Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

تيم كولبان يكتب: «ترامب» مخطئ بشأن صناعة الرقائق في تايوان

تصريحات دونالد ترامب بأن تايوان أفرغت أميركا من صناعة أشباه الموصلات ليست صحيحة.

هذا الفهم الخاطئ قد يؤثر سلباً على مستقبل علاقة من أهم العلاقات في العالم، ويؤدي في النهاية إلى مساعدة الصين، التي تعمل جاهدة على دفع قطاع التكنولوجيا لديها حتى يلحق بالركب.

قال المرشح الرئاسي العائد في مقابلة مع “بلومبرج بيزنسويك” نُشرت هذا الأسبوع، إن “تايوان أخذت منا صناعة الرقائق الإلكترونية”.

جاءت هذه التصريحات بعد أن سُئل المرشح الجمهوري عما إذا كان سيدافع عن تايوان ضد الصين.

هذه ليست المرة الأولى التي يقول فيها ذلك عن صناعة الرقائق الإلكترونية في الجزيرة، لكنها تأتي في خضم تصاعد المنافسة العسكرية والتجارية والتكنولوجية بين القوتين العظميين.

في الحقيقة، تايوان تمثل أقل من ربع سوق أشباه الموصلات العالمية، متأخرة عن الولايات المتحدة، لكنها تسيطر على أكثر من 90% في صناعة الشرائح الإلكترونية الأكثر تقدماً.

في الوقت الحالي، ينبغي أن يحتفي قطاع أشباه الموصلات العالمي بازدهار مدفوع بالارتفاع الصاروخي للطلب على الذكاء الاصطناعي.

ذكرت شركة “إيه إس إم إل هولدينج” الهولندية المصنعة لأهم معدات تصنيع أشباه الموصلات في العالم، يوم الأربعاء، أن الحجوزات للآلات الجديدة تجاوزت التقديرات بنحو 30%.

وفي يوم الخميس، رفعت شركة تصنيع أشباه الموصلات التايوانية “تايوان سيميكوندكتور مانيفاكتشرينج”، والتي تسيطر على أكثر من 90% من القدرة الإنتاجية للرقائق المتقدمة، توقعاتها للإيرادات هذا العام. ومع ذلك، انخفضت أسهم الشركتين في الأيام الأخيرة بدلاً من الصعود.

بالإضافة إلى تعليق ترامب، يشعر المستثمرون بالقلق حيال إمكانية أن تفرض الإدارة الحالية بقيادة جو بايدن قيوداً أشد على الصين. فالبيت الأبيض يدرس فرض قاعدة المنتج الأجنبي المباشر على قطاع الرقائق الإلكترونية، والتي ستطبق على المنتجات الأجنبية التي تستخدم ولو نسبة ضئيلة من التكنولوجيا الأميركية، وفق تقرير نشرته “بلومبرج نيوز”. ومثل هذه الخطوة ستضاف إلى مجموعة من القيود الحالية التي تهدف إلى الحد من التقدم التكنولوجي للصين.

لكن رؤية ترامب الأشمل لعلاقة الولايات المتحدة بتايوان قد تكون أكثر ضرراً بكثير على المدى الطويل من جولة أخرى من فرض القيود على الصادرات.

وإنصافاً لترامب، هذا الاعتقاد بأن تايبيه أخذت الصناعة من الولايات المتحدة ليس سوى تفسير خاطئ وسوء فهم شائع، لكن تصادف أن الرئيس السابق هو صاحب الصوت الأعلى، وربما يعود قريباً إلى البيت الأبيض للتصرف بناءً على هذا الاعتقاد.

واقع الأمر أن بذور نهضة تايوان التكنولوجية زرعتها السياسة الخارجية الأميركية التي تعود إلى عام 1950، قبل اختراع أشباه الموصلات. في ذلك الوقت، وجّه الرئيس هاري ترومان إدارته إلى ضخ الأموال في اقتصاد الجزيرة.

وكانت الولايات المتحدة حاضرة أيضاً عند ولادة قطاع الرقائق الإلكترونية في تايوان. ففي عام 1976، وافقت شركة “راديو كوربوريشن أوف أميركا” على ترخيص تقنيتها لأشباه الموصلات إلى تايوان مقابل رسوم. وولدت شركة “يونايتد مايكرو إلكترونيكس كورب” من هذا البرنامج، وكانت واحدة من أوائل الشركات في العالم التي جعلت مصانعها متاحة لعملاء بالخارج يحتاجون إلى شرائح مصنوعة حسب الطلب.

بعد عقد من الزمن، قام مواطن أميركي ومسؤول تنفيذي سابق في شركة “تكساس إنسترومنتس”، هو موريس تشانج، بتأسيس شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات “تايوان سيميكوندكتور مانيفاكتشرينج” (TSMC)، كأول شركة تصنع الرقائق الإلكترونية حصراً للعملاء بالخارج.

كانت شركة “إنتل”  من أوائل عملائها. ومنذ ذلك الحين، صارت العلاقة التكنولوجية بين الولايات المتحدة وتايوان علاقة تكاملية وتفاعلية.

في تسعينيات القرن الماضي، عندما لم يتمكن مصممو الرقائق الإلكترونية الجدد في الولايات المتحدة من العثور على مصنع محلي لتصنيع منتجاتهم، كانت شركتا “تايوان سيميكوندكتور مانيفاكتشرينغ” و”يونايتد مايكرو إلكترونيكس كورب” جاهزتين للمساعدة. ولم تكن شركات صناعة أشباه الموصلات الأميركية العملاقة مثل “كوالكوم” و”إنفيديا” و”زايلينكس”، لتوجد اليوم لولا التايوانين.

في العشرين عاماً الماضية، ومع فقدان الشركات الأميركية ريادة التقدم التكنولوجي وتوسع القدرات الإنتاجية، ضخت الشركات التايوانية الأموال في البحث وتطوير عمليات جديدة، واستثمرت أكثر من 250 مليار دولار في المصانع اللازمة لإنتاج الشرائح الإلكترونية التي صممها الأميركيون.

في الوقت نفسه، اتُهمت الشركات الصينية، وهي المنافس الحقيقي لأميركا، بسرقة التكنولوجيا من الشركات التايوانية والأميركية لدعم التطور التكنولوجي لتلك الدولة.

لو لم تكن المخاطرة التي اتخذتها الشركات التايوانية وتعاونها مع الشركات الأميركية، بدلاً من المنافسة الجامحة معها، لما استطاعت “كوالكوم” و”برودكوم” أن تهيمنا على السوق العالمية للرقائق الإلكترونية للاتصالات، ولما  تفوقت شركات “إنفيديا” و”إنتل” و”أدفانسد مايكروديفايسيز” على الصين في سباق رقائق الذكاء الاصطناعي.

إن النظر إلى التاريخ الاقتصادي بين تايوان والولايات المتحدة باعتباره أي شيء سوى أنه مفيد للطرفين، يهدد بتحطيم إحدى أهم العلاقات الصناعية في العالم، ويفتح الباب أمام الصين لاستغلال شرخ ليس ضرورياً. وبدلاً من ذلك، يجب أن يفهم البيت الأبيض، بغض النظر عمن يشغله، أن تايبيه ليست منافسة، بل هي واحدة من كبار المشجعين للريادة التكنولوجية الأميركية.

تيم كولبان

كاتب عمود في بلومبرج أوبينيون ومتخصص في قطاع التكنولوجيا

 

deel