تسارعت وتيرة تطور قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات والاستفادة من ميزاته ليصبح من المقومات الرئيسية لتحقيق التحول الرقمي في مختلف القطاعات الحيوية والصناعات بمنطقة الشرق الأوسط. وتسهم الاستخدامات التجارية بالاعتماد على التقنيات المبتكرة كالجيل الخامس والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي و”بلوكتشين” في إنجاز المراحل النهائية لمسيرة التحول الرقمي، ما يوفر مزيداً من فرص تعزيز ازدهار الاقتصادات الرقمية لدول المنطقة، خصوصاً تلك التي كانت سباقة في مجال الاستفادة من التقنيات المتقدمة كالجيل الخامس بتفعيل التعاون والشراكة بين القطاعين العام والخاص وتكثيف جهود بناء النظام الإيكولوجي التقني.
يشهد الاقتصاد الرقمي في الشرق الأوسط الذي ستصل قيمته إلى 40 مليار دولار بحلول عام 2030 وفقاً لآخر التوقعات ازدهاراً كبيراً، ما يفرض المزيد من متطلبات ترقية البنية التحتية الرقمية للأفراد والعائلات والشركات. وستزداد متطلبات زمن الاستجابة والاتصال الشامل في الاستخدامات المنزلية نتيجة الخدمات الحديثة كألعاب الواقع الافتراضي ثلاثية الأبعاد فائقة الدقة (24K) والتعليم بالاعتماد على تقنية الهولوغراف، والاجتماعات المسموعة المرئية. أما في الشركات والمؤسسات، فستفرض الاستخدامات المخصصة مثل التصنيع الذكي وتوجيه شبكة الطاقة المزيد من المتطلبات على مستوى الاتصالات والجودة، وتوفير تجارب جديدة على ضوء تسارع التحول الرقمي الذي سيؤدي لزيادة الطلب على قدرات الحوسبة والتخزين بشكل كبير.
مرحلة تقنية الجيل الخامس والنصف
تُعتبر المنصات الرقمية المتماسكة من المقومات الأساسية لإنجاح رحلة التحول الرقمي، حيث يمكن لتقنيات المعلومات الحديثة المساهمة في تعزيز كفاءة المؤسسات من خلال إدارة الأصول المادية بطريقة ذكية مثل المباني، والمصانع، وخطوط الإنتاج، والمرافق. كما يمكن للابتكارات الرقمية في مجالات الاتصال، والحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة تغيير طريقة عمل المؤسسات وابتكار نماذج أعمال جديدة، وبالتالي توفير حلول وخدمات متطورة وسلسة ترتقي بجودة ومعايير العالم الرقمي الجديد.
وتؤدي البيانات دوراً أساسياً في تحقيق التحول الرقمي، لذا يجب الاهتمام باستيعاب البيانات، ونقلها، وتخزينها، وتحليلها بكفاءة وأمان. ويوفر النظام الإيكولوجي للاتصالات المقومات الأساسية لتمكين التحول الرقمي، مثل الوصول والاتصال والتطبيقات. ويمكن لشركات الاتصالات التي تنجح بتحقيق تحولها الرقمي أولاً توفير التجارب المبتكرة للمستهلكين، بالإضافة لحلول التحول الرقمي الشاملة للمؤسسات.
ستؤدي التغيرات المتسارعة إلى زيادة متطلبات البنية التحتية الرقمية. وينبغي تكثيف جهود التعاون على إطلاق المرحلة التالية من الاتصالات المتمثلة بتقنية الجيل الخامس والنصف (5.5G) التي ستوفر ميزات مهمة أبرزها توفير تجارب الـ10 غيغابت في الثانية، وفرص الوصل بين مئات المليارات من نقاط الاتصال لتعزيز الاعتماد على التقنيات الذكية وزمن استجابة أكبر بكثير من الأجيال السابقة.
3 طرق لتسهيل التحول الرقمي
سيسهم النظام الإيكولوجي لتقنية المعلومات والاتصالات في التغلب على التحديات التي تواجه التحول الرقمي وفق ثلاثة طرق. أولاً، تعزيز البنية التحتية الرقمية بما في ذلك تحسين الاتصال وتعزيز كفاءة موارده وتنويعها. ثانياً، مساعدة المؤسسات على تعزيز اعتمادها على الحوسبة السحابية واغتنام الفرص التي توفرها مع التركيز على الخدمات التقنية الحديثة التي تسهم في دفع عجلة التطور التقني. ثالثاً، بناء الأنظمة الإيكولوجية الرقمية المحلية بما في ذلك دعم الشركاء وتنمية المواهب الرقمية ومساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة.
الاقتصاد الرقمي يتطلب اتخاذ إجراءات مدروسة وصارمة لتعزيز الأمن السيبراني. ويجب الالتزام بالتواصل والتعاون بين جميع الأطراف الفاعلة بطريقة منفتحة وشفافة من أجل تحسين الأمن الإلكتروني وتعزيز قدرات حماية الخصوصية ومواجهة التحديات بالابتكار التقني ومشاركة المعرفة وتطوير المعايير وأدوات التحقق وغيرها من الإجراءات التي تُعتبر مسؤولية جماعية تقع على عاتق الطيف الكامل للجهات المعنية بالقطاع التقني.
ومن خلال الاستفادة من ميزات الدمج والتآزر بين عدة تقنيات مهمة كالذكاء الاصطناعي والطاقة الرقمية والأمن السيبراني والحوسبة السحابية، يمكننا ابتكار الحل الملائم لسيناريو محدد ضمن قطاع أو تخصص معين بالاعتماد على التكاملية بين التقنيات بدعم من تكاملية العمل ضمن النظام الإيكولوجي التقني، مع أهمية التركيز على الاستفادة من قدرات الجيل الخامس والنصف (5.5G) واقترانها بالتقنيات الأخرى لتعزيز عملها. وهنا يكمن الحل بالنسبة للعديد من القطاعات الحيوية كالمؤسسات الحكومية والمرافق والنفط والغاز والنقل والخدمات المالية.
تأسيس منظومة القيادات التقنية المستقبلية
تؤدي المواهب الرقمية دوراً أساسياً في تحقيق التحول الرقمي والتنمية الاقتصادية في الشرق الأوسط، وستسهم المهارات الرقمية في تنمية الاقتصاد الرقمي وإنشاء منظومة القيادات التقنية المستقبلية. وتوفر مبادرات المسؤولية الاجتماعية التي تنفذها “هواوي” كبرنامجها العالمي الرائد بذور من أجل المستقبل المهارات اللازمة للشباب للمساهمة في تحقيق التحول الرقمي لبلدانهم، ودفع عجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتحقيق أهداف الاستراتيجيات والرؤى الوطنية الواعدة.
نلتزم بتوفير أحدث التقنيات والخبرات اللازمة لإنجاز التحول الرقمي في مختلف دول المنطقة، ونتعاون مع شركائنا في القطاعين العام والخاص على إعداد المواهب الرقمية بحسب واقع سوق العمل، ونضع بالشراكة معهم حماية البيئة في مقدمة أولوياتنا. ونعمل على توظيف حلول “هواوي” للطاقة الرقمية للمساهمة في خطط التنمية النظيفة بتعزيز الاعتماد على الطاقة المتجددة ونظم النقل الكهربائي ذات الكفاءة العالية والبنية التحتية الرقمية النظيفة من أجل الحد من الانبعاثات الكربونية.
نسخر خبراتنا العالمية في البنية التحتية التقنية والاتصالات بالاعتماد على استراتيجية التآزر بين الأجهزة والشبكات والحوسبة السحابية بالتعاون مع شركائنا في المنطقة لصالح تنمية نظام إيكولوجي رقمي تشارك فيه جميع الأطراف الفاعلة في تحقيق نجاحات مشتركة على مستوى القيمة المضافة المقدمة لإنجاز التحول الرقمي في مختلف القطاعات والصناعات. وبفضل تعاوننا مع مختلف شركاء القطاعين العام والخاص على تنمية قدرات الابتكار المشترك المدعومة باستثماراتنا الضخمة الرائدة عالمياً في مجال البحث والتطوير والابتكار، اختارت أكثر من 700 مدينة و267 شركة من الشركات المدرجة على قائمة “فورتشن غلوبال 500” “هواوي” كشريك لها لتحقيق التحول الرقمي.
تنمية الاقتصاد الرقمي في دول الشرق الأوسط تعتمد اليوم بالدرجة الأولى على البنية التحتية الرقمية المتماسكة، لكن ما زالت منظومة العمل التقني بحاجة إلى تعاون مزيد من شركاء النظام الإيكولوجي كالشركات التقنية والمؤسسات الأكاديمية وهيئات التنظيم والسياسات والمعايير. يجب مواصلة جهود العمل المشترك وتعزيزها لفتح آفاق جديدة في مجال تحديث وترقية البنية التحتية الرقمية وتعزيزها بابتكار تقنيات مستقبلية واعدة للأجيال القادمة. وسيكون عالمنا على موعد مع قدرات الجيل الخامس والنصف (5.5G) لإحداث نقلة نوعية في عالم الاتصالات الذي سيرخي بظلال فوائده على مختلف القطاعات الأخرى.
عمار طبا
نائب رئيس هواوي للعلاقات العامة والإعلام في منطقة الشرق الأوسط