Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

تيم كولبان يكتب: جوجل تحقق تقدماً أضخم من الذكاء الاصطناعي !

هناك ضجة مثارة حالياً حول ظهور “تشات جي بي تي” والتراجع المزعوم لشركة “جوجل” أمام “مايكروسوفت” و”أوبن إيه آي” (Open AI) في حرب محركات البحث، وقد ألقت تلك الضجة بظلالها على تطورات أهم في الحوسبة.. تطورات سيكون لها آثار أكبر تتجاوز مجرد اختيار الموقع الذي يقدم نصيحة ضريبية أفضل.

فما يُسمى بـ”الحوسبة الكمومية” هو مأرب العلماء والباحثين، لكن ما زال يفصلها عن الواقع عقود من التطوير. مع ذلك، أحرزت شركة “ألفابت” مالكة شركة “جوجل” تقدماً في الشهر الماضي مع توارد أنباء عن اكتشافها طرقاً لعلاج إحدى أكبر المشكلات التي تواجه المجال الناشئ وهي مشكلة الدقة.

ما الجديد؟

حتى يومنا هذا، تُجرى كل العمليات الحاسوبية بالنظام الثنائي، حيث تُخزن أي معلومة إما برمز 1 أو 0، وتُجمع تلك الوحدات الثنائية أو ما يُعرف بـ”البت” (bit)، لإجراء مزيد من العمليات الحسابية.

على سبيل المثال، نحتاج 4 بت لتخزين رقم 8 (1000 بالنظام الثنائي). إنها عملية بطيئة ومرهقة، لكنها بسيطة ودقيقة على الأقل. وعلى مدار 7 عقود كانت رقائق السيليكون تحمل وحدات البت وتعالجها.

يمكن للبت الكمومي –أو ما يُعرف بـ”الكيوبت” (qubit)- أن يخزن البيانات بأكثر من شكلين (قد تكون 1 و0 معاُ في الوقت نفسه)، ما يعني إمكانية معالجة مجموعات أكبر من المعلومات خلال مدة زمنية محددة. أحد العيوب العديدة لهذا هو أن العرض المادي لكيوبت واحد يحتاج لدرجات حرارة في غاية البرودة -أعلى قليلاً من 0 كلفن (-273 درجة مئوية)- كما أنه سريع التأثر حتى بأقل قدر من التدخل، مثل الضوء، كما أنها معرضة للخطأ، وتلك مشكلة خطيرة في الحوسبة.

وفي ورقة بحثية نشرتها دورية “نيتشر” (Nature) الشهر الماضي، زعمت “جوجل” تحقيقها تقدماً كبيراً في مجال فرعي مهم يُسمى “تصحيح الأخطاء الكمومية”. والنهج المستخدم في هذا البحث في غاية البساطة، فبدلاً من الاعتماد على كيوبت المادية المنفردة، خزّن العلماء المعلومات على عدة كيوبت مادية، ثم عرضوا هذه المجموعة كأنها واحدة تُدعى “كيوبت منطقي” (logical qubit).

وضعت “جوجل” نظرية أن جمع عدد أكبر من الكيوبت المادية لتشكيل كيوبت منطقي واحد سيقلل من نسبة الخطأ.

كما أوضحت أن الفريق المشارك في ورقتها البحثية اكتشف أن الكيوبت المنطقي المُكوَن من 49 كيوبت مادياً تفوق في الأداء على المكون من 17 كيوبت مادياً، كما وضح منشور رئيس “ألفابت” التنفيذي سوندار بيتشاي على مدونة الشركة.

مسار التفوق الكمومي

أما في الواقع، فإن تخصيص 49 كيوبت في معالجة كيوبت منطقي واحد يبدو قليل الكفاءة بل ومبالغة أيضاً. تخيل تخزين صورك على 49 قرصاً صلباً لتضمن أن كلها تكون قرصاً صلباً واحداً خالياً من الأخطاء، لكن مع الإمكانيات الكبيرة للحوسبة الكمومية، تشكل كل خطوة صغيرة تقدماً كبيراً.

الأهم من ذلك، أن ذلك يوفر للمجتمع العلمي الأوسع أساساً للبناء على هذه المعرفة لإحراز تقدم أكبر في المجالات ذات الصلة، ومنها علوم المواد والرياضيات والهندسة الكهربائية، والتي سنحتاج لها كلها لصنع حاسوب كمومي في الواقع. ويطلق على الأمل في صنع نظام يتمكن من حل مشكلة لا يمكن لحاسوب موجود حلها عملياً في وقت مناسب اسم “التفوق الكمومي

صرحت “جوجل” منذ أربع سنوات أنها أكملت اختباراً في 200 ثانية لمهمة كانت ستستغرق آلاف السنين ليؤديها أحد الحواسيب الفائقة التقليدية، وهو دليل على أننا على مسار الوصول إلى التفوق الكمومي.

لكن ذلك يشبه إثبات نجاح أدوات الذكاء الاصطناعي مثل “تشات جي تي”، حيث يمثل هذا جزءاً واحداً فحسب من المشكلة. فما زالت زيادة معدلات الدقة والحد من معدلات الخطأ مسألة مربكة، وهي مسألة ما زالت روبوتات الدردشة الحديثة معرضة لها. التطوير على هذه الجبهة هو هدف كبير للمطورين في كلا التقنيتين، فيما أعلنت “أوبن إيه آي” أن قدرة روبوت محادثتها الجديد “تشات جي بي تي-4” على استخراج نتائج واقعية زادت فيه عن سابقه بنسبة 40% تقريباً.

للأسف، حاسوب فائق البرودة يعالج البيانات ليس بقدر المتعة نفسها التي يوفرها مساعد رقمي يمكنه كتابة قصيدة فكاهية أو صياغة مقال مدرسي، لكن تلك الخطوات الكبيرة ستخضع للمقارنة كما تُقارن القيمة الترفيهية للتلفاز بهبوط الإنسان على القمر وهو حدث غير العالم.

تيم كولبان

كاتب عمود في بلومبرج أوبينيون ومتخصص في قطاع التكنولوجيا