Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

محمد أبو خضرة يكتب: نريد «جهاز قومي» لتنظيم التعاملات البنكية والشمول المالي

باعتبار الشمول المالي من أهم الموضوعات التي تشغل بال المجتمع بجميع أطيافه، سواء شركات أو مؤسسات أو أفراد، وبما أنه التوجه الرئيسي للحكومة حاليا، فإنني أكتب هذا المقال من أجل تناول بعض الجوانب المتعلقة بالشمول المالي، استنادا إلى الخبرات التي اكتسبتها على مدار عدة سنوات ترأست خلالها القطاع التجاري بشركة BEE للمدفوعات الإلكترونية.
يجب أن نعترف في البداية أن هناك فارق كبير بين الكلام النظري والتطبيق العملي، توجد فجوة كبيرة تتمثل في عدة نقاط، أبرزها البنوك ودورها في دعم منظومة الشمول المالي.

لديّ مجموعة من التساؤلات مبنية على بعض المواقف التي صادفتني باعتباري مواطن مصري، أريد أن أطرحها عليكم:
الموقف الأول حدث قريبا، فأنا أعاني من التعامل مع الجهات الحكومية وأتكاسل عن التوجه لتلك الجهات من أجل إنهاء معاملاتي، وبالتالي ما زالت بطاقتي الشخصية مكتوب بها “حاصل على بكالوريوس” لأنني لم أقم بتسجيل وظيفتي أو شركاتي أو حتى الدكتوراة التي حصلت عليها، وحينما خضت تجربة بيع عقار مملوك لي، أبلغني المشتري أنه يريد تسليمي المبلغ عن طريق أحد البنوك الحكومية، وللأسف ليس لديّ حساب بهذا البنك، فذهبت معه إلى البنك من اجل توقيع العقد وفتح حساب شخصي ليقوم بتحويل المبلغ لحسابي ثم الذهاب للشهر العقاري، وذلك خوفا من الانتقال بالكاش، وفوجئت برفض البنك فتح حساب لي، حيث طلب خطاب من جهة العمل وإثبات دخل، وهذا أمر غريب جدا، فأنا لا أطلب قرض لكي يطالبني بهذا الإجراء، فحاولت إقناع الموظف أنني مواطن عادي يريد فتح الحساب ببطاقة الرقم القومي وأن يعتبرني بدون عمل أو أعمل موظف حر، ولكنه رفض!.

الموقف الثاني، يتعلق بمعاملاتي مع غالبية البنوك، وكان عليّ ديون حوالي ألف جنيه على “الكريدت كارد”، وذهبت لدفع الديون ولكن لم يكن معي سوى 600 جنيه كاش، فطلبت من الموظف إحضار جهاز POS لكي أسدد المبلغ من خلال كارت البنك، لكن الموظف أبلغني بضرورة السداد كاش، فكيف أن يكون دور البنك هو القضاء على الكاش في حين يطالبني بالسداد كاش!.

الموقف الثالث، ذهبت أنا وزوجتي وأولادي لأحد الهايبرات الكبيرة لشراء مستلزمات المنزل، واستغرقنا وقتا طويلا بالداخل مما استلزم شراء بسكويت وعصير للأطفال، ووصلت إلى الكاونتر في النهاية للدفع، فأخرجت كارت البنك ليبلغني أن السيستم واقع، ووقتها كنت أتعامل مع بنك واحد فقط، واكتشفت أن هناك مشكلة تقنية بهذا البنك، ولم يكن أمامي أي حل سوى ترك أولادي وزوجتي من أجل الاتجاه لأحد الماكينات في محاولة للسحب من أي ماكينة ATM مع محاولة الاتصال بالبنك، كل هذا بسبب 20 جنيه قيمة الأشياء التي أكلها أولادي داخل الهايبر، ونجحت في الوصول لموظف خدمة العملاء في البنك ليبلغني بأن اليوم هو 27 في الشهر، وهو توقيت اعتاد فيه الجميع على تعطيل السيستم لحين إنهاء عملية تحويل المرتبات، ولكن الحمد لله عاد السيستم للعمل ودفعت المبلغ بعد حوالي ساعتين.

الموقف الرابع، حاولت إنشاء محفظة رقمية مع إحدى شركات الاتصالات، لأفاجئ بأن الطلب مرفوض لأن رقمي مربوط بمحافظ رقمية أخرى أنا لا أعرفها، والمطلوب مني هو الاتصال بكافة البنوك التي اتعامل معها لكي أعرف من هو البنك الذي استغل رقمي في فتح محفظة رقمية دون الحصول على إذني!
مواقف أخرى تعرض لها زملائي، تتعلق بسحب الأموال من ماكينات ATM مثل سحب مبلغ ويتم خصمه من الرصيد لكن الفلوس لم تخرج من الماكينة.

تلك المواقف تندرج تحت مسمى «تهريج»، لدرجة أنني حاولت التواصل مع الخط الساخن للشمول المالي بالبنك المركزي، فوجئت أن الموظفة لا تعرف معنى الشمول المالي، وكل ما تعرفه أن هذا الخط غير مسؤول عن حل شكاوى العملاء.
ومن هنا أطالب بوجود جهاز رقابي يختص بحماية المواطن المصري وضمان نشر الشمول المالي باحترافية، على غرار الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات الذي يلعب دورا كبيرا في حماية مستخدمي الاتصالات إذا تعرضوا لأي مشاكل مع البنوك.
ويجب أن يكون هذا المرفق مسؤول بشكل مباشر عن استقبال شكاوى عملاء البنوك، وما أكثرها في الحقيقة، خاصة وأننا نطالب بضم كافة المواطنين لمنظومة البنوك، بجانب الإشراف على المحافظ الإلكترونية الذكية التي انتشرت داخل مصر بشكل كبير.
كما أناشد البنوك العاملة في مصر بتكثيف الاستثمارات المتعلقة بمنظومة خدمة العملاء، لا يعقل أن أنتظر ساعة كاملة على الخط لحين قيام موظف خدمة العملاء بالرد على استفساراتي.
في النهاية أريد التأكيد على أن أزمة الشمول المالي في مصر تتعلق بالثقة، فالمواطن يريد الاطمئنان خلال التعامل مع البنوك، يجب أن يتم ترسيخ مبدأ الشفافية بين البنك والعميل، هل يعقل أن يتم خصم مصاريف إدارية وضريبية من حساب العميل دون علمه؟ هل من المنطقي أن أبحث عن واسطة لكي أحصل على حقي من البنك الذي ائتمنته على أموالي وحساباتي؟

مقال يكتبه: د. محمد أبو خضرة
الرئيس التنفيذي لشركة The KnowHow Company للاستشارات