Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

توجه الدولة نحو دعم الشركات الناشئة.. هل بدأت مرحلة تصحيح المسار؟

تبحث الدولة المصرية تقديم مزيدا من الحوافز لزيادة أعداد الشركات الناشئة الفاعلة في السوق وضمان تنوعها التشغيلي والقطاعي، لتعزيز نمو هذا القطاع محليا لأهداف التنمية الشاملة والتحرك أيضا للأسواق الخارجية بهوية مصرية تحمل الكثير من الخبرة والكفاءة سواء للمنافسة على المستوى الإقليمي أوالتحوط ضد الاضطرابات العالمية، وذلك بعد ظهور موجات من الشركات الناشئة المصرية خلال الفترة الماضية استطاعت تحقيق مستويات مرتفعة من النجاح، جعلتها محط أنظار الدولة كعنصر بارز في معادلة التنمية والتحرك نحو المستقبل خاصة في ظل ظروف اقتصادية عالمية ليست في أحسن حالاتها وتحتاج إلى إعادة التفكير في تعزيز الاقتصاد بخطوات أكثر حداثة.

فالرئيس عبد الفتاح السيسي، وجه بتوفير كل الدعم للشركات الناشئة في مصر على هامش زيارته الأخيرة لجامعة برج العرب التكنولوجية بالاسكندرية كمعادلة رئيسية للتحرك نحو المستقبل، مؤكدا على أنه سيتم تقديم المساعدة والدعم لأي شركة ناشئة، وأنه سيتم إعفاؤها من الضرائب لمدة 5 سنوات، ومنحها امتيازات يجعلها أكثر قدرة على التواصل والتأثير في السوق بشكل أكبر، بالإضافة إلى إفساح المجال لهذه النوعية من الشركات للمنافسة في المشروعات القومية.

الدولة أيضا على نفس المسار، أعلنت عن افساح المجال للشركات الناشئة للمساهمة في تطوير الخدمات الحكومية والتي تتوسع بها على كافة المستويات ومنحها امتيازات تنافسية في هذا الشأن، حيث دعا الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات الشركات الناشئة للمساهمة في تطوير تطبيقات الخدمات الحكومية والتي وصلت إلى 170 خدمة حكومية مرقمنة حتى الآن من خلال منصة مصر الرقمية، وستدعمها الدولة من خلال إنشاء معمل الابتكار الحكومي، الذي ستتم من خلاله دعوة الشركات الناشئة إلى الإبداع والابتكار في مجال تطوير تطبيقات في مجال الخدمات الحكومية لتقديمها للمواطنين بشكل ميسر.

الشركات الناشئة في مصر

تمثل هذه الدعوات والحوافز خطوات رئيسية، لإعداد رؤية موحدة من الجهات المعنية بشأن دفع ملف عمل الشركات الناشئة، حتى لا تتنازع الاختصاصات بين هذه الجهات، إلا أن هناك احتياج لمذيد من الحوافز وفقا لمحللين والتي تتلائم مع طبيعة المرحلة الحالية، حيث واجهت بيئة عمل  الشركات الناشئة عددا كبيرا من التحديات خلال العام الماضي والنصف الأول من 2023 على المستوى المحلي والدولي، مع  تراجع رأس المال المغامر ، وتحرير سعر الصرف مما قاد العديد من الشركات الناشئة إلى مصاعب عديدة، وهو مايحتاج معه إلى خطوات تعمل على استكمال عملية تصحيح السوق وضمان استدامته في استقبال شركات جديدة.

فرغم المصاعب تمكنت الشركات الناشئة المصرية من جمع أكثر من 700 مليون دولار خلال 2022 بنسبة نمو 4 %، ما يجعلها واحدة من أهم القطاعات جذبًا للاستثمارات في مصر وجاءت مصر في المرتبة الثانية بين دول إفريقيا، من حيث عدد صفقات الشركات الناشئة خلال عام 2022، بعدد صفقات بلغ 144 صفقة، وتمكنت الشركات الناشئة المصرية من جذب تمويلات بقيمة 284 مليون دولار خلال الربع الأول من العام الجاري، مقابل 161 مليون دولار للفترة المقارنة من العام الماضي، وبذلك تتصدر مصر التمويلات التي جذبتها الشركات الناشئة في أفريقيا، بحسب تقرير مؤسسة “ماجنيت” عن الاستثمار المخاطر في أفريقيا .

هذه الأرقام الإيجابية مع تحركات الدولة لاستقطاب شركات ناشئة جديدة، تدفع لمزيد من التساؤلات حول قدرة الدولة على استقبال موجة جديدة من الشركات الناشئة الجديدة؟ وما هي الحوافز المطلوبة؟

تحفيز بيئة ريادة الأعمال

كل المؤشرات تؤكد أن الدولة جادة في تحفيز بيئة ريادة الأعمال، ففي يونيو الجاري عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء اجتماعاً، لبحث مقترحات دعم وتحفيز بيئة ريادة الأعمال، بحضور رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، والرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، ورئيس جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، ومسئولي الجهات المعنية.

اجتماع رئيس الوزراء

وأكد رئيس الوزراء اهتمام الدولة بملف دعم وتحفيز بيئة ريادة الأعمال، مشدداً على أن هذا الملف يتطلب تحركاً عاجلاً وسريعاً من أجل تحفيز وتيسير إجراءات إنشاء الشركات الناشئة.

وأشار رئيس الوزراء إلى ضرورة أن يكون التحرك في هذا الملف مقترناً بالعمل من أجل التوصل إلى حوافز واضحة، وإيجاد إطار تنظيمي محدد للتعامل مع الراغبين في تأسيس الشركات الناشئة، مع أهمية أن تكون هناك منصة إلكترونية لتأسيس الشركات الناشئة تعمل بكفاءة عالية، مع تدريب وتأهيل المتعاملين مع راغبي تأسيس الشركات الناشئة على أعلى مستوى.

وخلال الاجتماع، عرض الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة تقريراً تضمن أبرز المقترحات التي تم التوصل إليها لدعم بيئة ريادة الأعمال وآليات تنفيذها، بعد عدد من الاجتماعات مع المسئولين المعنيين، والتي تستهدف إيجاد بيئة متكاملة للعمل على جذب وتحفيز رواد الأعمال والشركات الناشئة، بما في ذلك تذليل كافة المعوقات، وتلبية احتياجات تلك الشركات من خلال منظومة التشريعات والبنية المعلوماتية المُحدثة، وإتاحة الكوادر البشرية المؤهلة للتعامل مع الراغبين في تأسيس الشركات الناشئة، وإتاحة الأسواق التنافسية محلياً وإقليمياً وعالمياً، مع إتاحة التمويل بآلياته المختلفة.

التنسيق الشامل

وأضاف الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار أنه في إطار سعي الدولة إلى دعم بيئة ريادة الأعمال، فقد تم إنشاء وحدة لدعم رواد الأعمال والشركات الناشئة، تتولى التنسيق الشامل بين الجهات المعنية من أجل توفير بيئة مواتية للشركات الناشئة في مصر، والمساهمة في حل التحديات القانونية والإجرائية المتعلقة بالشركات التكنولوجية الناشئة، إلى جانب بناء القدرات وتوفير الدعم الفني للشركات الناشئة والجهات الداعمة، بالإضافة إلى توفير منصة للرد الفوري على شكاوى الشركات الناشئة ومعالجتها بشكل ملائم.

ولفت هيبة إلى أنه تم الاتفاق على عدد من الآليات التنفيذية لترجمة هذه المقترحات إلى خطط وبرامج، والتي تتضمن إنشاء منصة إلكترونية لريادة الأعمال في مصر تتضمن كافة المعلومات اللازمة عن بيئة العمل في مصر، مع تبسيط الإجراءات والتسهيل على رواد الأعمال والشركات الناشئة من خلال الانتشار الجغرافي وتواجد الوحدة بفروع لها في عدة محافظات، فضلاً عن العمل على تطبيق الأنظمة المطلوبة للمساعدة في تيسير إجراءات تأسيس الشركات الناشئة.

الدكتورة هبة زكي
الدكتورة هبة زكي

برامج احتضان

هناك فرصة لاحتضان الشركات الناشئة التي تسعى لتطوير التطبيقات أو تقديم الخدمات في عدد كبير من المجالات، وفقا للدكتورة هبة زكي، مدير مركز مصر لريادة الأعمال والابتكار بالمعهد القومي للحوكمة والتنمية المستدامة، مشيرة إلى أن المركز لديه استراتيجية واضحة تتسق مع رؤية مصر 2030، وتهدف إلى التركيز على دعم الشركات الناشئة العاملة في قطاعات مهمة ولها أولوية، وبالتالي لدينا الابتكار الحكومي من خلال الابتكارات والشركات التي تدعم تسهيلات الخدمات الحكومية، وتهدف إلى رفع كفاءة الخدمات وتسهيل الإجراءات، وهناك أشكال مختلفة من الدعم لهذه الشركات،

تابعت في غضون الأسابيع القادمة سنطلق برامج احتضان لمثل هذه المشروعات، وهذا سيحفز الشركات على الدخول إلى هذا القطاع، من خلال تقديم الإرشاد والتوجيه لها، ومساعدة الشركات ومن لديهم أفكار على تطوير تلك الأفكار والابتكارات، وسيتم تطوير الأفكار لتصبح شركات لها نماذج أعمال وتعمل في الأسواق وتتوسع، ونستهدف عدم اقتصار تطبيق تلك الأفكار في مصر فقط ولكن من الممكن أن تتوسع بالخارج، فبرامج الاحتضان الهدف منها تشجيع الشركات وإرسال رسالة للشباب المهتم بتطوير الأفكار في هذا الاتجاه بأن هناك فرصة لهم من أجل تطبيق أفكارهم، فنحن لدينا الكفاءات والشركات المؤهلة لتقديم هذه النوعية من الخدمات، ولديها فرص كبيرة في هذا القطاع.

ولفتت الدكتورة هبة زكي، إلى أن هناك العديد من القطاعات التي يمكن أن تستقطب الشركات الناشئة وذلك في مجالات تشمل القطاع الزراعي،وقطاع التكنولوجيا المالية فهو يستمر في النمو، ولكنه في حاجة إلى نماذج أعمال جديدة ومختلفة عن الموجود بالسوق، فالشركة التي ستقدم نموذج عمل مختلف ستستطيع تحقيق نمو عالي، أما أي شركة جديدة تحاول أن تقدم خدمات تقليدية موجودة بالسوق ستجد صعوبة كبيرة، وخصوصا في ظل وجود لاعبي كبار مسيطرين في السوق.

الدكتور عصام الجوهري
الدكتور عصام الجوهري

تحديات

من جانبه قال الدكتور عصام الجوهري، أستاذ نظم المعلومات والتحول الرقمي: أنه رغم الحوافز الحكومية المقررة إلا ان هناك تحديات تواجه الشركات الناشئة تحتاج إلى حلها من أجل دعمهم للدخول في مشروعات جديدة أو تسهيل بيئة الأعمال لاستقبال شركات جديدة، وذلك من خلال العديد من الحوافز، ومنها طرح مشروعات واضحة ويكون هناك أفضلية للشركات المحلية، وحل المشكلات الخاصة بالدفع عبر الانترنت، بجانب حل مشاكل تلك الشركات مع الجهاز المصرفي، وطرح برامج تمويلية خاصة لقطاع صناعة المعلومات.

ولفت إلى أنه  يجب الاهتمام بالمواهب التقنية التي أصبح هناك ندرة فيها، حيث إننا لدينا خريجي الحاسبات والمعلومات والكثير منهم يذهب إلى الخليج وأوروبا لوجود فرص عمل أفضل، فيجب تعويض ذلك بوجود برامج تدريبية عملية وتفاعلية، فالبلد إذا استثمرت 10 مليار جنيه في تدريب تلك المواهب سيكون العائد 2 مليار دولار سنويا، حتى إذا عملوا بالخارج سوف يجذبون عملة صعبة للبلد، بالإضافة إلى أهمية تطوير البنية التحتية،

وأشار عصام الجوهري، إلى أن كل هذه الخطوات تحتاج أن تكون في إطار خطة استراتيجية واضحة لصناعة تكنولوجيا المعلومات في مصر، كما يمكن دراسة تجارب الدول التي نجحت في رفع نفسها في المؤشرات الدولية ونفعل ما فعلوه، ويجب أيضا إنجاز ملف الخدمات الرقمية بشكل متكامل، فكل ذلك سيجعل لدينا شركات قادرة على عمل تحول رقمي كامل لمصر وللخدمات الحكومية في كل المجالات، بالتعاون بين الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة مع الشركات الكبيرة.

الشركات الناشئة المصرية
الشركات الناشئة

حوافز

ونوه عمرو العباسي، محلل الاستثمار والائتمان، إن الدولة تتوجه جديا مؤخرا لدعم الشركات الناشئة، بداية من فكرة الإعفاء من الضرائب والتي سيتم مناقشتها من مجلس الوزراء، بجانب أشياء خاصة بتسهيل إجراءات التأسيس والحصول على الاستثمار والتخارج، فكلها حوافز تؤكد أن الحكومة اتخذت اتجاها كبيرا لدعم الشركات الناشئة وتقوم بكل الإجراءات المطلوبة، كما أنها تسمع لمشاكل رواد الأعمال وتعمل على طرح حلول لها، بجانب دعم الشركات من الجانب التمويلي، إذ أصبح هناك اتجاه من القطاع المصرفي لدعم الشركات الناشئة، حيث يوجه البنك المركزي البنوك لتوفير التسهيلات الائتمانية لتلك الشركات، وهناك أيضا دعم من خلال صندوق دعم الابتكار، بجانب الاهتمام ببرامج الاحتضان بالجامعات، وأخذ الأفكار بشكل جدي ومحاولة توفير كل التسهيلات اللازمة لها، فكلها خطوات أفضل من السابق وأهم شيء التفعيل.

وأشار إلى أن هناك أفكار كثيرة لدى الشباب وعندما يجدوا الدعم والتسهيلات والتشجيع من الحكومة سوف نشهد موجات من الشركات الناشئة الجديدة، خصوصا أن الخريجين حاليا لديهم فكر العمل الحر وتأسيس شركات، وهناك قطاعات ستشهد نموا مثل قطاع الخدمات والتكنولوجيا الزراعية والصحية والتعليمية، فهناك كثيرون دخلوا في مجال التكنولوجيا المالية، ولكن حاليا هناك إمكانيات وفرص في قطاعات مثل الزراعة والتعليم، مشيرا إلى أن هناك فرصة لتعزيز خروج شركات ناشئة جديدة في المحافظات بعد أن كان النسبة الأكبر منها تخرج من القاهرة، إذ أن هناك توجها للصعيد، ويتم تعزيز ذلك من خلال دعم الحاضنات الموجودة في المحافظات، بجانب توفير الحوافز السابقة أيضا، فكلها ستكون خطوات داعمة لبيئة الشركات الناشئة في مصر كلها.

وذكر عمرو العباسي، أن أهم ماتجتاجه الدولة في الوقت الحالي في ملف الشركات الناشئة للوصول إلى رؤية موحدة  هو تعزيز التعاون بين كافة الجهات المعنية بهذا الملف وتشمل التعليمية والتمويلية والفنية، خاصة وأن التعاون والتشارك بين اللاعبين الحاليين قليل جدا أمام المطلوب فعله، وكل جهة تريد عمل كل شيء وحدها، وبالتالي إذا تجمعت كل الجهات مع بعضها وهذا هو المفهوم الأساسي لمجتمع ريادة الأعمال، نستطيع أن نحقق النجاح معا، وهذا ما نحتاج إلى التركيز عليه في الفترة القادمة، من خلال تكوين خلايا عمل أكبر، بحيث تكمّل كل الجهات بعضها ويحققون النجاح بشكل متكامل.

طارق رشدي
طارق رشدي

توجه لمساندة الشركات

وأكد طارق رشدي، المستثمر ومؤسس شركة  ui-investmentsللاستثمار: على ضرورة العمل بجانب الحوافز الجديدة على دعم توجه الشركات الناشئة لمجالات مثل الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة والميتافيرس فهي مجالات التي سيكون فيها توجهات للمستقبل، وتدريجيا سيزيد الاهتمام بها، وأعلم أن هناك صناديق استثمار تتشكل حاليا لتمويل شركات التكنولوجيا العميقة في مصر، ولذلك سيكون هناك تركيز على تلك المجالات الفترة القادمة، وهذا ما نحتاجه،

وأضاف أن هناك نمو متوقع أيضا في القطاعات التي تحل مشاكل حقيقية في المجتمع، مثل التكنولوجيا الزراعية وتكنولوجيا التعليم والخدمات اللوجستية، فهي مجالات تغطي فجوات حقيقية موجودة في المجتمع، وسيكون لها فرص للنمو، والدولة ستركز عليها لأنها أحد المحاور التي تستطيع أن تتعامل بها مع مشاكل المجتمع، وأرى أن الحكومة ترى أهمية الشركات الناشئة، وما تفعله من تحقيق أكثر من نصف مليار دولار استثمارات، وهو رقم ليس قليلا ولكن يمكن أن يزيد، وعلى الأرض هناك توجه لمساندتها والوقوف معها ليزيد الاستثمار في الفترة القادمة.

وأشار طارق رشدي، إلى أن الشركات الناشئة تحتاج إلى بيئة تشريعية أكثر مرونة لطبيعة الشركات الناشئة والتعامل معها، وبدأ الفعل يكون هناك حركة على الأرض من أجل تعديل تلك البيئة، ونتمنى السرعة من أجل مواكبة النمو الذي يحدث حولنا سواء في الشرق الأوسط أو أفريقيا، فالإسراع في ذلك مهم جدا، وكل ذلك ينعكس على سهولة تأسيس الشركات الناشئة وحل المنازعات أو تغيير النشاط، فكل ذلك حوافز تدفع الشركات الناشئة للأمام.