Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

هل فكت مصر عقدة انتظار الفرص للتحول لمركز للتصميمات والصناعات الإلكترونية؟

تبنت الدولة استراتيجية طموحة لصناعة الإلكترونيات، منذ إطلاق المبادرة الرئاسية “مصر تصنع الإلكترونيات” في نهاية عام 2015، عبر العديد من المبادرات والخطوات الفاعلة التي تستهدف خفص واردات مصر من المنتجات الإلكترونية وزيادة صادراتها لتعزيز موقف العملة الصعبة، والتي شملت العديد من المجالات كصناعة الهواتف المحمول وشاشات التلفزيون وأجهزة التابلت والعدادت الذكية وغيرها من الصناعات الاستراتيجية المرتبطة، وقد حققت الدولة نجاحات على الأرض تشكل حاليا اختبارا حقيقيا حول قدرتها على استدامة تنمية هذه الصناعة خلال السنوات المقبلة في ظل تغيرات عالمية عديدة.

وتحظى مصر بالعديد من المقومات التي تمكنها من صناعة تجربة ناجحة في المنطقة، بواقعية الموقع الجغرافي وامتلاكها قناة السويس التي تحد محورا رئيسيا في حركة التجارة العالمية، بالإضافة إلى اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة بين مصر وعدد كبير من الأسواق والتي تسهم فى زيادة معدلات نفاذ صادرات الشركات للأسواق المحيطة، إلى جانب سوق العمالة الرخيصة والمدرب،والسوق الاستهلاكية الضخمة، هذا بالإضافة إلى الحوافز الحكومية النوعية لمصنعي الإلكترونيات، والتي تشمل حوافز ضريبية للمناطق الصناعية والحرة، إلى جانب الإعفاءات الجمركية.

وجذبت مصر اهتمام العديد من الشركات العالمية في هذا المجال خلال الفترة الأخيرة، أبرزها إعلان شركة سامسونج مصر منذ أيام عن استهداف زيادة إنتاج الهواتف المحمولة في مصنع الشركة الجديد ببني سويف إلى 5 مليون هاتف سنويًا، انطلاقا من نجاحات الشركة في مجال الشاشات والذي عزز حضورها في السوق المصرية بحجم استثمارات يتخطى ال 500 مليون دولار وتصنيفها كأكبر شركة مُصدرة ضمن الشركات العالمية بمصر في مجال الأجهزة الإلكترونية.

رئيس الوزراء خلال جولة تفقدية لأحد المصانع

ولا شك أن التجربة الكورية، تعد من أبرز تجارب الصعود في هذا المجال خلال السنوات الماضية حيث أصبحت بدءا من منتصف 2019 ثالث أكبر منتج لصناعة الإلكترونيات بعد الصين والولايات المتحدة،مدفوعة بزيادة الاستثمارات في البحث والتطوير من قبل شركاتها الكبرى العاملة في هذا المجال وتوسعاتها في الأسواق العالمية وعلى رأسهم شركتى سامسونج للإلكترونيات وإل جي إلكترونيكس وغيرها من الشركات الكبرى.

وعلى مستوى المؤشرات والأرقام تستهدف الدولة تنمية صادراتها من الإلكترونيات إلى 8 مليارات دولار في العام المالي الجاري 23/2024 ، إنطلاقا من تحقيقها معدلات نمو بلغت وفقا لبيانات البنك الدولي 116.6% زيادة في صادرات مصر من السلع الإلكترونية والكهربائية خلال الفترة من 2016 إلى 2021، واستنادا على تاريخ طويل من صناعة بدأت إرهاصاتها في مصر من خمسينيات القرن العشرين، بعد إنشاء الدولة عددا من المصانع لإنتاج الأجهزة الإلكترونية، في مقدمتها شركة “بنها للإلكترونيات”، والمصانع الحربية والعديد من شركات القطاع الخاص.

ولكن في ظل التحولات الاقتصادية العالمية الحالية كيف تبدو التجربة المصرية في هذه الصناعة من حيث المقومات وفرص النمو، وهل تدعو الحاجة إلى ضرورة تصحيح موقعنا لاقتناص العديد من الفرص في هذا المجال الذي يبدو أنه يشكل المستقبل القريب ونواة أي اقتصاد يبحث عن فرصة على خريطة الاقتصاد العالمي؟

فرصة واعدة

الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، أكد على أن مصر لديها فرصة واعدة في صناعة الإلكترونيات بفضل جهود الفترة الماضية والقاعدة التي تمتلكها الدولة من الشركات العاملة في هذه الصناعة، إلى جانب التغيرات التي تحدث على مستوى العالم وتفكير العديد من الشركات العالمية للخروج بمصانعها إلى المراكز الإقليمية الرئيسية ومنها مصر، لذلك نعمل على التواصل مع الكثير من تلك الشركات ونعرض عليهم الحزمة التحفيزية للاستثمار في صناعة الالكترونيات في مصر.

وزير الاتصالات في جولة تفقدية لمصنع فيفو

وأكد على على هامش تصريحاته في اليوم الثاني من مؤتمر “حكاية وطن” أن الدولة المصرية لديها نواة جيدة لقاعدة من المتخصصين والمهندسين الخبراء في صناعة الإلكترونيات، وتعمل الدولة على تعزيز مواردها البشرية في هذا المجال عبر العديد من الشراكات مع مؤسسات وشركات عالمية متخصصة في المعرفة الخاصة بهذا المجال.

وأشار الدكتور عمرو طلعت، إلى إن الحكومة تعمل في الوقت الحالي على تنمية مجال عالي القيمة في صناعة الإلكترونيات وهو التصميم الإلكتروني والبرامج المدمجة التي تتواجد داخل الأجهزة الحديثة المستخدمة، وأنه تم إنشاء مركز في العاصمة الإدارية الجديدة “امحوتب” لهذا الغرض، مما يمنح قيمة مضافة للصناعة في مصر ويضع مرتكزات رئيسية لنموها في ظل التطور الحالي الذي تشهده صناعة الإلكترونيات.

وأضاف “أن المركز يحتوي على مجموعة عالية لتدعيم الشركات المصرية العاملة على توسيع أعمالها في مجال التصميم الإلكتروني والبرامج المدمجة، يضم 24 شركة متخصصة منهم 9 شركات عالمية؛ لدعم الابتكار في مجال الإلكترونيات، ولم يقتصر على التصميم فقط، وإنما أيضاً التصنيع بجذب 4 شركات عالمية.

وأكد الدكتور عمرو طلعت، جذب 4 شركات عالمية لتصنيع أجهزة المحمول في مصر، وليس تجمعياً، ولسنوات طويلة اعتدنا على التجميع التي لا تزيد قيمته المضافة عن 10 أو 15%، عكس التصنيع تم الاتفاق مع الشركات على 40% شرطاً للتوقيع، وسيزيد تدريجياً، و3 شركات بدأت، والرابعة هي “سامسونج”، وقريباً جداً ستنتهي عبارة “صنع في الصين”.

تصميم الإلكترونيات

ووفقا للأرقام، عززت الجهود نمو عدد الشركات المتخصصة في تصميم الإلكترونيات بنسبة 22٪ مع دخول شركات عالمية ومحلية جديدة في السوق المصرية، وبدأت 10 شركات جديدة عملها في تصميم الدوائر الإلكترونية المتكاملة والأنظمة المدمجة، هذا بالإضافة إلى التوسع في شركات التصميم الحالية مما أسهم في خلق المزيد من فرص العمل بمتوسط 18٪ والوصول إلى أكثر من 57 شركة عالمية ومحلية تعمل في مصر في صناعة التصميم الإلكتروني .

ونشر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار إنفوجرافيك جديدًا يتناول صناعة الإلكترونيات فى مصر؛ حيث بدأت 3 شركات عالمية، وهى شركة فيفو لتصنيع الهواتف الذكية، وشركة نوكيا العالمية، وشركة سامسونج فى إنتاج الهواتف المحمولة فى مصر، باستثمارات 2 مليار جنيه وطاقة إنتاجية سنوية 20 مليون جهاز محمول وذلك بجانب إنشاء مصنع لشركة أوبو (OPPO) في مصر بتكلفة 20 مليون دولار وبطاقة إنتاجية سنوية 4.5 ملايين وحدة سنويًّا.

ونوه وزير الاتصالات إلى أن استراتيجية “مصر تصنع الإلكترونيات” تهدف إلى توطين صناعة الإلكترونيات، وجعل صناعة الإلكترونيات إحدى الدعائم الرئيسية للنمو الاقتصادى فى مصر؛ مشيرا إلى أن التسهيلات التى تتيحها الدولة لجعل مصر مقصدا جاذبا للشركات العاملة فى صناعة وتصميم الإلكترونيات نتج عنه جذب العديد من المصنعين للتصنيع فى مصر لخدمة السوق المحلى والتصدير إلى الأسواق الإقليمية.

المهندس ياسر عبد الباري المدير التنفيذي لصناعة الإلكترونيات بهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات أكد على أن هناك توجه في الدولة المصرية بدعم من القيادة السياسية للتوسع في صناعة الإلكترونيات، ومصر لديها ميزة تنافسية في هذا المجال سواءا من حيث الموقع الجغرافي كعنصر بارز في منظومة سلاسل التوريد العالمية، وأيضا لامتلاكها منظومة تصنيع إلكترونية يمكن البناء عليها بالإضافة إلي امتلاكها موارد حيوية تحتاجها هذه الصناعة.

ياسر عبد الباري
ياسر عبد الباري

التدريب ونقل المعرفة

وأشار إلى أن التدريب ونقل المعرفة التكنولوجية والخبرات للسوق المصري في مجال الالكترونيات مهم جدًا في التوقيت الحالي بالتعاون مع الشركات العالمية، خاصة وأنها لديها معرفة واستراتيجية في تطبيق ثورة الجيل الصناعي الرابع أو ما يعرف بالثورة الصناعية الرابعة، ومن الممكن أن يساهمو في تدريب الكوادر المصرية على صناعة الإلكترونيات والسيارات الكهربائية.

وقدر المهندس ياسر عبد الباري، استحواذ الشركات الكورية على نحو 75% من حجم صادرات الالكترونيات المصرية، موضحًا أن ذلك بسبب وجود شركتي سامسونج وإل جي اللتان بدأتا عملهما في السوق المصري مبكرًا عن منافسيها من الشركات الصينية، وهو ما منح الشركات الكورية أفضلية من حيث الحصة السوقية في المبيعات الأمر الذي شجعهم على التصنيع من مصر.

من جانبه أكد كريم غنيم رئيس شعبة الاقتصاد الرقمي أن الحكومة قامت بتقديم الحوافز المالية والفنية للشركات الاجنبية ومنها الكورية للدخول إلى السوق المصرى والاستفادة من المزايا والحوافز المتاحة في هذا المجال إلا ان توطين صناعة الالكترونيات يرتكز بشكل رئيسي على جهود تكاملية للعديد من الجهات الحكومية والبحثية حيث لا يمكن ان تكون هناك رسوم وضرائب على مكونات الانتاج في حين ان المنتجات النهائيه معفية من الرسوم والضرائب الامر الذي لا يحفز المستثمرين على الدخول إلى عملية التصنيع .

جذب الاستثمار الأجنبي

ولفت إلى أن سياسات جذب الاستثمار الأجنبي في صناعة الالكترونيات يجب أن ترتكز على استراتيجية التصدير مع الحفاظ على دعم الشركات المحلية، حيث لانتتوقف الصناعة على حجم السوق المحلى وفقط ولكن السوق الافريقى وما ترتبط به مصر من اتفاقيات تجارية تخول لها تصدير المكونات الالكترونية بدون جمارك علاوة على ضرورة منح حوافز تصدير للمصدرين الذين ينجحون في تصدير منتجاتها للخارج.

كريم غنيم
كريم غنيم

وأشار كريم غنيم، إلى أن أبرز العقبات التي تواجه الصناعة في الوقت الحالي هما نقص المكونات المستوردة بسبب شح العملة والإجراءات البيروقراطية التي تعمل الدولة حاليا على حلها سواءا عبر الرخص الذهبية أو تقديم تسهيلات مباشرة، منوها إلى أن الأزمة العالمية الحالية وماأعقبها من أزمات كارتفاع مستويات التضخم وتباطوء سلاسل التوريد تؤكد على ضرورة توطين صاعة الإلكترونيات بشكل كامل والصناعات المغذية لها.

ونوه إلى أن مبادرة “مصر تصنع الإلكترونيات” تقدم حوافز أخرى لمصنعي الإلكترونيات، تشمل الحوافز الضريبية للمناطق الصناعية والمناطق الحرة، فضلا عن الإعفاءات الجمركية للأدوات والمعدات، مشيرا إلى أن حجم هذه الصناعة في العالم يتجاوز تريليون ونصف التريليون دولار، وتتصدر الصين قائمة الدول المنتجة لهذا القطاع.

وأكد كريم غنيم، على ضرورة أن يكون للدولة شركات خاصة لتمويل مثل تلك الصناعات وألا تعتمد على تمويل البنوك فقط، وذلك لقدرة الشركات على دراسة دورة العمل بشكل أكثر دقة، نحتاج إلى مراكز بحثية وسيطة للربط بين ما يتم تدريسه نظريًا في الجامعات وما يتم تصنيعه في المصانع.

و أشارت دراسة حديثة إلى أن السوق المصري يتطلب تنفيذ خطة متكاملة لتصنيع الأجزاء والمكونات الخاصة بعدد من الأجهزة والتي تشهد رواجا خلال الفترة الماضية وعلى رأسها التابلت وأجهزة الكمبيوتر الـ PC  ومشتملاتها كلوحة المفاتيح والماوس والشاشات وغيرها، بما يشكل بداية لتوطين الصناعة بشكل صحيح والبناء عليها للمستقبل.

تحديات كبيرة

وأشارت الدراسة إلى وجود خطوط انتاج حالية في السوق المصرية قادرة على صناعة أجهزة التابلت بكفاءة إلا أنها مازالت تواجه تحديات كبيرة أبرزها الفكرة السلبية للمستهلك عن المنتج المصري وأيضا المؤسسات العامة والخاصة العاملة في الدولة والتي تتخوف من فكرة الاعتماد على منتجات محلية، مشيرة إلى ضرورة صناعة علامات تجارية كبيرة تحظى بثقة الهيئات الحكومية أولا ثما البناء عليها.

ولفتت إلى أن من المعوقات التي تهدد الشركات العاملة في هذه الصناعة في مصر، استيراد المكونات للتجارب، التي تستلزم فحص أمني، وتمريرها على وجهاز تنظيم الاتصالات، وقد يصل الأمر إلى أن المنتج يمكث شهرين في هذه الاجراءات الروتينية، ما جعل الشركات العالمية تتذمر من تعقيد الاجراءات كذلك من ضمن المعوقات، عدم وجود صناعات مغذية لصناعة الإلكترونيات ضعيفة بالشكل الذي يشجع أي مصنع محلي أو أجنبي للعمل في مصر.

وكشفت الدراسة  أن هناك تحدي أخر خارجي حيث لا نعمل في جزر منعزلة، وذلك من حيث الدول المنافسة لمصر في صناعة الالكترونيات، وعلى رأسها بولندا وأيرلندا والهند والصين وفيتنام وماليزيا، فالهند حاليا تحقق نجاحات قوية، وأقل دولة منهم رفعت الجمارك على المنتجات الإلكترونية المستوردة حتى 18%، لذلك ذهبت شركة فوكسكون العالمية لتصنيع هواتف أيفون في الهند بمصنع يتكلف 10 مليار دولار، وخلال أزمة كورونا الأخيرة الشركات العالمية بدأت تفكر جديًا في ايجاد أماكن بديلة للصين وتوزيع مصانعها على دول العالم، وخلال العامين القادمين 10 % من الصناعات الإلكترونية ستنتقل من الصين إلى الهند وهو ما يعني انتقال مئات الملايين الدولارات للهند.