في عام 1939، وبينما كانت الولايات المتحدة تتعافى من آثار الكساد الكبير، قرر شابان من جامعة ستانفورد أن يخوضا مغامرة غير مألوفة: تأسيس شركة ناشئة في مجال الإلكترونيات.
لم يكن لديهما سوى شغف مشترك، وتشجيع من أستاذهما فريدريك تيرمان، وميزانية لا تتجاوز 538 دولارًا، لكن هذه البداية المتواضعة كانت الشرارة الأولى لانطلاق وادي السيليكون، عبر تأسيس شركة “هيوليت باكارد” (HP).
من داخل جراج صغير خلف منزل ديف باكارد في مدينة بالو ألتو، صمم “بيل هيوليت” و”ديف باكارد” أول منتج لهما: جهاز مذبذب صوتي لاختبار جودة الصوت في السينما، بسعر أقل بعشر مرات من المنافسين. هذا الابتكار جذب أنظار شركة ديزني، التي استخدمت الجهاز في فيلمها الشهير Fantasia عام 1940، لتكون أول صفقة حقيقية في تاريخ “إتش بي” (HP).
رغم التحديات، نجحت الشراكة بين المؤسسين في خلق ثقافة عمل جديدة عُرفت لاحقًا باسم “The HP Way”، والتي ركزت على الابتكار، واحترام الموظفين، وتحقيق التوازن بين الربحية والمسؤولية. هذه الفلسفة أصبحت لاحقًا نموذجًا يُحتذى به في شركات وادي السيليكون.
بعد الحرب العالمية الثانية، توسعت HP في إنتاج أجهزة القياس الدقيقة، وأطلقت أول حاسب إلكتروني صغير عام 1966. وفي الثمانينات، دخلت عالم الطابعات، وابتكرت أول طابعة ليزر عام 1984، لتصبح مرادفًا للجودة والابتكار. وبحلول التسعينات، كانت HP ضمن أكبر 10 شركات تكنولوجيا في العالم.
لكن مع بداية الألفية، واجهت الشركة منافسة شرسة من شركات ناشئة مثل آبل ودل، وتغيرت قواعد السوق مع ظهور الحوسبة السحابية والهواتف الذكية. ورغم محاولات التوسع عبر الاستحواذ على شركات مثل كومباك وبالم، واجهت “إتش بي” تحديات مالية كبيرة.
في السنوات الأخيرة، ركزت HP على الذكاء الاصطناعي والطباعة ثلاثية الأبعاد، إلى جانب التزامها بالاستدامة البيئية. أعلنت الشركة عن خطط لتحقيق صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2040، وتستخدم البلاستيك المعاد تدويره في تصنيع منتجاتها، لتؤكد أن الابتكار لا يقتصر على التكنولوجيا، بل يشمل أيضًا المسؤولية تجاه الكوكب.







