Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

«الطريق لحصار الكاش».. هل تنجح التكنولوجيا في ضبط الأسواق وتحويلها لمدفوعات إلكترونية كاملة؟

لا يزال الاقتصاد المصري يواجه صدمات متتالية جراء العديد من الأزمات الخارجية العاصفة، بداية من أزمة جائحة كورونا وانعكاساتها الاقتصادية المختلفة، مرورًا بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية العنيفة على مختلف القطاعات الاقتصادية، وصولاً إلى الحرب في غزة، فضلاً عن ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية وأزمة نقص العملة التي تعاني منها السوق المصرية نتيجة للأزمات المذكورة.

وفي ظل هذه التداعيات التي فرضتها الأوضاع الإقليمية والعالمية على الاقتصاد المحلي، جاءت تأكيدات العديد من الخبراء على ضرورة الرقمنة الكاملة للمعاملات المالية وإلغاء التعامل النقدي “الكاش” في أقرب وقت وفقا لأليات علمية، لضبط آليات السوق وحركة الأموال في ظل اتساع دوائر السوق السوداء للعملة والبضائع واضطراب العديد من الأسواق نتيجة حركة الأموال خارج القطاع المصرفي.

تأتي هذه التأكيدات في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد من شح العملة الأجنبية، بسبب انتشار السوق السوداء، والتي ساهمت بدورها في تراجع تحويلات المصريين العاملين بالخارج -أحد أهم موارد النقد الاجنبي لمصر- بنسبة 30.8% خلال العام المالي الماضي، لتصل إلى 22.1 مليار دولار، مقابل 31.9 مليار دولار في العام المالي السابق ، كما انخفضت التحويلات الرسمية المصرية خلال الربع الأول من العام المالي 2024/2023 بنسبة 2%، لتصل إلى 4.523 مليار دولار، مقابل 4.616 مليار دولار خلال الربع الأخير من العام المالي الماضي.

دعوات الرقمنة الكاملة للمعاملات المالية جاءت بالتوزاي أيضا مع إصدار مجلس الوزراء “ملامحَ التوجهاتِ الاستراتيجية للاقتصادِ المصري خلال الفترةِ 2024- 2030″، والتي تشير إلى سعى البنك المركزي المصري إلى تطوير القطاع المالي المصري واستغلال الفرص التي يتيحها التحول الرقمي لرفع نسبة الشمول المالي إلى 100% بحلول 2030 ممثلة في الخدمات المالية ونظم الدفع الرقمي، وتخطيط مصر لرفع عدد المحافظ المالية الرقمية إلى نحو 80 مليون محفظة رقمية بحلول 2030 لدعم النمو الاقتصادي الاحتوائي، مقابل نحو 36 مليون محفظة بنهاية سبتمبر الماضي.

تكلفة الكاش

حديث الخبراء يشير إلى أن تكلفة «الكاش» كبيرة جدًا على القطاع البنكي بشكل كامل مقارنة بالتعامل الرقمى بين المواطنين والمؤسسات، إلى جانب أن التعامل بالنقد خارج القطاع المصرفى يعد أرضاً خصبة للكثير من الأعمال غير المشروعة من غسيل الأموال وتجارة المخدرات والسلاح، مشيرين إلى أن التحول الرقمى يساعد الحكومة على مراقبة حركة الأموال حيث تصل نسبة التعامل بالكاش إلى 70 % وهو مايقل كثيرا مقارنة بالدول المتقدمة التي يصل فيها نسبة التعامل بالكاش إلى نسب تقل عن 25%.

ونفذ البنك المركزي المصري العديد من السياسات والمبادرات التي تعزز من هذا التوجه خلال الفترة الماضية عبر إقرار سياسات تدعم إصدار البطاقات الإئتمانية للعديد من الفئات وأبرزها بطاقة ميزة ، والتشجيع على سداد المدفوعات عبر الأجهزة المحمولة، وتنفيذ قابلية التشغيل البيني بين الأموال المتنقلة، وإصدار قانون تحفيز التمويل الرقمي والمعاملات المطورة ، إلى جانب إصدار تراخيص البنوك الرقمية، بالإضافة إلى إطلاق تطبيق انستاباي للتحويل اللحظي للأموال.

هذه التحركات، أصبحت تمثل لغة تفاؤل لدى العديد من المحللين والخبراء،  بقدرة الدولة على استكمال المنظومة والتوجه الشامل نحو الرقمنة المالية الكاملة أو الوصول لنسب الدول الكبرى في تعاملات الكاش

قال أحمد شوقي، الخبير الاقتصادي عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع والإحصاء، إن السبب الرئيسي في تراجع التحويلات الرسمية هو انخفاض تحويلات المصريين العاملين في الخارج، واتجاهها للسوق الموازية بدلاً من السوق الرسمية، وذلك لوجود فجوة سعرية في أسعار العملات الأجنبية بين السوق الموازية والسوق الرسمية، وبالتزامن مع هذا التراجع، ارتفع حجم المعروض النقدي في السوق المصرية، بنحو 595 مليار جنيه خلال أول 11 شهرًا من 2023، ليرتفع إلى 2.3 تريليون جنيه بنهاية نوفمبر الماضي، مقابل 1.7 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2022، بنسبة نمو 35.3%، وفقًا لأحدث بيانات صادرة عن البنك المركزي المصري.

تابع “يعرف المعروض النقدي بأنه إجمالي الأموال المتداولة عبر الاقتصاد ويشمل ذلك النقد المادي المتداول (الورقي والمعدني) والأرصدة البنكية مثل الحسابات الجارية وحسابات التوفير والأشكال الأخرى من أشكال السيولة النقدية في حين أن حجم السيولة المحلية في السوق قفزت إلى 8.7 تريليون جنيه بنهاية نوفمبر 2023، مقابل نحو 7.4 تريليون جنيه في نهاية 2022، بزيادة 1.38 تريليون جنيه خلال 11 شهرًا، بنمو 18.6%، مما يعني أن السيولة المحلية نمت بمعدل أقل من المعروض النقدي.

الجنيه المصري
الجنيه المصري

ونوه إلى أن كل هذه العوامل ساهمت بشكل كبير في تعميق أزمة العملة في السوق المصرية، وهو ما يتطلب حلولاً جذرية لمواجهة هذه المشكلات، والتي يأتي في مقدمتها أهمية التحول إلى مجتمع رقمي متكامل يُمكن الحكومة من الرقابة على حركة الأموال والسيطرة عليها لتقليص حدة الأزمة ومن ثم انتهائها تدريجيًا.

اعتماد التقنيات الرقمية

وكان البنك الدولي، أشار في تقرير له إلى أن اعتماد التقنيات الرقمية في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من شأنه أن يحقق منافع اجتماعية واقتصادية هائلة تصل قيمتها إلى مئات المليارات من الدولارات سنوياً، وطفرة تشتد الحاجة إليها في الوظائف الجديدة.

ويؤكد التقرير أن اعتماد التكنولوجيا الرقمية يؤدي إلى تسريع وتيرة النمو وخلق فرص العمل، وأن الاستخدام واسع النطاق للخدمات الرقمية، مثل خدمات الهاتف المحمول والمدفوعات الرقمية، من شأنه أن يعزز النمو الاقتصادي، كما أن أحد الأسباب الرئيسية لتعزيز النمو يرجع إلى أن التقنيات الرقمية تساعد على خفض التكلفة المرتفعة للمعلومات والتي تقيد المعاملات الاقتصادية، وأن هذه التكلفة تتراجع عندما يستخدم المزيد من المواطنين هذه التقنيات.

وكشف التقرير، أن الرقمنة الكاملة للاقتصاد يمكن أن ترفع نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بنسبة لا تقل عن 46% على مدى 30 عاماً، أو من حيث القيمة الدولارية لمكاسب طويلة الأجل لا تقل عن 1.6 تريليون دولار.

تحركات البنك المركزي

يأتي هذا في ظل مستهدفات رقمية طموحة للدولة المصرية، وطفرة كبيرة شهدتها سوق المدفوعات الإلكترونية في مصر خلال السنوات الأخيرة، بقيادة البنك المركزى المصرى الذي قاد ثورة التحول الرقمى في القطاع المصرفى بشكل خاص، وفى سوق الدفع الرقمى بشكل عام.

البنك المركزي المصري
البنك المركزي المصري

رحلة بدأت منذ عام 2014 مع إطلاق المركزى إستراتيجية المدفوعات الرقمية، ومتوقع أن تستمر لسنوات طويلة في عالم أصبح سريع التطور والتغير بفعل التكنولوجيا المتقدمة والابتكارات المتعاقبة، ما دفع البنك إلى التركيز على عملية التحول للاقتصاد الرقمى وتعزيز الشمول المالى.

«المركزى» نجح منذ البداية في العمل على تهيئة البنية التحتية التكنولوجية والتشريعية للبنوك ومقدمى خدمات الدفع، عبر تخصيصه بابًا كاملًا في قانون البنوك الجديد الذي صدر رسميًا سبتمبر 2020، لخلق بيئة عمل مناسبة لهذه الكيانات.

عام 2023 شهد إصدار العديد من الضوابط الخاصة بعملية التحول الرقمي، إذ أعلن البنك المركزى اعتماد القواعد المنظمة لخدمات ترميز بطاقات الدفع على تطبيقات الأجهزة الإلكترونية، بما يتيح إجراء معاملات الدفع اللا تلامسية باستخدام التطبيقات عبر هذه الأجهزة.

كما أعلن «المركزى» أيضًا عن تدشين شركة الهوية المالية الرقمية، وإضافة خدمات جديدة لأول مرة على شبكة المدفوعات اللحظية وتطبيق «إنستا باى»، إضافة إلى إصدار قواعد ترخيص البنوك الرقمية والرقابة والإشراف عليها، بما يمهد لمرحلة جديدة من التحول الرقمى.

واستمرارًا لهذه الجهود، تعتزم الدولة إطلاق عملة رقمية صادرة عن البنك المركزي المصري ممثلة في الجنيه الرقمي بحلول 2030 لتعزيز تنافسية العملة الوطنية وزيادة كفاءة السياسة النقدية، والعمل على استغلال الفرص التي يتيحها التحول الرقمي على صعيد مواصلة تطوير القطاع المالي المصري وزيادة مستويات كفاءة السياسة النقدية.

وبحسب ما جاء في الوثيقة صادرة من مجلس الوزراء بشأن “ملامح التوجهات الاستراتيجية للاقتصادِ المصري خلال الفترةِ 2024- 2030″، يسعى البنك المركزي المصري إلى تطوير القطاع المالي المصري واستغلال الفرص التي يتيحها التحول الرقمي لرفع نسبة الشمول المالي إلى 100% بحلول 2030 ممثلة في الخدمات المالية ونظم الدفع الرقمي.

عدد المحافظ المالية

كما تخطط مصر لرفع عدد المحافظ المالية الرقمية إلى نحو 80 مليون محفظة رقمية بحلول 2030 لدعم النمو الاقتصادي الاحتوائي، مقابل نحو 36 مليون محفظة بنهاية سبتمبر الماضي، وفق آخر بيانات للبنك المركزي.

على الجانب الآخر، تعمل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على قدم وساق للتوسع في عملية التحول الرقمي وبناء مصر الرقمية، والتي كانت أخر جهودها مذكرة التفاهم التي وقعتها الوزارة مع وزارة الاستثمار الإماراتية، بهدف وضع إطار شامل للتعاون الاستثماري في مجال البنية التحتية الرقمية، وخاصة في مشاريع مراكز البيانات في مصر.

ويمكن لمراكز البيانات التي سيتم تطويرها بموجب هذه الاتفاقية أن تصل قدرتها التشغيلية الإجمالية إلى 1000 ميغاوات، حيث يعود الطلب المتزايد على مراكز البيانات في مصر إلى استراتيجية “مصر الرقمية”، وهي خطة راسخة وشاملة لتعزيز الاقتصاد الرقمي من خلال تطوير الرقمنة عبر الصناعات الإقليمية الرئيسية.

وتهدف الاستراتيجية الرقمية أيضاً إلى تبسيط عملية الوصول إلى الخدمات الحكومية في مصر، وتوسيع البنية التحتية الرقمية لضمان الوصول إلى الإنترنت على نطاق واسع، وتعزيز ريادة الأعمال والابتكار الرقمي.

رامي أبو النجا
رامي أبو النجا

رامى أبوالنجا، نائب محافظ البنك المركزى المصرى، قال إن التكنولوجيا المالية وما تشهده من طفرة كبيرة، تنعكس آثارها على مختلف مناحى الحياة، وتحفز الجميع لمواصلة الجهود وملاحقة التغيرات المتعاقبة في هذا المجال المهم، تحقيقًا لرؤية مصر2030.

أبوالنجا أكد حرص «المركزى» على مواكبة كل ما هو جديد في التكنولوجيا المالية، باعتبارها ضرورة يفرضها التزام البنك بتحقيق أهدافه للحفاظ على الاستقرار النقدى وتعزيز الشمول المالى، وذلك عبر رؤية تقوم على دعم إطلاق المزيد من تطبيقات التكنولوجيا المالية المبتكرة وإتاحتها للعملاء للاستفادة منها، على النحو الذي يسهم في تحقيق التحول الرقمى المستهدف، والدفع بجهود الوصول للتنمية المستدامة.

تحفيز التكنولوجيا المالية

أوضح أنه في ضوء هذه الرؤية، عمل البنك المركزى على دعم وتحفيز التكنولوجيا المالية في القطاع المصرفى والمالى، وأطلق إستراتيجية واعدة للتكنولوجيا المالية والابتكار تستهدف تحويل مصر لمركز إقليمى لصناعة التكنولوجيا المالية في أفريقيا والشرق الأوسط.

هذه الإستراتيجية ساهمت في تضاعف عدد الشركات العاملة في الصناعة 5 مرات من 32 شركة عام 2017 إلى 177 كيانا في 2022 جذبت ما يقارب 800 مليون دولار خلال العام الماضى.

يأتى هذا بالتوازى مع تهيئة البيئة التشريعية والتنظيمية لدعم وتحفيز التحول الرقمى، من خلال تخصيص فصل كامل لتشريعات نظم وخدمات الدفع الإلكترونية والتكنولوجيا المالية بقانون البنك المركزى والقطاع المصرفى رقم 194 لسنة 2020، وفق أبوالنجا.

جهود البنك المركزى المصرى امتدت لتحفيز التحول إلى البنوك الرقمية، عبر إصداره قواعد ترخيص وتسجيل هذه المصارف والرقابة والإشراف عليها، والتى تمهد لظهور جيل جديد من الخدمات المصرفية الرقمية داخل السوق المصرية، تقدمها البنوك لعملائها بشكل رقمى بالكامل دون الحاجة لوجود فروع، ما يعزز قدرة هذه البنوك على الوصول إلى المزيد من العملاء، كما عمل «المركزى» على التعاون مع الهيئة العامة للرقابة المالية لإصدار قانون تنظيم أنشطة التمويل البديل.

ولفت أبوالنجا إلى أن البنك المركزى نجح في إطلاق منظومة ميزة ديجتال لمحافظ الهاتف المحمول عام 2017 ليصل عدد المحافظ إلى أكثر من 36 مليون محفظة، وكذلك منظومة الدفع الوطنية للبطاقات «ميزة» في ديسمبر 2018، والتى ساهمت في زيادة أعداد كروت الدفع الإلكترونية إلى أكثر من 62 مليون بطاقة.

ونوه بأن إطلاق المنظومة الوطنية للمدفوعات اللحظية وتطبيق «إنستا باى» في مارس 2022 لتصبح من أهم دعائم البنية التحتية للخدمات المالية الرقمية والتى يستند إليها البنك المركزى في التحول لمجتمع أقل اعتمادًا على أوراق النقد، إذ بلغ عدد عملاء التطبيق أكثر من 6.2 مليون عميل، وأسفرت جهود البنك لتحفيز التوسع في وسائل الدفع الإلكترونى عن زيادة أعداد نقاط البيع الإلكترونية إلى أكثر من 1.2 مليون نقطة بيع وأعداد ماكينات الصراف الآلى إلى أكثر من 23 ألف ماكينة.

نائب المحافظ أشار إلى القواعد المنظمة لخدمات ترميز البطاقات على تطبيقات الأجهزة الإلكترونية التي أطلقها البنك المركزى في فبراير 2023، والذى بدوره سيسمح بتفعيل خدمات العديد من الشركات الدولية مثل (أبل باى وسامسونج باى وغيرها) وكذا شركات التكنولوجيا المالية، ما يؤدى بدوره لخلق فرص هائلة في تقديم حلول مبتكرة تتوافق مع متطلبات العملاء.

المشروعات المستقبلية

وحول المشروعات المستقبلية، قال «أبوالنجا» إن جهود «المركزى» لتطوير البنية التحتية للخدمات المالية الرقمية امتدت لتشمل العديد من المشروعات الواعدة التي يعمل عليها البنك حاليًا، وفى مقدمتها مشروع التعرف على هوية العملاء إلكترونيًا (EKYC) والتى ستمكن العملاء من فتح الحسابات والتصديق على المعاملات إلكترونيًا، ما يسهم بصورة كبيرة في تحقيق الشمول المالى وتهيئة البنية التحتية المتطورة للشركات مقدمى خدمات الدفع الإلكترونية (PSP’s) والتى ستساعدهم في تقديم الخدمات المبتكرة المتطورة للعملاء.

أضاف أن البنك يولى أهمية متزايدة بالأمن السيبرانى من خلال تبنى رؤية متكاملة لتعزيز قدرة البنية التحتية المصرفية وتوفير بيئة إلكترونية آمنة تستوعب خطط الدولة للتحول الرقمى، لذا أنشأ «المركزى» قطاعا مستقلا للأمن السيبراني، يحتوى على أول مركز قطاعى للاستجابة والتنبؤ المبكر لطوارئ الحاسب الآلى في القطاع المالي، وإصدار أول إطار تنظيمى للأمن السيبرانى، ترتكز عليه البنوك والمؤسسات المالية في إجراء تقييم ذاتى لمستوى الجاهزية السيبرانية، ومدى توافر الضوابط والمعايير الأمنية الكافية.

نائب محافظ البنك المركزى المصرى أوضح كذلك أن التطور الذي تشهده التكنولوجيا المالية والتطبيقات المبتكرة للدفع الإلكتروني، تنعكس إيجابيًا على الشمول المالي، وتعزز فرص نمو المشروعات الناشئة ومتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال، إذ أصدر البنك حزمة من المبادرات والإجراءات لدعم ومساندة هذه الفئة من المشروعات وتيسير إجراءات حصولها على التمويل، ما أدى إلى تحقيق طفرة في حجم التمويلات الموجهة من القطاع المصرفى لهذه المشروعات بمعدل نمو بلغ 350% في الفترة من يناير 2016 وحتى يونيو 2023.

وفي السياق نفسه، قال أحمد عابدين، مؤسس شركة الجمعية للتكنولوجيا المالية، إن خطوة اللجوء إلى الرقمنة الكاملة للمعاملات المالية قادمة لا محالة، وستكون حلاً مهمًا للاقتصاد بالطبع، ولكن ربما تحتاج إلى وقت من أجل الوصول إليها، ولكي نصل إلى طريق تنفيذ هذا الهدف نحتاج إلى العديد من الآليات والأدوات.

منتجات مالية رقمية

أشار إلى أن هذه الأدوات تبدأ من توفير منتجات مالية رقمية تناسب كل فئات المجتمع، مضيفًا “نحن في شركة الجمعية نوفر منتجات تناسب 16 مليون مواطن يحتاجون إلى عمل الجمعيات التي توفر لهم سيولة مالية، فقمنا برقمنتها، وفي العام الماضي حققنا نموا في حجم الأعمال يصل إلى 300%، ونخدم حوالي 300 ألف عميل، وعلى جانب آخر سنجد أن هناك شركات تخدم فئة المزارعين وتوفر لهم منتجات مالية رقمية، مثلما تفعل شركة مُزارع وغيرها من الشركات”.

شدد على أهمية توفير منتجات أخرى لكل شرائح المجتمع المختلفة، مثل توفير منتج رقمي للدفع في المواصلات العامة، وتوفير بيئة تشريعية ملائمة تسهل عمل الشركات العاملة في تلك القطاعات، وتأهيل البنية التحتية للدولة لكي تتحمل كل تكل المنتجات.

نوه “عابدين” بأن التوجه إلى الرقمنة الكاملة للمعاملات المالية يحتاج إلى دعم من الدولة والحكومة للشركات الناشئة، فعلى سبيل المثال السحابة خارج مصر غير مسموح بها وتضطر الشركات إلى بنائها في مصر وتكون تكلفتها عالية، ولكن يؤكد أن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تعمل على حل هذا الأمر.

قال إنه على الدولة البدء في تهيئة البيئة والبنية التحتية من أجل الانطلاق بشكل أكبر لرقمنة المعاملات المالية، حيث إنها ستحقق فوائد عظيمة على الاقتصاد، منها السيطرة على حركة الأموال، بجانب جذب استثمارات أجنبية كبيرة يمكن أن تصل إلى 100 مليار دولار خلال السنوات القادمة، حيث إن السوق المصرية كبيرة، ويمكن أن تحقق ذلك، مع توجه فئات كبيرة إلى المعاملات المالية الرقمية.

طارق متولي
طارق متولي

من جانبه قال طارق متولى الخبير المصرفى ونائب رئيس بنك بلوم السابق، أن الإتجاه بقوة نحو خطط التحول الرقمى، لتحقيق أهداف الشمول المالى للدولة أصبح ضرورة، ومطلب رئيسي لضبط أليات السوق خاصة في ظل هذه الظروف التي تشهد نتائج لتداعيات عالمية سلبية، وتؤثر بشكل سلبي على حركة الأموال داخل الأسواق ، منوها إلى ضرورة أن تضاعف البنوك استثماراتها فى البنية التكنولوجيا التحتية التكنولوجية خلال السنوات المقبلة، وأن تعمل على توفير منتجات مالية أكثر فعالية للعملاء من تداول النقد خاصة مع بدء تدشين البنوك الرقمية في مصر ودخول القطاع لمساحة عمل جديدة.

وأكد على أن البنوك المصرية تبنت العديد من الخطوات للرقمنة المالية خلال الفترة المقبلة لكنها تحتاج لمذيد من المجهودات في ظل هذا التطور المتلاحق وفي ظل حاجة الدولة لرقمنة كافة التعاملات المالية، منوها إلى الشركات المالية غير المصرفية نمت بشكل كبير خلال الفترة الماضية وأصبح هناك فرصة من أى وقت مضى للتكامل وتعزيز توجهات الدولة في عملية الشمول المالي.

مراقبة حركة الأموال

ولفت طارق متولي، إلى إن تداول العملة المصرية بهذا الحجم مع ارتفاع مستويات التضخم له تكاليف على البنوك وأيضا الاقتصاد المصرى بشكل كامل، منوها إلى أن معظم الدول أصبحت تتعامل إلكترونيا بشكل كامل في المعاملات البنكية أو المعاملات المالية المتصلة بخدمات القطاعات الاقتصادية، وهو مايجعل للدولة أداة قوية في مراقبة حركة الأموال وأيضا يعزز من تطوير البنوك لخدماتها بما يتضمن تسهيل كافة المعاملات والقضاء على الإجراءات المعقدة والروتين.

ومن جانبه قال علاء أبو المجد، خبير التكنولوجيا المالية والتحول الرقمي، إن البنك المركزي المصري قام بخطوات هامة للسير في طريق رقمنة المعاملات المالية، ومنها إطلاق تطبيق إنستاباي والشبكة الوطنية للمدفوعات، فهي بداية طريق طويل لعصر البنوك الرقمية، ويجب البناء على ذلك داخل المنظومة، بإضافة معاملات المحافظ الإلكترونية.

علاء أبو المجد
علاء أبو المجد

وأضاف أنه لا شك أن هناك جهود كبيرة من البنك المركزي في تعزيز الشمول المالي، ونحتاج إلى توعية وتثقيف الناس بأهمية التعامل بنكيا أولا ثم بالمدفوعات الرقمية، وتقديم منتجات أكثر يمكن أن تفيد كل شرائح المجتمع بداية من المزارع والمرأة الأمية، كما أن البنك المركزي استطاع بناء بنية تحتية جيدة تمكنه من تقديم منتجات مختلفة تواكب احتياجات الناس.

وشدد علاء أبو المجد على أهمية أن يقوم كل بنك بدوره في إتاحة المنتجات المختلفة، بداية من التشجيع على فتح حسابات بنكية، وقد سهل البنك المركزي ذلك، كما أن كارت ميزة المدفوع مسبقا خطوة هامة، وهو متاح لكل شرائح المجتمع، ونحتاج إلى قيام البنوك بتوفيره بشكل أكبر ليكون بديلا عن التعامل بالكاش، ويستطيع كل فرد الشراء والدفع من خلاله، فهو منتج قوي وسيساعد في وجود مجتمع لا نقدي.

وأشاد بتوجه الدولة والبنك المركزي المصري الخاص بإطلاق الجنيه الرقمي، بحلول عام 2030، مما يسهم بشكل كبير في التحول إلى رقمنة المعاملات المالية.