Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

مصطفى محرم يكتب: حلم مراكز البيانات والـ100 متر الأخيرة

شهد قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، خلال السنوات القليلة الماضية، طفرة حقيقية فيما يتعلق بجذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز دور مصر كمركز إقليمي للصناعة وممر دولي للبيانات.

وعلى مدار ثلاث سنوات فقط، شهد هذا القطاع الحيوي أحداث هامة عكست ثقة كبرى الشركات العالمية به، ففي عام 2019، أعلنت شركة جوجل العالمية إعادة افتتاح مكتبها بالقاهرة وعودتها من جديد للعمل من مصر.

وخلال العام 2020، وقّعت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مذكرة تفاهم مع شركة أمازون ويب سرفيسيز العالمية (AWS) لإطلاق منحة لبناء قدرات 500 شاب متخصص فى مجالات علوم البيانات والبيانات الضخمة.

أما العام الماضي 2021 فقد تم الإعلان عن انتقال أمازون دوت كوم للاستثمار المباشر وافتتاح أكبر منطقة لوجيستية لها بأفريقيا في مدينة العاشر من رمضان، كما قامت شركة مايكروسوفت العالمية بعدد كبير من المشروعات الرائده في مجال الرقمنة الحكومية ومنها على السبيل المثال: مشروع الفاتورة الإلكترونية وميكنة المحاكم الاقتصادية.

وهذه الأحداث وغيرها من الشواهد الكثيرة تشير إلى اتجاه الشركات الكبرى للانتقال من مرحلة “التواجد” إلى “تعميق استثماراتها” في السوق المصري.

وهو الأمر الذي يتزامن مع كشف العديد من المصادر الرسمية عن وجود مشاورات “مكثفة” و”متقدمة” بين وزارة الاتصالات المصرية وعدد من كبرى الشركات العالمية لإنشاء مراكز بيانات لها في مصر.

وتأتي هذة التطورات الإيجابية كنتيجة لجهود كبيرة قامت بها مؤخرا وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بقيادة الوزير الدكتور عمرو طلعت لتهيئة مناخ مواتي لجذب تلك الاستثمارات الاستراتيجية، ومن ضمن تلك الجهود:

– إنشاء فريق عمل متخصص برئاسة نائب الوزير المهندس رأفت هندي للتواصل مع الشركات العالمية المهتمة بالاستثمار في هذا المجال والتعرف على المعوقات التي تقابلها.

– إصدار الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات برئاسة المهندس حسام الجمل للإطار التنظيمي لإنشاء مراكز البيانات وتقديم خدمات الحوسبة السحابية.

– إعداد فريق عمل قطاع البنية المعلوماتية الدولية برئاسة مساعد الوزير المهندس محمد نصر الدين لعدد من الاستراتيجيات والسياسات المحفزة لاستخدامات تكنولوجيا الحوسبة السحابية، والتي تعد عنصرا أساسيا لدعم الجدوى الاقتصادية لإقامة تلك المشروعات.

– وأخيرا وليس آخرا، انفتاح لجنة الشئون القانونية برئاسة المستشار جوزيف إدوارد للحوار مع الشركات العالمية والمحلية حول الأطر التشريعية والتنظيمية الحاكمة لهذا القطاع والتأسيس لمبدأ التشاور مع أصحاب المصلحة قبل إصدار تشريعات أو أطر تنظيمية جديدة.

إن إدارة المفاوضات الجارية مع شركات التكنولوجيا العالمية حول إنشاء مراكز البيانات، وخصوصا في مراحلها النهائية، تتطلب تفهم لطبيعة تلك الكيانات العملاقه وما يفرضه حجمها الاقتصادي من أهمية دراسة خياراتها الاستثمارية جيدا قبل الإقدام على أي خطوه، وتمتلك تلك الشركات أدوات تحليليه دقيقة لدراسة المخاطر المتعلقة بالاستثمارات المحتمله لها، وتأتي على رأس العناصر والتي يتم دراستها بعنايه البيئة التشريعية والتنظيمية هذا بالإضافة إلى البنود التعاقدية والضمانات القانونية.

ولاجتياز المراحل النهائية من تلك المفاوضات بنجاح، أرى أن تشابكات تلك المتطلبات ما بين قانونية وفنيه وتعقيدات المشهد التنظيمي المصري تتطلب منا التحلي بقدر كبير من المرونة، وقدر أكبر من التمكين للمسئول الحكومي المصري للوصول لتوافقات مع المستثمر.

وفي الختام، ولعلي لا أبالغ إن قلت أن مصر -إذا أدرنا تللك المرحلة جيدا-، على بُعد خطوات قليلة من تحقيق حلم مراكز البيانات، والذي سيعد الميلاد الثاني لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الوطني وتمهيدا لدخول البلاد لعصر الثورة الصناعية الرابعه، ومن بين أهم الفرص التي سيتيحها هذا العصر الجديد لمصر هو تحقيق معدلات نمو عالية فى مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، تحسين ورفع مستوى الرعاية الصحية، اختصار الكثير من الوقت فى عملية التطور، انتشار المنجزات فى مناطق متعددة، خفض تكلفة الإنتاج، تأمين الخدمات، تدعيم وسائل النقل والاتصال لتعمل بشكل أكثر كفاءة وأقل تكلفة، فتح أسواق جديدة وتطبيق مفاهيم الذكاء الاصطناعى والعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

مقال كتبه: مصطفى محرم

خبير السياسات العامة والاتصال الاستراتيجي