Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

مارجريت ميكالز تكتب: الرقمنة توفر عصراً جديداً من التجارب للمدراء الماليين

لا يخفى على أحد أن مهام المدراء الماليين تشهد يومياً جملة متزايدة من التغييرات، أبرزها التحولات التي فرضتها موجة التحول الرقمي والتي سارعت من وتيرتها جائحة “كوفيد-19″، لتعزز بذلك الحاجة إلى مهارات جديدة للالتحاق بمهن الخدمات المالية والمحاسبة، ناهيك عن جميع المهن في المؤسسات. أضف إلى ذلك أن المخاطر الإلكترونية التي أصبحت اليوم تمثل تهديدات حقيقية لاستمرارية الأعمال ساهمت في تعزيز الحاجة إلى مدراء ماليين متمرسين بالأمن الإلكتروني. ولا ريب بأن عمليات الرقمنة ترتقي بسبل مزاولتنا للأعمال وتحسن من سير العمليات، إلا أنها تقدم للمجرمين الماليين أيضاً فرصاً جديدة للوصول إلى بيانات الشركات وأموالها.

ففي عام 2020، شهدت منطقة الشرق الأوسط زيادة بنسبة 250% في الهجمات الإلكترونية، وارتفاعاً في حوادث التصيد الاحتيالي وبرامج الفدية. وكان القطاع المالي من بين الأكثر تعرضاً لهذه الهجمات، إلى جانب القطاع الصحي، وفقاً لتقارير صادرة مؤخراً.

وبما أننا نعيش اليوم في عالم تكتنفه مخاطر الأمن الإلكتروني، ومع توجه معظم الشركات لتخزين بياناتها رقمياً والتعامل معها عن بعد، ارتفعت المخاوف التي تؤرق مدراء تجارب المتعامل في الشركات. كما أن حجم التداعيات التي تخلّفها خروقات البيانات المالية أو الجرائم الإلكترونية تدعو معظم المدراء الماليين إلى توخي الحذر الشديد وتبعث في نفوسهم قلقاً متنامياً من كوارثها. وقد فرضت الجائحة المتواصلة صعوبات جمّة على قطاعات الأعمال، وأجبرت المؤسسات على التحول إلى نموذج العمل عن بعد الجديد لتتمكن من الاستمرار بأعمالها بين عشية وضحاها، وأصبحت كوادر العمل المنتشرة هدفاً رئيسياً لمرتكبي الاحتيال. لذلك شهد النصف الأول من العام 2020 زيادة بنسبة 35% في حجم الهجمات الإلكترونية مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وذلك وفقاً لتقرير أعدته شركة مايكروسوفت.

وتعرف الجريمة الإلكترونية بأنها شكل رقمي من الجريمة المالية وتسبب أضراراً جسيمة على الشركات في شتى أرجاء العالم، وبالتالي أصبحت خطراً رئيسياً. وبالنظر إلى رؤيتهم التنظيمية الشاملة، يُعتبر المدراء الماليون الأكثر قدرة على فهم سلوكيات القراصنة ومدى قدرتهم على استغلال مؤسساتهم، أكثر من المدراء التنفيذيين الآخرين. ويمثل التطور الحاصل في عالم الجريمة الإلكترونية أحد أكثر المشاكل التي يواجهها المدراء الماليون إلحاحاً، إلا أنها أحد أكثر المشاكل التي يمتلكون فرصة التصدي لها. لذلك يجب على المحاسبين وخبراء القطاع المالي، ويمكنهم، لعب دور فعال لضمان سلامة وأمان مؤسساتهم وأعمالهم وشؤون عملائهم. فهُم الأكثر قدرة في شركاتهم على المساعدة للتصدي لقضايا إدارة المخاطر كونهم ملمون بطريقة تحديد التكاليف وتقييم كفاءة التكلفة للتدابير الإمنية. وهم عملياً، يمتلكون المعرفة الكافية والوافية في القطاع ويعرفون الاستراتيجية الشاملة والعمليات المتكاملة للشركات التي يعملون بها.

لذلك، يتعين على المدراء الماليين الاطلاع على قضايا أمن تقنية المعلومات الجديدة والتمرس في أطر العمل القانونية. ولابد أن يكونوا قادة لتلك الجهود، معتمدين على خبراتهم في إدارة المخاطر وقدرتهم على اكتساب مهارات إضافية عبر الاستمرار بالتعلم. وللقيام بذلك، يجب عليهم امتلاك المعلومات والمعرفة بالتهديدات الإلكترونية و”جسر الفجوة المعرفية” حال وجودها. وإذا رغب المدراء الماليين بأداء مهامهم اليوم، سيكون عليهم تصفية البيانات الهامة والسرية، وجعل حماية الشركة أولوية قصوى.

ثمة حاجة حقيقية لتثقيف الأطراف المعنية ضماناً لأوسع امتثال ممكن. ومع تزايد عمليات انتهاكات البيانات، يتعين على المدراء الماليين التصرف بشكل استباقي والتعاون باستمرار مع خبراء في تقنية المعلومات. فتعامل خبراء القطاع المالي باستمرار مع البيانات يزيد من أهمية حصولهم على المهارات التكنولوجية الضرورية. ويعني كل ذلك بأن رؤية الأمن الإلكتروني من زاوية مختلفة يتطلب إدخال عمليات صقل المهارات، والتعرف على المخاطر، وإجراء الأبحاث، وتحديد الأولويات المنوطة بالمخاطر المحتملة.

يمكن للمحاسبين وخبراء القطاع المالي لعب دور هام لمساعدة الشركات عبر تقييم الوضع المالي للشركة وتحديد الموظفين الذين يمثلون نقاط ضعفها، واختيار الشخص المناسب في المكان المناسب لحماية البيانات الحساسة والملكية الفكرية.

ويمتلك المحاسبون الموهوبون في تقنية المعلومات فرصة مميزة لتولي مناصب هجينة، تضيف إلى مهامهم المالية الرئيسية مسؤوليات أخرى تتعلق بالفهم والتجارب العالمية للتعامل مع تقنية المعلومات. وما هو مطلوب، لكنه لايزال يعاني من النقص، هو وجود منهجية استراتيجية للحد من مخاطر الجريمة الإلكترونية. وبقدر ما يرغب الجميع بامتلاك حل كافٍ ووافٍ لجميع التحديات التي تسببها الجرائم الإلكترونية، فإن مثل هذا الحل غير موجود، ولا يمكن إيجاده أصلاً لأن موطن المشكلة معقد للغاية، وشديد التنوع، ومتغير أيضاً. وبالتالي يجب على خبراء المحاسبة وغيرهم من المتخصصين الماليين الإصغاء للقول المأثور: “المال و الغباء لا يجتمعان”. والآن، وطالما أن المهنة تعتمد بشكل كبير على أجهزة الحاسوب، من المرجح أن يزداد هذا الاعتماد بمرور الوقت أضعافاً مضاعفة.

تحليل كتبته: مارجريت ميكالز

مدير محتوى العلامة التجارية لدى معهد المحاسبين الإداريين