Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

التعليم عن بعد.. «تريند» عالمي يُغيّر واقع الأزمة في مصر

تخوض مصر مرحلة غير مسبوقة في مجال التعليم، بإجراء تجارب جادة لتبني نظام «هجين» يستهدف دمج التعليم عن بعد مع طرق التعليم التقليدية، في سياق إجراءات الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.

فبعد أيام قليلة من توجيه الرئيس السيسي للحكومة بضرورة تعميم التعليم عن بعد، أعلنت وزراتي التعليم، والتعليم العالي، عن خطوات استراتيجية في هذا المجال، للتوجه نحو نظام متكامل للتعليم عن بعد يضم المشاركين في العملية التعليمية من القيادات العليا والطلاب المصريين والوافدين، للوقوف على فرص وتحديات هذا المجال الذي تقوده التكنولوجيا نحو مستقبل لم نحظى بالتعرف على نهايته بعد.

فالتحول الرقمي أصبح مفتاحا لكل الأزمات التي ضربت المجالات الاقتصادية والخدمية في أزمة جائحة كورونا، وأصبحت الفرضيات والخطط المتعلقة به في المستقبل، تحدث الآن، حيث لا وقت يشير إلى أننا أمام رفاهية الاختيار أو السير عكس عالم يتجه بقوة نحو رقمنة كل شيء، ومن داخل واقعنا التعليمي نعرف حقيقة بسيطة أن “التقليدي” لم يكن أفضل اختيار.

«نحن على أعتاب ثورة رقمية في العملية التعليمية، ستغيّر كثيرًا من بيئة التعلم»، وفقا لأحمد فتحي، مدير عام شركة “HPE Aruba”، مشيرا إلى تحول الفصول الدراسية من كونها بضعة صفوف للمكاتب إلى بيئة مفتوحة تعزز التعاون بين الطلاب والمعلمين والحفاظ على الأمن سواء داخل الفصل الدراسي أو أثناء التعلم عن بعد، فضلًا عن زيادة مشاركة الطلاب وتوفير ربط عالى الأداء يمكن الاعتماد عليه من أجل دعم تطبيقات التعليم عن بعد التي تتطلب نطاق ترددي عريض.

الرئيس السيسي في زيارة لمدرسة بالأسمرات

 

نفس الأمر أكده المهندس أيمن الجوهري، الرئيس التنفيذي والمدير العام لمنطقة شمال وغرب ووسط أفريقيا والمشرق العربي بشركة سيسكو، حيث يرى أن التعليم بشكل عام سيشهد تحول كبير في المرحلة القادمة سواء استمرت أزمة كورونا أو انتهت، حيث أثبتت التجارب على مدار الشهور الماضية أهمية دمج منظومة وحلول التعليم عن بعد في التعليم بشكل عام، وأنها لم تعد رفاهية.

وأكد محمد رضا مؤسس شركة Eduvation للتعليم الذكي، أن التكنولوجيا قادرة بالتأكيد على النهوض بالعملية التعليمية خاصة في الأقسام الإدارية وإدارة المحتوى التعليمي والتقييمات، وهو ما يوفر الإتاحة ويوفر الوقت والمجهود والتكلفة مشيرا إلى أن مصر لا تمتلك تكنولوجيا محلية تساهم في تطوير التعليم، وإنما يتم الاعتماد على برمجيات عالمية فقط، اما فيما يتعلق بالأدوات والمعدات المستخدمة في التعليم الإلكتروني فيوجد منها جزء محلي مثل السبورة.

ولكن هل نحن جاهزون لتقبل منظومة التعليم عن بعد ، حيث يقتل الرفض المجتمعي أي شىء قبل مولده في التعليم العالي والأساسي ، وهناك رهان على قدرة التعليم عن بعد، على إعادة الثقة بين الحكومة ومنظومة التعليم من جهة ، والمجتمع من جهة أخرى في هذا الوقت الحاسم نتيجة الكثير من الممارسات السلبية التى تراكمت لسنوات طويلة، وأوصلتنا إلى “أزمة التعليم” .

الدكتور محمد أيمن عاشور، نائب وزير التعليم العالي والبحث العلمي لشؤون الجامعات، كشف عن استقصاء استهدف توثيق مجموعة من البيانات المبنية على ردود فعل المشاركين في العملية التعليمية حول أدخال نظم التعليم عن بعد سواءً كانوا من القيادات العليا بالجامعة وأعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة والجهاز الإداري والطلاب المصريين والوافدين.

وأشار نائب وزير التعليم العالي لشؤون الجامعات، أن النتائج أوضحت ارتفاع نسبة تقبل القيادات بالجامعة لفكرة التعليم الهجين، وكانت 82.2 % فيما بلغت نسبة الرفض 17.8 %.

محمد عاشور

ولفت عاشور إلى أهمية التحول الرقمى والمضى قدمًا نحو تهيئة الجامعات لتكنولوجيا الجيل الرابع ، وإتاحة فرص التدريب لجميع الأطراف المعنية فى الجامعة على التقنيات الحديثة والمعاصرة للتعامل مع التغييرات الناشئة.

وتشير النتائج إلى أن هناك فرصة لإعادة موازنة مدارسنا وجامعتنا بحيث نؤمن أن القدرة الأكاديمية ليست كافية من أجل الازدهار، حيث نحتاج إلى التوازن بين ما يسميه خبراء التعليم  “الرأس والقلب واليد” – وتعني (المعرفة والرفاهية وحل المشكلات والإبداع).

حول جاهزيتنا قال محمد معوض استشاري تكنولوجيا التعليم، أن هناك مشاكل أساسية في تطبيق التعليم عن بعد بشكل كامل، أبرزها كيفية امتحان وتقييم الطالب وضمان تفاعله مع العملية التعليمية خلال مدة الدراسة، ولدينا تجارب سابقة في العام الدراسي الماضي لم تكن على المستوى المطلوب والخاصة بالمشروعات البحثية حيث وجدنا ظاهرة بيع الأبحاث للطلبة من عدد من المدرسين وأيضا مساعدتهم في إرسالها ، بما يتطلب ضرورة تشكيل وعي مجتمعي حول أهمية التعليم عن بعد وتدريب  كافة أظراف المنظومة التعليمية.

ولفت إلى أن هناك حلول كثيرة لتلافي حدوث هذه المشكلات، عبر تطبيق التعليم بالمشروع، وذلك من خلال تكليف الطالب بمشروع بحثي معين ويتم تصويره بالفيديو، والاستعانة بأدوات تكنولوجية تمكنا من تقييم الطالب عبر معايير وتصنيفات معينة ، تراعي تنفيذ المشروع وأيضا طريقة عرضه وهل حقق الأهداف المطلوبة ، كما نحتاج إلى تدريب المدرسين على تقييم المشروعات، ومساعدتهم في تطوير شرح الدروس عبر الانترنت ، وتوفير الأدوات التكنولوجية التي تمكنه من التفاعل مع الطلاب .

محمد معوض

من جانبه أكد أحمد فتحي أن تطوير البنية التحتية اللاسلكية هى نقطه البداية؛ للمساعدة فى إنشاء فصول دراسية ذكية ودفع عجلة الابتكار، وهى الداعم الأساسي للوصول بخدمات الإنترنت فائق السرعة إلى معظم مستخدمي الأجهزة المحمولة، ما يساعد المؤسسات التعليمية على تقديم خدمات جديدة والتحول تجاه التعليم الإلكتروني وبما يمكن الشبكة من دعم التطبيقات عند الحاجة، بالإضافة للسبورات الذكية، كاميرات انترنت الأشياء (IoT) والأجهزة اللا تلامسية الأخرى.

تابع “الفترة الأخيرة ساهمت وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي بالتنسيق مع وزارة الاتصالات في خلق بنية تحتية جيدة قادرة على دعم منظومة التعليم الإلكتروني”.

وشدد محمد رضا، على ضرورة مساهمة القطاع الخاص في دعم منظومة التعليم الإلكتروني، سواء دعم مادي مباشر أو دعم من خلال الأدوات والبرامج المستخدمة.

كما ألمح مؤسس Eduvation إلى أن منصات التعليم الإلكتروني تساهم في خفض تكاليف العملية التعليمية، فإذا نجحنا في الاكتفاء بالتعليم من المنزل فهذا يوفر تكاليف طائلة على الطلاب كذلك يساعد في حماية المنشآت التعليمية وزيادة عمرها الافتراضي.

أما عن التحديات التي تواجه التعليم عن بعد، فأشار رضا إلى أن غياب الثقة لدى الطلاب وأسرهم في تحويل التعليم من شكله التقليدي إلى شكل تكنولوجي جديد، ومازلنا نحتاج للمزيد من الوعي خلال الفترة المقبلة، كذلك البنية التحتية للإنترنت تحتاج للمزيد من التطوير، بجانب آليات اعتماد الشهادات التي يحصل عليها الطلاب من خلال التعليم الإلكتروني، بالإضافة لقوة المحتوى الخاص بالتعليم الإلكتروني الذي ما زال يحتاج إلى جهود أكبر من جانب الجهات التعليمية.

ووقعت وزارتي التعليم العالي والاتصالات بروتوكول نوعي أمس الاثنين بشأن تنفيـذ مشروع منظومـة الاختبارات المميكنـة وتطبيقـات الجامعات الذكية وتطوير البنية التحتية والنظم التكنولوجية بوزارة التعليم العالي والبحث العلمـي.

وتبلغ مدة العمل بالبروتوكول خمس سنوات، بتكلفة إجمالية 4 مليار 722 مليون جنيه، ويشتمل نطاق أعماله على مشروعات إتاحة تطبيقات الجامعات الذكية؛ وتطبيق نظام إدارة التعليم ” LMS “؛ وتنفيذ مبادرة المحتوى التعليمي الإبداعي، بالإضافة إلى ميكنة الخدمات بقطاعي التعليم والبعثات بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي بهدف تحويل الجامعات المصرية إلى جامعات رقمية وتطوير البنية التحتية للاتصالات بها لتلبية متطلباتها في تحقيق التحول الرقمي، بالإضافة إلى التعاون في تطوير النظم التكنولوجية بوزارة التعليم العالي لتمكينها من تقديم خدمات رقمية متميزة وذلك في إطار تضافر جهود قطاعات الدولة لبناء مصر الرقمية.

توقيع اتفاقية تطوير شبكة الجامعات
اتفاقية بين وزارتي التعليم العالي والاتصالات

“بنك المعرفة يعد تجربة حقيقية لاختبار وقياس نظام التعليم عن بعد في المستقبل”..وفقا للدكتور ماجد صادق، رئيس الشبكة القومية للمعلومات بأكاديمية البحث العلمي، والذي تابع ” في عام 2016 أطلقنا بنك المعرفة المصري، إلا أنه كان يستهدف في البداية الباحثين والأكاديميين وطلبة الجامعات، لذلك كانت أعداد المستفيدين من البنك ضعيفة مقارنة بما كنا نطمح إليه، وفي هذا التوقيت لم يكن طلاب المدارس لديهم الأدوات الي تؤهلهم للدخول على البنك ولم يكن لدينا واجهة استخدام مناسبة لطلاب التربية والتعليم أو المحتوى المناسب لهم.

وتابع، أن الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم قرر تعظيم الاستفادة من بنك المعرفة وتم تركيب Learning mange system بواجهة مخصصة لطلبة المدارس وتم ضخ كنوز من البيانات، ومنذ بداية مارس 2019 بدأ الاستخدام يزيد بشكل ملحوظ جدًا.

ومع أزمة كورونا قمنا بتبديل امتحانات نهاية العام بالأبحاث ومن وقتها رصدنا زيادة 6 أضعاف على محتوى بنك المعرفة، لأن الابحاث أجبرت الطلاب على الدخول بما في ذلك طلاب المدارس الدولية، لان المحتوى يخاطب كل أنواع المدارس في مصر، ومع بداية العام القادم سيتم دمج مرحلة 3 ثانوي عام مع تسليمهم أجهزة التابلت.

بنك المعرفة المصري

وتابع أن الجميع الآن من طلبة وأولياء أمور لديهم علم ببنك المعرفة، خاصة أن الكتب الخارجية متاحة عليه بشكل تفاعلي، ونتوقع استمرار الاستخدام حتى بعد وقت الكورونا، وهو ما رصدناه بالفعل لأن المحتوى المتاح جذاب ومجاني وهو مايفتح الباب لدعم وتمكين التعليم عن بعد .

وفيما يخص تقييمه للبنبية التحتية وقدرتها على تطبيق منظومة (التعليم عن بعد)، أشار ألى أن القاهرة الكبرى والمحافظات الكبرى مثل الاسكندرية أصبح لديهم بنية تحتية جيدة بعد الجهود الكبيرة التي بذلتها الشركة المصرية للاتصالات على مدار الفترة الماضية، إلا أن الأقاليم والقرى في المحافظات لا تزال تحتاج إلى جهد أكبر لمد كابلات الفايبر، مؤكدًا أن مشروع وزارة التربية والتعليم دفع وزارة الاتصالات والشركة المصرية للاتصالات لرؤية حجم المشاكل في بعض المحافظات، بعدما قابلنا صعوبات كبيرة جدًا في كثير من المدارس خاصة خلال فترة الامتحانات.

وأعلن المهندس عادل حامد الرئيس التنفيذي للشركة المصرية للاتصالات في نهاية أكتوبر 2018 توصيل شركته الإنترنت الفائق السرعة عبر شبكات الألياف الضوئية إلى المدارس الثانوية وعددها 2563 مدرسة في 27 محافظة، كالتالي: أسوان 43 مدرسة، أسيوط 115، الأسكندرية 150، الإسماعيلية 52، الأقصر 35، البحر الأحمر 26، والبحيرة 106، والجيزة 167، والدقهلية 186، والسويس 24، والشرقية 206، والغربية 132، والفيوم 61، والقاهرة 317، والقليوبية 142، والمنوفية 140، والمنيا 119، والوادي الجديد 29، وبني سويف 82، وبورسعيد29، وجنوب سيناء 20، ودمياط 67، وسوهاج91، وشمال سيناء 29، وقنا81، وكفر الشيخ 99، ومطروح 15 مدرسة.

عادل حامد

وأضاف الدكتور ماجد صادق، أن الاستثمار الذي تضخه الشركة المصرية للاتصالات في هذا الإطار ينعكس عليها بشكل إيجابي، أولها أن حجم الاشتراكات على خدمات الانترنت الارضي والتليفون المنزلي ارتفع بشكل كبير وانخفضت الوصلات غير الشرعية بسبب وعي أولياء الأمور بأهمية وجود انترنت بشكل دائم، لافتا إلى أن المصرية للاتصالات أيضًا كانت مستفيدة من تقديم شرائح الموبايل للطلبة والمدرسين ضمن منظومة التابلت وفعلت خلالها 2 مليون خط تقريبًا كان يصعب تحقيقها في أي مشروع آخر.

وفي مذكرة بحثية حديثة لشركة بلتون المالية، أشارت لإدراك الحكومة وأصحاب الأعمال الحاجة الملّحة للتحول الرقمي في كافة المجالات، بما في ذلك قطاع التعليم، مع تشجيع الجامعات والمدارس على تطبيق التعلّم عن بعد بدءً من العام المقبل، مع تقديم عديد من الخدمات حالياً عبر الإنترنت وتخطيط الحكومة للإعلان عن خطة متكاملة للتحول الرقمي بالكامل لكافة الكيانات الحكومية بحلول الربع الرابع من 2020، بالإضافة لقطاع الأعمال الخدمية.

مستقبل شركات المحمول في التعليم عن بعد

وعن امكانية استفادة باقي شركات الاتصالات والتي بدأ بعضها بالفعل العمل على إيجاد طرق وحلول مبتكرة للاستفادة من كعكة التعليم عن بعد، أشار ماجد صادق،إلى أن ذلك يجب أن يتم من خلال وزارة الاتصالات ووزارة التربية والتعليم، حتى يتم توحيد الجهود تحت إطار سليم بدلاً من تشتيت الجهود.

وفي مارس الماضي أعلنت شركة أورنج مصر تعاونها مع شركة “أفايا” لحلول الاتصالات الموحدة فى إتاحة تقنية التعلم عن بعد فى مصر من خلال تطبيق Avaya spaces المتاح لجميع المؤسسات التعليمية بما في ذلك المدارس والجامعات مجانًا بالإضافة إلى باقات داتا خاصة لهذه الخدمة، حيث يقدم التطبيق خدمات متعددة للمعلمين والطلاب وحتى أولياء الأمور، وتتنوع الخدمات المتاحة للأساتذة بين عقد فصول دراسية افتراضية ومراسلة جميع الطلاب والعمل على المشاريع الدراسية فضلا عن إمكانيات أخرى عديدة يتحها التطبيق.

ويمكن تطبيق أورنج وأفايا بحسب هشام مهران نائب رئيس اورنچ مصر لقطاع الشركات، المشاركة في الفصول الدراسية الافتراضية باستخدام أي نوع من الأجهزة الذكية ومن أي مكان، مع إمكانية تنزيل المواد الدراسية وإرسال المهام الدراسية للأساتذة الكترونيا، يعمل التطبيق على جميع الأجهزة الذكية بكافة أنظمة التشغيل (أندرويد – آي أو إس)، كما يمكن الاستفادة من خدماته عبر أجهزة الكمبيوتر الشخصية والمحمولة، ويتيح التطبيق عقد مؤتمرات صوتية ومرئية عالية الجودة بين الطلاب والأساتذة بما يتماشى مع احتياجات المؤسسات التعليمية. كما يسمح التطبيق بإمكانية تبادل الملفات والرسائل والمشاريع الدراسية في واجهة واحدة لتحقيق أهداف السنة الدراسية.

هشام مهران

بينما تعاونت فودافون مصر مع دار “نهضة مصر” للنشر، لإطلاق مبادرة تدعم الطلاب المصريين لاستكمال الدراسة عن بعد، وذلك من خلال منصة تعليمية إلكترونية تتيح عليها نهضة مصر مصادر ومحتوى تعليمي رقمي من السلسلة التعليمية الأشهر “الأضواء”، وتضم المنصة المجانية فيديوهات شرح من قبل مدرسين متخصصين تم إنتاجها خصيصًا لتغطي فترة الدراسة من المنزل، بالإضافة إلى وسائل تقييم متعددة وأسئلة تفاعلية وأدوات تواصل مباشر مع المدرسين، وفقًا لمحمد حنة، رئيس مجلس أمناء مؤسسة فودافون مصر لتنمية المجتمع.

هل تقضي التكنولوجيا على الدروس الخصوصية؟

أزمة التعليم عن بعد تصاحبها أزمة أخرى في ظل وجود سوق عشوائي للدروس الخصوصية، والمراكز التعليمية، فكيف ترى وزارة التربية والتعليم هذه الأزمة، وهنا يقول الدكتور ماجد صادق، أن أزمة كورونا وإغلاق مراكز الدروس الخصوصية أثر سلبًا على العملية التعليمية في مصر لأنه حدث بشكل مفاجيء، ولا يمكن إنكار أن المراكز ساعدت في منظوم التعليم للطلبة التي لم تكن تعتمد على المدارس كوسيلة لتلقي المحتوى، ولكنها تحولت إلى استغلال هدفها تحقيق الربح التجاري فقط بما يؤثر سلبًا على العملية التعليمية، خاصة وأن الطلاب كانوا يذهبون إليها للحصول على الامتحانات المتوقعة لتحقيق أكبر مجموع بعد ذلك في الكليات يثبت عدم درايتهم بما درسوه.

وهنا نؤكد أن أزمة كورونا أحدثت ما يمكن ان نسميه (فطام) من الدروس الخصوصية بشكلها التقليدي، وأجبرت الطلاب وأولياء الأمور على التفكير في المدرسة والمحتوى المتاح على الانترنت الذي تم تطويره بشكل كبير يتناسب مع فهم الطلاب، وهذا أثبت أن الوزارة كانت سابقة بخطوات، هذا اتضح من خلال المدارس الدولية التي أقبلت على المحتوى المتاح باللغة الانجليزية والعربية.

أما التحديات أمام منظومة التعلم عن بعد، فيقول عنها الدكتور ماجد صادق، أنها تتمثل في ضرورة تطوير البنية التحتية لاستيعاب زيادة استخدام الطلبة، وكذلك هناك أهمية لاتاحة باقات مخفضة السعر أو مجانية للطلبة، كذلك يجب التأكد من المساواة بين الطلاب في كافة المحافظات، حيث كشفت إنجلترا منذ أسبوعين أن تجربتهم للتعليم عن بعد خلال أزمة كورونا أثبتت أنها لم تحقق العدالة التي كانت تتحق في التدريس بشكله السابق، لذلك يجب توفير كافة الأدوات للجميع، لذلك قمنا بتوزيع التابلت حتى لا يتحجج أحد بعدم وجود وسيلة اتصال.

وأضاف أن أولياء الأمور يحتاجون إلى تغيير ثقافتهم ومحو اميتهم التكنولوجية، وأن البوصلة بدأت تتحول من الدروس الخصوصية إلى المحتوى على الانترنت، كما أن المدرسين في حاجة إلى تدريبهم، وليكن بالتعاون مع شركات القطاع الخاص ومقدمي خدمات التكنولوجيا والاتصالات بمراكز لتدريب المدرسين أو ورش عمل.

وكشف عن أن وزارة التربية والتعليم كانت تدرس فكرة دمج الدروس الخصوصية وأصحاب المراكز في منظومة إلكترونية شاملة، يقدمون من خلالها محتوى جد ويكون التقييم بحسب استفادتهم، ومن هنا يحقق المدرس عائد كلما ارتفع تقييمه في المحتوى الذي يقدمه، وهو ما قد يساعد على أن يكون المحتوى بالكامل من مدرسين مصريين بدلًا من اللجوء إلى مؤسسات دولية، فضلاً عن أن ذلك سيساعد في دمج المدرسين ومراكز الدروس الخصوصية في منظومة الاقتصاد الرسمي.

أحمد فتحي

أحمد فتحي، مدير شركة “HPE Aruba” يقول، :” بعد مناقشة المتخصصون في مجال التعليم خلال الفترة الماضية، وجدنا أن اغلب التحديات التي تواجههم تتشابه مع تلك التي تواجه العملاء من القطاع التجاري وتتمثل فى كيف جذب الطلاب مرة أخرى لاستئناف العملية التعليمية بالفصول الدراسية “physical locations”، مع مراعاة التباعد الإجتماعي؟، كيف نشجع الطلاب على المشاركة أثناء دورات التعليم الإلكتروني ذات الإطار الزمني الممتد؟ ما الآثار المترتبة على إعداد الخطط التعليمية والتكنولوجية لدعم اتجاهات التعلم الجديدة ؟ حيث تعد هذه التحديات ضاغطة بشدة على الأطراف الذين اعتادوا على العمل بتقنيات تقليدية.

وأضاف أن شركته التي تعد إحدى الشركات التابعة لشركة هيوليت باكارد (HP)العالمية، لديها مجموعة من الحلول التقنية التى تهدف لمساعدة المؤسسات التعليمة على تسريع جهود اعتماد التعلم عن بعد، حيث أصبح بمقدور التكنولوجيا دعم أنماط التعلّم الجديدة، إذ تتيح أجهزة الكمبيوتر والأدوات المصممة للتعليم للطلاب عملية تعليمية مرنة من حيث الزمان والمكان ما يعزز وتيرة التعلم، سواء داخل الفصل الدراسي أو خارجه، أو في إطار بيئات متنوعة.

وقال المهندس أيمن الجوهري، الرئيس التنفيذي والمدير العام لمنطقة شمال وغرب ووسط أفريقيا والمشرق العربي بشركة سيسكو أن سيسكو تقدم في هذا الإطار منصتها ويبكس الشاملة، والتي تحقق تفاعل كبير بين المدرس والطالب، خاصة وأن مدمج بداخلها تفاصيل كثيرة تجعلها قادرة على استيعاب أعداد كبيرة جدًا من الطلبة للمشاركة في نفس الوقت، مع ضمانة تحقيق أعلى معدل من الاستفادة والتأمين الخاص ببيانات كافة المستخدمين للمنظومة (طلاب ومدرسين).

وأوضح ان سيسكو، تعمل في هذا المجال مع وزاة التعليم العالي، وقامت بتوصيل الوزارة بشبكة الجامعات كلها وكانت وسيلة الاتصال الرئيسية بين الوزارة وقيادتها ورؤساء الجامعات، وكذلك الطلاب.

أيمن الجوهري، أضاف أن سيسكو تعمل أيضًا مع وزارة التربية والتعليم، وبالفعل تم تركيب منصة ويبكس داخل العديد من المدارس الدولية التي بدأت تعتمد منظومة التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد الفترة الماضية، مؤكدًا أن العاملين في المنظومة التعليمية في مصر والعالم اكتشفو بعد كورونا ضرورة وجود حلول تكنولوجية تتميز بالمرونة خلال الأزمات وما بعدها، ولذلك فإن حتى تطبيق نظام (الميكس) الذي يستهدف الدمج بين التعليم التقليدي والتعليم الإلكتروني عن بعد يستوجب وجود الحلول التكنولوجية بصفة دائمة تحسبًا للأزمات خاصة وأن موعد انتهاء موجة كورونا ليس معلومًا لأحد، ولا يمكن لأي شخص أو مؤسسة حتى الآن التنبوء بشكل واضح موعد انتهائها.

الدمج بين التعليم التقليدى والأون لاين

وعرضت دراسات للعديد من المراكز البحثية والتحليلة لعميلة التعلم عن بعد، عن أليات يمكن للدول الفقيرة الاعتماد عليها.

تتمثل في خلق منصات إلكترونية للمعلمين ، حيث يمكن إنشاء منصة إلكترونية يستطيع المعلمون من خلالها مشاركة أفكارهم ومقترحاتهم حول تطوير تكنولوجيا التعليم، مثل منصة DIKSHA الهندية التي ساهمت في استضافة الخطط التعليمية، والمواد المقترحة من قبل المعلمين عبر سنوات، وبدعم من السلطات المركزية للدولة.

وتساهم تلك المنصات في تحسين قدرات المعلمين على استخدام تكنولوجيا التعليم، وكذا تحسين جودة المناهج عبر مجهودات المعلمين في خلق محتوى تعليمي متطور باللغات المحلية، كما يمكنها توفير أدوات لإبلاغ المعلمين بردود الفعل عن مقترحاتهم وما يقدمونه من محتوى، كما في حال منصة Tusome بكينيا، التي ساهمت في سد فجوات التعلم في البيئات محدودة الموارد.

كما تشمل تلك الأدوات بثّ الدروس التعليمية عبر منصات التليفزيون والراديو للوصول إلى الطلاب المحرومين من استخدام الإنترنت: فالتلفزيون والراديو أثبتا فاعليتهما بمراحل التعليم الأولى (المرحلة الابتدائية)، ويتم حاليًّا استخدام التلفزيون لبث البرامج التعليمية في دول عدة، من بينها كينيا وتنزانيا، وبالنظر إلى أن التليفزيون والراديو وسيلتا تعلم في اتجاه واحد، حيث يتلقى الطلاب المعلومات فقط دون التفاعل مع المعلمين؛ يمكن الاعتماد على خدمات الرسائل النصية القصيرة SMS، وتوسيع تفعيل مجموعات التواصل بين الطلاب والمعلمين عبر تطبيق الواتساب، الذي يحتل مكانة كبيرة في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل.

ويمكن الاستفادة من البنية التحتية الحالية والتكنولوجيا الرخيصة لإعداد المبادرات بسرعة وعلى نطاق واسع وبقليل من الاستثمار، حيث تم تصميم تطبيقات لتكنولوجيا التعليم للعمل من خلال الهواتف العادية عبر الرسائل النصية القصيرة SMS مثل: (textTETEA في تنزانيا، أو Eneza Education في كينيا وغانا وكوت ديفوار).

وتشمل عملية التحول للتعليم عن بعد، عمل مواقع شاملة الموارد التعليمية عبر الإنترنت: تضم دورات تعليمية مختلفة ومجانية، ويمكن الوصول لتلك المواقع من قبل الطلاب أنفسهم أو بمساعدة آبائهم، مثل أكاديمية خان Khan Academy التي تحظي بمتابعة ملايين من الطلاب على مستوى العالم وبدأت أعمالها من أكثر من 12 عاماً بإتاحة المحتوى التعليمي على الانترنت.

ويرى مركز “المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة” في أبو ظبي، أن مستقبل التعليم عن بعد على المدى البعيد سيكون له أبعاد مختلفة وعرضها بالشكل التالي:

1- تطوير نظام التعليم عبر اللعب: لو طال أمدُ إغلاق المدارس فسيفقد الطلاب حماسهم تجاه العملية التعليمية، ولن يستطيع الآباء تشجيعهم بمفردهم على مواظبة التعلّم، ولذلك هناك حاجة لتطوير تطبيقات تعليمية على شكل ألعاب، تحتوي على الدروس التعليمية المختلفة، ويتم بثها عبر الإنترنت أو الراديو أو التليفزيون، مع منح نقاط تحفيزية للطلبة المتقدمين على أقرانهم.

2- تدشين قاعدة بيانات تعليمية: ستساهم تلك القاعدة في توفير البيانات الأساسية عن الطلاب واحتياجاتهم، وظروفهم الاجتماعية، مع تحديد “التكنولوجيا المتاحة داخل كل أسرة”، والثغرات المتعلقة بعدد الأطفال المتسربين من التعليم، فضلًا عن استخدام تطبيقات فعالة في تكنولوجيا التعليم، تتلاءم مع السياق المحلي، مع توضيح نقاط الخلل التي ينبغي تحسينها للتغلب على مشكلات الحصول على التعليم، إلى جانب مراعاة مبدأ خصوصية البيانات.

3- امتلاك التكنولوجيا المناسبة “لتشخيص ومعالجة” فجوات التعلم التي ظهرت أثناء الأزمة: تُساعد برامج التعليم الرقمية على سد الفجوات في البلدان منخفضة الدخل، فعلى سبيل المثال، ساعد برنامج Mindspark الذي تم تطبيقه في الهند، في تحسين درجات المتعلمين في الرياضيات بنسبة 38٪ على مدى أربعة أشهر ونصف، حيث تُقيّم تطبيقات الأجهزة اللوحية “التابلت” مستوى الطلاب الحالي، وتمنحهم دروسًا وتمارين مخصصة.

ويعد التعلم عن بعد تجربة مفيدة من منظور الأطراف المعنية بالجامعة (القيادات-أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة- الجهاز الإداري- الطلاب) بعد تلافي التحديات والنقاط السلبية التي حدثت .

وفي حالة انتظام الدراسة يمكن تطبيق التعلم المدمج لوضع الجامعات المصرية والمدارس المصرية في حالة تحرك لأي ظروف عاجلة مثل ما يحدث بسبب فيروس كورونا المستجد، وإتاحة فرص التدريب لجميع الأطراف المعنية في الجامعة على التقنيات الحديثة والمعاصرة للتعامل مع التغييرات الناشئة.