Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

«الجيل الخامس».. سباق عالمي محتدم في معركة السيادة التكنولوجية

“معركة سيادة مستمرة”، هكذا يمكن وصف التنافس والصراع القائم بين الصين والغرب حول تكنولوجيا الجيل الخامس، التي يرتفع ضجيجها يوما بعد يوم في ظل النمو الكبير في الطلب عليها، والرهانات الكبيرة التي تمتلكها في تطوير كافة القطاعات وقدرتها على جلب ثورة صناعية جديدة ترتكز على سرعة البيانات وإندماج الـ  “5G” مع تقنيات أخرى مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، لدفع هذه التقنيات للوصول إلى إمكاناتها الكاملة مع فوائد اقتصادية واستراتيجية غير مسبوقة للدول حول العالم.

فشبكات الجيل الخامس لن تكون حاسمة فحسب للوصول بشكل أسرع إلى الإنترنت، وتطبيقات المدن الذكية، والمركبات ذاتية القيادة، ولكنها ستعمل أيضًا على توسيع الاتصالات المتنقلة من النظام البيئي الذي يركز على الإنسان إلى إنترنت الأشياء (IoT)، وما وراء ذلك والذي لايمكن تحديده حاليا في ضوء التطورات الحالية والمتسارعة في المجال التقني، حيث تعد ببساطة “الجهاز العصبي المركزي لاقتصاد القرن الحادي والعشرين”.

وتشير التوقعات إلى أن التأثير الاقتصادي الكامل لطرح شبكة الجيل الخامس في جميع أنحاء العالم يمكن أن يتيح ما يصل إلى 13.1 تريليون دولار من السلع والخدمات، ويضيف ما يصل إلى 22.8 مليون وظيفة بحلول عام 2035، وكشفت تقرير التنقل شركة إريكسون لشهر يونيو 2023، عن توقعات بأن تصل اشتراكات شبكة الجيل الخامس إلى 1.5 مليار بحلول نهاية العام الجاري.

فنحن نعيش حاليًا في عالم حيث البيانات هي القوة الحقيقة، وبالتالي التحكم في شبكة الجيل الخامس الأساسية يمنح الشركة أو الدولة المسؤولة ميزة كبيرة على الآخرين، ونتيجة لذلك، احتلت تكنولوجيا الجيل الخامس مكانة متقدمة في منافسة القوى العظمى المستمرة بين الولايات المتحدة والصين، ففي حين أنه لا توجد شركة أمريكية لديها القدرة على بناء شبكة  5G كاملة، فإن شركة هواوي الصينية لديها هذه القدرة وهي تهيمن حاليًا على السوق.

وعلى وجه التحديد، كانت هواوي رائدة عالميًا في الحلول الأساسية لشبكات الجيل الخامس منذ عام 2019، وفي الوقت نفسه، كانت تقود تكنولوجيا براءات اختراع الجيل الخامس. وإلى جانب هواوي، تمتلك إريكسون السويديىة ونوكيا الفنلندية فقط القدرة على بناء شبكات كاملة من الجيل الخامس، “لكن بتكاليف أعلى بكثير”، وعلى الرغم من عدم تقديم بديل واضح لشركة هواوي، فقد نظرت الولايات المتحدة إلى الشركة الصينية باعتبارها تهديدا ليس فقط لأمنها القومي، ولكن أيضا لموقعها داخل النظام الدولي مما يشير إلى القيمة الحقيقية لهذه التكنولوجيا.

تجدد الصراع

وتجددت عناوين الصراع القائم، بإعلان ألمانيا منذ أيام على لسان مصادر حكومية، بدراستها فرض حظر على المكونات التي تصنعها الشركتان الصينيتان “هواوي” و”زد تي اي” في شبكات اتصالاتها للجيل الخامس اعتبارا من العام 2026، والتي تديرها شركات “دويتشه تليكوم” و”فودافون” و”تليفونيكا” وذلك لاعتبارات أمنية كما هو معلن ولأسباب سياسية أيضا فالولايات المتحدة تحث حلفاءها على تخفيض الاعتماد على مثل هذه المعدات في ظل تدهور العلاقات بينها وبين الصين، وهو ماردت عليه الحكومة الصينية بأن هذه الخطوة تسييس واضح للقضايا المتعلقة بالاقتصاد والتجارة والعلوم والتكنولوجيا.

بينما عقبت شركة “هواوي” في بيان ، بإن هذه الدراسة تبدو تمييزية ولا تستند إلى أي تقييمات فنية.وإذا أضفت ألمانيا صبغة سياسية على القرار، سيؤدي ذلك إلى تباطؤ التحول الرقمي في البلاد ويرفع التكاليف على المستهلكين.

وتأتي خطوة ألمانيا الصريحة استمرارا لسياسة الغرب في محاولة عرقلة التكنولوجيا الصينية ، حيث تدرس البرتغال تبني نفس الاتجاه بينما حظرت المملكة المتحدة استخدام معدات “هواوي” في شبكات الجيل الخامس اللاسلكية في عام 2020، وحدت من استخدامها أيضاً في الشبكات الثابتة، مشيرة إلى مخاوف تتعلق بسلسلة التوريد بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الشركة.

وأفاد تقرير نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية في يونيو الماضي، بأن الاتحاد الأوروبي يعتزم حظر استخدام معدات هواوي في بناء شبكات الجيل الخامس ، حيث أبلغ مفوض الاتحاد الأوروبي للأسواق الداخلية، تيري بريتون، وزراء الاتصالات بأن ثلث دول الاتحاد الأوروبي فقط فرضت حظرًا على هواوي في مناطق حرجة.

وأضافت الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي يفكر في فرض حظر إلزامي على الدول الأعضاء لمنعها من التعاون مع شركات الاتصالات الصينية؛ ﻷن التوجيهات السابقة الصادرة عام 2020 لم تصل إلى مستوى الحظر الكامل.

فما هي أدوات الشركات الصينية وعلى رأسهم هواوي للمنافسة في هذا الصراع، وماهو مستقبل شبكات الجيل الخامس عالميا ومستويات انتشارها في ظل الفعل ورد الفعل الدائر بين معسكري الشرق والغرب؟

هواوي في المواجهة

على الرغم من أن سياسات الولايات المتحدة قد حدت من عمليات هواوي، إلا أنها لم تمنع هواوي من توسيع مجال نفوذها. وفي الوقت الحالي، فإن عدد الدول التي تستخدم بالفعل أو من المحتمل أن تستخدم شبكات هواوي أعلى بكثير من تلك التي حظرت أو قيدت أو من غير المرجح أن تستخدم هواوي في بنيتها التحتية للجيل الخامس.

ويمكن تفسير ذلك بشكل أساسي بحقيقة أن الولايات المتحدة لم تكن قادرة على توفير بديل لشركة هواوي. ونتيجة للسياسات الداعمة التي تنتهجها الحكومة الصينية في المقام الأول، تهيمن شركة هواوي على السوق باعتبارها الخيار الأرخص المتاح.

كما تأتي الخطوات الغربية الجديدة، في أعقاب قيام شركة هواوي ، العودة إلى صناعة الهواتف الذكية من الجيل الخامس بحلول نهاية 2023، وفقاً لشركات أبحاث، والتي تمثل عودتها انتصاراً للشركة التي قالت لمدة ثلاث سنوات تقريباً إنها في وضع «السعي للبقاء على قيد الحياة» بعد معاناتها من الحظر الذي فرضته الولايات المتحدة على مبيعات المعدات مما أضر بأعمالها في مجال الإلكترونيات الاستهلاكية.

كما وقعت شركة هواوي، مع شاومي اتفاقا عالميا يسمح بإصدار تراخيص متبادلة لبراءات الاختراع، ويغطى الاتفاق تكنولوجيا الاتصالات بما فيها شبكات الجيل الخامس، مما يمثل نهاية لنزاع بين الشركتين الصينيتين بخصوص تراخيص براءة الاختراع.

سباق الجيل الخامس

أطلق حوالي 240 من مزودي خدمات الاتصالات في جميع أنحاء العالم، خدمات تجارية لشبكة الجيل الخامس، وقام حوالي 35 منهم بنشر أو إطلاق شبكات جيل خامس مستقلة، ويعد النطاق العريض المتنقل المحسن، والوصول اللاسلكي الثابت ، والألعاب وبعض الخدمات القائمة على تقنية الواقع الافتراضي والواقع المعزز، كالتدريب والتعليم، أكثر خدمات الجيل الخامس التي أطلقها مزودو الخدمة للمستهلكين انتشاراً وشيوعاً، وهناك أكثر من 100 مزود خدمات اتصالات، يشكلون حوالي 40% من إجمالي مزودي خدمات الوصول اللاسلكي الثابت، يقدمون حالياً الوصول اللاسلكي الثابت عبر شبكة الجيل الخامس.

ومنذ الإطلاق الرسمي لشبكة الجيل الخامس في عام 2019، احتلت الصين الصدارة من حيث عدد المستخدمين، وأعلن المشغلون الثلاثة الرئيسيون مؤخرًا عن بيانات التشغيل الخاصة بهم بنهاية مارس 2023 والتي أشارت إلى تجاوز عدد مستخدمي حزمة الجيل الخامس على الشبكة بأكملها 1.2 مليار، وهذا أكبر بكثير من عدد مستخدمي G5 في بقية أنحاء العالم.

وفقا للمؤشرات والأرقام تتصدر منطقة آسيا والمحيط الهادئ سباق الجيل الخامس، حيث كانت كوريا الجنوبية والصين أول دولتين تطلقان خدمات الجيل الخامس تجاريًا في عام 2019. ووفقًا لتقرير صادر عن النظام العالمي لرابطة الاتصالات المتنقلة (GSMA)، فإن منطقة آسيا والمحيط الهادئ سيكون لديها أكبر عدد من مستخدمي الجيل الخامس بحلول عام 2025. وسوف تمثل ما يقرب من ثلثي شبكة 5G العالمية.

واعتبارًا من عام 2021، تمتلك الصين أكبر عدد من مشتركي الجيل الخامس، مع أكثر من 400 مليون مستخدم. وبحلول عام 2022، ارتفع هذا العدد إلى 900 مليون، والآن يتجاوز 1.2 مليار. اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا هي دول أخرى في المنطقة حققت تقدمًا كبيرًا في اعتماد شبكات الجيل الخامس.

وأطلقت كوريا الجنوبية شبكتها التجارية للجيل الخامس في أبريل 2019، مما يجعلها أول دولة في العالم تقدم الخدمة وقامت شركات النقل الثلاث الكبرى في البلاد، SK Telecom، وKT، وLG Uplus، منذ ذلك الحين بتوسيع شبكات الجيل الخامس الخاصة بها لتغطية معظم المدن الكبرى. وبنهاية عام 2022، كان لدى كوريا الجنوبية أكثر من 28 مليون مستخدم لشبكة الجيل الخامس.

وأطلقت اليابان خدمات الجيل الخامس في مارس 2020، وكانت شركات النقل الرئيسية هي NTT Docomo وSoftBank وkddi وبنهاية عام 2022، أصبح لديها أصبح لديهأكثر من 53 مليون مستخدم، وهناك تقارير تفيد بأن اليابان سيكون لديها أكثر من 100 مليون مستخدم بحلول نهاية هذا العام.

كما قطعت الولايات المتحدة وكندا أيضًا خطوات هائلة في نشر شبكات الجيل الخامس، حيث أطلقت شركات الاتصالات الكبرى خدمات الجيل الخامس في عام 2019. ووفقًا لرابطة GSMA، من المتوقع أن يكون لدى أمريكا الشمالية ثاني أكبر عدد من مستخدمي شبكات الجيل الخامس بحلول عام 2025. وسوف يمثل حوالي 20% من مستخدمي الجيل الخامس على مستوى العالم. اعتبارًا من عام 2022، وهناك حوالي 150 مليون مستخدم لـ 5G في أمريكا الشمالية.

وأطلقت الولايات المتحدة خدمات الجيل الخامس في أوائل عام 2019، وكانت شركة Verizon هي أول شركة تقدم الخدمة، وحذت شركات الاتصالات الكبرى الأخرى، بما في ذلك AT&T وT-Mobile، حذوها في وقت لاحق من العام. واعتبارًا من نهاية 2022، كان لدى الولايات المتحدة أكثر من 100 مليون مشترك في شبكة الجيل الخامس.

تكنولوجيا الجيل الخامس

وأطلقت العديد من دول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك المملكة المتحدة وألمانيا وإسبانيا، خدمات الجيل الخامس، مع تسارع الإطلاق في عام 2020. وفقًا لـ GSMA، من المتوقع أن تحصل أوروبا على المركز الثالث – أكبر عدد من مستخدمي الجيل الخامس بحلول عام 2025.

المنطقة ومصر

وبدأت منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا أيضًا عمليات نشر لتقنية الجيل الخامس، حيث أطلقت دول مثل الإمارات والسعودية خدمات الجيل الخامس تجاريًا في عام 2019، إلى ووفقًا لرابطة GSMA، من المتوقع أن يكون لدى المنطقة أكثر من 70 مليون اتصال G5 بحلول عام 2025.

في حين توقعت مؤسسة “فيتش سوليوشنز” أن تحدث قفزات كبيرة في أعداد مستخدمي شبكات الجيل الخامس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث توقعت أن يبلغ أعداد المستخدمين في المنطقة نحو 200 مليون مستخدم بحلول عام 2031، ارتفاعاً من 24 مليون مستخدم فقط حالياً.

وتتوقع الوكالة أن يتم تسويق شبكات الجيل الخامس في مصر بحلول النصف الثاني من العام الجاري، لكن لن يكون لها تأثير فوري، حيث سيختار المشغلون التركيز على الخدمات القائمة على الصوت والبيانات في السوق الشامل، ومع ذلك فإنه بحلول نهاية عام 2032، سيكون أكثر من 95% من المشتركين على شبكات (4G) و(5G) ، وأجرت الشركات عددا من التجارب التشغيلية للخدمة لاختبار مدى جاهزية شبكاتهم لاستقبال التقنية الجديدة.

وتحتل دول مجلس التعاون الخليجي المرتبة الأولى في عمليات نشر وعروض خدمات شبكات الجيل الخامس على مستوى العالم، وذلك بفضل السياسات والأطر التنظيمية القوية الموجودة فيها، بالإضافة إلى مبادرات القطاع العام التي تقود تسريع نمو سوق الجيل الخامس.

ومن المتوقع أن تنمو الاشتراكات في شبكات الجيل الخامس في دول مجلس التعاون الخليجي من 13 مليوناً إلى 70 مليوناً بين عامي 2022 و2028، أي ما يمثل 86% من إجمالي قاعدة المشتركين في نهاية تلك الفترة.

مستقبل الجيل الخامس

وفقا للعديد من التقارير الدولية، فإن الصراع الجيوسياسي والتجاري بين الصين والغرب (بما في ذلك الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي) له تأثير كبير على تكنولوجيا الجيل الخامس ومستقبلها، فالشركات الصينية مثل هواوي وزي تي إي قد طورت تكنولوجيا التقنية بشكل كبير وأصبحت لاعبين رئيسيين في هذا المجال وهو مايجعل المساحة أمامها مفتوحة لاقتناص العديد من الفرص رغم العقوبات الغربية، حيث واجهت هذه الشركات تحديات كبيرة من الجهات التنظيمية في الغرب بسبب مخاوف أمنية، مما أثر على قدرتها على توفير تجهيزات الجيل الخامس في الأسواق الغربية.

وأشارت التقارير ، إلى أن هذا الصراع تسبب في مخاوف أمنية حول استخدام تكنولوجيا الجيل الخامس المصنوعة في الصين، حيث يُشتبه في أن الحكومة الصينية قد تستخدم هذه التكنولوجيا لأغراض التجسس، وأدى هذا إلى تقييد استخدام معدات هواوي وغيرها في البنية التحتية للاتصالات في بعض البلدان.

وتسبب هذا الصراع أيضا في انقسام بالأسواق العالمية، حيث بدأت بعض الدول الغربية في البحث عن بدائل محلية لتكنولوجيا الجيل الخامس والعمل على تعزيز صناعاتها المحلية، وهو ماسيتسبب في تعطل التطور في هذه الدول كما سيؤثر على اتجاهات التطور التكنولوجي في المستقبل، حيث قد يؤدي إلى تقليل درجة التعاون الدولي في مجال البحث والتطوير والابتكار التكنولوجي وأيضا حدوث زيادة مفرطة في الاستثمار الحكومي حيث قد تشجع دول الغرب على زيادة الاستثمار الحكومي في مجالات التكنولوجيا الحيوية والاستثمار في بنية التحتية الرقمية الوطنية للتنافس مع الصين.

ووفقا للمحللين فإنه رغم الصراع الدائر حاليا ، فإن هناك العديد من المعوقات التي ستحد من النمو الكبير لتكنولوجيا الجيل الخامس في العديد من المناطق حولها العالم، أبسطها أنه ليس هناك طلب بعد على هذه النوعيات من التكنولوجيا في ظل الاستخدامات السائدة الحالية للإنترنت في العديد من الأسواق ، كمشاهدة مقاطع الفيديو عالية الجودة وتالي تعمل بشكل جيد في ظل سرعات الجيل الرابع العادية، مما يشير إلى أن مستخدمي الإنترنت لن يكونو مهتمين بدفع أموال أكثر في شبكة الجيل الخامس، وبالتبعية لن تكون شركات المحمول على استعداد لتكلفة غير محسوب جدواها خاصة وأن الحصول على التراخيص الجديدة يقابلها دفع مبالغ مالية كبيرة.

وأشاروا إلى أن شبكات الجيل الخامس تحتاج أيضا إلى نطاق ترددي أعلى بكثير مما يتطلب في الكثير من الأحيان لإنشاء بنية تحتية جديدة تماما خاصة للشركات التي لم تكن في اعتباراتها الاستثمارية والفنية تشغيل هذه التكنولوجيا على المدى القريب.

وأكدوا على أن المتابع لتصريحات الكثير من الرؤساء التنفيذين لشركات الاتصالات في العديد من الأسواق المختلفة حول العالم ، يجد أنها تدور حول أن العديد من استخدامات الجيل الخامس مثل تطبيقات إنترنت الإشياء والذكاء الاصطناعي ليست منتشرة بالشكل المطلوب ، وبالتالي يحتاج شمولية تطبيق تكنولوجيا الجيل الخامس إلى وقت ليس بالقصير حتى يتم صناعة طلب واضح عليها.

وشككوا أيضا في العوائد التي يمكن أن تحققها شركات المحمول نتيجة تدشين شبكات الجيل الخامس مشيرين إلى أن شركات التكنولوجيا والشركات المصنعة لأجهزة المحمول هي من ستجني النصيب الأكبر من أرباح هذه التكنولوجيا، وذلك عبر دمج تطبيقات جديدة ، وأيضا قدرة مصنعي أجهزة المحمول أمثال أبل وسامسونج وهواوي على ابتكار هواتف جديدة قد تحفز سوق مبيعات المحمول في المستقبل القريب.

حمدي الليثي
حمدي الليثي

من جانبه أكد الدكتور حمدى الليثى، رئيس مجلس إدارة شركة« ليانتل» لحلول الاتصالات، على أن جدوى إطلاق خدمات الجيل الخامس في مصر والعديد من الدول الناشئة لايتوقف على الصراع الدائر حاليا بين الصين والولايات المتحدة ، بل يتمثل بشكل رئيسي في الجدوى الاقتصادية لتطبيقه واختيار التوقيت المناسب، وأيضا توافر المقومات الفنية والتشغلية لإطلاق الخدمة خاصة وأن تكلفتها مرتفعة جدا من كافة الجوانب سواءا في استخراج الرخص أو حتى استكمال البنية التحتية للشبكات خاصة مع الارتفاع الكبير في التكلفة في الوقت الحالي.

وشدد على أنه يجب توافر مقومات استهلاكية لهذه الخدمة لتحقيق الجدوي الاقتصادية المطلوبة ، وهو مايحتاج معه إلى دخول انترنت الأشياء والتقنيات المتطورة بشكل أكبر في الصناعات والخدمات ، لخلق حالة طلب ، ولتعزيز أيضا النمو الاقتصادي بالشكل الأمثل ، حيث أنها دائرة محسوبة ومتوقفة على الاحتياج لهذه التقنية من عدمه.

وأشار الليثي إلى أن التداعيات الاقتصادية الحالية التى يتعرض لها العالم سيكون لها تأثيرا كبيرا على مستقبل تشغيل شبكات الجيل الخامس في العديد من الأسواق سواءا المتطورة او الناشئة ، في ظل ارتفاع التكاليف وعدم توافر العملة الصعبة، منوها إلى أن الكثير من الدول لم تستفيد بالشكل المطلوب من الجيل الرابع ومايوفره من خدمات ، او أن بعضها لايزال في طور تحسين البنية التحتية للاتصالات وتطوير الخدمات المقدمة للمستخدمين.

لماذا كل هذا الاهتمام

تعد تقنية الجيل الخامس بسرعات بيانات فائقة السرعة، دون أي تأخير تقريبًا، كما أن لديها القدرة على التعامل مع عدد مذهل من الأجهزة في وقت واحد، وهذا ليس مجرد تحسن تدريجي بل قفزة نوعية في الاتصال، حيث قوتها ببساطة للمستخدمين العاديين تتمثل في تنزيل ملفات ضخمة في غمضة عين، وتشغيل مقاطع فيديو بدقة 4K دون تخزين مؤقت، والانخراط في الألعاب عبر الإنترنت دون حدوث أي تأخيرات.

وبالنظرة الشمولية الأهم، تتمثل قوة الجيل الخامس في قدرته على إحداث ثورة في إنترنت الأشياء والرعاية الصحية والتطبيب عن بعد، وتدشين المدن الذكية الكاملة، وعلوم الفضاء، والرعاية الصحية عن بعد، وتشجيع  تطوير تطبيقات جديدة وخدمات مبتكرة ، حيث إن زمن الوصول المنخفض لشبكة الجيل الخامس وقدرتها المذهلة يجعلها الخيار المثالي ، حيث يمكن تخيل عالما يتواصل فيه عدد لا يحصى من الأجهزة الذكية، وهذا يعني منازل ومدن وصناعات أكثر كفاءة.