Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

أزمة «كابيتر».. مالذي يجب أن تفعله الشركات الناشئة حتى لايكون لدينا ألف «بطل من ورق»؟ 

أثارت الأزمة الأخيرة لشركة كابيتر الناشئة المتخصصة في مجال التجارة الإلكترونية المتعلقة بتعثرها، والإشاعات التي طالت مؤسسيها التي وصلت اتهامهم بسرقة 33 مليون دولار بعد عزلهم من جانب مجلس إدارة الشركة من مناصبهم التنفيذية !، حديث وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، في وجه جديد لم نعتاده من الشركات الناشئة وتألقها في مصر والعالم، والصورة المضيئة التي تطال أصحابها على كفرات المجلات العالمية، والمقابلات التليفزيونية التي جعلت منهم نجوما في عز الشباب والنموذج الأمثل للأثرياء الجدد الذين يسعي الكثيرين لتقليدهم بدافع الطموح أحيانا والغيرة أحيانا أخري “فربما يلعب الزهر”.

لكن “الأزمة” التي تحمل الكثير من التفاصيل، ألقت بالكثير من مايمكن أن نطلق عليه “أزمة منتصف العمر” للشركات الناشئة، فمن الواضح من بداية القصة أن “كابيتر” كانت تواجه مشكلات هيكلية كشفتها المشاركات التي نشرها عدد من موظفو الشركة السابقون عبر موقع “لينكد إن” بأن الشركة تسرح عدد كبير من موظفيها وفشلت في دفع الرواتب، وذلك في تأكيد لقاعدة اقتصادية حذر منها كثيرين والتي تشير إن أحد أبرز المشكلات التي تواجه شركات ريادة الأعمال حاليا هي تركيزها على جمع التمويل وزيادة رؤوس الأموال مقارنة بالتفكير في تنمية الإيرادات وأرباح النشاط الفعلية.

وهذه القاعدة ببساطة عكسها مثل “مواطن القوة” فى رحلة نمو عدد كبير من الشركات خلال السنوات الماضية، ولكن المعضلة أن الكثير من الشركات الناشئة من نوعية “كابيتر” لم تهتم ،”فترنحت السفينة وهي مازالت تستعد للانطلاق” مما يعطي إشارات سلبية في سوق يواجه بالفعل تحديات أخرى على مستوى الاقتصاد الكلي من إنحسار لجولات التمويل ومحدودية حركة رأس المال المخاطر، وتخوفات المستثمرين من دخول أسواق جديدة، وارتفاع معدلات التضخم، وتبني البنوك المركزية العالمية سياسات من شأنها استنزاف كل ماشكل بيئة عمل الشركات الناشئة خلال فترات الصعود.

والمؤكد أن ماحدث “لكابيتر” ليس استثاء فالمراقب لحركة الشركات الناشئة في مصر، يرصدون فوق الأمواج شركات أخرى تحاول الإبحار عكس التيار ويمكن أن تغرق في أي وقت، خاصة الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا المالية والسلع الاستهلاكية وخدمات التوصيل والتي تحرق الأموال عبر تقديم عروض للعملاء بأقل تكلفة ولاتحقق جدوي اقتصادية مناسبة على المدى القصير والمتوسط، وذلك على حساب الاعتماد على جولات تمويل غير مضمونة تغطي النفقات، والظن أن عدد العملاء وقاعدة المستهلكين كأرقام ستشكل قوة دفع مستدام لنمو الشركة، ولكن النتيجة وفقا لهذا النموذج التشغيلي “تصدع الحائط مرحليا والسقوط الحر في النهاية”!.

ومما يبدو أن “أزمة كابيتر”، يجب أن تحدث ثورة تصحيح على مستوى نماذج أعمال الشركات الناشئة في مصر، والسياسات المالية والتسويقية، وملكية الشركات ، واستعادة ثقة المستثمر في الفرص المتاحة خاصة وأن التركيز الكبير لرواد الأعمال على جمع التمويلات بصورة أكبر من تحقيق الإيرادات المناسبة قد يهدد بشكل صريح نجاح العديد من الشركات بما ينعكس سلبا على سهولة جمع التمويلات ومستقبل القطاع ككل خلال الفترة القادمة.

“FollowICT” ، استطلعت أراء عدد من الخبراء المتخصصين، للوقوف على ماتشكله أزمة “كابيتر” من واقع وأوضاع الشركات الناشئة في مصر والتحولات المطلوبة والملحة لمجابهة محدودية رأس المال المغامر ومتى تستطيع الشركة أن تمول نفسها بنفسها والوصول لنقطة تلاقي إجمالي الأرباح مع إجمالي المصروفات؟، وذلك بعيدا عن وحش “الترافيك” الذي طال الأزمة والذي كما يجذب ملايين المشاهدات لوسائل الإعلام فإنه يضر “أمة” ويفقدها مليارات الدولارات بدون مبالغة .

الأرقام تتحدث

التجربة المصرية في مجال تحفيز نمو قطاع ريادة الأعمال ورعاية المشروعات الريادية القائمة على الإبداع التكنولوجي تعد أحد أهم محاور بناء مصر الرقمية وأحد المرتكزات الرئيسية للدولة المصرية لتعزيز قوة الاقتصاد في مواجهة التداعيات الحالية.

وتشير الأرقام إلى إن استثمارات الشركات الناشئة تضاعف إلى 490 مليون دولار، بعدد 147 صفقة، خلال عام 2021، واحتلت مصر المركز الثانى على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من حيث عدد الاستثمارات في الشركات الناشئة، والمركز الثاني من حيث مناخ ريادة الأعمال على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، بينما شغلت المركز الأول في التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط.

وتمكنت الشركات المصرية الناشئة من جذب تمويلات بقيمة 269.1 مليون دولار خلال النصف الأول من العام الجاري، وفي الفترة من يناير وحتى يونيو للعام الحالي تمكنت نحو 35 شركة مصرية ناشئة من جمع 269.1 مليون دولار بقطاعات متنوعة ولكن كانت الغلبة لقطاعات التجارة الإلكترونية والتكنولوجيا المالية من حيث قيمة الصفقات.

وفقا لتقرير Fintech Egypt  فأن أسباب هذا النمو هي الإصلاحات التنظيمية التي جرى تطبيقها خلال الأعوام القليلة الماضية، مصحوبة بزيادة في إجمالي عدد المستثمرين الذين بدأوا الاستثمار في مصر خلال هذه الفترة أيضا، بجانب الحجم الكبير للسوق المصرية المهيأة لهذا النوع من الاستثمارات بسبب حجم السكان والمخزون الهائل من المواهب الشابة والبارعين في قطاع التكنولوجيا، ووجود مبادرات كبرى تدعم نمو القطاع مثل المختبر التنظيمي لتطبيقات التكنولوجيا المالية التابع للبنك المركزي وصندوق إنكلود للتكنولوجيا المالية، ومركز التكنولوجيا المالية (GRID) التابع للبنك المركزي الذي سيفتح أبوابه خلال هذا العام.

محمدنجاتي
محمد نجاتي

مرحلة “الغربلة”

محمد نجاتي، رائد أعمال والمستثمر في مجال تكنولوجيا المعلومات، أشار إلى أن قطاع ريادة الأعمال في مصر يمر من مرحلة النمو التي شهدها وفقا للأرفام إلى مرحلة “الغربلة”، وهو أمر طبيعي في جميع الأسواق الناشئة بالعالم، وأنه من المعتاد فشل الشركات وتصفية أوضاعها وخروجها من السوق في مرحلة ما ، مشيرا إلى أن الشركات الناشئة تغيرت أجندتها للتتلائم مع الأوضاع الجديدة التي فرضتها كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية، بحيث أصبح تحقيق الأرباح العاجلة هدف عاجل وليس مؤجل في ظل تغير فلسفة المستثمرين في هذه الشركات، والذين كانو يبحثون في وقت لاحق عن تعظيم العلامة التجارية وتعزيز العوائد وتحقيق مستهدفات الأرباح على المدي المتوسط والبعيد في مقابل تضخم الشركة من حيث عدد العملاء والانتشار.

وأرجع، أزمة “كابيتر” إلى خلاف بين المؤسسين والمستثمرين في فلفسة العمل والسياسة التي تتبناها الشركة على المستوين المالي والتشغيلي، لكن الأزمة لم يتم التعامل معها بشكل طبيعي، كما لم يتم الاتفاق على سيناريو واحد للتعامل معها، مستبعدا أن تؤثر أزمة “كابيتر” على بيئة ريادة الأعمال في مصر، والتي حققت عائد يفوق 50 مليار جنيه بالدولار الأمريكي خلال السنوات العشر الأخيرة، كما وظفت نحو مليون مصري في قطاعاتها المختلفة.

ولفت محمد نجاتي، إلى أنه في حالة فشل أحد أطراف الشركة في الوصول إلى تسوية للسيطرة على الشركة بكاملها، فسيكون الحل هو كيان خارجي يقوم بالاستحواذ على الشركة وإعادة هيكلتها، وهو مايحدث على أرض الواقع حيث نشهد نمو كبير في صفقات الاستحواذ والاندماجات سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.

الشركات الناشئة في مصر

وأكد رائد أعمال والمستثمر في مجال تكنولوجيا المعلومات، إلى أن الشركات الناشئة ستواجه مشكلات متعلقة بالتمويل خلال الفترة المقبلة، بعد أن شهدنا سلسلة من الجولات التمويلية الجيدة الفترة الماضية، وذلك نتيجة الاضطرابات المالية التي تواجهها الأسواق وتؤثر على قرارات المستثمرين، إلا أن الفترة المقبلة يمكن أن يستمر التمويل الموجه من الشركات العائلية والتي تتمتع بحجم ملائة مالية كبيرة وأيضا صناديق الاستثمار الباحثة عن الفرص في أوقات الأزمات ، وهو مايجب أن تعيه الشركات الناشئة في مصر وتحول دفتها نحوها .

ولفت محمد نجاتي، إلى أن قرارات تسريح الموظفين “حتمية” خلال الفترة الحالية باعتبارها أقصر الخطوات لتعزيز الأرباح وتقليل النفقات، وذلك عبر الاعتماد على الأتمتة والذكاء الاصطناعي، وهو ماحذرت منه العديد من التحليلات العالمية خلال الفترة الماضية، وهو ماعجلت به الأزمة الحالية وسرعت من معدلات قرارات التسريح، مما يعطي إشارة لرواد الأعمال الجدد بضرورة التركيز على هذه المعطيات الخاصة بالتشغيل وعدم التعجل في زيادة أعداد التوظيف والتي ستشكل عبئا إذا لم يقابلها على الأرض مستوى عمل مطلوب منوها إلى أن  عمليات التسريح دائما ماتطال في شركات التكنولوجيا الناشئة وظائف الشركة الهندسية وقطاعات المنتجات والدعم.

وأكد، على إن قرارات الحكومة بشأن دعم مجتمع رواد الأعمال والشركات الناشئة ضمن آلياتها للتعامل مع الأزمة العالمية، تصب فى مصلحة الشركات الناشئة الباحثة عن فرصة للنجاح في ظل هذه الظروف، وعلى رأس هذه القرارت الإيجابية تأسيس الشركات أونلاين، والذي يسهم بشكل مباشر فى خفض التكاليف على مؤسسي هذه الشركات، وأيضا إلغاء بند وجود مقر رئيسى للشركة والذي سيدعم قرارات التأسيس وعدم تعطيلها، مطالبا بضرورة التوسع فى الإعفاءات الضريبية، خاصة أن العديد من دول المنطقة وعلى رأسها منطقة الخليج تمنح إعفاء ضريبى يصل لعامين لإنشاء الشركات الناشئة.

على الشلقاني
على الشلقاني

ثورة تصحيح

يجب أن نخرج من أزمة كابيتر وقبلها سويفل والقائمة ستطول ، بمجموعة من المعايير الواضحة على مستوى تصحيح مسار الشركات الناشئة ، وفقا لعلي الشلقاني الرئيس التنفيذي لشركة كايرو إنجلز للاستثمار ، والذي أشار إلى أن الشركات الناشئة اندفعت لسنوات وراء الحصول على الأموال كمعيار حاكم ورئيسي للنمو والتوسع في الإنفاق، في ظل تمنكها من جذب قاعدة كبيرة من العملاء، وذلك على حساب القيمة الفعلية والعائد على رأس المال، وهو ماجعل الكثير منها غير قادة على الصمود أمام الأزمة الحالية التي تسببت فيها الحرب الروسية الأوكرانية ودعوات التوتر العالمي والتي تسببت في انحسار حركة رأس المال المغامر بشكل كبير، والنتيجة ( إنفاق لايضمن تمويل مستدام وعوائد غير مجزية) .

وأشار إلى السوق العالمي والمحلي المتعلق بالشركات الناشئة في مرحلة ترقب في الوقت الحالي ، لإحداث تعديل في فلفسة إدارة الشركات ، لنجد سياسات تسريح الموظفين وتعديل شروط العمل مع عملاء الشركات وخفض التكاليف معايير رئيسية لضمان التدفقات النقدية وتحقيق الربحية على المدي القصير والمتوسط، وهي معادلة صعبة بالتأكيد ستحتاج لجهود من هذه الشركات وإداراتها التنفيذية.

ولفت على الشلقاني، إلى أن الشركات يجب أن تتبنى سياسات مرنة لتعديل نموذج عمل الشركة، وخطتها وطريقة تشغيلها، والتكيُف مع الظروف الحالية، اتساقًا مع رؤية وأهداف الشركة الاستراتيجية، بخلاف الشركات الكبيرة التي يتعذر تعديل طريقة عملها أو خطوط إنتاجها التي صُممت لمنتج محدد ، منوها الي أن الشركات التي تعمل في مجال توصيل الطعام والسلع الاستهلاكية ستكون أكثر عرضة للمخاطر خلال الفترة المقبلة

وأكد على أن السوق المصرية رغم هذه التحديات يتمتع بفرص نمو واسعة وسيستوعب عدد كبير من المنافسين خلال الفترة المقبلة ، لافتا إلى أن عملية التحول التي ستطال الشركات الناشئة واسترايجيتها للمستقبل وفقا لهذه الظروف ستخرج خريطة جديدة أكثر تحديدا للشركات الناشئة في مصر وتخصصاتها وستكون بعضها أقوي مما هي عليه الان وذلك في ظل عملية النهوض التي تطال كافة المعاملات المالية والتكنولوجية بالدولة وتحسين نوعية الخدمات المقدمة في المجتمع .

الدكتور نبيل شلبي
الدكتور نبيل شلبي

معدلات التمويل

الدكتور نبيل شلبي، الخبير الدولي بريادة الأعمال، أشار إلى أن معدلات التمويل تقلصت حاليا وهناك تحفظ كثير من الممولين على التوسع في هذا النشاط، إلا إذا وجدوا أفكارًا نادرةً تتطلبها الظروف الحالية، وعلى سبيل المثال لمجابهة التضخم، لجأت بعض الشركات إلى تقليل أوزان منتجاتها، كبديل لزيادة الأسعار، أملًا في حفاظ الزبائن على نفس معدلات الشراء، بل وزيادة أرباح تلك الشركات في ظل زيادة أسعار المنافسين الذين لم يعدلوا منتجاتهم.

أما عن التوسع في التمويل علي حساب القيمة الفعلية للشركات الناشئة، أكد الدكتور نبيل شلبي أن ذلك سيؤدي إلى نشوء مشاكل للشركات، ودفعها لأزمات في المستقبل، وقد رأينا ذلك بوقت قريب لشركات عالمية قبل أزمة كابيتر ،مثل شركة Getir، التي تورد أصناف البقالة أونلاين E-Grocery، وقد بلغ تقييمها  12 مليار دولار بتمويل 768 مليون دولار، وأعلنت مؤخرًا تسريح 14% من الموظفين، ثم تلتها شركة Gorillas، التي وصل تقييمها لحوالي 3 مليار دولار، أعلنت تسريح 300 موظف، وشركة Klarna  التي تعمل في مجال الخدمات المالية عبر الإنترنت، ووصل تقييمها إلى 45 مليار دولار بتمويلات تقترب من 639 مليون دولار، أعلنت أنها ستفصل 10% من موظفيها، وانضمت إليهم شركة سويفل التي أعلنت عن نيتها للتخلي عن ثلث موظفيها في محاولة منها لتحقيق الأرباح.

وأكد الدكتور نبيل شلبي ، أنه على الشركات بمختلف أحجامها ألا تفرط بالتفاؤل نحو توقعاتها، للحصول على استثمارات، فحجم التمويلات يتقلص، وسيسعى الجميع لتقليل النفقات ، وهذه التجارب يجب أن يعيها تماما رواد الأعمال المصريين .

أمير شريف
أمير شريف

الشائعات مدمرة

من جانبه قال رائد الأعمال أمير شريف، مؤسس موقعي الوظائف الرائدين في مصر، وظف (WUZZUF) وفرصنا (FORASNA)، أن الشائعات التي انتشرت حول هروب محمود وأحمد نوح مؤسسي كابيتر بـ 33 مليون دولار خارج البلاد تؤثر بشكل كبير على سمعة الشركات الناشئة في مصر، خاصة في ظل التناول الإعلامي الذي صاحب الأزمة.

وأشار إلي أن سوق الشركات الناشئة في مصر يعمل به الكثير من الشركات، وكون شركة تعثرت أو لديها مشكلة أمر عادي، ومن الممكن أن تفشل شركات كل يوم في كل القطاعات ولكن لا نشعر بها، ففي وقت الكورونا هناك آلاف الشركات الصغيرة والمتوسطة أغلقت ولم يشعر بها أحد، ونفس الأمر من الممكن أن تفشل شركات ناشئة ولا نشعر بها، ولكن التركيز كان على “كابيتر” بسبب الشائعات المغلوطة، فالحقيقة هي أن الشركة حصلت على استثمارات وتم صرفها، وأول من يتضرروا من فشل شركة ناشئة هم المستثمرون والمؤسسون، مؤكدا أن هناك الكثير من التحديات وشركات ممكن تفشل ولكن يجب ألا نعمم ولا نقول إن كل الشركات بالون وسوف تنفجر.

وأكد أمير شريف أننا يجب أن نتقبل وجود حالات فشل، فإذا وجدنا شركة حصلت على أموال والمشروع فشل فيجب تقبل ذلك، طالما أنه لا يوجد اختلاس، فهذا يجب أن يكون مقبولا من المجتمع، ولا أحد يخاف من الفشل ولا أن يكون ذلك وصمة عار، منوها إلى أن السوق يعمل وبه شركات كثيرة ناجحة، حيث إن الشركات الناشئة أدخلت نصف مليار دولار استثمارات في مصر، ويتم تعيين عشرات الآلاف من المصريين، وهناك من يخسرون وظائفهم بسبب فشل الشركة، ولكن عندما يكمل الاقتصاد فمن يخسر وظيفته يجد وظيفة ثانية وثالثة.

ولفت إلى أن أي شخص يدير شركة ليست فقط ناشئة، يعاني بشكل كبير بسبب الصعوبات التي تواجه الاقتصاد العالمي، ووجود صعوبات لدينا في الاستيراد، وأي شائعات تضع ضغوطا على أي شخص يدير شركة، ويشير إلى أنه يجب أن يكون هناك استثمارات أكثر خلال الفترة القادمة، وأن يكون هناك اهتمام بالاستثمار المحلي.

سهر الدماطى
سهر الدماطى

ترتيب الأوراق

فيما قالت سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية ونائب رئيس بنك مصر السابق، أنه من الطبيعي أن تؤثر التحديات الاقتصادية الحالية على الشركات الناشئة باعتبارها جزءا رئيسيا من الاقتصاد العالمي والاقتصاديات المحلية للدولة، مؤكدة على ضرورة أن تقوم الشركات المصرية بترتيب أوراقها من جديد “، وتبدأ في وضع خطة جديدة، تشمل تخفيض النفقات، وعدم توظيف موظفين جدد، وتنويع مصادر دخلها والتركيز أكثر على القطاعات التي تركز عليها الدولة، لتجد مصادر تمويل بطرق مختلفة وبسهولة، ويمكن عن طريق الدولة يكون هناك تمويل في هذه القطاعات، فالقروض في ذلك مختلفة عن القروض الأخرى، فهناك قرض متعلق بالقطاع الصناعي على سبيل المثال، وهو قرض بفائدة 5%.

ونوهت الدماطي، إلى إن شركات التكنولوجيا المالية الناشئة تحتاج إلى الدعم المالي والإداري والفني وهذا ما يمكن للبنوك أن تقدمه لهذه النوعية من الشركات حتى تستطيع النهوض واكتساب المزيد من الخبرات والمهارات، مؤكدة  على أن تعثر تلك الشركات في وقت ما لا يعد مقياسًا لفشلها، فهناك شركات قائمة وكبيرة تتعرض للتعثر لأسباب متعددة، مشيرة إلى وجوب التعامل مع حالات التعثر بطريقة علمية ومنطقية.

وأوضحت أن دور البنك المركزي يقتصر على المساعدة في دعم توسع الشركات الناشئة القائمة، فضلًا عن دوره في تشجيع البنوك على إطلاق صناديق احتضان لدعم وتمويل هذه الشركات حتى تستطيع النهوض وتحقيق معدلات نمو قوية.

وحول موقف شركة كابيتر وتأثيره على السوق، قالت «الدماطي» إن موقف الشركة يشوبه بعض الغموض حتى الآن، لافتةً إلى أن الشركة تعاني من مجموعة من المشاكل المالية التي أدت إلى توقفها، مشيرة إلى ضرورة اجتماع مجلس إدارة الشركة للتعرف على الأسباب التي أدت إلى حدوث المشكلة ووضع خطة عاجلة لإنقاذها.

وأشارت إلى أن الشركة لديها مجموعة من كبار المستثمرين العرب، مشددة على ضرورة استقطاب متخصصين في مجال الإدارة من قبل المستثمرين لإنقاذ الشركة من الوضع الحالي، وطمأنة كافة المتعاملين مع الشركة حتي لاتؤثر علي سمعة الشركات الناشئة في مصر،مؤكدة على أن التمويل غير المدروس والذي لا يذهب للمكان الصحيح يؤدي إلى تعطيل الشركة، و دخول الشركة في أزمة، خاصة أن  الرؤية ضبابية حاليا في العالم كله، وبالتالي لكي يحاول مؤسس الشركة زيادة التمويل بدون دراسة السوق جيدا سوف يزيد المشكلة.

دور البنوك والمؤسسات المالية

من جانبه قال إبراهيم الشربيني رئيس قطاع التكنولوجيا في بنك مصر، إن البنوك والمؤسسات المالية الكبرى ستلعب دورًا كبيرًا خلال الفترة المقبلة في دعم الشركات الناشئة والصغيرة من خلال صناديق متخصصة للاستثمار في هذه الشركات، وذلك بهدف مساعدة نمو الشركات الصغيرة والناشئة ودعم رواد الأعمال، مشيرا إلى أن الشركات المتخصصة في التكنولوجيا المالية والمدفوعات الرقمية ستحظى بالكم الأكبر من هذه الاستثمارات .

وأكد أن الهدف الرئيسي للبنوك من إطلاق هذه الصناديق ليس فقط بغرض الاستحواذ على حصص في الشركات واستغلال الأزمة المالية التي تطال البعض منها في الوقت الحالي، بقدر ما هو لخدمة ودعم هذه الشركات لتحقيق النمو في عمر تكون فيه الشركة تحتاج للكفاءة الفنية والمالية التي تملكها المؤسسات الكبرى كالبنوك، مشيرًا إلى الدور الرئيسي الذي سيقوم به  صندوق دعم الابتكار الذي أطلقه بنوك الاهلي المصري ومصر والقاهرة في هذا الشأن.

وأطلق البنك المركزي صندوق دعم التكنولوجيا والابتكار برأس مال يتجاوز 1.3 مليار جنيه بمشاركة «البنك الأهلي المصري، وبنك مصر، وبنك القاهرة»، بالإضافة إلى افتتاح مركز التكنولوجيا المالية Grid والذي يهدف إلى تعزيز ودفع منظومة التكنولوجيا المالية داخل السوق المصري، والعمل على تجميع كافة أطراف منظومة التكنولوجيا المالية تحت سقف واحد.

وأشار «الشربيني» إلى أن هناك ذراع استثماري في أغلب البنوك وهو الذي يقرر دخول البنوك في استثمار ما من عدمه، لافتًا إلى أن هناك مؤسسات مخصصة مثل شركات رأس مال المخاطر، والتي تستهدف بالأساس الاستثمار في الشركات ودعمها بهدف النمو وتحقيق الربح وذلك بعد دراسة السوق دراسة قوية وعلمية ، كما أن البنك المركزي والجهات الرقابية تقوم بدور كبير لمساعدة الشركات الناشئة والصغيرة، مشيرًا إلى مبادرة رواد النيل التي أطلقها البنك المركزي بالتعاون مع البنوك وجامعة النيل الاهلية وبعض الجامعات المصرية لدعم الشركات الناشئة ورواد الأعمال.

وأوضح رئيس قطاع التكنولوجيا في بنك مصر،  أنه ليس من الضروري أن تنجح كافة الشركات الناشئة بحكم طبيعتها، لافتًا إلى أن نسبة الشركات الناشئة التي تنجح في الخارج لا تتخطى 18%، مما يؤكد أن هذه هي طبيعة الشركات الناشئة وأن عدم نجاح بعض هذه الشركات لا يعني أن بيئة الأعمال في بلد ما ليست ناجحة وأن المستثمرين في جميع أنحاء العالم يعوون جيدًا عند الدخول في استثمارات جديدة في الشركات الناشئة هذا الطرح.

محمد البيه
محمد البيه

حصص في الشركات الناشئة

من جانبه قال محمد البيه الخبير المصرفي، إن من الاهمية بمكان في هذه المرحلة أن تساهم البنوك بحصص في رأسمال الشركات الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيا المالية تحديد والخدمات المتعلقة بها ، مشيرًا إلى أن هذه الشركات ذات طبيعة خاصة حيث أن المخاطر فيها تكون عالية.

ولفت إلى أن التوسع والتسرع في عمليات التمويل على حساب القيمة الفعلية للشركات الناشئة يدفعها للأزمات، ومن ثم فشلها وتصفيتها، حيث يجب على الشركاء أولا التحضير جيدا، والتخطيط لمستقبل الشركة، قبل البحث عن مصادر التمويل، وزيادة رأس مال الشركة، لافتا إلى ضرورة أن يقوموا بتقييم ما وصلت إليه الشركة كل 6 أشهر، من حيث تقييم من هم المنافسون الرئيسيون والجدد في السوق، وأيضا تحديد ما هو المطلوب إتمامه وإنتاجه في المدة المحددة، وأهم نقطة هي تحديد التمويل ورأس المال المطلوب جمعه بالضبط.

وأكد محمد البيه ، على أن دخول البنوك في رأسمال الشركات الناشئة يكون بعد التأكد من الخطة الاستثمارية للشركة وقدرتها على تحقيق الأرباح والعوائد التي تغطي المخاطر الموجودة عند الشركة، منوها إلى أن البنك ينظر إلى الخبرات والكوادر التي تتولى إدارة الشركة وما يمتلكونه من قدرة على إدارة أعمالها وخططهم في الوصول إلى العملاء المستهدفين، وأن يكون العائد على الاستثمار معادلاً -على الأقل- للمخاطر، وأن يكون حجم المخاطر الذي يأخذه البنك في إطار مقبول وأن يحقق العوائد المنتظرة وفقا للخطة الاستثمارية للشركة.

وحول منح البنوك تمويلات للشركات الناشئة، لفت إلى أن طبيعة التمويل التي تحتاجها هذه الشركات طويل الأجل، لأن الشركة الناشئة في البداية لا تكون قادرة على تغطية مصاريف التأسيس والتوسعات وأجور العاملين ووجود الأنظمة والوصول للمشترين على الموقع الإلكتروني، وهو ما يتطلب استثمارات كبيرة وطويلة الأجل.

وبسؤاله عن دور البنك المركزي في الرقابة على هذه الشركات، أشار إلى أن البنك المركزي يحتاج إلى وجود نظم قوية في الشركة تؤهلها لتقديم الخدمة لعدد كبير من العملاء دون وجود مشكلات تقنية تؤدي إلى حدوث خلل قد يلحق الضرر بالعملاء أو العاملين في هذه الشركات.