Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

عمرو فاروق يكتب: الأهداف الخفية في حروب الخصوصية

المعركة التي تدور حاليا بين فيسبوك وأبل هي معركة على المستخدم، نعم علينا نحن.. معركة نحن السبب فيها.. معركة على معلومات المستهلك الخاصة، وبطبيعة الحال نحن أمام تلك الشركات العملاقة نظل في موقف المتفرجين رغم أننا أصل هذه المعركة وغنيمتها.

الحكاية أن أبل أعلنت عن تحديث في الاصدار رقم 14 من نظام تشغيل ال iPhone iOS 14 وهو تحديث يمنع التطبيقات المختلفة من القدرة على جمع ومراقبة بيانات مستخدمي هواتف الـ iPhone، إلا بموافقة المستخدم عن طريق استحداث صفحة تابعة pop-up screen تطلب موافقة المستخدم على تتبع أي تطبيق لبياناته الخاصة وهي البيانات التي تشمل معلومات عن صاحب الـ iPhone كحساب المستخدم و بريده الإلكتروني ورقم تعريف الجهاز والكثير من المعلومات الأخرى المتعلقة والمرتبطة بتلك المعلومات الرئيسية.

وطبعا تلك المعلومات هي التي يتم جمعها واستخدامها بواسطة تكنولوجيات تحليل المعلومات والذكاء الاصطناعي الخاصة بالفيسبوك في الدعاية الموجهة للمستخدمين وهي تمثل مصدر قوة الفيسبوك في جمع الأموال مقابل بيع الإعلانات الموجهة.

وبما أننا في موقف المتفرجين.. هيا نشرح ماذا يقول الطرفان للإعلام وما هي توجهات كل شركة؟

أولا الفيسبوك ومن خلال تصريح رئيسها مارك زوكربيرج تحاول تصدير صورة أن شركة أبل هي المنافس الرئيسي لها من خلال تطبيق الـiMessages المتاح على هواتف الـ iPhone، وأن منع أبل تلك البيانات عنها هو نوع من الاحتكار أو monopoly وهو المُجرم بموجب القانون الأمريكي antitrust law، وبالتأكيد المنافسة بينهم في مجال الرسائل النصية فقطـ ولكنها غير موجودة في الأنواع الأخرى مثل الرسائل الصوتية ورسائل الوسائط المتعددة وإرسال المحتوى بأنواعه، لذلك تلك المنافسة غير مؤثرة علي شركة أبل باعتبار أن نشاط أبل الرئيسي معتمد على مبيعات الهاردوير وبيع المحتوي الإبداعي من خلال متجر iTunes، حتى أن أبل إذا قررت في يوم ما إغلاق كامل للـiMessages غالبًا أرباحها لن تتأثر بذلك.. والفيسبوك يدرك ذلك جيدا، ولكن هذا التوجه القانوني إن أفلح قد يكون سبب ضغط على أبل لإعادة إتاحة البيانات دون تدخل المستخدم أو لإيقاف خدمات الـ iMessage وهو الخيار المستبعد.

وفي تقديري أن حكاية تغيير خصوصية الـWhatsApp في الشهر الماضي سببها هو محاولة لطريق آخر للحصول على بيانات المستخدم حال عدم توصل الشركتين لأي اتفاق، ولكن غضب المستخدمين بالإضافة إلى الدعوات الناجحة لاستخدام تطبيق آخر وتأييد بعض المشاهير مثل إيلون ماسك رئيس شركة spaceX ومؤسس شركة تسلا للسيارات كانت سبب في التراجع المؤقت للـWhatsApp أو الفيسبوك طبعا عن تنفيذ أو تأجيل قرار تغيير الخصوصية.

أما من جهة شركة أبل فقالوا إن التحديث الجديد يعطي وضوح للمستخدمين عن الجهات التي تجمع وتستخدم بياناتهم ولماذا تجمعها وأن ذلك التحديث حماية للخصوصية التي هي أساس حقوق الإنسان، وكان تيم كوك رئيس أبل أكثر صراحة وأكثر هجوما علي شبكات التواصل وقال إن بعض شبكات التواصل دون أن يسميها -والحدق يفهم طبعا- “إن الأعمال التجارية إذا كانت مبنية على تضليل المستخدمين أو على استغلال بياناتهم أو على خيارات هي ليست خياراتهم على الإطلاق، فإنها لا تستحق مباركتنا وإنما تستحق الإصلاح”، وهو ما يمثل اتهام مباشر من شخصية ذات قيمة عالمية كبيرة بالتضليل ضد ممارسات شبكات التواصل، وهو يجب ألا يمر معنا مرور الكرام.

وكما هو واضح من موقف أبل فهي ترفع شعارات حقوق الإنسان وأنها حامي حمى الخصوصية في العالم والتي هي أساس حقوق الإنسان وهو موقف إن يبدو أكثر مثالية في الوقت الحالي ولكن لا أظن أن النوايا الطيبة هي كل شئ في هذا التوجه، ومن المؤكد أن هناك ثمة مصلحة عليا ومكاسب متوقعه.

في النهاية، نؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن كل من الطرفين لا يهدف لشيء سوى المكاسب الخاصة وزيادة استحواذه ونفوذه، وبالتالي زيادة إيراداته وأرباحه، أما الشعارات الرنانة التي استخدمها الطرفان ما هي إلا وسائل ضغط إعلامية يحاول الطرفان بها استعراض قوته ونفوذه على الآخر وعلى بيانات المستخدمين التي أصبحت بترول العصر ومصدر القوة لمن يمتلكها.

ونحن كمتفرجين على هذا الصراع الكبير في سبيل الاستحواذ على البيانات يجب أن ندرك خطورة وقوة بياناتنا مهما اعتقد البعض أن لا قيمة لها، نحن الآن في عصر القوة فيه للمعلومات والقدرة الكبيرة على تحليلها و بناء القرارات والسياسات بناءاً على تلك البيانات.

تحليل كتبه: المهندس عمرو فاروق

خبير أمن المعلومات والعضو المنتدب لشركة MCS