من المتوقع أن تصل قيمة السوق العالمية لمنصات العمل الحر إلى 14.39 مليار دولار بحلول عام 2030، خصوصا مع ازدهار التوجه إلى هذا النوع من العمل خلال الفترة التي أعقبت انتشار فيروس كورونا، وهو ماعزز اتنشار منصات الـ Freelancing حول العالم، لتعزيز هذه المؤشرات ولسد الفجوة التقنية التي يحتاجها هذا المجال.
في مصر يلجأ أصحاب المواهب المختلفة إلى المنصات العالمية بشكل أكبر لمساعدتهم في هذا المجال، لكنهم واجهو العديد من التحديات، التي دفعت رائدة الأعمال نرمين النمر المساهمة في بناء بيئة عمل كاملة خاصة بالأعمال الحرة، عبر إطلاق «الحريفة» كأول منصة إلكترونية للعمل الحر والعمل عن بعد ، والتي جذبت أكثر من 50 ألف مشترك، ودفع بنرمين النمر بالدخول في قائمة أكثر 50 رائدة أعمال تأثيرا في مصر.
تتحدث نرمين النمر في حوارها مع منصة الاقتصاد الرقمي FollowICT حول ما أنجزته مع منصة الحريفة ورؤيتها للمنصة خلال الفترة القادمة لدعم أهداف العمل الحر والعمل اونلاين ومساعدة الشركات الناشئة والصغيرة.
ما هي خبراتك قبل تأسيس “الحريفة”؟
تخرجت من كلية الإعلام قسم صحافة، ودرست تسويق وعلاقات عامة بالجامعة الأمريكية، وعملت لأكثر من 7 سنوات في التسويق والعلاقات العامة، وكان مجالي الأساسي، وبعد ذلك فكرت في فكرة إنشاء منصة للعمل الحر وبدأت دراسة السوق في 2017، وكنت أرى أن هذا هو المستقبل، ووقتها لم تكن هناك منصة مصرية للعمل الحر، وكنت ألاحظ أن هناك الآلاف من المواهب المصرية على كل منصات العمل الحر العالمية، ويحتاجون إلى مساندة من منصة مصرية، وأساس الفكرة أني كنت أريد تحقيق تأثير في حياة الناس، وأوفر فرص عمل للكثيرين في أماكنهم ومحافظاتهم، وبدأت المنصة كشركة ناشئة ذات مسئولية محدودة في فبراير 2018، وبدأت المنصة تخرج للنور في 2019، لأن إنشاء منصة يأخذ وقتا وتكاليف كبيرة، ومازلنا في مرحلة التطوير المستمر.
وكيف فكرت في المنافسة مع المنصات العالمية المتاحة؟
عندما قررت إنشاء المنصة درست الموضوع جيدا، فأنا متخصصة في التسويق وقمت بعمل دراسة للسوق، ووجدت أن هناك تحديات تواجه الذين يعملون بشكل حر أو Freelancers، ومن تلك التحديات المنافسة الشرسة التي يجدونها على المنصات العالمية، كما أن معظمها باللغة الإنجليزية، هذا بجانب أن هناك تحديا آخر خاص باستلام الأموال من الخارج، فيكون هناك صعوبة في الحصول على الأموال من خارج مصر، وهناك من لا يملك حساب بنكي، ونحن أطلقنا الحريفة من أجل حل تلك التحديات، بجانب أننا نعمل على كل المحافظات، ولدينا أكثر من 50 ألف شخص يعمل بشكل حر أو موظف عن بعد براتب شهري، فأصبح لدينا نوعين من التوظيف إما العمل الحر أو التوظيف بدوام كامل أو جزئي، ونحن كنا نركز في البداية على مصر، ولكن بعد ذلك أصبح لدينا مواهب من 7 دول عربية.
وكيف تطورت المنصة؟
على مدار الخمس سنوات الماضية قمنا بالعديد من عمليات التطوير، فنحن بدأنا بمجهودات وتمويلات ذاتية، وبدأت الرؤية توضح أكثر بعد كورونا، بسبب الطلب العالي على العمل عن بُعد، كما أنه مع كل أزمة اقتصادية يلجأ الكثيرون إلى العمل الإضافي لتحسين المعيشة، وأصبح لدينا رؤية ببناء بيئة عمل كاملة للـ Freelancers في المنطقة بقيادة مصر، وهناك طلب عالي على العمل عن بُعد، واستطعنا عقد العديد من الشراكات، منها العمل مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بجانب التواصل مع صندوق تابع لوزارة العدل، وكل ذلك مجرد بداية، وقد استطاعت المنصة جذب عملاء من فلسطين ويعملون حتى في ظل الأزمة الحالية، فقد تجاوزنا فكرة أن المنصة مجرد شركة ربحية فقط.
وكيف تجاوزتم ذلك؟
دورنا أصبح استراتيجيا، وأنا فخورة جدا بما نقوم به، فعلى سبيل المثال هناك طلاب في الجامعات يسجلون معنا لكي يكون لهم دخلا ويتعلمون التعامل مع العملاء والسوق، وهناك سيدات تزوجن ويردن العمل من المنزل، وهو ما نوفره، وفي نفس الوقت نسعى لتصحيح المفاهيم الخطأ عن العمل الحر، فهو ليس سهلا أو بسيطا أو أداة لربح الدولارات بسهولة، فالموضوع صعب ويحتاج إلى تأهيل قوي، وكل صاحب موهبة يجب أن يكون لديه سابقة أعمال قوية ومهارات يعمل بها.
وكيف تحقق المنصة أرباحها؟
نعمل مثل أوبر، حيث إننا نحصل على عمولة من أي اتفاق يتم من خلال المنصة، فنحن منصة وسيطة، والدفع يتم من خلالنا، ونعمل على الحفاظ على حقوق الطرفين، لأنه أحيانا تحدث حالات نصب في مواقع العمل الحر أو العميل يختفي ولا يدفع المقابل المتفق عليه، أو العكس يحدث ممن يعمل على مشروع معين، فنحن وسيط مالي وإداري، وإذا حدث أي خلاف بين الطرفين لدينا عمليات تحكيم من خلال خبراء في المنصة، إذ أننا لدينا خبراء في الكثير من المجالات.
وما هي أهم الأهداف التي حققتها الشركة؟
حصلنا على تمويل pre- seed، وانضم إلينا أكثر من 50 ألف عميل من أكثر من 7 دول عربية، والفترة القادمة نريد أن نتوسع بشكل أكبر في السعودية، فنحن لدينا عملاء بالفعل في المملكة، بجانب أن هناك مشاريع يعمل عليها مواهب على المنصة في دبي، كل ذلك بجانب العمل مع العديد من الشركات في مصر ونفتخر بها، بجانب العمل مع الجهات مثل بنك الطعام، ونعمل مع الشركات الناشئة والقطاع الحكومي والمؤسسات غير الهادفة للربح، وكان الهدف في الحريفة أن نذكر اسم مصر، ونكون موجودين على خريطة العمل الحر في العالم، والحمد لله انضمت المنصة إلى تقرير من البنك الدولي عن منصات العمل الحر حول العالم، كما تم ذكر اسم الحريفة في دراسة بجامعة أكسفورد عن منصات العمل الحر العالمية، وتم ذكر أنها منصة مصرية، وهذا شرف كبير لنا، وخصوصا أننا مازلنا في البداية، كما أننا نشارك في العديد من الفعاليات الهامة في مصر، وعملنا شركة مع “اتصال” لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة بالمتخصصين، كما أننا نقدم خدمة التأمين للمواهب لدينا، بالشراكة مع شركة “أمان ليك”، حتى نزيل مخاوف هؤلاء المواهب من غياب التأمين عليهم.
وما هي أهم التحديات التي واجهت المنصة؟
الرحلة كلها تحديات، فأول تحد هو أننا كشركات ناشئة في مصر مازلنا نحتاج إلى دعم أكبر من المتاح، فكنا في حاجة إلى استشارات من أجل بناء مجتمع للعمل الحر، بجانب الدعم المادي، ونحن التحقنا مؤخرا بحاضنة Plug and Play، ولكن قبل ذلك لم نجد أي دعم من أي حاضنة أو مسرعة، بجانب ذلك كان لدينا تحديا في فكرة أن العمل الحر لم تكن فكرة دارجة، فمازال صاحب العمل أو المدير يريد أن يرى الموظف يوميا بعدد ساعات معينة، لكن الوضع تغير كثيرا في العالم، والجميع أصبح يلجأ إلى العمل عن بُعد، وهذا يوفر الوقت والمال ويقلل أيضا من التلوث من عوادم السيارات، فأرى أن العمل الحر هو المستقبل، ولا يشترط العمل من البيت فقط ولكن يمكن أن يعمل الفرد من أي مكان، ويمكن أن يعمل من مصر مع شركة من أمريكا أو الإمارات أو أي دولة، أو حتى لا يشترط أن يترك الشخص محافظته ويأتي للعمل بالقاهرة ويحدث تكدس، فكل ذلك يوفر على صاحب العمل، فأنا لديّ شغف جدا بهذا المجال، وهناك توجه من الدولة لدعمه، ووزارة الاتصالات تعمل على جانب التدريب والتأهيل بشكل جيد، وكل ذلك يجعلنا نوظف طاقات المواهب الموجودة، فمصر مليئة بالمواهب، ويمكننا تصدير طاقاتهم للدول حولنا.
وكيف تخططين لخطوة الاستثمار؟
نعمل على ذلك في الفترة الحالية، فطوال الفترة الماضية كنا ندرس السوق، وكنا نضع القواعد له ونبنيه، ونتحدث مع الوزارات المختلفة لتقديم خدمات لمن يعمل بشكل حر، وخصوصا في مسألة المعاش، فالسوق كبير وفيه ملايين من المواهب، فلو كل الناس تعلمت المهارات المطلوبة الأمور ستتغير كثيرا في مصر، ونساعد في جذب العملة الصعبة، فبالمقارنة بالسوق الهندي نجد المواهب لديهم مكتسحين، ولدينا مواهب من الهند على المنصة، ونريد أن يكون لدينا سوقا قويا مثلهم.
وما هي أهم النصائح التي توجهينها لمن يريد العمل بشكل حر؟
أهم شيء أن يكون ملتزما، فالبعض يفتقر للمهنية، فيجب أن نكون مهنيين أكثر من ذك، من خلال الالتزام بالكلمة والوقت والمهارة، فمن لا يملك مهارة معينة يقول، بجانب أهمية مهارة الاتصال، فمن الممكن أن يختفي شخص ما بدون أن يخبرنا، ولذلك نضع في المنصة قواعد لضبط كل ذلك، لأن تأخره أو اختفاءه يؤخر مشروع شخص آخر، فهو مجتمع صعب ويحتاج إلى إدارة جيدة، ونستعد أيضا لإطلاق خدمة للأطفال حتى يتعلموا المهارات المطلوبة ويعرفوا مجالات العمل المطلوبة، بالتعاون مع المدارس، فهدفنا التدريب والتوظيف بطرق حديثة ومتقدمة.
هل تسعون إلى قيادة سوق العمل الحر في مصر؟
بالفعل، ونقدم أيضا استشارات للمواهب التي لدينا، فمن يريد أي متخصص في الضرائب أو استشارات قانونية، أو أي مجال يجد لدينا من يساعده، فنحن بنينا مجتمعا متكاملا، والكل فيه مستفيد، والحمد لله رأينا تأثير كل ما نقدمه، وهناك شركات تأسست من خلال ما نقدمه، بجانب منح العديد من الفرص للاجئين سواء من السوريين أو السودانيين من خلال تسجيلهم على المنصة، فنخفف من الحمل على عاتق الدولة.
وما هي الأهداف خلال الفترة القادمة؟
حاليا نريد التواصل مع مستثمرين من أجل الدعم المالي، ونتوسع من ناحية الشركات التي تطلب الخدمات المتاحة لدينا، ونريد أن نتوسع أكثر، ويكون هناك نظام كامل لدينا خاص بالعمل الحر، ونحتاج إلى الاستثمار في تطوير النظام الخاص بنا، ونستطيع أن نستوعب أعداد أكبر في المنطقة، فلدينا تعاون كبير جدا من شركات في السعودية والإمارات والأردن وفلسطين وقطر مؤخرا والكويت، ونريد أن نتوسع بشكل أكبر، وأن تصل الفكرة إلى الشركات لكي تدرك أهمية هذا النوع من التوظيف، خصوصا أن هناك عدد كبير من المواهب موجودين في مصر.