Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

الطريق إلى 9 مليارات دولار.. هل تقود خدمات التعهيد صادرات مصر الرقمية لمستوى قياسي جديد؟

اعتمدت مصر، لفترة طويلة من تاريخها الحديث، على تحقيق معظم دخلها القومي من الإيرادات الزراعية والصناعية، إلى جانب السياحة، والنقل ممثلا في مجرى قناة السويس، قبل أن تشرع مصر في رحلتها لتقديم خدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لتنجح في أن تكون واحدة من أسرع الوجهات نموا في العالم في أقل من عقدين، لتصل صادرات مصر الرقمية إلى 4.9 مليار دولار خلال السنة المالية 2021/2022، ومؤشرات أولية تشير إلى وصولها لنحو 5.5 مليار دولار خلال العام المالي الماضي، بقيادة مجال التعهيد والذي يختص بأداء الخدمات لصالح شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات خارج الحدود.

وحقق قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر نموا سنويا يتراوح بين 15% إلى 17.5%، ليصبح أعلى قطاعات الدولة نموا خلال السنوات الخمس الماضية، وقد ارتفعت نسبة مساهمة القطاع في الناتج القومي الإجمالي من 3.2% خلال العام المالي 2018/2019 إلى أكثر من 5% خلال العام المالي 2022/2023، كما تستهدف الدولة الوصول إلى 8% خلال الأعوام القليلة القادمة، وهي النسبة التي تحققها الدول الرائدة في هذا القطاع.

هذه الأرقام عززت من ثقة الحكومة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، كأحد القطاعات الرئيسية التي تراهن عليها الدولة المصرية لزيادة عوائد الدولة الدولارية خلال الفترة المقبلة، مما دفع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، للإعلان مؤخرا عن هدف الدولة زيادة عائدات خدمات التعهيد الدولارية بنسبة 10% سنويا خلال الفترة المقبلة، لتصل عائدات مصر الرقمية إلى 9 مليار دولار بنهاية 2026، وذلك كأحد المحاور الرئيسية التي تستهدف منها الدولة زيادة مدخلاتها من العملة الصعبة، في ظل التداعيات الاقتصادية العالمية التي قلصت من حركة رؤوس الأموال وهروب الأموال الساخنة من الدول الناشئة.

وتمثل خدمات التعهيد حاليا نصف صادرات مصر الرقمية تقريبا، بقيمة تتخطى الـ 2.5 مليار دولار، وتحتل مصر المركز الأول في الشرق الأوسط وأفريقيا، والمركز الـ 15 عالميا، في خدمات التعهيد، وفقا لأحدث تقرير لمؤشر كيرن لمواقع الخدمات العالمية، والذي يضم 60 دولة على مستوى العالم، تم اختيارها على أساس حجم المدخلات وأنشطة الخدمات عن بعد والمبادرات الحكومية لتنمية قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

توقيع اتفاقيات

وتسعى وزارة الاتصالات لمضاعفة أرقام خدمات التعهيد خلال الفترة المقبلة عبر إجراء المزيد من الشراكات والاتفاقيات مع اللاعبين الرئيسين في الصناعة ، وشكل الاتفاق الأخير بين هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “ايتيدا”، و29 شركة عالمية،  لإقامة 35 مركز تعهيد جديدًا أو التوسع في مصر، من بينها شركات متقدمة في هذا المجال بالولايات المتحدة وباكستان والهند كـ “مايكروسوفت وفودافون وIBM وديل تكنولوجيز وأمازون وماجد الفطيم وهانيويل، وبيبسيكو وغيرهم”.، في شهادة كبرى من مجتمعات الأعمال للسوق المصرية، وبما ساهم في تحقيق 15 ألف فرصة عمل منذ توقيع الاتفاقيات وحتى الآن، وذلك من إجمالي 34 ألف فرصة عمل توفرها تلك الاتفاقيات خلال 3 سنوات، مع صادرات بقيمة مليار دولار سنويًّا.

فهل تنجح مصر في مستهدف الـ 9 مليارات دولار بقيادة خدمات التعهيد، وماهي المقومات المطلوبة لتعزيز سياسات الدولة في هذا الاتجاه في ظل التطورات التي لحقت بصناعة التعهيد على مستوى حجم السوق ،والتقنيات املتقدمة ومحركات الصناعة،وأيضا التحديات والسياسات التنظيمية ؟

بحسب هارفارد بيزنس ريفيو، التعهيد (Outsourcing) ، هو أي اتفاق بين طرفين يقوم بموجبه الطرف الثاني بأي أنشطة (تصنيع منتجات – تقديم خدمات) للطرف الأول يمكن أن يقوم بها بنفسه، وأصبح التعهيد رسميا من الاستراتيجيات التي تلجأ إليها الشركات منذ العام 1989، وتلجأ الشركات إلى التعهيد لعدة أسباب من أبرزها: خفض التكاليف والوقت والمخاطر وتحسين الجودة من خلال التركيز على الأنشطة الرئيسية والحصول على خبرات ومعارف لا تتوفر في السوق المحلي وإدارة الموارد للاستخدام الأمثل.

جذب العملة الصعبة

سعيد رياض، نائب رئيس شعبة التعهيد بجمعية اتصال، قال أن تحرك الدولة خلال الفترة الماضية لتعزيز صناعة التعهيد ، عزز بايجابية من مؤشرات ونمو القطاع خاصة وأن التحركات شملت توقيع اتفاقيات وشراكات مع العديد من اللاعبين الرئيسين سواء المتواجدين في السوق المصرية أو استقطاب شركات عالمية جديدة، مما خلق حالة من الزخم حول أهمية القطاع كونه عنصر حاسم في جذب العملة الصعبة والبناء عليه كمرتكز رئيسي لهوية مصر التكنولوجية في ظل المتغيرات العالمية الحالية.

سعيد رياض
سعيد رياض

وألمح إلى أن هناك نحو 15 شركة عالمية تخطط للاستثمار في مصر سواء من خلال شراكات مع شركات محلية أو الاستثمار بشكل مباشر، حيث نرصد هذه التوجهات في بيانات العديد من الشركات العالمية، وأيضا عبر اتفاقيات مباشرة مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من خلال الزيارات الأخيرة لوزير الاتصالات لعدد من الدول، أو عبر استضافة الشركات هنا في العديد من المحافل واللقاءات.

وأكد سعيد رياض، على أن انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار خلال العام الأخير رفع تنافسية خدمات التعهيد من مصر في الأسواق العالمية، حيث يوفر منتج عالي الجودة بسعر منخفض، مشيرا إلى أن فرق العملة المحلية مع العملات الأجنبية جذب العملاء في أوروبا والولايات المتحدة الامريكية للتوسع في الاعتماد على خدمات التعهيد من مصر، فضلا عن جذب الشركات الأجنبية للتوسع في مصر، مما سيوفر آلاف فرص العمل من خلال توسع الشركات الحالية أو فتح شركات عالمية جديدة في مصر.

وجهة مفضلة

وأكد على أن مصر ستعد أحد الوجهات المفضلة للعديد من العملاء خاصة في القارة الأوروبية وذلك في ظل الارتفاعات الكبيرة التي طالت أسعار الطاقة ومستويات التضخم مما يجعل خدمات التعهيد خيارا رئيسيا لخطط الشركات خاصة العاملة في مجالات صناعة الطيران والنقل والرعاية الصحية ، منوها إلى ضرورة تعزيز المقومات التنافسية للدولة المصرية في هذه الصناعة على مستوى الأسعار وتوفير الكوادر البشرية المؤهلة التي نحتاج لمضاعفتها كمرتكز رئيسي لتحقيق الاستراتيجية الموضوعة من جانب الدولة .

وشدد رياض على أهمية تطوير العنصر البشري لخدمات التعهيد المختلفة التي يتطلبها السوق العالمي لتحقيق مستهدف الـ 9 مليارات دولار ، وذلك في ظل تراجع معدل الطلب على الخدمات الصوتية التقليدية في هذا القطاع، مثل التعامل مع منصات التواصل الاجتماعي والتسويق الرقمي وغيرها من خدمات.

ونوه إلى أن نحو 90% من الشركات العاملة بالتعهيد في مصر لديها عملاء تقدم لهم خدمات غير صوتية من خلال التطبيقات المختلفة والمنصات، مؤكدا على ضرورة مواصلة تطوير البنية التحتية التكنولوجية للخدمات غير الصوتية ، وذلك من خلال توفير حلول رقمية لإتاحة الخدمات المختلفة التي يطلبها السوق حاليًا.

وفيما يخص تطوير العنصر البشري كمرتكز رئيسي لصناعة التعهيد ، شدد رياض على أهمية تطوير اللغة الأجنبية في المقام الأول، فضلا عن تطوير مهارات التعامل مع منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، وسرعة الكتابة على الكمبيوتر باللغتين العربية والإنجليزية، وطرق إعداد التقارير والإحصائيات التي تطلبها الشركات.

وذكر سعيد رياض إلى أن الشركات المقدمة لخدمات التعهيد تحصل على رد أعباء تصدير وهذه النسبة تستهدف رفع تنافسية الخدمة في السوق العالمية، كما سرعت من وتيرة الأعمال والتوسع الخارجي خلال السنوات الأخيرة، مشددا على ضرورة التوسع الجغرافي للشركات المقدمة لخدمات التعهيد في مصر ولا تقتصر على القاهرة بل تشمل محافظات الإسكندرية وبني سويف وأسيوط والدلتا وغيرها للاستفادة من الكوادر الشابة والعمل على تطويرها.

ولفت سعيد رياض، إلى أن التوسع الجغرافي للشركات بمحافظات مصر يفتح فرص أكبر للتوظيف، كما يسهم في زيادة المنافسة وتطوير الكوادر وتقليل تكلفة الهجرة الداخلية، هذا بالإضافة إلى التقليل من شدة المنافسة بين الشركات على الكوادر البشرية المدربة في العاصمة.

المهندس أحمد رفقي

خدمات متطورة

أحمد رفقي خبير صناعة التعهيد، أشار إلى أن خطة مضاعفة صادرات خدمات التعهيد تتطلب بشكل حاسم مراعاة الطلب المتنامي على نوعيات متطورة من خدمات التعهيد التي تشهد طلبا كبيرا على المستوى العالمي، مما يعزز من قدرات الدولة المصرية على أن تكون منافسا قويا في مجالات خدمات مراكز الاتصال الدولية  وخدمات تكنولوجيا المعلومات ، ومراكز البحوث ، والبرامج المدمجة والتصميم الإلكتروني، بالإضافة إلى انها اختبار ناجح للحوافز الحكومية المقدمة في هذا الإطار واستراتيجية صناعة التعهيد (2022-2026) .

يذكر انه تم إعلان استراتيجية صناعة التعهيد في فبراير 2022، والتي تستهدف زيادة حجم الصادرات من منتجات تكنولوجيا المعلومات والخدمات العابرة للحدود بنحو ثلاثة أضعاف وخلق أكثر من 215 ألف فرصة عمل، وتشمل عددا من الحوافز والبرامج المصممة خصيصا من منظور المستثمر لكي تلائم تطلعات الصناعة، وتستهدف في مضمونها تحسين القدرة التنافسية للتكلفة الإجمالية لصناعة التعهيد في الدولة المصرية مقارنة بالدول المنافسة، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية، ودعم التوسع في الاستثمارات الموجودة بالفعل، إلى جانب احتوائها على برامج ومبادرات نوعية لصقل مهارات الشباب والعاملين بصناعة التعهيد بما يضمن بناء قدرات وكفاءات على مستوى مهنى يواكب متطلبات سوق العمل الدولى.

وتركز استراتيجية مصر الرقمية للخدمات العابرة للحدود 2022/2026 على 8 قطاعات رئيسية، هي مراكز الاتصال، والتصميم والتصنيع باستخدام الحاسب الآلي (CAD/CAM)، والبرمجيات المدمجة، وخدمات الشركات، والاختبار، والخدمات المصرفية والتأمين والخدمات المالية (BFSI)، وخدمات التقنيات العالية.

وأشار رفقي إلى ضرورة استكمال تطوير البنية التكنولوجية مع الاهتمام بالكوادر البشرية وتدريبهم وتأهيلهم علي اعلي مستوي طبقاً للمعايير العالمية في مجال التعهيد وخدمة العملاء، مؤكدا على أن مصر تمتلك المقومات اللازمة لمضاعفة حجم صادرات صناعة التعهيد خلال الفترة المقبلة والحفاظ على مكتسبات الفترة الماضية في هذه الصناعة.

وأكد على أن النمو الهائل في الصناعة يحتاج لزيادة أعداد العمالة المتخصصة في الصناعة وتأهليها، واستمرار الدعم الحكومي والذي يشمل التشريعات والحوافز الاستثمارية، وأيضا الحفاظ على التكاليف منخفضة لتحييد هذا العنصر في ظل الارتفاعات المتكررة في التكلفة التي شهدتها الصناعة خلال الفترة الماضية تأثرا بالتداعيات الاقتصادية الحالية.

تغيير الصورة الذهنية

وقال أحمد رفقي ، أنه من الضروري أيضا العمل على تغيير الصورة الذهنية في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي حول الصناعة، لخلق حالة وعى إجتماعي بأهمية هذه الصناعة وعدم تصدير صورة سيئة لها في الرسائل الإعلامية الموجهة، بكونها مجرد ” كول سنتر” حيث أن خدمات التعهيد لم تعد قاصرة علي الرد علي المكالمات التليفونية لمختلف العملاء وأنها تمثل فرصة عمل مؤقتة ، فهي إلى جانب مساهمتها في توفير فرص عمل للشباب وتأهيله للحصول علي درجات وظيفية أعلي او حتي الحصول علي فرص عمل اخري متطورة داخل قطاع تكنولوجيا المعلومات ، فهي أيضا تشهد تطورا كبيرا على مستوى الخدمات التي أشرت إليها.

من جانبه أكد الدكتور محمد عيسى رئيس شركة اتصال الدولية، على أهمية ربط المناهج التعليمة في الجامعات بمتطلبات سوق التعهيد وتدريس مواد خدمة العملاء والمهارات المطلوبة لمنصات التواصل الاجتماعي في الجامعات والمدارس التكنولوجية المتخصصة، مقترحا إنشاء أكاديميات متخصصة لتأهيل الشباب لمتطلبات سوق العمل في خدمات التعهيد، بما يوفر كادر منافس عالميًا ويضمن استدامة نمو الصناعة في مصر خاصة مع التقديرات التي تشير إلى أن حجم السوق العالمية على الخدمات العابرة للحدود بلغت نحو 540 مليار دولار وبنسبة نمو سنوي 9% حتى عام 2026.

الدكتور محمد عيسي
الدكتور محمد عيسي

وأشار إلى إن وضع الدولة الحالي في صناعة التعهيد ومخرجات التوسع في عملية التحول الرقمي الحالية تجعلها في وضع مثالي للاستفادة من اتجاهات التعهيد المستقبلية من خلال الاستفادة من نقاط قوتها، مشيرا إلى أن نشاط خدمات التعهيد سيساهم بقوة في توفير العملة الصعبة وعلى رأسها الدولار الأمريكي وإتاحة الآلآف من فرص العمل، إلى جانب المساهمة فى الناتج المحلي للدولة بمليارات الدولارات.

فرص كبيرة

ونوه الدكتور محمد عيسى إلى أنه توجد فرص كبيرة لشركات التعهيد في مصر رغم الظروف والتداعيات الاقتصادية الحالية ، خاصة تلك الشركات التى تتبنى خطط متكاملة للتطوير والتدريب والاعتماد على البرمجيات الحديثة، مشيرا إلى أن الظروف الحالية والتوترات الجيوسياسية وقبلها عمليات الإغلاق التي أعقبت جائحة كورونا أكدت أهمية صناعة التعهيد والدور الذى تلعبه في الاقتصاديات الحديثة.

ولفت أن هناك نمو وتنامي في الطلب على خدمات التعهيد على مستوى الدول وأيضا على مستوى نوعي من القطاعات الاقتصادية الرئيسية كقطاعات الخدمات المالية غير المصرفية والسياحة والرعاية الصحية لافتا إلى أن الشركات المصرية تركز بشكل رئيسي على منطقة الخليج لحجم الطلب الكبير منها على هذه النوعية من الخدمات، ولديها فرصة حاليا في زيادة نسب اختراثها للسوق الأوروبي والأمريكي كونهما من أهم الأسواق الجاذبة للشركات العاملة في هذه الصناعة وامتلاكهم لثقافة مؤسسية تتبني خدمات التعهيد كخيار رئيسي للأعمال.

وشدد  الدكتور محمد عيسى، على أن الدولة المصرية لديها أكبر ميزة تنافسية تحتاجها هذه الصناعة، حيث تمتلك الموارد البشرية القادرة على تقديم خدمات التعهيد بكفاءة عالية، إلا أنها تحتاج لمذيد من الجهود لتخريج أجيال من الشباب الجدد في ظل قدرتها على كسر حاجز الـ 10 مليار إيرادات سنويًا من جراء تقديم خدمات التعهيد والخدمات العابرة للحدود.

وتعمل وزارة الاتصالات على تكثيف عمليات تدريب الشباب فى العديد من تخصصات التكنولوجيا، فضلا عن إطلاق العديد من المبادرات بهذا الشأن، سواء عبر مبادرة «مستقبلنا رقمى» ونشر مراكز الإبداع بالمحافظات لدعم أفكار الشباب وتطويرها لمساعدتهم على إنشاء شركات ناشئة، بالإضافة إلى تدريب الشباب للعمل بمركز التعهيد وتصدير الخدمات التكنولوجية. وقد تم رفع ميزانية تدريب الشباب فى الوزارة 50 ضعفا منذ ثلاث سنوات، حيث كان يتم تدريب 4 آلاف شاب سنويا بقيمة 50 مليون جنيه، وحاليا يتم تدريب 200 ألف شاب وفتاة سنويا بقيمة مليار و100 مليون جنيه.

وذكر الدكتور محمد عيسي، على أهمية ضرورة العمل علي تطوير صناعة التعهيد بالشكل الأمثل والترويج لها في العديد من الأسواق العالمية المستهدفة ورفع مهارات الكوادر البشرية داخل الشركات، وصياغة ورقة عمل للصناعة بشراكة مستدامة بين الحكومة والقطاع الخاص ، حيث يمكن لصناعة التعهيد أن تكون مصدر للعملة الصعبة يفوق السياحة في حالة دعم مرتكزاتها، مشيرا إلى توقعاته أن يشهد سوق خدمات التعهيد فى مصر نموا ملحوظا خلال الأعوام الثلاثة المقبلة نظرا  لوجود اسعار تنافسية يقدمها السوق المصرية.

مقومات شبابية

ووفقا لتقارير دولية ، تتميز مصر بقوتها البشرية الشابة، فأعمار 50% تقريبا من عدد سكانها، الذي يزيد عن 100 مليون نسمة، ومصر هي الدولة الثالثة من حيث عدد السكان في أفريقيا التي تتميز بالنمو السريع في نسبة مواطنيها الشباب، وهي موطن لأكثر من 50 جامعة و100 معهد، ويبلغ حجم خريجي الجامعات المصرية سنويا نصف مليون شخص تقريبا، من بينهم 330 ألف لديهم المهارات اللازمة لتقديم خدمات عمليات الأعمال، وتقدم مصر سنويا نحو 50 ألف شاب وفتاة من ذوي المهارات المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات إلى سوق العمل.

بالإضافة إلى ذلك، فإن متوسط رواتب المتخصصين المصريين يبلغ 7500 دولارا تقريبا سنويا، وهو أقل بكثير من متوسط الرواتب في الدول التي تسيطر على صناعة التعهيد في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عالميا، إذ يبلغ المتوسط 18500 دولار في جنوب أفريقيا، و20500 ألفا في بلغاريا، و24 ألفا في رومانيا، و25 ألفا في هولندا، و27500 في المجر، و32 ألفا في جمهورية التشيك.

كما تتميز مصر بطيف واسع من القوى العاملة التي تملك مهارات لغوية أجنبية متنوعة، حيث يمتلك 90 ألف خريج سنويا مهارات اللغة الإنجليزية، ويمتلك 5400 خريج سنويا مهارات اللغة الفرنسية، ويمتلك 3000 خريج سنويا مهارات اللغة الألمانية، مع مهارات لغوية أوروبية أخرى، وقد نجح المصريون بالفعل في تقديم خدماتهم بأكثر من 20 لغة في أكثر من 100 دولة عالميا.

وتلبي هذه المواهب متعددة اللغات حاجة الأسواق الخارجية التي تعاني من عدم كفاية الموارد البشرية، ومن هذا المنطلق، تعد مصر سوقا جذابة، وهو السبب الرئيسي وراء اختيار فودافون مصر لاستضافة مركزها العالمي المتميز في مجال التكنولوجيا.

و أكدت فودافون مصر، في أكثر من مناسبة، على الدور المحوري لمواهبها من المصريين في تنفيذ أتمتة العمليات الروبوتية Robotic Process Automation (RPA)، والتي يتم تصديرها لمشغليها الآخرين حول العالم، وهي المواهب التي يكتمل تميزها بتقديم خدمات عالية الجودة بتكلفة وأسعار تنافسية للغاية.

تقدم مصر تكلفة تشغيل تنافسية للغاية لكل توظيف على مستوى الفرد، دون المساس بجودة الخدمات المقدمة، حيث يوفر توظيف المواهب المصرية أكثر من 60% مقارنة بتكلفة التوظيف في الأسواق الأوروبية، بما في ذلك دول أوروبا الشرقية.

الموقع الجغرافي

وتطرقت التقارير إلى المزايا التي تتمتع بها مصر في مجال التعهيد، والذي يختص بأداء الخدمات لصالح شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات خارج الحدود؛ نظرًا لموقع مصر الجغرافي الفريد بين الشرق والغرب، وهو ما ساعد على نمو تلك الصناعة بمصر ولفت أنظار الشركات الكبرى،خاصة أن هناك جهودًا جارية للاستفادة من موقع مصر الجغرافي أيضًا، كمعبر للبيانات بين الشرق إلى الغرب والعكس، حيث دخلت مصر في تحالفات دولية لبناء 5 كابلات بحرية جديدة تدخل الخدمة تباعًا حتى 2025، ليصبح إجمالي الكابلات البحرية الدولية التي يتم استقبالها على السواحل المصرية 13 كابلًا بحريًّا، عبر 10 نقاط إنزال على ساحلي البحر الأحمر والمتوسط، من بينها 4 نقاط إنزال جديدة تم تشييدها خلال عام واحد، في مقابل 6 نقاط أخرى شُيدت خلال 20 عامًا.

وأكد الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات في تصريحات سابقة أنه كان من المهم تدعيم وتوسيع تلك البنية التحتية لتدعيم موقع مصر كدولة استراتيجية في نقل البيانات الدولية، حيث كانت مصر تمتلك شبكة كابلات أرضية لنقل البيانات بين ساحلي البحرين بطول 2700 كم أنشئت خلال 20 عامًا، في حين أنه خلال عام واحد تم إنشاء شبكة كابلات أرضية جديدة داخل مصر بطول 2650 كم، بما يعني أن ما أنشئ خلال 20 عامًا من بنية تحتية رقمية في مصر، تم إنشاؤه خلال عام واحد، وذلك باستثمارات قيمتها 1.1 مليار جنيه أدت إلى زيادة قدرتنا على جذب استثمارات وشركات جديدة لنقل البيانات من خلال الشبكة المحلية والدولية”.