كنت في رحلة عمل لمدة أسبوع في مدينة مانجالور الهندية لحضور مؤتمر المدينة السنوي الذي يعنى بالتكنولوجيا، هنا قابلت “روهيت باهت” عراب التكنولوجيا وصاحب أعلى الصفقات في تاريخ هذه الولاية التي تعول كثيرا على فكرة أن يكون شاطئ السليكون المنافس لوادي السيلكون الأمريكي،
“روهيت” كان واضحا في أن سوق الألعاب الإلكترونية سيبقى مزدهرا لسنوات طويلة وقد يشهد قفزات على مستوى التقنيات والتسويق، ويرى أن التركيز على سوق الألعاب بالتطوير المستمر لبناء علاقة بين المستخدمين وأجواء اللعبة هو أهم عوامل الانتشار وتحقيق الأرباح .
“روهيت” باع شركته الأولى لشركة يابانية بمبلغ 250 مليون دولار ، بدخول العصر الرقمي في الهند منعطف المنافسة الآسيوية والعالمية، أصبحت الهند واحدة من القوى الرئيسية في سوق التكنولوجيا العالمية، حيث تمتلك الهند مجموعة متنوعة من الشركات الناشئة والشركات الرائدة في مجال تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات، والتي تقدم خدمات متقدمة في مجالات الذكاء الاصطناعي، وتطوير التطبيقات، وحلول التحليل البياني ، كما تعد الهند أيضًا مركزًا للابتكار والتطوير التكنولوجي، حيث تستفيد الشركات العالمية من خبرة خبراء الهند في مجالات مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والهندسة البرمجية، ويعكس تزايد استثمارات رأس المال الأجنبي والشراكات الاستراتيجية مع شركات الهند هذه الأهمية المتزايدة للهند في سوق التكنولوجيا العالمية.
يمكن القول إن الهنود والشركات الهندية قد حققوا تقدمًا كبيرًا في صناعة التكنولوجيا على مستوى عالمي ، ومن الأمثلة على ذلك شركات مثل TCS «شركة خدمات تكنولوجيا المعلومات»، وInfosys، وWipro، وعدد من الشركات الناشئة مثل Flipkart وPaytm. حيث تقدم الشركات الهندية خدمات تكنولوجيا المعلومات وحلول البرمجيات ويتمتعون بسمعة قوية في مجال تقديم الخدمات الفنية على مستوى عالمي ، وهناك تزايد في عدد الشركات الناشئة التكنولوجية في الهند التي تحقق نجاحات كبيرة وتجذب الاستثمارات.
من الأرقام، يُظهر تقرير «NASSCOM» أن صادرات البرمجيات وخدمات تكنولوجيا المعلومات من الهند قد وصلت إلى ما يقرب من 150 مليار دولار في العام 2020 وتظهر الأرقام الحالية استمرار نمو هذا القطاع ، يمكن القول إن الهنود والشركات الهندية تلعب دورًا مهمًا في سوق التكنولوجيا العالمية ويُظهر ذلك من خلال النجاحات والأرقام الملموسة.
شخصيا أعتقد أن تحقيق الهند للنجاح في مجال صناعة التكنولوجيا يمكن أن يعزى إلى عدة عوامل، وفي مقدمتها التركيز على التعليم الهندسي والتكنولوجي، وهو ما أسهم في تزويد الشركات التكنولوجية بقوى عاملة مهرة ، كما أن ظهور شركات ناشئة ناجحة في مجال التكنولوجيا مثل Infosys وWipro وغيرها، والتي تعززت من خلال الابتكار والريادة في مجال تقنيات المعلومات، أعطى للمستمرين والمتعلمين دافع قوي للاستمرار، وهو ما تراه واضحا في زيادة الاستثمار في البحث والتطوير والابتكار وتعاون الشركات الهندية مع شركات تكنولوجيا عالمية والمشاركة في مشاريع دولية يعزز الخبرة والتقنيات المتقدمة.
ختاما التكنولوجيا ليست هدفاً بذاته، بل وسيلة لخدمة الإنسانية، لذا يجب أن نسعى لتوجيه قوى التكنولوجيا نحو بناء مستقبل يعزز الإنسانية ويحقق التقدم المستدام.
الدكتور محمد العرب
رائد عالم التكنولوجيا العربي، والمؤسس لأول عملة رقمية عربية