك، في بعض المشكلات غير المعتادة، والتي لا تنتهي إلى حل!

يسأل العميل والفرد منا سؤالا مشروعا: أكلم مين؟!

ما هو الكيان أو الجهة التي يمكنني التقدم إليها بالشكوى أو الاعتراض من مقدمي الخدمات المالية، وليس البنوك فقط، في مصر؟

تزداد المشكلة تعقيدا مع تنفيذ الحكومة المصرية لمنظومة الشمول المالي والتحول الرقمي، فلم تعد البنوك فقط هي مقدمة الخدمات المالية الحصرية في مصر، فهناك العشرات من خدمات الدفع الإلكتروني وخدمات إصدار البطاقات الائتمانية وخدمات تحويل الأموال والمحافظ الإلكترونية.

إن وجود كيان فعال لتلقي شكاوى عملاء الخدمات المالية والبنكية في مصر، والتعامل معها باحترافية، يعفي مؤسساتنا الوطنية من حملات للتشهير على السوشيال ميديا، تضر كثيرا بمناخ الأعمال في مصر، في وقت تكون فيه السوشيال ميديا هي النافذة الأخيرة لصاحب الشكوى، وله في أحيان كثيرة عذره.

لقد نجحت الحكومة في بناء الثقة في حلول الشمول المالي والتحول الرقمي في مصر، ومثل هذه الممارسات تضعف كثيرا من هذه الثقة لدى المواطن المصري.

أعود لأقول أن للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات تجربة يجب أن تحتذى، إذا ما أردنا إنشاء كيان مشابه للرقابة على مقدمي الخدمات المالية في مصر، فالمواطن يحتاج إلى حكم مستقل بينه وبين مقدمي الخدمات، يسهل الوصول إليه في أي وقت، سواء عبر خط ساخن أو بريد إلكتروني أو وسائل تواصل يجري متابعتها على مدار اليوم، والتفاعل مع الشاكي والتواصل معه.

إن جزءا من دور الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات هو منعه لأن يكون المواطن المصري هو الحلقة الأضعف في سلسلة تقديم الخدمات، تطبق عليه خصومات بلا مبرر، ويتم إشراكه في خدمات مدفوعة دون علمه، ولذلك كان المواطن المصري سعيدا للغاية بعد إصدار تنظيم الاتصالات لرقم موحد لمعرفة وإلغاء الخدمات لجميع شبكات المحمول العاملة في مصر، وهكذا يجب أن يكون دور الجهاز الرقابي على الخدمات المالية الذي نطالب به.

هل يعقل، ونحن في عصر التكنولوجيا، أن تظل كشوفات الحسابات المطبوعة، التي يتم إرسالها إلى العملاء في مظروف بريدي بشكل دوري، موجودة وسارية، وتحت تصرف أي شخص غير مالكه يقع في يده المظروف.

ألا يعد ذلك تبديدا لموارد البنك وموارد العملاء وكشفا لسرية الحسابات، في حين يمكن ببساطة إرسال الكشف إلكترونيا إلى العميل على بريده الإلكتروني أو على واتساب!

مقال يكتبه: د. محمد أبو خضرة
استشاري حلول المدفوعات الإلكترونية