Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

محمود داوود يكتب: المدن الرقمية.. وتحفيز التنمية الاقتصادية في مصر والدول العربية

من المتوقع أن يصل عدد سكان العالم العربي إلى 500 مليون نسمة بحلول عام 2050، بعد أن وصل عدد السكان إلى 340 مليون نسمة في عام 2013، وبمعدل نمو سكاني يساوي 2.4%، وستبلغ نسبة من يعيشون في المناطق الحضرية من السكان حوالي 66%، بحسب البيانات الصادرة عن إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية.

ومن المتوقع أن يؤدي هذا التحول الديموغرافي إلى مواجهة المدن العربية لعدد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الخاصة بالتحضر لتلبية الطلب على البنية التحتية والخدمات والموارد، بما في ذلك المياه والطاقة.

وتُعد التكنولوجيا الرقمية من بين أكثر الوسائل الواعدة للمساعدة على مواجهة هذه التحديات المتعددة، حيث يمكن للأدوات الرقمية الصحيحة تحسين جودة الحياة في المدن من خلال تمكين الحكومات من تقديم الخدمات بشكل أكثر كفاءة، وكذلك تطبيق الرقمنة بشكل مباشر في التخطيط الحضري، وذلك بهدف إنشاء مدن رقمية أو منظومات ذكية ذات قدرة أكبر على مواجهة تحديات النمو والتوسع، من خلال تصميم مدن رقمية في إطار بنية تحتية متكاملة، ما يجعلها أقدر على تقديم الخدمات المتكاملة ذات القيمة المضافة، مثل الصحة الإلكترونية والحكومة الإلكترونية والنقل الإلكتروني.

واستخدم مصطلح المدينة الرقمية لأول مرة في المؤتمر الأوروبي للمدينة الرقمية، الذي عقد في مدينة برشلونة عام 1994، كما بدأ مشروع المدينة الرقمية الأوروبية في عام 1996 بعدد من المدن الأوروبية، ثم تبنت السلطات الأوروبية بشكل أساسي مدينة أمستردام كمدينة رقمية تلتها مدينة هلسنكي.

والمدن الرقمية، من منظور علمي، هي التي بنيت لغرض صناعي أو تجاري أو علمي، بحيث تراعي توفير البيئة الاقتصادية الميسرة لحياة السكان، وتكون خالية من التلوث والتلوث الصناعي، وتقوم في قاعدتها الأساسية على تقنيات الترابط الإلكترونية.

وتأخذ المدن الرقمية مسميات عدة، أبرزها مدن المعرفة، والمدن الذكية، والمدن الإلكترونية أو الذكية، وهي تقوم علي هدف أساسي، وهو الوصول لبيئة مثلى من الموارد، وتعتبر المدن الرقمية صديقة البيئة، وهذا هو السبب الأساسي في إنشائها، إذ أن خبراء البيئة يبحثون بشكل مستمر لإيجاد حالة من التناغم بين مواكبة الطفرة الاقتصادية والحفاظ على الموارد الطبيعية التي تشكل تنمية مستدامة.

وفيما يتعلق بالعالم العربي، سيؤدي وجود هذه المدن الرقمية في العالم العربي إلى تحفيز التنمية الاقتصادية من خلال زيادة حجم الاقتصاد واستحداث فرص العمل في قطاعات تكنولوجية واعدة، وتحسين نوعية الحياة من خلال تحسين حياة المواطنين بالعديد من الطرق، عبر توفير الأرضيات المناسبة لهم للوصول الصحيح إلى مجموعة من الخدمات والإستدامة البيئية، حيث تطبق المدن الرقمية التكنولوجيا للحد من هدر الموارد، مثل المياه والطاقة.

وفي الدول المتقدمة، قدمت المدن الرقمية في العالم المتقدم بديلاً كاملاً لاقتصاد عالمي أكثر فعالية وإنسانية وإنتاجية، وقائم على تكامل التصميم الحضري من جهة مع التكنولوجيا ومتطلبات الحياة العصرية القائمة على البساطة والرفاهية من جهة أخرى.

وقد تطورت المدن الرقمية حتى أصبحت نموذجا حضريا جديدا قائمة بحد ذاتها، وتعني باستخدام التكنولوجيا بشكل مركزي متطور في المدن، مما يتعين على الحكومات العربية، من أجل جعل المدن الرقمية إحدى الحلول الحضرية للمدن في العالم العربي، وضع رؤية واستراتيجية وسياسات واضحة للمدن الرقمية مع الشركاء الرئيسيين مثل المطورين العقاريين ومقدمي التكنولوجيا من جهة، واختيار خدمات محددة لتوفيرها وتصنيفها تبعاً لأولويتها في المدن، وتقييم البنى التحتية للمدن بعناية، وتحديد مسار يسمح لها بالارتقاء.

وبدأت دول مجلس التعاون الخليجي تشهد بالفعل التحول المدعوم بالابتكار لمدنها في مختلف أنحاء المنطقة، بما يتماشى مع تطلعات حكومات دول مجلس التعاون لتحسين جودة الحياة لمواطنيها وتشجيع رجال الأعمال ودفع عجلة النمو الاقتصادي في المستقبل.

فعلي سبيل المثال، وضعت حكومة دبي استراتيجية تحويل دبي للمدينة الأذكى عالمياً خلال السنوات الثلاث المقبلة، وتضمنت الاستراتيجية 6 محاور و100 مبادرة رئيسية، وقد تم تشكيل لجنة عليا للإشراف على تحويل دبي لمدينة ذكية.

وفي المملكة العربية السعودية، تم وضع أكثر من مدينة في الخطة للتحول إلى مدن ذكية، وفي إطار بلورة رؤية 2030، تسعى دولة قطر للتحول إلى نموذج المدن الذكية، وتطبق حاليًا هذا النموذج على مدينة اللوسيل، التي من المقرر لها أن تكون مركزًا للبنية التحتية المتكاملة والشبكات ووسائل النقل الذكية.

وفي مصر، فإن العاصمة الإدارية الجديدة تمثل نموذجاً للمدن الذكية بكافة المقاييس، وأن الرقمنة أصبحت مفهومًا متزايد الأهمية في قطاع الإنشاءات والتنمية العقارية المصري، في ظل اتجاه الدولة لزيادة المشروعات العقارية والقومية المستدامة، التي تعتمد على التقنيات الذكية واستدامة التنمية والبنية التحتية المعلوماتية، في إطار جهود الدولة للتحول الرقمي في مصر وتطلعها نحو إنشاء المدن الذكية لاستيعاب الزيادة السكانية.

تحليل كتبه: محمود داوود

متخصص في ملف التنمية العمرانية والمدن المستدامة