قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، إن الدولة أعلنت عن منحة للبرمجة تبلغ تكلفتها على الدولة نحو 30 ألف دولار للفرد، فتقدم لها مايقرب من 300 ألف من خريجي الجامعات وكليات الحاسبات والمعلومات والنظم والهندسة فنجح من بينهم 111 فقط، وهو ما يكشف عن إشكالية كبيرة في نوعيات التعليم التي نقدمها ويشكل تحديا كبيرا في المستقبل.
وأضاف الرئيس السيسي خلال فعالية إطلاق المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية أمس الاثنين، أن وزارة الاتصالات أعلنت عن البرنامج ولم يجتاز الاختبارات للتأهل للبرنامج إلا 111 طالبا فقط، وذلك لسوء مستوى التعليم، مع أن الدولة كانت على أتم استعداد للإنفاق على الشباب.
ولفت إلى أن هذه المسألة قضية كبيرة جدا وتكشف عن أشياء كثيرة تتعلق بالمستقبل، معبرا عن حزنه عن هذه النتائج، إلا أنه أكد أن هذه التحديات تزيده إصرارا على العمل والتغيير.
وفي مداخلة للدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، أكد أن الطالب الذي يحصل على هذا البرنامج يصل راتبه إلى 20 ألف دولار أو أكثر، حيث سيتعامل مع شركات عالمية من داخل مصر.
وأشار إلى أن الاختبارات المقررة وضعت بمعايير الشركات العالمية ، حتي يتم إعداد مؤهلين حقيقين قادرين على تلبية سوق العمل في هذا المجال الذي يعد أحد أهم أدوات المستقبل.
مبادرة بناة مصر الرقمية
المنحة التي يقصدها الرئيس السيسي تتعلق بمبادرة بناة مصر الرقمية التي تهدف لتدريب الشباب على وظائف المستقبل كمرحلة أولى والتي أطلقتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حيث تتضمن المنحة عدد من المحاور التدريبية في الموضوعات المرتبطة بالبنية التكنولوجية والمعلوماتية مثل: الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات وإدارة عمليات الحوسبة السحابية والبرمجة المتقدمة وإدارة قواعد البيانات.
وتهدف المنحة إلى تحقيق المعرفة والدراية بالتكنولوجيات المتطورة من خلال تدريب رقمي مكثف بالإضافة إلى إتاحة عدة منصات تدريبية وفصول افتراضية وتدريبات عملية للوصول بالمتدربين إلى المستوى المنشود عالميًا في التخصص نظريًا وعمليًا وينتهي التدريب بالحصول على الشهادات المتخصصة، وتسهم المنحة في صقل مهارات الشباب على النحو الذي يؤهلهم للمساهمة الفعالة في النهضة التكنولوجية بالدولة، وأن يتواجد بالدولة الاف المبرمجين القادرين على بناء المستقبل وصناعة تجربة رائدة لمصر في هذا المجال.
استثمارات ضخمة لتدريب الشباب
وقامت وزارة الاتصالات بمضاعفة الاستثمار في برامج التدريب التقني 22 مرة خلال ثلاث سنوات لترتفع من 50 مليون جنيه بمستهدف تدريب 4 آلاف شاب إلى 1.3 مليار جنيه بمستهدف تدريب 200 ألف شاب في مختلف علوم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات؛ بهدف بناء القدرات الرقمية وفقًا لنهج هرمى يبدأ بتنمية المهارات الأساسية في المجالات التكنولوجية ثم إتاحة فرص للتعليم المتخصص من خلال مدارس تكنولوجية تطبيقية ومعاهد تكنولوجية، وصولًا إلى العمل على تأسيس قاعدة عريضة من خبراء المعلوماتية من خلال جامعة مصر للمعلوماتية والتي تُعد أول جامعة في أفريقيا والشرق الأوسط متخصصة في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والمجالات المرتبطة بها، ثم برامج لصقل مهارات الخريجين، انتهاءً بمنح الماجستير المهني في إحدى التخصصات التكنولوجية بالشراكة مع كبرى الجامعات العالمية المرموقة من خلال مبادرة بناة مصر الرقمية.
تصريحات الرئيس تكشف عن حجم الفجوة
تشير تصريحات الرئيس السيسي، حول الأعداد القليلة التي اجتازت الاختبار للحاق بالمنحة، إلى وجود إشكالية تحتاج لحلول فيما يتعلق بالخريجين في تخصصات التكنولوجيا وذلك وفقا للعديد من المحللين ومديري الموارد البشرية في عدد من الشركات الكبرى الذين استطلعت أرائهم “FollowICT”، خاصة مع إشارة الرئيس إلى أن المتقدمين ينتمون إلى كليات وجامعات متخصصة، وهو ما يشير بقوة إلى ضرورة إحداث حراك كبير في ملف التعليم التكنولوجي ليس على مستوي الإدارة التعليمية وفقط، ولكن أيضا على مستوى الوعي المجتمعي وقرارت الأسرة فيما يتعلق بمستقبل أبنائهم.
ولفتوا إلى أن الرئيس السيسي ألمح إلى وظائف المستقبل وما تحتاجه الدولة المصرية في هذا التوقيت من كفاءات تمتلك القدرة على إحداث الفارق في مسيرة تنمية الدولة المصرية التي بدأتها منذ سنوات وعازمة على إكتمالها، مطالبا بضرورة أن تستوعب الأسرة ما يحدث حاليا من تغيرات على مستوي طبيعة الأعمال وبناء الاقتصاديات قبل أن تلحق أبنائها بالتعليم الأساسي وأيضا الجامعي.
وأكدوا على أن المفاهيم الساكنة في عقول الأسر المتعلقة بكليات القمة يبدو أنها تحتاج للتعديل خلال الفترة الحالية، وذلك في ظل المتغيرات الجديدة التي تؤكدها كافة التقارير والمؤشرات العالمية حول شكل وظائف المستقبل، بعد التطور السريع في التكنولوجيا والبرمجة وتقنيات الذكاء الاصطناعي والآتمتة والبرمجة وانترنت الأشياء، وسيطرة الأفكار الاستثمارية على مصادر الدخل كبديل للوظائف التقليدية التي كانت سائدة لعقود، وبالتالي أصبحت تخصصات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والبرمجة هي الأكثر سيطرة على وظائف المستقبل الأعلى دخلاً باعتبارها القادرة على قيادة الاقتصاد نحو الثورة الصناعية الرابعة.
وأصبحت الأفكار متعددة وكثيرة حول ارتباط الوظائف بالتكنولوجيا في ظل جائحة كورونا التي سرعت من عملية التحول الرقمي في الدولة المصرية والعالم، حيث نشهد تغيرات جذرية بوتيرة غير مسبوقة في مختلف المجالات بدفع من التطور المذهل في التقنيات الحديثة التي بدلت ملامح العديد من القطاعات التقليدية ورسمت توجهات مختلفة لم تكن متوقعة من قبل، بما يطرح العديد من التساؤلات.
وأشاروا إلى أن النظم التكنولوجية وحدها لا تكفي المنظومة ولكن الأهم هو تأهيل الموارد البشرية القادرة على استخدام هذه التكنولوجيات وإدارتها واستخراج ما بها من فوائد، مشيرين إلى ضرورة إقامة مراكز للتدريب على تقنيات البرمجة المختلفة في المجالات التي تشهد طلب توظيفي داخل شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات هي ، السيبر سكيورتي، الحوسبة السحابية، صناعة التطبيقات، حيث أن العاملون فيها يحصلون على السعر الأعلى مقارنة بباقي القطاعات.
وأكدوا على ضرورة التكامل بين الحكومة والقطاع الخاص لنجاح منظومة التدريب والتأهيل للأجيال الجديدة الراغبة في العمل بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ومجال البرمجة بالتحديد مشيرين إلى أن مصر يتخرج من جامعاتها أكثر من نصف مليون خريج سنويا، منهم 50 ألف طالب في مجال تكنولوجيا المعلومات، إلاأن هذه الأعداد ورغم حجمها الكبير إلا أن 90 % منها وأكثر في حاجة إلى التأهيل والتدريب، مشددين على أهمية أن يكون هناك تنسيق بين كافة الجهات التعليمية من ناحية والجهات المعنية بصناعة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات من ناحية أخرى لتوقع القادم في سوق العمل حتى 2025 على أقل تقدير واحتياجات السوق من حيث المهارات المهنية لينعكس ذلك علي المناهج التعليمية والتدريبات العملية.
وتشير دراسات لمراكز توظيف بحثية عالمية إلى أن صناعة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات تتجه نحو أنماط مختلفة في التوظيف داخل الشركات خلال الخمسة أعوام المقبلة سواء في الدول المتقدمة أو الأسواق الناشئة، مبينة أن دول كمصر والسعودية والإمارات، سيتجهون إلى ما يسمى بالتوظيف النوعي في الخدمات الجديدة التي سيعملون بها وعلى رأسها شبكات الألياف الضوئية FTTH والذكاء الاصطناعي والبرمجة النوعية وهو ما يحتاج إلى تدريب وتأهيل في هذه المجالات الحيوية.