Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

محمد حجازي يكتب: الاقتصاد الرقمي.. المتطلبات التنظيمية والتشريعية -2

تظل قضية البيانات الشخصية ومساحات خصوصية المستخدمين في البيئة الرقمية أحد أهم المتطلبات التشريعية والتنظيمية، لبناء الاقتصاد الرقمي، وتظل السياسات التنظيمية والتشريعية المتسقة مع السياسات الدولية أحد اهم الأدوات لتهيئة المناخ الداعم للاستثمار وحماية حقوق المستخدمين.

وفي هذا السياق أصدرت الهيئة الوطنية للمعلوماتية والحريات الفرنسية يوم الاثنين 7 ديسمبر 2020 قراراً هاماً بخصوص تغريم شركات جوجل مبلغ مائة مليون يورو كغرامة إدارية، وذلك لانتهاكها القواعد والإجراءات المتعلقة بالمعالجة الالكترونية للبيانات الشخصية من خلال نطاق موقعها الالكتروني google. fr ، وذلك وفقا لما صدر بقرار رئيس الهيئة الوطنية للمعلوماتية والحريات.

ومن المعلوم أن عملاق التكنولوجيا جوجل يمتلك محرك البحث Google، وصندوق بريد Gmail، وخدمة خرائط Google ومنصة فيديو YouTube. وأن لدي الشركة أكثر من 70 مكتب في حوالي 50 دولة، وفي عام 2019 وحدها وظفت الشركة أكثر من 110،000 شخص حول العالم. هذا وتعد GOOGLE FRANCE SARL هي المؤسسة الفرنسية لمجموعة GOOGLE وهي شركة تابعة مملوكة بنسبة 100٪ لشركة GOOGLE LLC، ويقع مكتبها الرئيسي في باريس بفرنسا، ويعمل بها حوالي 1400 شخص وبلغت مبيعاتها أكثر من 400 مليون يورو.

وقد مثلت الشركة للتحقيقات واجراء المراجعات علي مدي امتثال الشركات لقواعد اللائحة الأوروبية منذ مطلع هذا العام، وقد أشار القرار رقم 2020-072C المؤرخ 15 مارس 2020 الصادر عن رئيس الهيئة انه تم اجراء تدقيق ومراجعة على موقع google.fr، وكان الغرض الرئيسي من هذه المهمة هو التحقق من امتثال جوجل لجميع أحكام قانون حماية البيانات الفرنسي، ولا سيما المواد التي تتعلق بوضع العديد من ملفات تعريف الارتباط تلقائيا cookies على الأجهزة الخاصة بالمستخدمين، بمجرد وصول المستخدم للموقع ودون أي إجراء أو موافقة من جانبه، وبدون تحديد أغراض ملفات تعريف الارتباط المختلفة. وذلك وفقا لأحكام التوجيه الصادر عن البرلمان الأوروبي بشأن معالجة البيانات الشخصية وحماية الخصوصية في قطاع الاتصالات الإلكترونية، والمتعلق بالتخزين أو تحويل الوصول إلى المعلومات المخزنة بالفعل إلي المعدات الطرفية لمشترك أو مستخدم وفقا لقانون حماية البيانات الفرنسي، والذي يتيح إلي الهيئة الوطنية للمعلوماتية والحريات الفرنسية اتخاذ التدابير وإصدار عقوبات ضد المتحكمين في البيانات أو المعالجين الذين لا يمتثلون للالتزامات الناشئة عن تطبيق هذه الأحكام لمراقبة ومعاقبة عمليات الوصول إلى المعلومات أو تسجيلها التي تنفذها الشركات في محطات مستخدمي محرك بحث Google المقيمين في فرنسا.

وقد استندت الهيئة الوطنية للمعلوماتية والحريات الفرنسية إلى اختصاصها إقليمياً في تطبيق هذه الأحكام عندما يكون موضوع المعالجة والوصول إلى المعلومات أو إدخالها الي المستخدمين المقيمين في فرنسا أثناء استخدام محرك بحث Google Search، على وجه الخصوص للأغراض الإعلانية والدعائية بدون موافقة المستخدم، ويتم تنفيذها في إطار أنشطة شركة GOOGLE FRANCE على الأراضي الفرنسية. وعلى الرغم من قيام جوجل بإبداء دفاعها المبني على عدم الولاية القضائية نظرا لأن المقر الفعلي لمجموعة GOOGLE في أوروبا، أي مكان إدارتها المركزية بالمعنى المقصود في المادة 56 من اللائحة الاوربية لحماية البيانات، يقع في أيرلندا. إلا أن الهيئة الوطنية للمعلوماتية والحريات الفرنسية اشارت إلى أنها تصدر قرارها في حدود اختصاصها وولاياتها القضائية وفقا لاحكام توجيه الخصوصية الإلكترونية، وليس وفقا لأحكام اللائحة الاوروبية لحماية البيانات (GDPR). وقامت بتسبيب قرارها إلى أن Google France لديها فريق مبيعات مخصص لترويج الخدمات فيما يتعلق بالمعلنين والناشرين المقيمين في فرنسا، مثل إعلانات Google. وأن مجموعة GOOGLE تحدد على موقعها الإلكتروني ads.google.com أن إعلانات Google يسمح للشركات الفرنسية بالترويج لمنتجاتها أو خدماتها على محرك البحث وعلى شبكة إعلانية كبيرة دون الحصول علي موافقة المستخدمين بشكل واضح ومسبق. وأن شركتي GIL و GOOGLE LLC تتحملان مسؤولية مشتركة عن المعالجة المعنية في تطبيق هذه الأحكام حيث إن الشركتين تحددان الأغراض ووسائل المعالجة لمستخدمي البحث Google المقيمين في فرنسا.

وفي النهاية وبدون الدخول في تفصيلات قانونية وفنية معقدة ومتشابكة، تظل التشريعات والسياسات وتطبيقاتها أحد أهم العوامل التي تبني أو تهدم تحفز أو تحد من الاستثمارات الرقمية. هل سنري في القريب تطبيق مماثل لقانون حماية البيانات الشخصية المصري هل سنري مركز حماية بيانات قادر علي تفعيل القانون… سؤال ستجيب عنه الأيام والسنوات القادمة.. وللحديث بقية إن كان في العمر بقية!

تحليل يكتبه: الدكتور محمد حجازي

استشاري تشريعات التحول الرقمي، ورئيس لجنة التشريعات والقوانين بوزارة الاتصالات السابق