الاستعانة والتسلح بالكوادر البشرية المؤهلة ذات الخبرات المصرفية الكبيرة لقيادة المرحلة الراهنة، كانت أولى الخطوات التي اتخذها محافظ البنك المركزي المصري حسن عبد الله فور قدومه محافظًا للبنك المركزي في أغسطس 2022، إذ استعان بمصرفيين مخضرمين هما هشام عز العرب ومحمد نجيب كمستشارين للمحافظ فور توليه المسؤولية، لإعانته في قيادة مرحلة هي الأصعب على الاقتصادات العالمية ناهيك عن التحديات المحلية التي يواجهها الاقتصاد المصري بسبب التداعيات الإقليمية والعالمية التي فرضتها الحرب الروسية الأوكرانية وما سبقها من تداعيات جائحة كورونا.
هذه المرحلة تحديدًا تتطلب وجود كفاءات قادرة على صناعة التغيير، وخاصة في أهم مؤسسة مالية في البلاد، وهو ما أدركه البنك المركزي منذ وقت بعيد، إذ أنه في يناير 2022، وفي ضوء سعي البنك المركزي لتحويل مصر إلى مركز إقليمي للتكنولوجيا المالية، استقطب البنك أفضل الكوادر المهنية والكفاءات العاملة في هذا المجال، لإدارة هذه المنظومة بشكل احترافي، معلنًا عن انضمام اثنين من أفضل الكوادر، وهما؛ المهندس طارق طه رئيسًا لمركز التكنولوجيا المالية والإبداع بالبنك المركزي، والمهندس شريف الصناديلي رئيسًا لمبادرة حوكمة التكنولوجيا المالية، وتعيين شريف لقمان وكيلاً لمحافظ البنك المركزي المصري للشمول المالي.
ولم يتوقف البنك المركزي عن استقطاب الكفاءات، إذ أعلن يوم الأحد الماضي، عن تعيين طارق الخولي نائبًا لمحافظ البنك المركزي المصري لمدة عام -والذي يتمتع بخبرة مصرفية تتجاوز الأربعون عامًا قضى منها أكثر من 8 سنوات بين جدران البنك المركزي- مع استمرار رامي أبو النجا نائبًا للمحافظ أيضًا لمدة عام، كما استحدث البنك المركزي منصبًا جديدًا لأول مرة، من خلال تعيين محمد أبو موسى كمساعد لمحافظ البنك المركزي المصري ليكون أبو موسى أول مساعد للمحافظ.
وبهذا يكون التشكيل الجديد للبنك المركزي يتكون من حسن عبدالله محافظًا، وطارق الخولي ورامي أبو النجا نائبين ومحمد أبو موسى مساعدًا، إلى جانب كلاً من محمد فريد قائما بأعمال رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، وعلى محمد على فرماوى خبيرًا تكنولوجيًا، ونجلاء أنـور الأهوانى خبيرًا اقتصاديًا، وشريف حسين كامل خبيرًا ماليًا، وحسن محمد حسن الخطيب خبيرًا اقتصاديًا،وسميحة السيد فوزى خبيرًا اقتصاديًا، وعصام محمد عبد الهـادى عامر خبيرًا محاسبيًا وماليًا، ومحمـد عثمـان إبراهيم الديب خبيرًا مصرفيًا.
يأتي التشكيل الجديد تزامنًا مع دخول عام 2024 والذي يحمل العديد من المشروعات المستهدفة التي يسعى البنك المركزي المصري لإطلاقها، وخاصة المشروعات الرقمية التي من المتوقع أن تحدث نقلة نوعية في القطاع المصرفي بشكل خاص والسوق المصرية عمومًا، فمن المرتقب في هذا العام إطلاق البنوك الرقمية لأول مرة، وتدشين الهوية المالية الرقمية، والانتهاء من مشروع ترميز البطاقات على الهاتف المحمول، وإضافة العديد من الخدمات الجديدة على تطبيق «إنستاباي».
2024.. عام البنوك الرقمية
تترقب السوق المصرية خلال العام المقبل 2024، انطلاق التجربة المصرفية الجديدة والمتمثلة في تدشين نموذج البنوك الرقمية، لأول مرة في القطاع المصرفي المصري، وذلك بعد سنوات من الإعداد والتجهيز وبناء القدرات الرقمية وتأهيل الكوادر البشرية والبنية التحتية التكنولوجية اللازمة لإنشاء هذا الكيان الواعد، لضمان خروج منظومة مصرفية متطورة وآمنة وتواكب أحدث النظم المصرفية العالمية.
بدأت البنوك المصرية في العمل بشكل مكثف على وضع البنية التحتية اللازمة لإنشاء البنوك الرقمية منذ عام 2020، وتزامنًا مع تفشي جائحة كورونا وما فرضته من أوضاع جعلت التفكير في التحول إلى البنوك الرقمية أمرًا واجبًا، لتستعد البنوك العاملة في السوق عبر ضخ استثمارات وتعزيز التعاون مع شركات التكنولوجيا لإنشاء كيان رقمي متكامل لا يخضع للعامل البشري إطلاقًا.
الخطوات التي اتخذها البنك المركزي المصري آنذاك والتي يأتي في مقدمتها إصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي أو ما يسمى بـ«قانون البنوك الجديد» في 2020 والذي خصص بابًا كاملاً لنظم الدفع الإلكترونية وإصدار العديد من الضوابط الخاصة بالتحول الرقمي والتكنولوجيا المالية، شجعت البنوك على المضي قدمًا في وضع اللبنة الأولى للبنوك الرقمية والتي من المرتقب إصدارها مطلع العام المقبل 2024.
واستكمالاً للرحلة، أصدر البنك المركزي المصري في يوليو 2023، قواعد ترخيص وتسجيل البنوك الرقمية والرقابة والإشراف عليها، بما يُمثل خطوة هامة تواكب التطورات العالمية في صناعة التكنولوجيا المالية وتلبي احتياجات العملاء بالسوق المصري، إذ يسعى البنك المركزي لتحقيق رؤية الدولة للتحول إلى مجتمع أقل اعتماداً على النقد، وتعزيز الشمول المالي، وخلق مناخ داعم لصناعة التكنولوجيا المالية، خاصة وأن البنوك الرقمية تقوم بتطوير وإتاحة المنتجات والخدمات المصرفية بشكل متميز عن بُعد وبجودة عالية تتناسب مع احتياجات كافة فئات المجتمع.
الهوية المالية الرقمية
ويستعد البنك المركزي أيضًا خلال العام المقبل لإطلاق مشروع الهوية الرقمية، وتدشين شركة الهوية المالية الرقمية لتنضم لمساهمات المركزي في رؤوس أموال الشركات، حيث سيساهم البنك المركزي بنسبة 55% من رأسمال الشركة بقيمة مساهمة تبلغ 275 مليون جنيه.
ويأتي مشروع التعرف على هوية العملاء إلكترونيًا «E-KYC» على رأس أولويات البنك المركزي في المرحلة الحالية، حيث تهدف منظومة اعرف عميلك الإلكترونية إلى تطوير القطاع المصرفي المصري من خلال توفير وسيلة إلكترونية آمنة لمستخدمي الخدمات المالية تمكنهم من إنشاء هوية مالية إلكترونية تسمح بالتحقق من بيانات العملاء إلكترونياً، بما يمكنهم من فتح حسابات البنوك بشكل إلكتروني عن بُعد دون الذهاب إلى فرع البنك، مما ينعكس بالإيجاب على عملية إدراج عملاء جدد لدى البنوك بطرق إلكترونية سهلة وسريعة وآمنة وكذلك خفض الإجراءات الورقية وخفض التكدس على فروع البنوك للتسجيل والحصول على الخدمات المالية.
الهوية المالية الرقمية من شأنها أن تنعكس إيجابيًا على الشمول المالي في مصر، حيث أنها ستسهم بشكل كبير في زيادة الإقبال على فتح حسابات بنكية وزيادة التعامل مع القطاع المصرفي لما توفره من سهولة في فتح الحسابات البنكية وإنهاء الإجراءات عن بُعد وعبر الإنترنت، وهو ما تؤكده معدلات الشمول المالي التي نمت بنسبة 161% خلال الفترة من 2016-2023.
ووصل إجمالي المواطنين الذين لديهم حسابات (في البنوك أو البريد المصري، أو محافظ الهاتف المحمول أو البطاقات مسبقة الدفع) إلى 45 مليون مواطن بما يعادل 68% من إجمالي المواطنين (في الفئة العمرية 16 سنة فأكثر)، حيث يرجع ذلك بشكل أساسي إلى الخدمات الرقمية والمنتجات المصرفية الإلكترونية التي تقدمها البنوك لتحسين تجربة عملائها وتيسير معاملاتهم البنكية.
ولن يقف دور الهوية الرقمية عند تعزيز الشمول المالي فحسب، بل سيثمر عن تخفيض تكلفة البنوك في إنشاء الفروع، إذ أن المشروع من شأنه تقليص عدد الفروع التي تفتتحها البنوك والتحول إلى الاعتماد بشكل أكبر على المنتجات المصرفية الرقمية والتعامل عن بُعد وبالتالي تقليل أعداد الفروع والموظفين وتخفيض التكلفة، فضلاً عن أن سينعكس بالطبع على تحسين تجربة العملاء نظرًا لسهولة وتوفير الوقت والجهد المبذولين في الذهاب للفرع وتقليل نسبة الخطأ وارد الحدوث من الموظفين حيث أن أخطاء الأنظمة الإلكترونية أقل بكثير من العنصر البشري.
الادخار والإقراض الرقمي
وبالتوازي مع العمل على إطلاق مشروع الهوية المالية الرقمية والبنو الرقمية، يعمل البنك المركزي على مشروعات رقمية أخرى تشمل، الادخار والإقراض الرقمي من خلال محفظة الهاتف المحمول، إذ يهدف مشروع الادخار والاقتراض الرقمي إلى إتاحة الاقتراض الإلكتروني لعملاء محافظ الهاتف المحمول بصورة لحظية من خلال قناة مؤمنة بناء على السلوك الائتماني لهم Alternative credit Scoring.
وأصدر البنك المركزي القواعد الخاصة بهذه الخدمة خلال عام 2021، ويقوم البنك المركزي بالعمل مع الشركة المصرية للاستعلام الائتماني «أي سكور» للانتهاء من الجوانب الفنية الخاصة بالمشروع ليتمكن المواطن من الاقتراض بصورة لحظية على مدار الساعة عن طريق محفظته الإلكترونية.
العملات الرقمية
ويأتي مشروع العملات الرقمية للبنوك المركزية، استكمالاً للخطوات التي اتخذها البنك المركزي المصري ضد انتشار وتداول العملات المشفرة، حيث يقوم البنك المركزي بدراسة تطبيق العملات الرقمية للبنوك المركزية والتي تتسم بالأمان والاستقرار بديلاً عن الأنواع الأخرى للعملات المشفرة ومخاطرها، بالإضافة إلى مميزاتها الأخرى المرتبطة بالاقتصاد الرقمي والشمول المالي والخدمات المالية الرقمية.
وقام المركزي بتشكيل لجان عمل داخلية وخارجية (من كافة الوزارات والجهات القومية المعنية) برئاسة البنك المركزي بهدف دراسة الملف وذلك بالتعاون مع عدة مؤسسات دولية، حيث يحرز البنك المركزي المصري تقدماً في تلك الدراسة.
المرحلة الأصعب
ومع هدف البنك المركزي الرئيسي والمتمثل في تحقيق سلامة النظام النقدي والمصرفي واستقرار الأسعار، في إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة والتزامه بالحفاظ على معدل تضخم منخفض ومستقر على المدى المتوسط، تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، إذ أن معدلات التضخم في أعلى مستوياتها وأسعار الفائدة تلاحقها للسيطرة عليها، فضلاً عن النقص الحاد في العملة الأجنبية بسبب تداعيات الحروب العالمية والإقليمية وأزمات سلاسل التوريد وارتفاع أسعار النفط، لذا يعمل البنك المركزي بكل ما أوتي من أدوات لمواجهة هذه التحديات والمرور من هذه المرحلة الصعبة بسلام.
ومن خلال جهوده الحثيثة والمتتالية نجح البنك المركزي في السيطرة على التضخم الأساسي خلال الشهور الأخيرة ليتراجع للشهر الرابع على التوالي مسجلاً 38.1% في أكتوبر 2023 مقابل 41% في يونيو من نفس العام، إذ قام البنك المركزي برفع أسعار الفائدة بواقع 3% منذ بداية العام الجاري لتصل أسعار العائد على الإيداع والإقراض إلى نحو 19.25%، و 20.25% على الترتيب.
ورغم تباطؤ التضخم للشهر الرابع على التوالي إلا أن يظل بعيدًا عن مستهدفات البنك المركزي المصري للتضخم، إذ يستهدف معدلات تضخم ذات مسار نزولي، عند مستوى 7% بزيادة أ نقصان 2% في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024، ومستوى 5% بزيادة أو نقصان 2% في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.
قوة القطاع المصرفي
ويتمتع القطاع المصرفي المصري بمؤشرات مالية قوية تجعله رابع أقوى قطاع مصرفي في الوطن العربي، بحجم أصول تبلغ نحو 14 تريليون جنيه وحجم ودائع يتجاوز 9.6 تريليون جنيه ورؤوس أموال تتخطى 822 مليار جنيه، وهو ما يتطلب إدارة كفء للحفاظ على هذه المقدرات.
المشروعات الرقمية المذكورة إلى جانب الحفاظ على قوة وصلابة القطاع المصرفي المصري وتعزيز ربحيته وتقوية رؤوس أمواله والحفاظ على أموال المودعين وتأمين القطاع الأهم من أي اختراقات أو جرائم إلكترونية حفاظًا على سرية بيانات العملاء، هذه المتغيرات تتطلب وجود خبرات وكوادر مصرفية مؤهلة ومن شأنها إحداث الفارق في هذه المرحلة الصعبة التي يواجه فيها الاقتصاد المصري تحديات عدة، أبرزها نقص العملة الأجنبية.
لذا كان استقطاب هذه القيادات ذات الأفكار المتنوعة لتكون قادرة على قيادة المرحلة بشكل احترافي، وإنجاز مستهدفات البنك المركزي لمواكبة الصناعة المصرفية العالمية وعدم التخلف عن الركب، والحفاظ على الإنجازات الكبيرة التي حققها البنك المركزي على مدار الفترة الماضية.
التكنولوجيا المالية
التصريحات الأخيرة التى أدلى بها قيادات البنك المركزي في مؤتمر بافيكس ومعرض «كايرو آي سي تي» لعام 2023، تؤكد أهمية المشروعات التي يعمل عليها البنك المركزي والجهود المبذولة على مدار الفترة الماضية، وأهمية استقطاب كفاءات لقيادة هذه المرحلة، إذ أكد رامى أبوالنجا، نائب محافظ البنك المركزى المصرى، في كلمة التي ألقاها نيابة عن المحافظ حسن عبدالله، أن التكنولوجيا المالية وما تشهده من طفرة كبيرة، تنعكس آثارها على مختلف مناحى الحياة، وتحفز الجميع لمواصلة الجهود وملاحقة التغيرات المتعاقبة في هذا المجال المهم، تحقيقًا لرؤية مصر2030.
وأكد حرص «المركزى» على مواكبة كل ما هو جديد في التكنولوجيا المالية، باعتبارها ضرورة يفرضها التزام البنك بتحقيق أهدافه للحفاظ على الاستقرار النقدى وتعزيز الشمول المالى، وذلك عبر رؤية تقوم على دعم إطلاق المزيد من تطبيقات التكنولوجيا المالية المبتكرة وإتاحتها للعملاء للاستفادة منها، على النحو الذي يسهم في تحقيق التحول الرقمى المستهدف، والدفع بجهود الوصول للتنمية المستدامة.
أوضح أنه في ضوء هذه الرؤية، عمل البنك المركزى على دعم وتحفيز التكنولوجيا المالية في القطاع المصرفى والمالى، وأطلق إستراتيجية واعدة للتكنولوجيا المالية والابتكار تستهدف تحويل مصر لمركز إقليمى لصناعة التكنولوجيا المالية في أفريقيا والشرق الأوسط.
هذه الإستراتيجية ساهمت في تضاعف عدد الشركات العاملة في الصناعة 5 مرات من 32 شركة عام 2017 إلى 177 كيانا في 2022 جذبت ما يقارب 800 مليون دولار خلال العام الماضى.
يأتى هذا بالتوازى مع تهيئة البيئة التشريعية والتنظيمية لدعم وتحفيز التحول الرقمى، من خلال تخصيص فصل كامل لتشريعات نظم وخدمات الدفع الإلكترونية والتكنولوجيا المالية بقانون البنك المركزى والقطاع المصرفى رقم 194 لسنة 2020، وفق أبوالنجا.
جهود البنك المركزى المصرى امتدت لتحفيز التحول إلى البنوك الرقمية، عبر إصداره قواعد ترخيص وتسجيل هذه المصارف والرقابة والإشراف عليها، والتى تمهد لظهور جيل جديد من الخدمات المصرفية الرقمية داخل السوق المصرية، تقدمها البنوك لعملائها بشكل رقمى بالكامل دون الحاجة لوجود فروع، ما يعزز قدرة هذه البنوك على الوصول إلى المزيد من العملاء، كما عمل «المركزى» على التعاون مع الهيئة العامة للرقابة المالية لإصدار قانون تنظيم أنشطة التمويل البديل.
ولفت أبوالنجا إلى أن البنك المركزى نجح في إطلاق منظومة ميزة ديجتال لمحافظ الهاتف المحمول عام 2017 ليصل عدد المحافظ إلى أكثر من 36 مليون محفظة، وكذلك منظومة الدفع الوطنية للبطاقات «ميزة» في ديسمبر 2018، والتى ساهمت في زيادة أعداد كروت الدفع الإلكترونية إلى أكثر من 62 مليون بطاقة.
ونوه بأن إطلاق المنظومة الوطنية للمدفوعات اللحظية وتطبيق «إنستا باى» في مارس 2022 لتصبح من أهم دعائم البنية التحتية للخدمات المالية الرقمية والتى يستند إليها البنك المركزى في التحول لمجتمع أقل اعتمادًا على أوراق النقد، إذ بلغ عدد عملاء التطبيق أكثر من 6.2 مليون عميل، وأسفرت جهود البنك لتحفيز التوسع في وسائل الدفع الإلكترونى عن زيادة أعداد نقاط البيع الإلكترونية إلى أكثر من 1.2 مليون نقطة بيع وأعداد ماكينات الصراف الآلى إلى أكثر من 23 ألف ماكينة.
نائب المحافظ أشار إلى القواعد المنظمة لخدمات ترميز البطاقات على تطبيقات الأجهزة الإلكترونية التي أطلقها البنك المركزى في فبراير 2023، والذى بدوره سيسمح بتفعيل خدمات العديد من الشركات الدولية مثل (أبل باى وسامسونج باى وغيرها) وكذا شركات التكنولوجيا المالية، ما يؤدى بدوره لخلق فرص هائلة في تقديم حلول مبتكرة تتوافق مع متطلبات العملاء.
وحول المشروعات المستقبلية، قال «أبوالنجا» إن جهود «المركزى» لتطوير البنية التحتية للخدمات المالية الرقمية امتدت لتشمل العديد من المشروعات الواعدة التي يعمل عليها البنك حاليًا، وفى مقدمتها مشروع التعرف على هوية العملاء إلكترونيًا (EKYC) والتى ستمكن العملاء من فتح الحسابات والتصديق على المعاملات إلكترونيًا، ما يسهم بصورة كبيرة في تحقيق الشمول المالى وتهيئة البنية التحتية المتطورة للشركات مقدمى خدمات الدفع الإلكترونية (PSP’s) والتى ستساعدهم في تقديم الخدمات المبتكرة المتطورة للعملاء.
أضاف أن البنك يولى أهمية متزايدة بالأمن السيبرانى من خلال تبنى رؤية متكاملة لتعزيز قدرة البنية التحتية المصرفية وتوفير بيئة إلكترونية آمنة تستوعب خطط الدولة للتحول الرقمى، لذا أنشأ «المركزى» قطاعا مستقلا للأمن السيبراني، يحتوى على أول مركز قطاعى للاستجابة والتنبؤ المبكر لطوارئ الحاسب الآلى في القطاع المالي، وإصدار أول إطار تنظيمى للأمن السيبرانى، ترتكز عليه البنوك والمؤسسات المالية في إجراء تقييم ذاتى لمستوى الجاهزية السيبرانية، ومدى توافر الضوابط والمعايير الأمنية الكافية.
نائب محافظ البنك المركزى المصرى أوضح كذلك أن التطور الذي تشهده التكنولوجيا المالية والتطبيقات المبتكرة للدفع الإلكتروني، تنعكس إيجابيًا على الشمول المالي، وتعزز فرص نمو المشروعات الناشئة ومتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال، إذ أصدر البنك حزمة من المبادرات والإجراءات لدعم ومساندة هذه الفئة من المشروعات وتيسير إجراءات حصولها على التمويل، ما أدى إلى تحقيق طفرة في حجم التمويلات الموجهة من القطاع المصرفى لهذه المشروعات بمعدل نمو بلغ 350% في الفترة من يناير 2016 وحتى يونيو 2023.
الشمول المالي
من جانبه قال شريف لقمان، وكيل محافظ البنك المركزى للشمول المالى، إن معدل النمو في الشمول المالى منذ عام 2016 وحتى الآن بلغ 160%، كما سجلت نسبة الشمول المالى 68% بنهاية سبتمبر الماضى، بما يضم نحو 45 مليون مواطن.
وأوضح أن البنك المركزى يستهدف الوصول بمعدل الشمول المالى إلى 70% بنهاية العام الحالى 2023، وذلك مقارنة بنحو 14% في 2014، لافتًا إلى أن الشمول المالى يحقق الاستمرارية في المجتمع.
وشدد على ضرورة النظر إلى احتياجات العملاء عند تصميم المنتجات المالية التكنولوجية بما يتوافق مع الثقافة الحالية، ومن ثم التوسع خطوة بخطوة في الخدمات المالية التكنولوجية.
أوضح أن نسبة المرأة في الشمول المالى تمثل نحو 60% بزيادة 223%، كما شهدت نسبة الشباب زيادة بنحو 242.5%، مؤكدًا أهمية التعاون والتكامل بين الجهات المختلفة لتحقيق إستراتيجية الدولة في الشمول المالى والتحول الرقمى.
مشروعات رقمية ضخمة
إيهاب نصر وكيل مساعد محافظ البنك المركزى المصرى للعمليات المصرفية ونظم الدفع، من جانبه كشف عن إطلاق المزيد من الخدمات على إنستاباى خلال الفترة المقبلة، ومنها خدمات السحب النقدى من خلال ماكينات الصراف الآلى.
أضاف أن العام المقبل سيشهد إتاحة نوع جديد من التراخيص لشركات التكنولوجيا المالية للربط مع منظومة المدفوعات اللحظية بخلاف تطبيق إنستاباى لإضافة خدمات جديدة ومتطورة قادرة على تحقيق طفرة في المعاملات وتدعيم خطة الدولة في التحول إلى مجتمع أقل اعتمادًا على أوراق النقد.
أكد أن نجاح تجربة إنستاباى ليس وليد المصادفة، وإنما نتاج لمجهود كبير وتجارب كثيرة، سواء من البنك المركزى أو الأطراف المختلفة في المنظومة، وهو يمثل حجر الأساس لبناء منظومة قوية تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، تنعكس على مستوى الخدمات المقدمة للمواطن، معتمدة على بنية تحتية صلبة.
ونوه بأن البنك المركزى يعمل مع جميع الشركاء المحليين والدوليين للانتهاء من مشروع ترميز البطاقات على الهاتف المحمول خلال النصف الأول من العام المقبل، فضلاً عن العمل على الانتهاء من مشروع الهوية المالية الرقمية خلال 2024 والذى سيسمح للعملاء بفتح الحسابات إلكترونياً دون الحاجة إلى الذهاب لفروع البنوك.
ذكر أن قيمة معاملات نقاط البيع الإلكترونية بنهاية سبتمبر 2023 سجلت 288.5 مليار جنيه بنسبة نمو 71% مقارنة بعام 2021، وأن معاملات التجارة الإلكترونية عبر الإنترنت وصلت إلى 69 مليارًا بزيادة 169% عن 2021.
«نصر» لفت إلى أن عدد مستخدمى إنستاباى تجاوز 6.2 مليون عميل والمعاملات المنفذة على التطبيق إلى 350 مليون معاملة، بقيمة تتجاوز 650 مليار جنيه خلال عام 2023، ومن المتوقع الوصول إلى أكثر من 800 مليار بنهاية العام.
وتوقع أن يصل إجمالى المعاملات الإلكترونية بنهاية العام الحالى لأكثر من 13 تريليون جنيه بزيادة عن 2021 تقدر بحوالى 94%.
أوضح أن أعداد البطاقات المصرفية ارتفعت إلى 62 مليون بطاقة بنهاية سبتمبر 2023 مقارنة بـ 52 مليونًا بنهاية ديسمبر 2022، وتمثل بطاقات الدفع الوطنية ميزة 55% من إجمالى البطاقات ليصل عدد بطاقات ميزة إلى 34.5 مليون بطاقة بنهاية سبتمبر 2023.
نصر قال إن عدد ماكينات نقاط البيع الإلكترونية حقق نسبة زيادة 62% من 2021 حتى سبتمبر 2023، إذ وصلت إلى 1.2 مليون نقطة بيع إلكترونية بنهاية سبتمبر 2023، مقارنة بنحو 740 ألف نقطة بيع بنهاية 2021.
وذكر أن أعداد حسابات محافظ الهاتف المحمول وصلت إلى أكثر من 36 مليون حساب بنهاية سبتمبر 2023 مقارنة بنحو 30 مليون نهاية 2022 بزيادة 23%، لافتًا إلى أن قيم معاملات محافظ الهاتف المحمول سجلت 853 مليار جنيه بنهاية سبتمبر الماضى بنمو 325% عن عام 2021.
مكافحة الاحتيال المالي
وبالحديث عن جانب تأمين المعاملات المالية ومكافحة الاحتيال، قال العميد مصطفى خاطر مدير عام مكافحة الاحتيال بالبنك المركزى المصرى، إن المؤسسات البنكية والمالية هي الأكثر عرضة لأعمال الاحتيال، وفى ضوء ذلك تم استثمار مليارات الدولارات لتأمين الأنظمة الرقمية في البنوك والمؤسسات المالية.
خاطر أوضح أنه لا يوجد نظام مؤمن بنسبة 100٪، ويعتبر العميل هو أضعف نقطة في منظومة التأمين الرقمى في البنوك والمؤسسات المالية، وبالتالى لا بد من التوعية والتثقيف المستمر للعميل الذي يعد هو التحدى الأكبر في هذه المنظومة.
أشار إلى برامج التوعية التي يقدمها البنك المركزى زيادة أنماط الاحتيال على المؤسسات المالية، لافتًا إلى أن برامج التوعية التي حدثت خلال الفترة الأخيرة بالتعاون مع البنوك المصرية أدت إلى توضيح العديد من المفاهيم التي ساهمت في صد الهجمات الإلكترونية.
لفت إلى أن القائم بالاحتيال هو شخص متطور، لذا لا بد من تطوير قدرات القائمين بأعمال الحماية والتأمين بشكل ديناميكى مستمر يتواكب مع تطور أساليب الاحتيال.