Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

الشركات الكورية تعبر على «جسر الذهب» لصناعة الإلكترونيات في مصر

دراسة التجارب الناجحة واستقطابها، هي المسار الرئيسي لفعل “الممكن” للبلدان الباحثة عن رحلة صعود، خاصة في مجالات صناعة الإلكترونيات والابتكار التكنولوجي، حيث الاحتياج لإرادة التغيير إلى جانب العقول النابغة فتكتمل المعادلة، وحيث المقدمات الجيدة التي تؤدي للنتائج المرجوة، في ظل عالم يحكمه تكنولوجيا غير مسبوقة تمتد من الذكاء الاصطناعي إلى السيارات ذاتية القيادة إلى مستقبل قادم “لا نعرف سقفا له”.

ولا شك أن التجربة الكورية، تعد من أبرز تجارب الصعود في هذا المجال خلال السنوات الماضية حيث أصبحت بدءا من منتصف 2019 ثالث أكبر منتج لصناعة الإلكترونيات بعد الصين والولايات المتحدة، مدفوعة بزيادة الاستثمارات في البحث والتطوير من قبل شركاتها الكبرى العاملة في هذا المجال وتوسعاتها في الأسواق العالمية وعلى رأسهم شركات سامسونج للإلكترونيات وإس كيه هاينكس وإل جي إلكترونيكس وغيرها من الشركات الكبرى التي أدت إلى تعزيز مكانة كوريا الجنوبية في صناعة الإلكترونيات في العالم.

وتمكنت الشركات الكورية المتخصصة في صناعة الإلكترونيات من بسط نفوذها على العديد من الأسواق وسط حمى الإقبال على الأجهزة الإلكترونية وفي ظل “فراغ” متروك لم تلمؤه الشركات المحلية للعديد من الدول، وحظت مصر بأهمية كبيرة من جانب الشركات الكورية خلال السنوات الماضية خاصة وأنها تمثل إحدى الدول المحورية بالمنطقة وبوابة رئيسية لنفاذ منتجات الشركة للأسواق الإقليمية والدولية، وهو ما برز في تصريح هونج جين ووك سفير كوريا الجنوبية بالقاهرة الشهر الجاري، بقوله إن شركات الإلكترونيات الكورية تشكل منتجاتها 90% من صادرات مصر من الإلكترونيات.

تصريح يجب ألا يمر مرور الكرام بل يتم طرح تساؤلات حوله خاصة مع حجم هذه النسبة التي تشير إلى سيطرة منطقية للشركات الكورية على صادرات الإلكترونيات في مصر، وأهمها هل يشير إلى نجاح خططي في تعامل الحكومة في هذا الملف، أم يشكل تهديدا للصناعة المحلية التي تبحث عن مخرج للتواجد والتعبير عن قدرتها؟ في صناعة بدأت إرهاصاتها في مصر من خمسينيات القرن العشرين، بعد إنشاء الدولة عددا من المصانع لإنتاج الأجهزة الإلكترونية، في مقدمتها شركة “بنها للإلكترونيات”، والمصانع الحربية والعديد من شركات القطاع الخاص.

جزء من زيارة الرئيس لمصنع سامسونج في 2018
جزء من زيارة الرئيس لمصنع سامسونج في 2018

رؤية الشركات الكورية

وتعد أبرز الشركات الكورية العاملة في مجال التصنيع الإلكتروني والأجهزة شركتي إل جي وسامسونج، واللتان تمتلكان استثمارات كبيرة بالسوق المصرية وحصة سوقية تعد الأكبر في السوق ، وأعلنتا مؤخرا عن توسعات استثمارية بملايين الدولارات بهدف دعم توسعاتهم في السوق المصري، وكونه نقطة انطلاق للتصدير في القارة الإفريقية.

وهو ما تم تأكيده خلال الفترة الماضية بمجموعة من المقابلات لقيادات الشركتين مع العديد من المسئولين والوزراء في مقدمتهم وزيرة الصناعة ووزير الاتصالات ورئيس الهيئة العامة للاستثمار لتقديم جميع التسهيلات والحوافز، من أجل تعميق الصناعة المحلية وتوفير المكونات الداخلة في هذه الصناعة المتطورة كما حظيت الشركتين بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في افتتاحات الشركتين وتوسعاتهما خلال الفترة الماضية، حيث تفقد الرئيس مصنع الإلكترونيات الكوري «LG» بالمنطقة الصناعية في مدينة العاشر من رمضان، كما تفقد الرئيس مصنع شركة «سامسونج» الكورية، بالمنطقة الصناعية بمحافظة بني سويف في 2018 .

ياسر عبد الباري
ياسر عبد الباري

الشركات الكورية أخذت زمام المبادرة

من جانبه قدر المهندس ياسر عبد الباري رئيس برنامج صناعة الإلكترونيات بهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “ايتيدا”، استحواذ الشركات الكورية على نحو 75% من حجم صادرات الالكترونيات المصرية، موضحًا أن ذلك بسبب وجود شركتي سامسونج وإل جي اللتان بدأتا عملهما في السوق المصري مبكرًا عن منافسيها من الشركات الصينية، وهو ما منح الشركات الكورية أفضلية من حيث الحصة السوقية في المبيعات الأمر الذي شجعهم على التصنيع من مصر.

وأضاف أن الشركات الكورية دخلت بنفسها إلى السوق المصري مباشرة ووسعت من قاعدتها في صناعة التلفزيونات وبدأت شركة إل جي مع شركاء مثل مجموعة بهجت للإلكترونيات، وبعدها بدأت الشركة في تصنيع التلفزيونات والأجهزة المنزلية وبدأت الشركات الكورية تتخذ من مصر قاعدة صناعية لها في منطقة الشرق الأوسط وافريقيا، حتى أن  كافة أجهزة التلفزيون التي يتم تصديرها للدولة الأفريقية والعربية صنعت في مصر.

وتابع عبد الباري، أن مصر منحت للشركات الكورية مزايا تنافسية عديدة منها أسعار الاراضي التي حصلت عليها تلك الشركات لإقامة مصانعها منها سامسونج على سبيل المثال حصلت على أرض بني سويف لمصنع سامسونج بدون مقابل يذكر مقابل وجود هذا الصرح الكبير اليوم، كما أن الدولة تمنح تلك المصانع مزايا منها المنافذ الجمركية على أبواب المصانع بدلا من الموانيء ما يسهل عليهم كافة الأمور اللوجيسية، فأصبح الفحص في المكونات الواردة لتلك المصانع أو المنتجات التي يتم تصدريها يتم فحصها على أبواب المصانع بدلاً من الموانئ.

وأضاف أن الشركات الكورية أخذت المبادرة في التصنيع لأنها دخلت السوق المصري مبكرًا وأصبح لديها حصص سوقية كبيرة وسمعة جيدة ما منحها حماس لفتح مصانع لخدمة السوق المصري والعربي والإفريقي بسبب المزايا التنافسية والعمالة المصرية المميزة، لذلك بدأت الشركات الصينية مؤخرًا تأخذ الاتجاه لتصنيع بعض منتجاتها الإلكترونية في مصر من خلالها بشكل مباشر أو عبر مصانع مصرية وذلك رغم أن الصينين لا يفضلون دائمًا الاستثمار خارج بلادهم خاصة في مجال تصنيع الالكترونيات.

وأكد المهندس ياسر عبد الباري، أن التدريب ونقل المعرفة التكنولوجية والخبرات للسوق المصري في مجال الالكترونيات مهم جدًا، خاصة وأن الشركات الكورية لديها معرفة واستراتيجية في تطبيق ثورة الجيل الصناعي الرابع أو ما يعرف بالثورة الصناعية الرابعة، كما لديهم معرفة في الطاقة المتجددة، ومن الممكن أن يساهمو في تدريب الكوادر المصرية على صناعة الإلكترونيات والسيارات الكهربائية، ولكن حتى الآن ليس لديهم مبادرات جادة في هذا الإطار من جانب الشركات الكورية برغم من أن الحكومة تحاول في ذلك للمساعدة في تدريب العمالة الفنية ونقل البرامج والخبرات للتعليم الفني لاكتساب أيدي عاملة ماهرة.

إل جي وسامسونج

وتستهدف شركة إل جي الكورية للإلكترونيات ضخ 40 مليون دولار خلال السنوات الثلاث القادمة.

ووفقا لبلي كيم العضو المنتدب لشركة “LG” للإلكترونيات – مصر ، فإن الشركة بصدد إضافة منتجات جديدة لشاشات التليفزيون، ومنتجات أخرى تشمل الثلاجات والغسالات الكهربائية وبعض الأجهزة الكهربائية الأخرى، إضافة إلى إنتاج مقاسات جديدة من شاشات التليفزيون.

وأشار إلى إن مشروعات إل جي بمصر عبارة عن تجمع صناعي يضم 4 شركات كورية لإنتاج المكونات اللازمة للصناعة، فضلا عن إنتاج المنتج النهائي من خلال الشركة، مشيراً إلى أن حجم استثمارات التجمع الصناعي يزيد عن 500 مليون دولار، ويوفر فرص عمل تقدر بنحو 3 آلاف عامل.

وحسب بيان من هيئة الاستثمار المصرية، عن حصاد عام 2020، قررت شركة “سامسونج مصر” زيادة استثماراتها في السوق المصرية بقيمة 23 مليون دولار خلال 2020، من خلال افتتاح خط إنتاج جديد لتصنيع شاشات الحاسب الآلي في مصانع الشاشات، والتي يُصدر 85% من إنتاجها السنوي إلى الاتحاد الأوروبي، وذلك ضمن حزمة استثمارات جديدة على مدار السنوات الخمس القادمة بقيمة 84 مليون دولار.

وكشف تقرير أن الشركة الكورية قررت استثمار ما يعادل مليار و320 مليون جنيه مصري، وذلك في مجال الصناعات التقنية التي تقدمها سامسونج، وبخاصة في مجال الشاشات والتي ستصدر من السوق المصرية للاتحاد الأوروبي.

مصنع سامسونج ببني سويف
مصنع سامسونج ببني سويف

ووفقا لتشونكي كوان رئيس مجلس إدارة شركة “سامسونج مصر” في مطلع العام الجاري  فإن ضخ استثمارات جديدة هو تأكيد على النجاح الذي حققته الشركة في مصر منذ بدء عمل مصنعها ببني سويف، ودليل على ثقة سامسونج العالمية في القدرات التنافسية للمنتج المصري، وخاصة قدرات المصنع كونه ينتج الحصة الأكبر من منتجات سامسونج في منطقة الشرق الأوسط، وأفريقيا، وجنوب أوروبا، مما يساهم في جعل مصر مركزًا رئيسيًا لتصدير أحدث منتجات سامسونج للمنطقة، لافتا إلى أن مصر تعد من الأسواق الرئيسة لدي شركة سامسونج التي تعمل على تعزيز عملياتها وأعمالها فيها.

واضاف ان الشركة حريصة على نقل التكنولوجيات والخبرات والمعرفة الكورية للاقتصاد المصري من خلال توطين عدد من الصناعات الجديدة وتوفير برامج تدريبية للكوادر المصرية بكوريا فى مختلف المجالات الصناعية والتجارية، مشيراً فى هذا الاطار الى سعي الشركة للاستفادة من كافة اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة بين مصر وعدد كبير من الدول والتكتلات الاقتصادية العالمية فى زيادة صادراتها للاسواق الخارجية

من جانبها جددت سامسونج في إجابة لها عبر البريد الالكتروني لـ “followict” ،أنها تؤمن تماما بإمكانيات السوق المصري والمزايا القوية لمصر في التصنيع والدليل على ذلك التوسع الأفقي بشكل مستمر في الاستثمار بمصنع تلفزيونات بني سويف سواء بتصنيع أحجام وتكنولوجيا جديدة وتصديرها للمنطقة أو إضافة خطوط إنتاج جديدة.

نقل للصناعة

من جانبها قالت مصادرمسئولة بوزارة الصناعة، أن الانفتاح للعمل مع الشركات الكورية في مجال صناعة الإلكترونيات أثبت نجاحة خلال الفترة الماضية في توطين أحدث التكنولوجيا العالمية وأيضا تحفيز التصنيع في هذا المجال الحيوي لتحقيق التمول الرقمي ، وزيادة التنافسية للسوق المصري ليصبح عضوا فاعلا في هذه الصناعة.

وأشار إلى أن هذا التعاون المتنامي سيسهم فى تسريع العمل نحو جعل مصر مركزاً اقليمياً رائداً فى مجال تصميم وتصنيع الإلكترونيات تنفيذا للمبادرة الرئاسية “مصر تصنع الإلكترونيات”، مستبعدا تماما أى تأثير سلبي لهذه التوسعات على الشركات المحلية حيث يراها مؤثرة في تحفيز الاستثمارات في هذا المجال سواءا المحلية أو الاجنبية، وأيضا معززة للقيمة التجارية للدولة في هذه الصناعة في الأسواق الدولية سواءا على مستوي الحوافز المقدمة او توافر العناصر البشرية المدربة للعمل.

خالد إبراهيم
خالد إبراهيم

التكامل مع الشركات الكورية

من جانبه أكد المهندس خالد إبراهيم، نائب رئيس غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات، على أنه لا يمكن لأحد أن ينكر القدرات الفنية والمالية التي تتمتع بها الشركات الكورية العاملة في مجال صناعة الإلكترونيات، ودخول شركة بحجم سامسونج لتنصيع التابلت في مصر بالإضافة إلى استثماراتها الكبيرة يعد مكسب جيد باعتباره استثمار أجنبي مباشر، إلا أنه أكد في الوقت نفسه على ضرورة مشاركة الشركات المحلية بشكل أكبر خاصة في المناقصات الحكومية المتعلقة مثلا بتصنيع التابلت للمساهمة بشكل أكبر في توطين صناعة الإلكترونيات وتشجيع المصنعين المحلين،

ولفت إلى الشركات المحلية كشركات بنها للإلكترونيات، ومصنع الالكترونيات التابع للهيئة العربية للتصنيع، أو شركة سيكو لديهم قدرات وطاقات فنية وبشرية غير مستغلة، مما يشير إلى أن طرح المناقصات الحكومية يمكن أن يتم إسنادها أو ترسيتها على تحالفات تضم شركات اجنبية بجانب المصرية  مما يساهم في في دعم صناعة الالكترونيات لدى الشركات المحلية  وتحفيزهم على تحسين قدراتهم ونقل الخبرات والتجارب العالمية، ولا شك أن الشركات الأجنبية ومنها الكورية  قوية ومنتجها ذو جودة عالية، ولكن هناك خط فاصل بين تصنيع المنتج المناسب، أو المنتج الذي يدفع الصناعة للتكامل .

كريم غنيم
كريم غنيم

استراتيجية التصدير

من جانبه أكد كريم غنيم رئيس شعبة الاقتصاد الرقمي أن الحكومة قامت بتقديم الحوافز المالية والفنية للشركات الاجنبية ومنها الكورية للدخول إلى السوق المصرى والاستفادة من المزايا والحوافز المتاحة في هذا المجال إلا ان توطين صناعة الالكترونيات يرتكز بشكل رئيسي على جهود تكاملية للعديد من الجهات الحكومية والبحثية حيث لا يمكن ان تكون هناك رسوم وضرائب على مكونات الانتاج في حين ان المنتجات النهائيه معفية من الرسوم والضرائب الامر الذي لا يحفز المستثمرين على الدخول إلى عملية التصنيع .

ولفت إلى أن سياسات جذب الاستثمار الأجنبي في صناعة الالكترونيات يجب أن ترتكز على استراتيجية التصدير مع الحفاظ على دعم الشركات المحلية، حيث لانتتوقف الصناعة على حجم السوق المحلى وفقط ولكن السوق الافريقى وما ترتبط به مصر من اتفاقيات تجارية تخول لها تصدير المكونات الالكترونية بدون جمارك علاوة على ضرورة منح حوافز تصدير للمصدرين الذين ينجحون في تصدير منتجاتها للخارج.

شريف الصياد
شريف الصياد

وقال شريف الصياد رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية أن حجم صادرات الصناعات الإلكترونية من مصر يبلغ 600 مليون دولار في أسواق أوروبا وإفريقيا والخليج لافتا إلى أن فترة جائحة فيروس كورونا أثرت بشكل كبير على حجم الصادرات بما يقارب الـ 9 %.

وأشار إلى أن صناعة الإلكترونيات في مصر، تعتمد بشكل رئيسي على استيراد المكونات الأساسية بنسبة تتخطى 50%، وذلك لعدم تصنيعها محلياً، إضافة إلى مشكلة غياب المعامل المحلية لإصدار شهادات “المطابقة للمواصفات” التي تحتاج إليها الدول المستوردة.