تحوّلات جذريّة يشهدها العالم في الملف الاقتصادي وآليات التنمية المستدامة منذ سنوات، تشير إلى أن “قواعد اللعبة” لم تعد كما كانت، حيث تم تشكيل عصر جديد يغلب عليه الابتكار والبحث عن كل ما هو ينتمي للمستقبل من باب كبير يعرف بـ “ريادة الأعمال”، حيث أصبحت الفكرة تشكل طريقا، والعقل البشري أحد أهم العناصر في المنظومة الاقتصادية، والشركات الناشئة والمؤسسات الصغيرة من أهم عوامل الإيرادات الإجمالية وجلب الثروات والاستثمار الأجنبي للدول.
فخلال السنوات الخمسة الماضية وصل عدد رواد الأعمال حول العالم إلى 582 مليون رائد أعمال، ولا يبدو الأمر مفاجئا أن نصف أثرياء العالم ضمن قائمة فوربس للأثرياء لأول 15 شخصا كانت ريادة الأعمال طريقهم لهذا الثراء ودخول نادي المليارديرات، ولا يبدو مفاجئا أيضا أن أكبر الشركات التي تحتل قائمة أكبر العلامات التجارية حول العالم كانت ريادة الأعمال كلمة السر لتتفوق على شركات ضخمة في قطاع الصناعة والطاقة.
فأين تقف مصر في هذا الملف وهل أصبحت ريادة الأعمال جزء من هويتها؟
الحقيقة أن الدولة المصرية صاغت في سنوات ماضية العديد من المبادرات للنهضة بملف ريادة الأعمال، عبر سياسات اعتمدت في البداية على سياسات تعتمد على “التمويل” كحل للنهوض بهذا الملف وهو ما أفقدها قدرتها على تحقيق أهداف استراتيجية على المدى الطويل خاصة وأن التمويل يشكل عنصرا رئيسيا ولكنه لايصيغ “رؤية”.
ومن جانب آخر.. تعاملت شركات القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني مع الملف كجزء من ملف التنمية المجتمعية “csr”، وهو ما حوّل مساهمات الشركات إلى مسابقات ومنح مالية قد لا تحقق أهدافا استراتيجية على المدى المتوسط والبعيد.
والمسألة أكبر بكثير.. فتشكيل أطروحة حقيقة لملف ريادة الأعمال يحتاج إلى الاتصال والترابط بين أفكار المشروعات وخطط التنمية للدولة المصرية، وصياغة رؤية محلية تعتمد على الخروج بأفكار تناسب الاحتياجات الحقيقية للمجتمع وقدراته، للتعرف على التحديات لمواجهتها والنواقص لاستكمالها، وأيضا كسب الثقة بين فئة الشباب المستهدفين الحقيقيين بهذه المشروعات لإنتاج ما نرغب في الوصول إليه وهو صناعة تجربة ناجحة في ملف ريادة الأعمال تلائم قيمة حدث الإصلاح الاقتصادي الذي نفذ، وتحقيق رؤية مصر 2030.
إعادة تشكيل استراتيجية ريادة الأعمال
الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أكدت على مضي الدولة في وضع خارطة طريق واستراتيجية مُحدثة للنهوض بقطاع ريادة الأعمال لتلافي أخطاء الماضي، تعتمد على التنسيق والتكامل في الجهود بين الجهات المختلفة الفاعلة، الحكومية والخاصة، للنهوض بقطاع ريادة الأعمال وضمان مشاركته في التنمية الاقتصادية، مشيرة إلى أن هذه الخطوة ستسهم في تحسين الترتيب المصري في تقارير المؤسسات الدولية والأقليمية، بما ينعكس بشكل مباشر علي التنمية الاقتصادية المستدامة.
وأكدت الدكتورة هالة السعيد أن أهم عناصر هذه الاستراتيجية هي تحديد القطاعات ذات الأولوية والميزة التنافسية من خلال الوقوف على أهم الفجوات التنموية الاقتصادية والاجتماعية، بحيث تكون بمثابة فرص استثمارية لإتاحتها كفرص للمشروعات الناشئة، لتطور حلول مبتكرة لتلك التحديات وربطها بمخرجات البحث العلمي، علاوة على التوصية بالعمل الفوري على تحسين بيئة الأعمال في مصر ويتطلب ذلك خطة عمل على المدى الزمني القصير والطويل، وبخاصة في المجالات التي نطمح لتحسين ترتيب مصر دوليًا بها، مما يساهم في تحسين البيئة الاستثمارية والتنظيمية لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
ولفتت إلى أن مشروع رواد 2030 التابع لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية استطاع أن يساهم منذ انطلاقة في توفير العديد من الخدمات والتي تضمنت منح تعليمية والحصول على درجة الماجستير لدراسة مجال ريادة الأعمال بشكل أعمق وعلي نطاق أوسع، فضلًا عن مساهمته في دعم وتأسيس حاضنات أعمال للشركات الناشئة التي تقدم أفكاراً جديدة في سوق العمل خلال عام 2020 ، وهو مايمثل مجرد بداية لما هو قادم .
فيما يؤكد الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، على دعم الدولة الكامل ومساندتها لريادة الأعمال ونشر ثقافة العمل الحر لما تمثله من أهمية لبناء اقتصاد قائم على المعرفة والابداع، مشيرا إلى حرص وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على تحفيز وتشجيع وبناء قدرات رواد الأعمال المبتكرين ودعم الشركات الناشئة من خلال تنفيذ عدد من البرامج والمبادرات التي تستهدف تحويل أفكارهم الخلاقة إلى مشاريع قائمة على أرض الواقع، وايجاد المناخ الملائم لنمو الشركات الناشئة والتوسع في أعمالها، خاصة وأن النسبة الأكبر من المشروعات الناشئة تنتمي للقطاع الاتصالات بشكل أو بآخر.
هذه الرؤية الطموحة والجديدة من جانب الدولة تحتاج لما يطلق عليه “تحديد إطار عام للأفكار”
ويعني أن تقوم الدولة المصرية بصياغة خطة مبدئية للمشروعات الرائدة من حيث تخصصاتها الاستثمارية، تتفق من ناحية مع خطة الدولة التنموية، ومن ناحية أخرى تتفق مع قواعد ومبادئ الاستثمار في القرن الحادي والعشرين والمفاهيم الجديدة التي ظهرت مؤخراً فيما يتعلق بثورة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وغيرها، لأن تحديد هذا الإطار العام سيسهل من ناحية على أصحاب المبادرات والأفكار والقادرين على خوض سباق الاستثمار والمغامرة مسألة وضع الفكرة الاستثمارية وصياغتها وتنفيذها، ومن ناحية أخرى سيدعم بشكل مباشر التنمية الاقتصادية في الدولة من خلال توافق المشروعات الرائدة مع خطط الدولة المستقبلية.
“وفي طريق هذا التحول لصناعة منظومة متكاملة يجب تحديد أيضا نماذج الاستثمار” وفقا للمهندس محمد عكاشة، مؤسس صندوق Disruptech المتخصص في الاستثمار بشركات التكنولوجيا المالية الناشئة، والذي يرى إن نموذج الاستثمار في الشركات الناشئة العالمية يبدأ من الحاضنات ثم الانتقال إلى مسرعات الأعمال، بعدها إلى صناديق الاستثمار، موضحًا أن مصر بها حاضنات، إلا أن مسرعات الأعمال حتى الآن لم تصل لمرحلة النضوج التي تمكنهم من الحكم وتقييم الأفكار المناسبة للسوق عملياً وقدرتها على الاستمرارية والنجاح.
وأشار إلى أن فكرة تمويل بعض الشركات أو رجال الأعمال لمشروعات ناشئة أو رواد أعمال من منطلق المسئولية المجتمعية مسألة قديمة ويجب التوقف عنها تماما حيث أنها لا تخدم البيزنس بأي شكل من الأشكال، حيث قد يساهم في بناء كوادر ويطور مهارتهم لكنه لا يساهم في وجود صناعة مستقلة تضمن تحقيق عوائد استثمارية لتلك الشركات ويجب أن يكون التمويل في صورة استثمار مباشر.
ولفت محمد عكاشة، إلى أن أكبر 10 عائلات في البيزنس في مصر حاليا لديهم استثمارات في شركات ناشئة سواء من خلال شركاتهم الأم أو من خلال شركات وسيطة أو شركات صغيرة يملكونها، وهو ما يدلل على أهمية هذا المجال وأنه قادر على تخريج شركات ضخمة، مطالبًا بضرورة أن يكون هناك صناديق متخصصة في أنواع محددة من البيزنس على سبيل المثال الحلول الطبية والحلول المالية وحلول الزراعة وهكذا، وذلك لأن أغلب الصناديق في السوق المصري حاليًا غير متخصصة وهو ما يؤدي إلى ضعف جودة المنتجات أحياناً.
وساهم بعض نماذج رجال الأعمال في مصر كالمهندس نجيب ساويرس وأحمد أبوهشيمة وغيرهم خاصة من الأجيال الجديدة من رجال الأعمال، وطرحهم مبادرات لدعم وتمويل رواد الأعمال في خلق حالة من الزخم حول ملف تمويل ريادة الأعمال خلال الفترة الأخيرة باعتباره فرس رهان المرحلة المقبلة لتعزيز الناتج المحلي خاصة في ظل التداعيات الكبيرة على الاقتصاد المحلي والعالمي التي فرضتها جائحة كورونا.
وقال محمد نجاتي رائد الأعمال في مجال التكنولوجيا والشريك المؤسس لشركة «حالا» سابقا والرئيس الإقليمي الأسبق لشركة «كريم» وعضو مجلس إدارة روبستا ستوديو، أن الجيل الجديد من الشركات الناشئة يتمتع حاليا بنوع من الدعم من قبل رجال أعمال خاصة من ينتمون للجيل الثاني من رجال الأعمال كما يطلق عليهم وأيضا صناديق استثمار وهو الأمر الذي لم يكن متوفرًا منذ عدة سنوات.
وأشار إلى أن نمو قطاع ريادة الأعمال خلال الثلاث سنوات الأخيرة تحديدا دفع العديد من رجال الأعمال لتخصيص جزء من استثماراتهم في مشروعات ناشئة للبحث عن فرصة استثمارية مربحة ، لافتا إلى أن أهم المشروعات الناشئة التي تحظى بنجاح في مصر حاليا تنتمي لقطاع التكنولوجيا إلا أنه يجب تنويع الاستثمار في شركات تنتمي لقطاعات أخري لخلق حالة من التكامل وأيضا لاقتناص كافة الفرص المتوفرة .
من جانبه قال محمد السري مؤسس مجموعة كابيتال ومينتورز ومستشار ومحاضر دولي للتحول الرقمي وريادة الأعمال، أنه في الفترة الأخيرة بدأ عدد من رجال الأعمال يتحولون نحو خدمة الاقتصاد بصور مختلفة، فظهرت العديد من الشركات التي تدعم الشركات الناشئة، كحاضنات ومسرعات أعمال خصوصا في مجالات محددة تدعم التحول الرقمي، وليس مجرد مسابقات بمعناها التقليدي.
ودلّل سري، بمبادرة شركة جميناي للنهوض بريادة الأعمال Gemini Uplift، بهدف دعم الشركات الناشئة خلال كورونا، من خلال 3 مسارات وهي إيجاد التمويل المادي، والتدريب والإرشاد، وخلق قنوات لربط رواد الأعمال بالشركات العالمية ، والتي تحمس لها المهندس نجيب ساويرس، وأيضا مبادرة أحمد أبو هشيمة رئيس مجلس إدارة مجموعة حديد المصريين لدعم 30 شركة ماديًا وفنيًا، مؤكدًا على أن “ريادة الأعمال هي أمل الاقتصاد المصري”.
على مستوى الدولة نشهد الان حالة حراك في ملف تمويل رواد الأعمال بفائدة منخفضة نسبياً بفضل المبادرات التي أطلقتها الدولة من خلال أجهزتها المختلفة وبالتحديد البنك المركزي المصري الذي لعب دوراً بارزاً في تحسين شروط الحصول على التمويل للمشروعات الصغيرة والرائدة خلال الفترة الماضية وتوجيه إلى تخصيص 10% من محافظ الإقراض للمشروعات الصغيرة بما يساهم فى ضخ تمويلات في حدود 55 مليار جنيه لهذه الفئة حتى نهاية 2022 وتستهدف حزمة التحفيزات ضخ ما يزيد عن 100 مليار جنيه للمشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية خلال العامين القادمين، مع زيادة حصة القطاع من محافظ قروض البنوك لتصل إلى 25% بدلا من 20 % هذا بالإضافة إلى العديد من المبادرات الفاعلة، كمبادرة رواد النيل التى تدعم كافة الأفكار الريادية وتوفر لهم الدعم الفني والمادي.
وأيضا المبادرات الكبيرة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وجهاتها التابعة كهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات ومركز الابداع التكنولوجي وريادة الأعمال ” تيك” سواء بتقديمهم استثمارات أو تمويلات لاأفكار مبتكرة أو مساعدة الشركات للحصول على تمويلات دولية، أو احتضانهم داخل مسرعات أعمال عالمية مثل صندوق الاستثمار ومسرع النمو 500 Startups الكائن بوادي السليكون بالولايات المتحدة الأمريكية.
وهو ما أكد عليه الدكتور عمرو طلعت بأن وزارة الاتصالات وجهاتها التابعة يعملون على دعم ريادة الأعمال وخلق كوادر متميزة في التخصصات التكنولوجية المختلفة بما يساهم في زيادة صادرات مصر من خدمات تكنولوجيا المعلومات، وتعزيز التنافسية على الصعيدين الاقليمي والعالمي؛ مشيرا إلى أنه جاري اعداد استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي يتم تنفيذها خلال 3 إلى 5 سنوات وذلك بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتي ستشكل عنصر رئيسيا في ملف مستقبل ريادة الأعمال.
كما تعد أحد أشهر المبادرات الداعمة لريادة الأعمال في مصر، هو برنامج «فكرتك شركتك» الذي يهدف للاستثمار في أفكار مشروعات مبتكرة ومساعدة رواد الأعمال على تحويل أفكارهم إلى شركات ناشئة سريعة النمو وقادرة على المنافسة محلياً وعالمياَ، حيث يصل تمويلها بمبالغ تتراوح بين 100 و500 ألف جنيه من شركة مصر لرواد الأعمال، التي أسستها وزارة الاستثمار، وذلك مقابل حصة في الشركة الجديدة تتراوح بين 4 و8%.
وهذه التحركات ساهمت، وفقا للأرقام، في نجاح مصر في تحقيق الصدارة بالقارة السمراء بحجم الصفقات الاستثمارية للشركات الناشئة، لترتفع بنحو 83%؛ مما جعلها الأولى من حيث عدد صفقات التمويل الموجهة للقارة الإفريقية في 2020، بعدد 86 صفقة، يليها جنوب إفريقيا بنحو 72 صفقة، ثم نيجيريا التي استحوذت على 71 صفقة.
ولكن بزاوية عكسية أمام هذه الجهود، ينقص تعزيز قدرة الافراد في إنهاء التمويل والحصول عليه في وقت قياسي دون مجهود كبير، وهو يشير إلى ضرورة الإعلان عن شروط التمويل وقواعده والجهات التي يمكن أن يلجأ إليها اصحاب الأفكار لتأهيلهم للحصول على التمويل من خلال تدريبهم علي صياغة الدراسات واختبار جدوى الأفكار الاستثمارية وتحديد أفضل سبل التنفيذ، وكيفية صياغة استراتيجية التوسع المستقبلية، وبناء المشروع من بدايته.
كما نحتاج إلى زيادة البدائل أمام تمويل مشروعات ريادة الأعمال، كصناديق رأسمال المخاطر حيث تقوم فكرة رأس المال المخاطر على قيام أحد الصناديق بتمويل الأفكار والمشاريع الريادية، والتطبيقات التكنولوجية الحديثة، والأفكار العلمية والاختراعات، حيث تعتمد الصناديق على المشاركة في المخاطر (ربحًا وخسارةً)، ليس بتقديم التمويل المالي فقط، بل والمساهمة في الإدارة، بما يحقق النجاح المستهدف لهذه المشروعات.
وتستهدف بعض صناديق رأسمال المخاطر المشروعات المتوسطة التي يبدأ رأسمالها من 20 ألف جنيه فقط، كما تستثمر صناديق رأسمال المخاطر حصص أقلية فى الشركات الناشئة تتراوح ما بين 5% إلى 20%، وهو مالايتوافر في الطرق التقليدية للتمويل.
ودعا رائد الأعمال محمد نجاتي إلى ضرورة أن تعمل الشركات على تأسيس صناديق استثمار مخاطر لدعم رواد الأعمال كامتداد طبيعي لمبادراتها السابقة في هذا الملف، على غرار Vodafone Venture الذي كانت له مساهمات عظيمة في مشاريع ناشئة مثل Kngine و Eventtus و Agzakhana، ولكن للأسف لم يعد نشطا كما كان من قبل، وتقوم هذه الصناديق بدعم رواد الأعمال سواء من خلال الاستثمار المالي المباشر أو تقديم الخدمات المجانية لمدة معينة أو نقل الخبرات المطلوبة إليهم بجانب الخدمات التسويقية ودعم التعامل مع القطاع العام والجهات الحكومية.
ولفت إلى ضرورة التكامل بين مصادر التمويل المختلفة، للوصول إلى كافة الفئات وأيضا تقديم الدعم لكافة المشروعات الرائدة في كافة مراحل عملها ، منوها إلى وجود حزم تمويل متنوعة بجانب الأدوات التقليدية تعتمد عليها الدول وتشمل الاستثمار الملائكي تشمل صناديق تقاعد خاصة وعامة، وصناديق أوقاف، ومؤسسات وشركات، وأثرياء محليين وأجانب، حيث يتوفر التمويل مقابل حصة في ملكية الشركة تصل إلى 20%، لضمان أن يكون لهذه الجهات رأي في الاتجاه المستقبلي للشركة أو فى حالة تكبدها الفشل، وأيضا “التمويل الجماعي” وتقوم فكرة مواقع التمويل الجماعي على مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين يتبرعون بمبالغ مالية للمبدعين ورواد الأعمال لتنفيذ أفكارهم.
ولاستكمال قدرات منظومة ريادة الأعمال في مصر نحتاج إلى أليات حديثة لتسويق فكر الاتجاه للمشروعات الصغيرة والاستثمار كبديل للوظائف التقليدية سواء الحكومية أو الخاصة، وذلك لانتقاء أصحاب القدرات والمهارات والقادرون علي المخاطرة وتوجيههم بشكل صحيح لخوض سباق الاستثمار.
وينبغي هنا أن يتحرك الإعلام لتطبيق هذه الاستراتيجية وأن يدعم بشكل مباشر توجه الدولة في هذا الملف، وأن يتحرك مع الشباب لرسم مستقبل جديد قائم علي الفكر والابتكار والتطور والمغامرة.
ساويرس ينصح رواد الأعمال
ووجه المهندس نجيب ساويرس، نصيحة لمؤسسي الشركات الناشئة من شباب رجال الأعمال، بضرورة إجراء دراسة جدية ومتعمقة للسوق قبل الدخول إليه، بدلا من محاكاة وتقليد الأفكار بصورة مجردة، لينتج في الغالب آلاف من نفس الفكرة أو التطبيق، مشيرا إلى أن منهجه دائما كان الوصول إلى فكرة لا يتطرق إليها كثيرون، أو التعامل مع هذه الفكرة بطريقة مغايرة لتعامل الآخرين، من أجل ضمان فرص نجاح أعلى.
وأكد أن فكرة تأسيس شركة ناشئة لبيعها إلى شركات عالمية هي فكرة ناجحة إذا ما حدثت بالأسلوب الأمثل، فالشركات العالمية لا يوجد لديها وقت لاختراق السوق المحلي، خاصة مع عدم إلمامها التام بثقافة هذا السوق وعوائقه، وعليه يكون من الأسهل عليها الاستحواذ على الشركات المحلية، مثل استحواذ أمازون على سوق دوت كوم العاملة محليا في نفس مجالها.
وتوقع ساويرس أن يحدث في مصر صعود للشركات التقنية الرائدة على المدي البعيد، للهيمنة على سوق الأسهم، وتغلبها على الشركات النفطية والصناعية، كما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم.
وأشار ساويرس إلى أنه على استعداد للمساعدة في التغلب على القوانين والروتين الذي يعوق تأسيس وعمل الشركات الناشئة في مصر، عبر الحديث مع رئيس الوزراء والمسؤولين، إذا ما أعد شباب رجال الأعمال توصياتهم لخلق بيئة أحسن لأعمالهم والتحديات المواجهة لهم.
القاهرة ضمن الأفضل
ووضع التقرير العالمي لبيئة الشركات الناشئة GSER 2020، مدينة القاهرة كواحدة من أفضل الأنظمة الصاعدة على مستوى العالم التي توفر مناخ مثالي لإنشاء ونمو الشركات الناشئة.جاء ذلك في التقرير الذي أعدته مؤسسة “ستارت أب جينوم ” Startup Genome” بالتعاون مع “الشبكة الدولية لريادة الأعمال ” GEN” .
وصنف التقرير، والذي يعد الأبرز والأوسع انتشاراً على مستوى العالم حيث يحدد أفضل المناطق لعمل الشركات الناشئة ويتناول كيفية تطوير مناخ مزدهر لها، القاهرة كبيئة مثالية للابتكار وسوق جاذبة لتوسعات الأعمال الريادية، مستنداً إلى نماذج من قصص النجاح لشركات عالمية مثل سوق (أمازون) وكريم (أوبر) في مصر، وذلك بفضل السوق الكبير الذي تتميز به القاهرة والذي يضم حوالي 20 مليون معظمهم من فئة الشباب والذي يجيد استخدام التكنولوجيا جيداً.