Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

«منصة مصرية لتداول الكربون».. خطوة إيجابية تتطلب حوافز مالية والتمسك بمكونات الرقمنة الشاملة

شهدت قمة المناخ COP 27، توقيع شركة البورصة القابضة لتطوير وتنمية الأسواق المالية اتفاقية مع البنك الزراعي وشركة ليبرا كابيتال التابعة لمجموعة إنارة لتأسيس شركة ليبرا كربون، كأول شركة مصرية متخصصة في تطوير وتداول وإصدار شهادات الكربون عبر منصة تداول رقمية، وذلك كبداية لتطوير وإنشاء منصة طوعية أفريقية لتداول شهادات الكربون، وبهدف تنمية وعي الشركات والجهات بضرورة الحفاظ على البيئة والعمل على تخفيف الانبعاثات الكربونية لمواجهة التغيرات المناخية.

مصطلح «تداول الكربون» يأتي مرتبطاً بشكل رئيسي بالحياد الكربوني، الذي تضع أسسه حكومات الدول لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وبالتالي تحقيق تراجع في التلوث البيئي، ومن المستهدف أن تحدد المنصة حجم الكربون المستهدف تخفيضه لكل شركة أو قطاع على حدة، والسعر المستهدف للطن والذي يتوقف ديناميكيات العرض والطلب .

تأتي هذه الخطوة، بهدف المساهمة في خلق آفاق جديدة للتعاون على الصعيد القاري والإقليمي لتشجيع الاستثمار الأخضر وتنويع الخيارات الاستثمارية أمام المستثمرين، وتدشين منصة مصرية سيعمل على زيادة المشاركة المحلية في تداول أرصدة الكربون وتوليد الإيرادات، كما ستمنح هذه الخطوة الحكومة الإشراف التنظيمي على السوق بينما قد تكون أيضا وسيلة للاستفادة المالية، فبدلا من بيع الشركات المصرية للشهادات من خلال منصات أجنبية، ستساعد المنصة في تطبيع تجارة الكربون في مصر.

تداول الكربون
تداول الكربون

وووفقا للبنك الدولي، حققت الحكومات في جميع أنحاء العالم أكثر من 26 مليار دولار من العائدات من خلال بيع أرصدة الكربون في مزايدات علنية في عام 2020، وتسعى الحكومة المصرية إلى خفض الانبعاثات الكربونية من خلال مضاعفة نسبة المشروعات الخضراء في الخطة الاستثمارية خلال العام المالي الجاري، ومستهدف زيادتها إلى 50% في العام 2024/2025، والتمويل المبتكر للمشروعات الخضراء من خلال السندات الخضراء.

ويرتكز مشروع إنشاء منصة تداول شهادات الكربون على، ضرورة الانتهاء من قاعدة البيانات المركزية لجمع بيانات المشروعات التي تُخفض الانبعاثات الكربونية وتسجيل شهادتها كخطوة أولى ، وإتاحتها في المرحلة الثانية للمستثمرين والشركات التي ستسعى لشرائها لإثبات مشاركتها في تخفيض الانبعاثات الكربونية، ويجري تداول هذه الشهادات الكربونية في بعض الدول، على غرار شراء وبيع الأسهم والسندات المالية.

الخبراء أكدوا في تقييمهم المبدئي، أهمية إنشاء هذه المنصة في هذا التوقيت بالتوازي مع استضافة مصر قمة المناخ cop27  ، وذلك لتشجيع الشركات على خفض الانبعاثات الدفيئة وتحقيق عائد وتحقيق رؤية الدولة للتحول نحو الاقتصاد الأخضر ، وذلك بشروط محددة والبحث عن أنسب آليات لتطبيقها،ولكن ماذا يعني تداول أرصدة الكربون ودور الرقمنة في تنفيذها؟ وماذا ننتظر من منصة تداول أرصدة الكربون ومدى إمكانية نجاحها في تقليل انبعاثات الكربون في مصر؟

تداول الكربون رقميا

تداول الكربون ببساطة ، عبارة عن آلية تعتمد على “الرقمنة”، حيث يتم وضع سعر للأنشطة الملوثة وفقا للبيانات المدخلة على النظام ، والتي تتوقف على سعر ائتمانات الكربون، وتسمح للشركات رقميا بشراء وبيع أرصدة الكربون المرتبطة بحجم انبعاثاتها، مما يساهم في توفير حافزا ماليا للحد من الكربون في المناخ ، ويسمح أيضا لكل لشركة بإصدار كم معين من الانبعاثات، تمثل في أرصدة يساوي كل منها طنا واحدا من ثاني أكسيد الكربون، وتجاوز الحد المحدد من الانبعاثات سيتطلب من الشركة شراء المزيد من الأرصدةويمكن للشركات التي تخفض من الانبعاثات، أن تبيع المتوفر لديهم من أرصدة الانبعاثات لتحقيق أرباح.

نظام الاتحاد الأوروبي لتداول الانبعاثات يعد الأكبر من نوعه عالميا، حيث يغطي مايقترب من 41% من انبعاثات الدول الأعضاء ، في حين أطلقت الصين في 2021 أكبر سوق للكربون في العالم ، بينما قامت هونج كونج بتدشين منصة منذ أيام كأول منصة طوعية لتداول ائتمان الكربون في محاولة لتعزيز المنتجات المتعلقة بالمناخ.

مؤتمر إطلاق المنصة المصرية لتداول الكربون

تصريحات متفائلة

التصريحات جاءت إيجابية خلال فعاليات توقيع تدشين أول منصة مصرية لتداول الكربون، فالدكتور محمود محيي الدين رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاق الأمم المتحدة الإطاري COP27 ، أشار إلى أن هناك ثمة سوق متنامية لتداول أرصدة الكربون، ولكنها بحاجة إلى معايير موحدة ، مشيرا إلى أن حجم المعاملات المرتبطة بشهادات الكربون ينمو بمعدل 20 ضعفا سنويا.

وأكد على ضرورة توحيد  أسعار الكربون ، حيث أن هناك تباينا في الأسعار والذي يتسم بتقلبات ما بين دولارين إلى 100 دولار للطن من الانبعاثات في جميع أنحاء القارة.

وأشار الدكتور محمود محيي الدين ، إلى أن هناك مبادرة السوق الأفريقية للكربون وعدد من المؤسسات تدعم هذه المبادرة من أجل وضع المعايير والقواعد والنظم الرقابية وتطويع القواعد الدولية في أسواق الكربون للاحتياجات الأفريقية حتى تكون هناك إمكانية للاستحواذ على القيمة المضافة داخل الدول الأفريقية.

وأوضح أن أوروبا هي الأفضل في المعايير والنشاط في مجالات أسواق الكربون، واستفادت منها الصين وطوعتها لاحتياجاتها، ونأمل أن تنشط السوق في أفريقيا ومصر، منوها إلى أن هناك عدداً من المؤسسات الدولية في أوروبا وآسيا والخليج تحاول أن تتعاون لوضع المعايير والقواعد الخاصة بالشفافية، وأهميتها ليست في رؤية الصفقات ولكن في مساندة القطاعات المنتجة.

من جانبه قال الدكتور محمد فريد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، أن الشركة ستكون النواة الأساسية للإعلان عن ميلاد سوق منظمة رقمية لتداول شهادات الكربون، تتضمن كافة المكونات اللازمة والكافية ليس فقط للتداول بل والإصدار مشيراً إلى ضرورة رفع «مستويات الوعي عبر نشر مبدأ ضرورة تحقيق الحياد الكربوني لدى الكيانات الاقتصادية المختلفة، مع التركيز على تعريفهم بمزايا الخفض التجارية، وذلك بأن الخفض يمكنهم من إصدار شهادات قابلة للبيع والتجارة والتداول وهو ما يحفزها على الخفض، الأمر الذي يتسق مع مستهدفات قمة المناخ وهي التخفيف والتكيف، وتوفير التمويلات اللازمة لأعمال المناخ.

رامي الدكاني
رامي الدكاني

بينما أوضح رامي الدكاني رئيس البورصة المصرية، أن الاتفاق الإطاري لتأسيس شركة رائدة على المستوى الإقليمي يستهدف خلق آفاق جديدة للتعاون على الصعيدين القاري والإقليمي لتشجيع الاستثمار الأخضر وتنويع الخيارات الاستثمارية أمام المستثمرين.

تعزيز تنافسية مصر

ونوه إلى أن المنصة ستعمل على تعزيز تنافسية مصر كمركز مالي رئيسي للأسواق الأفريقية، ضمن سياق جهود البورصة المصرية لتطوير وإنشاء منصة طوعية أفريقية لتداول شهادات الكربون، مؤكدا على أنها من الأدوات المالية المهمة لمساعدة الدول الناشئة على تمويل خططها التوسعية بالتوازي مع تحقيق مستهدفاتها فيما يخص أمور التغير المناخي.

وقال علاء فاروق رئيس مجلس إدارة البنك الزراعي، الذي يتعامل مع 3.5 مليون عميل على مستوى الجمهورية، إن «تداول أرصدة الكربون شيء هام لمساعدة أصحاب الأراضي الزراعية بجانب استخدام أساليب الري الحديثة، والدافع من التحالف في الشركة هو تحقيق الاستدامة الزراعية وتخفيض الانبعاثات الكربونية، والاستدامة شيء مهم جداً لمصر، وليبرا كاربوني سيكون لها أثر فعال على مصر في تحقيق خطة تخفيض الانبعاثات الكربونية».

من جانبه أوضح شريف الجبلي مدير شركة ليبرا كابيتال، أن الاتفاقية تعزز جهود الشركة في مجال الطاقة الخضراء وخفض الانبعاثات الحرارية والحفاظ على البيئة، خصوصاً أن مجموعة «إنارة» نفذت العديد من محطات الطاقة الشمسية داخل مصر، مشيرا إلى الشركة الجديدة تأتي تماشياً مع توجه الحكومة والبورصة المصرية لتنويع آلياتها لتحقيق الاستدامة وخفض الانبعاثات بالتزامن مع انعقاد قمة المناخ.

شريف سامي
شريف سامي

متطلبات نجاح المنصة

قال شريف سامي رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الدولي والرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية ، أن إنشاء منصة مصرية لتداول صكوك الكربون خطوة إيجابية جدا ومشجعة للشركات لمراعاة الالتزام البيئي لكنها تحتاج لقراءة مستفيضة للتجارب الدولية لإنشاء مثل هذه المنصات للوقوف على الفرص والتحديات وأيضا إصدار الحوافز المطلوبة لضمان إقبال الشركات لشراء هذه الصكوك.

ولفت إلى أن نجاح المنصة سيتوقف بشكل أو بأخر على المشاركين فيها ، ومايمكن ان تحققه من أهدافها المتعلقة بخفض الانبعاثات، منوها إلى ضرورة رفع الوعي بأهمية هذه القضية خاصة بالتزامن مع استضافة مصر لقمة المناخ ، وذلك لذيادة مايسمى بالكتلة الحرجة التي تساهم في تغيير المفاهيم وتضمن الوصول لمستويات من النجاح يمكن البناء عليها .

وأشار شريف سامي ، إلى أن ماهو معروف وفقا للمعلن من المسئولين أن خطط سوق الكربون المصرية تشبه لحد كبير الخطط العالمية، حيث ستسمح البورصة للشركات والمؤسسات التي تنفذ مشاريع لخفض الانبعاثات ببيع شهادات معتمدة لخفض الانبعاثات، منوها إلى أن كل ائتمان سيعادل طن واحد من ثاني أكسيد الكربون ويمكن بيعه لكل من المشترين سواءا داخل مصر أو خارجها.

مصطفى بدرة
مصطفى بدرة

بينما قال الدكتور مصطفى بدرة الخبير الاقتصادي، أن إنشاء منصة لتداول الكربون يعد توجهها قويا لمصر خلال الفترة المقبلة حيث يؤكد اهتمام مصر البالغ بملف البيئة والتغيرات المناخية، منوها إلى أن قرار تأسيس أول شركة لتطوير وإدارة وإصدار شهادات الكربون سيعزز بشكل مباشر من اجتذاب الاستثمارات في مجالات الاقتصاد الأخضر والصديق للبيئة من عدد كبير من الدول العالمية وأيضا العربية، وذلك بالتزامن مع مؤتمر المناخ كوب 27 في شرم الشيخ، ورصدنا عددا كبيرا من هذه الاستثمارات خلال أيام المؤتمر.

وأشار إلى أن انتشار سوق صكوك الكربون مرتبط بشكل رئيسي بتحديد سقف لحجم الانبعاثات في كل دولة، وبالتالي يمكن تداول هذه السندات، خاصة للدول التي تنتج انبعاثات أكبر من السقف المحدد مع دول أخرى نجحت في تخفيض الانبعاثات أقل من الحد المسموح، أو بين الصناعات داخل الدولة نفسها، حيث يمكن مثلا للصناعات مثل الأسمدة التي تنتج غازات دفيئة أعلى من السقف المسموح تبادل الشهادات مع صناعة الأغذية والتي تنتج انبعاثات أقل من الحد المسموح.

ولفت أن المنصة ستساهم في تشجيع الشركات لخفض الانبعاثات لاستثمار السقف المسموح لها من الانبعاثات وبيعه لشركات أخرى، والتي لا تستطيع تخفيض حجم انبعاثاتها منوها إلى أن شهادات الكربون تحصل عليها الشركات التي نجحت في خفض الانبعاثات الكربونية بأحد مشروعاتها لتتبادلها كصكوك مع شركات أخرى تنتج غازات أعلى من المعدل المسموح به بهدف تشجيع خفض الانبعاثات الكربونية في السوق المحلية، بجانب تحقيق عائد للشركات والدول التي خفضت انبعاثات الغازات الدفيئة لديها.

 

ائتمانات الكربون الرقمية

ووفقا للعديد من الدراسات العالمية للبنك الدولي والأمم المتحدة والتي إطلعت عليها FollowICT ، يعد حجر الزاوية في أسواق الكربون ونجاح منظومتها هو الرصد والإبلاغ والتحقق من التخفيضات في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل رقمي، حيث ستعمل بشكل متزايد على تبسيط جمع البيانات ومعالجتها ومراقبة الجودة في عمليات القياس والإبلاغ والتحقق.

ويدرس عدد متزايد من الدول،أو يستخدم بالفعل، أنظمة وعمليات القياس والإبلاغ والتحقق الرقمية التي يمكن أن تسهل عليها في نهاية المطاف التحول إلى مسارات إزالة الكربون وكذلك تحقيق أهداف اتفاقية باريس وقمة المناخ في شرم الشيخ.

وتشير الدراسات، إلى أن رقمنة أنظمة القياس والإبلاغ والتحقق ستجعل أسواق الكربون تعمل بشكل أفضل، حيث أن معظم الدول النامية تفتقر إلى القدرة على استخدام التقنيات الرقمية الناشئة، والمساهمة في تعزيز هذه القدرات سيسهم بشكل خاص في ضمان الوصول العادل إلى أسواق الكربون ، لا سيما في المناطق التي تكون فيها القدرة على الأساليب المبتكرة منخفضة.

وتوضح الدراسات إلى أنه يمكن للحكومات والمؤسسات ذات الصلة وضع سياسات أو إرشادات توضح بوضوح كيفية جمع المعلومات الحساسة واستخدامها وتخزينها رقميا، كما تحتاج الحكومات أيضًا إلى ضمان توفر البنية التحتية والطاقة وشبكات البيانات المطلوبة للتقنيات الرقمية ليتم تنفيذها بشكل فعال،و يمكن أن تعزز الحوافز الضريبية الاستراتيجية أيضًا استخدام التقنيات الناشئة المرغوبة.

رقمنة شاملة

تُعد أنظمة D-MRV أحد مكونات الرقمنة الشاملة لتوليد أصول الكربون ونقلها والإبلاغ عنها في إطار أسواق الكربون بعد عام 2020، وهو نظام طوره البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية والذي يعمل على تحويل تخفيضات انبعاثات غازات الدفيئة إلى سيولات نقدية، ويمكن من التحقق الفعال من تأثيرات المناخ بطريقة آلية وشفافة وقوية ، كما يعرض كيف يمكن للرقمنة والأتمتة أن تسهل توسيع نطاق ابتكارات المشاريع في إطار آليات سوق الكربون الحالية والناشئة وأدوات تمويل المناخ.

ويعد استخدام تقنية البلوك تشين لإنشاء بيانات غير قابلة للتغيير وقابلة للتدقيق وسجلات نقل، بما في ذلك إنشاء نتائج التخفيف في شكل رقمي ودعمها بالعقود الذكية ، مكونًا مهمًا آخر لرقمنة أسواق الكربون من البداية إلى النهاية التي تصممها الصناعة.

وتتطلع خطط ائتمان الكربون القائمة على الرقمنة إلى جلب هذه السوق إلى البلوك تشين. إنهم يستفيدون من جنون البيع بالتجزئة للرموز الرقمية ورغبة الشركات الكبرى في دفع تعويضات عن التلوث، على أمل رفع سعر الكربون وتوجيه الأموال إلى مشروعات الحد من الانبعاثات. تندرج مخططات الكربون الرقمية تحت مظلة واسعة للتمويل التجديدي، والتي يمكنك التفكير فيها على أنها رد حركة العدالة الاجتماعية على التمويل اللامركزي.