Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

هنادي خليفة تكتب: صور ورسوم ملونة تصنع أكثر القرارات خطورة ومصيرية!

في العادة، تقع مسؤولية رواية القصص ووضع أركانها على عاتق فرق التسويق، إلا أنه سيكون مفاجئاً لو علمنا أن حجم هذه المسؤولية أكبر بالنسبة لفرق المالية والمحاسبة، فهم في أغلب الأحيان رواة القصص الحقيقيون في مؤسساتهم.

وتأتي قصصهم في العادة بسيطة ويسيرة الفهم باستخدام ألوان محددة، ومدعومة بالبيانات التي يجري توضيحها برسوم وصور بيانية. وبقدر ما قد تكون هذه القصص جذابة وملونة، إلا أنها قد تعجز عن تحقيق مبتغاها دون امتلاك المهارات المطلوبة.

ولذلك أكد سكوت باريناتو، أحد كبار المحررين وخبير التصوير البياني، في مقال نشر مؤخراً بمجلة هارفارد بيزنس ريفيو، أن التصوير البياني، والذي كان يُعتقد في الأصل أنه مهارة ثانوية لا مانع من امتلاكها (تتركز بشكل أو بآخر على فرق المبيعات)، باتت اليوم مهارة أساسية لا غنى عنها.

وباعتبارها الوسيلة الأفضل لشرح الأفكار والرؤى والنتائج، تحولت مهارات التصوير البياني لوسيلة مفضلة بالنسبة لفرق المالية والمحاسبة في الشركات لشرح وجهات نظرهم وخططهم وتقديم تفاصيل معينة عن عملهم، ناهيك عن استعراض سير عمل مؤسساتهم بالمجمل، وكيف تؤثر مسؤولياتهم على عمليات المؤسسة.

ولن تكون هذه المسألة مفاجئة بالنسبة لنا، لاسيما مع دخولنا مرحلة جديدة أصبح فيها المدراء الماليون المرتكز الرئيسي لتحول مؤسساتهم، وباتت مسؤوليات فرق عملهم أكبر ولا تقتصر على البيانات المالية فحسب، بل تغطي استراتيجيات البيانات ضمن المؤسسة بأسرها، وتشمل كافة جوانب الأعمال بما في ذلك المستهلكين والسوق والموارد الخارجية والداخلية.

لذلك، أصبح من الأهمية بمكان تحويل كل هذه البيانات إلى رؤى قابلة للتنفيذ يمكن الاستناد إليها عند تصميم الاستراتيجيات في المستقبل.

ولا يخفى على أحد أن هذه الأهمية ازدادت بشكل كبير خلال الأشهر الأربع وعشرين الماضية، حين واجهت المؤسسات ضمن مختلف القطاعات ضغوطاً هائلة لتخطي تداعيات الجائحة العالمية، وبرزت فيها أهمية المدراء الماليين من جديد لتجاوز العقبات التي وضعت استمرارية الأعمال على المحك.

إذاً، ماذا نعني بالتصوير البياني؟ وكيف يمكن أن يساعد المتخصصين في مجالات المالية والمحاسبة على أداء عملهم بشكل أفضل؟

حسناً، إنها ببساطة عملية عرض البيانات بطريقة هادفة ومدروسة تضفي طابعاً من البساطة عليها لاستيعابها بأفضل شكل ممكن، وجعلها قادرة على إلهام عملية اتخاذ القرارات الفضلى.

وفي كتابه “تحليل الأعمال” (Business Analytics)، الطبعة الثالثة الصادرة عن دار بيرسون (Pearson) عام 2020، يصف جيمس آر إيفانز التصوير البياني بأنه أداة تواصل هامة قادرة على شرح أضخم البيانات وأكثرها تعقيداً بأبسط الطرق. لذلك، يعتبر التصوير البياني أحد أهم الأدوات التي ينبغي على المدراء الماليين امتلاكها.

فخبراء برايس ووترهاوس كوبرز متفقون على أن الإقبال الواسع على امتلاك هذه المهارة يُعزى أساساً إلى وفرة البيانات المتاحة المتزامن مع تسارع وتيرة تطور البرمجيات.

ويؤكد المعهد الوطني الأمريكي للبيانات وتكنولوجيا المعلومات (NITI)، وهو أكبر أرشيف في العالم للبيانات المتاحة للجمهور، على أن التصوير البياني يمكن أن يعزز قدرتنا على اتخاذ قرارات أفضل. كما يمكن لهذه العملية تبسيط كميات ضخمة من البيانات وجعلها يسيرة الفهم، وتحديد الأنماط والتوجهات التي قد تكون خفية علينا.

أما بالنسبة للمحاسبين الإداريين والمختصين في مجالات المالية والمحاسبة، فقد غدا التصوير البياني أداة واسعة الاستخدام تساعدهم في اتخاذ القرارات الصائبة بكل سهولة ويسر، وتقدم شروحات كافية ووافية حول أداء الأعمال، حيث تساعد عمليات التحليل الواضحة فرق المالية والمحاسبة فيعرض نتائج دراساتهم على الأطراف المعنية بأسلوب بسيط قدر الإمكان.

ونظراً لأن غالبية الأشخاص يفضلون التعلم عبر المشاهدة، فإن التصوير البياني يتيح للمتخصصين في مجالات المالية طرح رؤاهم التحليلية المعقدة على مؤسساتهم والأطراف المعنية الخارجيين بطرق تتسم بالوضوح والقدرة على الإقناع.

فتزويد صناع القرار ببيانات مصورة يعزز وضوح الأداء التشغيلي للمؤسسة وتوجهات الاقتصاد الكلي الأخرى التي يمكن أن تؤدي إلى اتخاذ قرارات أفضل.

ويمكن للتصوير البياني أيضاً أن يساعد المتخصصين في مجالات المالية في عملية تحديد البيانات الناشئة من تدفق المعلومات المالية وغير المالية المتعددة وإدراك الرابط فيما بينها أثناء تنفيذ عمليات التحليل الأكثر عمقاً. وبتوضيح هذه الروابط، سيتمكن الفريق من اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين الأداء أو التخطيط للمستقبل بشكل أفضل.

كانت مهام إدارات الشؤون المالية سابقاً تتمثل في ضبط الإنفاق؛ وإدارة عمليات المحاسبة بالاعتماد على جداول البيانات علاوة على كونها مركزاً لإعداد التقارير.

وفي وقتنا الحالي، تطورت مهام هذه الإدارات لتتركز حول تقديم تحليلات تنبؤية تلعب دوراً حاسماً في خلق قيمة مضافة للأعمال. وبما أن البيانات تشكل الركيزة الرئيسية لأداء هذه الوظيفة على أكمل وجه، أصبح التصوير البياني أداة بالغة الأهمية لتيسير عملية طرح الأفكار والرؤى.

واليوم، باتت الأطراف المعنية الداخلية والخارجية وعلى نحو متزايد تتوقع الوصول إلى البيانات بأسرع وقت ممكن بمجرد ظهورها، وهي المهمة التي يُعهد بها الآن إلى مكتب المدير المالي.

وتنفيذ هذه المهمة يعتبر غاية في الصعوبة، لاسيما في عالم ما بعد الجائحة، حيث تنخرط فيها أنظمة العمل عن بعد وفي المكاتب، علاوة على ارتفاع حجم تفاعل العملاء عبر الإنترنت، وتنامي التحديات المرتبطة بخصوصية بيانات المستهلكين، وأمن البيانات، وارتفاع حجم التهديدات المرتبطة بالجرائم الإلكترونية.

وللوقوف عند هذه التحديات ومعالجتها، يواصل المدراء الماليون التوجه نحو الاعتماد على التصوير البياني باعتباره أداة قادرة على تعزيز أدائهم التحليلي وقدرتهم على طرح الأفكار والرؤى، ما يجعلهم أفضل رواة للقصص. الأمر الذي يعزز دورهم الهام في خلق القيمة للأعمال.

تحليل كتبه: هنادي خليفة

مديرة العمليات في معهد المحاسبين الإداريين في الشرق الأوسط وأفريقيا والهند