Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

حوار| محمد رؤوف: المستقبل للرعاية الصحية المشخصنة.. والتكنولوجيا أنقذت حياة ملايين خلال جائحة كورونا

فرضت التكنولوجيا نفسها على كافة القطاعات بمختلف أشكالها، وكان القطاع الطبي في القلب من القطاعات التي ساهمت التكنولوجيا في تطويره على مدار السنوات الماضية، لتأتي جائحة كورونا وتعجّل من مساهمة التكنولوجيا وجعلتها إلزامًا على كافة أطراف المنظومة، (مريض، طبيب، المستشفيات مقدمو الخدمة)، وأصبحت تجربة التكنولوجيا الرقمية للمريض واقعا قابلا للتطبيق بعدما أمكن للتكنولوجية الرقمية والذكاء الاصطناعي المساعدة في تسهيل التفاعل بين المريض والطبيب والمستشفى، وتيسير إجراء الكشف والتشخيص والعلاج وحتى العمليات عن بعد.

وفي السنوات الأخيرة انتشر مفهوم الرعاية الصحية المشخصنة كأحد نتائج التطور التكنولوجي، وهو المفهوم الذي يتحقق من خلال جمع وتحليل بيانات المرضى ومقارنتها بالبيانات من مرضى آخرين يعانون من المرض نفسه، وتظهر الاختلافات التي يتميز بها كل شخص، ما يوفر فهمًا أعمق لهذا المرض ويقدم معلومات حول كيفية استجابة المريض للعلاج، ما يساعد على اتخاذ الخيارات المناسبة لعلاج ناجح.. عما يحدث داخل المنظومة الطبية من تطور بسبب التكنولوجيا، وأثرها خلال جائحة كورونا، وقدرة المنظومة الطبية في مصر على مواكبة هذا التطور واللحاق بثورة التكنولوجيا نحاور الدكتور محمد رؤوف مدير القطاع الطبي والأبحاث الإكلينيكية بشركة Roche Egypt المتخصصة في مجال الرعاية الصحية والتكنولوجيا الحيوية.

– في البداية، هل يمكن إلقاء الضوء أكثر على مفهوم الرعاية الصحية المشخصنة؟ وكيف يمكن أن يغير من مستقبل النظام الصحي؟

مفهوم الرعاية الصحية المشخصنة بدأ ينمو بشده في السنوات الأخيرة، وهو عبارة عن التطور الطبيعي لتقدم التكنولوجيا مع التقدم العلمي للطب، هذا التقدم يمنحنا القدرة على استيعاب خطط علاجية مفصلة على معطيات كل مريض وبالتالي القدرة على تفصيل العلاج المناسب، وكلما توافرت بيانات ومعلومات وخصائص أكثر عن المريض يمكن تحقيق نتائح أفضل لتحديد نسبة احتمالية حدوث المرض ومعدل استجابة المريض لعلاج معين.

مفهوم الرعاية الصحية المشخصنة يتحقق منذ سنوات في الطب، فعلى سبيل المثال منذ خمسون عاما كان العلاج الوحيد للأورام السرطانية هو العلاج بالكيماوي، حتى أصبح لدينا العلاج الموجه الذي يحقق نسب استجابة وشفاء أعلى ويساهم في تخفيف الأضرار على المريض والآثار الجانبية، وأصبح هناك تطور في التكنولوجيا التي تمكنا من تحليل التركيبة الجينية للمريض بشكل أسهل وأوسع، ومن ثم تمنحنا قاعدة بيانات أكبر عن العميل من حيث تركيبته، لذلك الرعاية الصحية المشخصنة ستكون هي المستقبل للرعاية الصحية في العالم كله.

– إلى أي مدى المنظومة الصحية في مصر بدأت في التفاعل من مفهوم الرعاية الصحية المشخصنة؟

تتخذ مصر في الفترة الأخيرة خطوات قوية في طريق الرقمنة للخدمات الصحية وتحويل بيانات المرضى إلى رقمية، وبالتالي أصبح للمرضى سجلات رقمية تضم بياناتهم المرضية مهما انتقلوا لمختلف أقسام الرعاية الصحية ومع الوقت تزداد كمية البيانات المتاحة عن المرضى ما يسهل وجود قدرة أكبر على تتبع وتحليل احتياجاتهم من العلاج، ومصر الآن في قلب ثورة التكنولوجيا التي تحدث في العالم كله،وعلى مستوى البنية التحتية هناك خطوات تتحقق على أرض الواقع في مصر في ظل وجود رغبة لمواكبة هذه الثورة العالمية في المنظومة الصحية المتطورة بالاعتماد على التكنولوجيا التي تحتاج إلى 3 قواعد أساسية، وهي كمية كبيرة من البيانات، تكنولوجيا عالية، الخبرات والقدرة على تحليل تلك البيانات بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي.

المريض علاجه كان في السابق مقتصرا على على وقته الذي يقضيه مع المريض خلال زيارته للعيادة أو المستشفى ولكن مع التكنولوجيا وظهور الهواتف الذكية والأجهزة القابلة للارتداء أصبحت هناك وسائل جديدة تمنح الطبيب القدرة على التحليل والمتابعة بشكل أكبر ولحظي.

– كيف ترى جهود الدولة نحو تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل؟

المنظومة تعد حلا رائعا لرفع مستوى الرعاية الصحية في مصر لأنها سوف تساهم في جمع بيانات المرضى في منظومة واحدة وتقدم لهم رعاية صحية متطورة، وهذا سوف يحتاج إلى بعض الوقت، ولكن الأهم أن هناك رغبة في التطبيق وخطة زمنية للتطبيق.

تأتي هذه المنظومة في توقيت انطلقت فيه كم من المبادارات الرئاسية لدعم المنظومة الصحية، مثل الكشف وعلاج فيروس سي بالمجان، وبرامج الرعاية والكشف المخصصة للمرأة، وكذلك مبادرة الكشف عن الأمراض غير السارية، فأعتقد أن مثل تلك المبادرات سوف تؤدي الغرض لحين تعميم تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل.

– إلى أي مدى تؤثر شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تطوير المنظومة الصحية؟

شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لها دور محوري في تقديم الرعاية الصحية، وكذلك شركات التكنولوجيا الناشئة التي أصبحت جزءا من المنظومة الصحية المتطورة، حيث تعتمد المنظومة الصحية الجديدة على مزج التقدم في التكنولوجيا بالتقدم في الطب، ولقد ساهمت جائحة كورونا بالإسراع في التعاون بين أطراف المنظومة حتى وصلت إلى المريض في شكل منتجات وحلول يستطيع استخدامها، فعلى سبيل المثال لم يكن لأحد أن يؤمن بأهمية وقدرة العلاج عن بعد إلا أن الجائحة وفي ظل وجود مخاطر العدوى في التجمعات ساهم في استخدام المرضى لتجرب الكشف والعلاج عن بعد.

– وعي البشر بحالاتهم الصحية بدأ يتزايد بشكل كبير خاصة بعد جائحة كورونا.. فإلى أي مدى يساهم ذلك في خفض معدل الوفيات؟

الجائحة غيرت العالم كله، وأهم شيء أحدثته هو زيادة شعور البشر بأهمية الصحة التي لم تكن مقدرة بالشكل الصحيح خاصة لدى الشباب، ومما لا شك فيه أن الكورونا جذبت انتباه العالم إلى أهمية الرعاية الصحية والحفاظ على المسلمات التي لم نكن نعتبرها ذات قيمة عالية، ومن الوارد أن يساهم الوعي في خفض نسبة الأمراض، لكننا لاحظنا أن الناس بدأت تشعر بالضيق من الالتزام والوقاية وهذه مسئولية فردية لكل شخص، لكن ما لن يتغير في المستقبل هي نظرة الحكومات والدول الى أهمية الرعاية الصحية وتطويرها لعدم تكرار ما حدث خلال جائحة في كورونا.

– كيف تساهم الأحهزة الذكية والأدوات القابلة للارتداء في تحسين الحياة الصحية والنمط العلاجي للبشر؟

تلك الأجهزة تمنحنا أداة إضافية لتحسين جودة الحياة وتشخيص أفضل، وأصبح لدينا أدوات تحدد معدلات ضغط الدم والنبض والأكسجين وتقدر معدل حرق الكالوريس في الجسم بناء على معدلات الحركة، لكن تلك الأجهزة والأدوات القابلة للارتداء تختلف على حسب استشعار أهمية الاشخاص بها، وهي تعد وسيلة هامة لمتابعة مرضى التصلب المتعدد ومراقبة قدرة المريض على الحركة والمجهود الذي يقوم به، بعكس ما كانت متابعة المريض مقتصرة على زيارة المريض للطبيب أثناء الكشف أو الاستشارة، لذلك الموبايل يساعد الطبيب في معرفة كم الحركة وقدرة المريض على على استعمال الوظائف المختلفة في الجسم، ويمنح الطبيب القدرة على تفصيل برنامج صحي مناسب أكثر للمريض.

– إلى أي مدى يمكن للبيانات وتحليلاتها أن تساهم في اكتشاف علاجات مبكرة للأمراض دون الحاجة لانتظار التجارب السريرية بشكلها التقليدي؟

التكنولوجيا فرقت في مدى قدرة البشرية على تقديم حلول سريعة، على سبيل المثال في عام 1918 كانت هناك جائحة عالمية والاحصائات تشير إلى أنها حصدت أرواح تقارب 100 مليون شخص، وتم اكتشاف المصل بعد 25 عام، أما الآن بفضل التكنولوجيا استطاعت البشرية اختصار فترة اكتشاف المصل من 25 عام إلى عام واحد، وذلك بسبب التقدم التكنولوجي والتقدم في البحث العلمي والطبي، والاعتماد على الذكاء الاصطناعي وتوحيد الجهود ووجود قدر كبير من الرغبة في التعاون لإنقاذ البشرية.

– وما هي فرص الابتكار المفتقدة في السوق المصري والتي يمكن أن تساهم في مستقبل أفضل للنظام الصحي والرعاية الصحية في مصر؟

الرعاية الصحية المشخصنة أحد الحلول التكنولوجية الهامة التي نتمنى نشرها في مصر، الوضع في مصر أفضل بكثير مما كان، نتمنى حدوث مجموعة من الشراكات بين عدة جهات من أجل الوصول للهدف، أطراف المنظومة مثل الحكومة بأذرعها المختلفة، مع وجود قوانين وتشريعات هامة تضمن خصوصية وأمان هذه البيانات لمشاركتها بين جهات مختلفة، وعلى شركات تكنولوجيا المعلومات، وشركات الأدوية استيعاب هذا المفهوم الجديد.

– إلى أي مدى تعتمد الدولة -وزارة الصحة ومؤسساتها التابعة- على التكنولوجيا كحلول أساسية في التشخيص والعلاج عن بعد؟

نحاول أن نلعب الدور العامل والمحفز وكما ذكرت الوضع في مصر أفضل مما سبق ونأمل في تبني شراكات لاستيعاب استخدام ميزانية الرعاية الصحية وبدلا من علاج 100 مريض ونسبة الاستجابة منهم تتحقق في 20% فقط، بالتكنولوجيا نستطيع تحديد العشرون مريض المستحقين ومن ثم نعالجهم فقط ونوفر 80 % من ميزانية سوف تنفق على 80 شخص غير مستحق للعلاج.

– ما هي أبرز الأفكار المطبقة عالميًا باستغلال التكنولوجيا في القطاع الصحي ويمكن أن تحدث فارق سريع في مصر؟

الشراكة بين شركات تكنولوجيا المعلومات التي تمكن من تحويل البيانات إلى معلومات تحقق القرار الأنسب، وكذلك الشراكة بين شركات الأدوية التي تستوعب مفهوم إضافتها لمنظومة الرعاية الصحية بعيدًا عن التنافس، وفي النهاية دور الطبيب لا غنى عنه مهما تطورت الادوات والتكنولوجيا.

– وجود تطبيقات مثل فيزيتا وغيرها من التطبيقات الصحية هل تساهم في دعم المنظومة الصحية؟ .. وما هو مستقبل هذه التطبيقات؟

الحاجة أم الاختراع، من ناحية المبدأ يتوقف على نوعية الاستشارة المطلوبة والظروف التي تجبر المريض على هذه النوعية من الاستشارات، خلال الجائحة كنا ننادي بعدم الذهاب الى المستشفيات أو العيادات الصحية بقدر الامكان طالما أنه ليس هناك حاجه ضرورية، ويبقى المعيار الأساسي هو تقييم الفائدة مقابل الخطر، وبالتأكيد هي حلول مبدأية لاتخاذ خطوة نحو العلاج.

– إلى أي مدى يمكن للمواطن أن يثق في منظومة العلاج والتشخيص عن بعد.. وهل ساهم جائحة كورونا في زيادة ثقة المرضى في تلك التطبيقات؟

المستقبل سيكون لاضافة قيمة عظيمة للمريض والطبيب في حال توظيف التكنولوجيا بصورة صحيحة، ولكن سيظل هناك جزء يحتاج لتواجد المريض مع الطبيب ولن يختفي، حتى وإن كان هناك بعض الروبوتات لجيها القدرة على اجراءا عمليات جراحية، فالقصة ليست فقط في المعلومات، الاتصال الانساني بين المريض والطبيب مهم جدا في المنظومة وكم المعلومات يزيد بصورة رائعة، يتبقى فن تفصيل المؤشرات على معطيات المريض.

– إذا وقعت تلك الجائحة قبل 100 عام فكم من الوقت كانت تحتاجه الدول لاكتشاف مصل واقي؟

كنا سنفقد ملايين أكثر من المصابين، واكتشاف اللقاح سيأخذ عشرات السنوات، والتكنولوجيا ساهمت في خفض معدل الوفيات من ناحية التوعية وحتى اكتشاف اللقاحات.

أثبتت جائحة كورونا أنه ليس هناك منظومة صحية حتلأعتى الدول المتقدمة قادرة على الصمود.. فهل الوقت مناسب استراتيجية مرونة وادارة ازمات داخل القطاع الصحي في مصر؟

المنظومة الصحية في العالم كله تعرضت لضغط كبير جدًا ودول كثيرة ومتقدمه اكتشفت أن منظومتها الصحية لم تكن بالكفاءة المطلوبة، لذلك نرى أن مصر يحدث فيها تطور كبير.
واعتقد أننا بقياس الأرقام في العالم من حيث الإصابات والوفيات، نتأكد أن مصر كان لها حظ جيد منها، وبصفة عامة الأرقام تقول أننا استطعنا اجتياز الاختبار بنسبة أكثر من المتوقعة، نتيجة وجود تحركات سريعة على مستوى الرعاية الصحية والبرامج ووضعها بصورة مناسبة لتحمل العبء الإضافي وبرامج الرعاية، ومصر قطعت شوطا جيدا جدًا في الفترة الماضية لذلك لم نصل إلى مرحلة ما وصلت بها كثير من الدول التي أصيب فيها القطاع الصحي بالشلل حتى أن الوفيات تزايدت بسبب عدم وجود أماكن في المستشفيات.

– التطور التكنولوجي ووجود بيانات يتطلب حماية وسرية لتلك البيانات.. كيف تقيم حماية البيانات داخل المنظومة الصحية ومستقبلها؟

البيانات تمثل قيمة عظيمة ولكنها تمثل سلاح خطر، نفس البيانات التي قد تستخدم في الخطة العلاجيه هي نفس البيانات التي يمكن أن تمثل خطورة على المريض حال تسريبها، لذلك هي قيمة مضافة وسلاح يمكن يستعمل ضدك إن لم يتم تنظيم طرق مشاركتها وحماية خصوصية المرضى من الانتهاك، وهو ما ينطبق على البيانات في العالم كله وليس مصر فقط ومن الضرورة أن يكون لدينا وسائل مؤمنة لجمع وتحليل البيانات بما يحقق منفعة دون أضرار.