تعد صناعات كابلات الفايبر أحد العناصر الرئيسية لعملية التحول الرقمي للدولة المصرية، حيث تعد العمود الفقري الذي تعتمد عليه البنية التحتية للاتصالات في تقديم خدمات انترنت بجودة عالية، ولتعزيز الخدمات التكنولوجية الحديثة التي تشهد نموا واسعا خلال الفترة الماضية كخدمات الحوسية السحابية وتطبيقات إنترنت الأشياء، والتوسع في صناعة مراكز البيانات على مستوى الحكومة والقطاع الخاص.
وفي ظل نمو الطلب على هذه الكابلات نتيجة تنفيذ الخطة الاستراتيجية للدولة لتطوير البنية التحتية للاتصالات عبر استبدال كابلات النحاس بالفايبر، وتوسع الدولة في إنشاء المدن الجديدة، أصبحت الحاجة ملحة لتوطين صناعة كابلات الفايبر في مصر لتوفير العملة الصعبة المستخدمة في استيراد مكونات الكابلات.
ويعزز تصنيع كابلات الفايبر في السوق المحلي تصميم شبكات الاتصالات الأرضية وتصنيع ما يعرف تقنيا بـ «الكور» وهو الجزء الرئيسي في عملية تصنيع الكابلات، حيث أن وظيفته نقل الترددات داخل كابلات الفايبر، حيث يعتبر صناعة هذا الجزء من الكابلات محدود إلى حد كبير، ولا يقوم به سوى عدد محدود من الشركات حول العالم.
وكابلات الفايبر “الألياف الضوئية” هي وسيلة انتقال عالية السرعة للبيانات، حيث تحتوي على خيوط أو مسارات الألياف الزجاجية داخل غلاف معزول، وهي مصممة لنقل بيانات لمسافة طويلة وبشكل عالي الأداء وتستخدم عادة في شبكات البيانات والاتصالات، كما تدعم الكثير من أنظمة الإنترنت والتليفزيون والهاتف في العالم، لأن كابلات الألياف الضوئية تنقل البيانات عبر موجات الضوء، يمكن نقل المعلومات بسرعة الضوء ويمكن أن تصل لـ20 جيحابت في الثانية في بعض أنواع الكابلات وفقا لبعض التقارير.
حجم الطلب على الكابلات محليا
فرضت أزمة فيروس كورونا المستجد وتداعياتها الرقمية، على الدولة المصرية تعزيز سياساتها المحفزة لتسريع عملية التحول الرقمي اعتمادا على شبكات إنترنت فائقة الجودة والسرعة، تتطلب مزيدا من الشراكات لتطوير البنية التحتية، والتجهيز لتكنولوجيات جديدة.
قال الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أنه تم إنفاق استثمارات بقيمة 30 مليار جنيه لتنفيذ مشروع رفع كفاءة الإنترنت خلال العامين الماضيين و5.5 مليار جنيه للعام الحالي واستبدال كابلات النحاس بالفايبر، حيث تستثمر الشركة المصرية للاتصالات بمشروع إحلال كابلات الألياف الضوئية بدلاً من النحاسية 5 مليارات جنيه سنويًا، ما يساهم في تحسين البنية التحتية للاتصالات وتستهدف الانتهاء من المشروع بنهاية عام 2021.
وأشار إلى أن الوزارة تستهدف الانتهاء من ربط 11 ألف مبنى حكومي بشبكة كابلات الألياف الضوئية من إجمالى 32500 مبنى حكومي على مستوى الجمهورية مستهدف ربطهم خلال 24 شهرا باستثمارات 6 مليار جنيه، كما تستهدف مبادرة حياة كريمة توصيل المرافق في 51 مركزا سيتم توصيل جميع المرافق بما فيها الألياف الضوئية بتكلفة 5.6 مليار جنيه.
الكود المصري
وأعلنت الحكومة ممثلة في وزارتي الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والإسكان والمجتمعات العمرانية، تفعيل عمل الكود المصري لأسس التصميم واشتراطات تنفيذ شبكات الألياف الضوئية للاتصالات في المباني والمنشآت، اعتبارا من أول إبريل المقبل لتحسين خدمات الإنترنت فائق السرعة، حيث تعطي تلك الكابلات إتاحة وكفاءة أكبر لخدمات نقل البيانات، بعد سنوات من مطالبة وزارة الاتصالات للوزارات المعنية بإدراج كابلات الفايبر بكود البناء.
وهو ما يعزز نمو الطلب على الكابلات خلال الفترة المقبلة وفقا للعديد من الخبراء، الذين يرون هذا الحراك على مستوى الأعمال التنفيذية والسياسات الهادفة للتوسع في مد كابلات الألياف الضوئية، محفزا رئيسيا لحدوث طفرة حقيقية في هذا الملف.
وفي نوفمبر الماضي وقعت شركة بنية، اتفاقية مع جماعة المهندسين الاستشاريين، للتعاون فى التصميم والإشراف على أعمال إنشاء المقر الجديد لمصنع بنية لكابلات الألياف الضوئية (الفايبر)، وذلك نحو الخطوات التنفيذية النهائية لإنشاء أكبر مصنع لتصنيع كابلات الألياف الضوئية فى مصر وأفريقيا والشرق الأوسط بحجم استثمارات يتعدى المليار جنيه وذلك بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وتشكل المصرية للاتصالات عنصرا رئيسيا في دعم البنية التحتية الأرضية للاتصالات، حيث تعد الشركة الرئيسية التي تضخ استثمارات التحول من النحاس إلى الفايبر على مستوى الجمهورية وتنفيذ خطط التطوير، بما يضمن للعملاء سرعات فائقة حيثت ترتكز استراتيجية الشركة طويلة المدى على 3 عناصر رئيسية يتم من خلالها تقسيم المناطق لواحدة لا يوجد بها كابلات، وأخرى بها برودباند، وثالثة بها شبكات وكيفية نقل العملاء لسرعات أكبر.
من جانبه قال المهندس أشرف أحمد، نائب رئيس مجلس إدارة شركة السويدي إلكتريك، أن اتجاه الدولة للاعتماد على الرقمنة في كل شيء سرع وتيرة الاعتماد على هذه النوعية من المنتجات وبالتالي سيكون في احتياج شديد لمد كابلات الفايبر؛ لاستيعاب الضغط على الإنترنت والحاجة إلى بنية تحتية قوية في قطاع الاتصالات، مشيرا إلى أن الشركة تمتلك أكبر مصنع لإنتاج كابلات الفايبر في مصر، ويوجد ارتفاع كبير في الطلب على كابلات الفايبر خلال الفترة الأخيرة.
نمو الطلب على كابلات الألياف
وأشار إلى أن مصنع الشركة المخصص لكابلات الفايبر يعمل منذ 10 سنوات، وتسعى الشركة لزيادة الطاقة الإنتاجية لدى هذا المصنع؛ لتكون قادرة على الوفاء بالزيادة المستمرة في الطلب على هذا المنتج محليا فضلا عن تحقيق فائض للتصدير، منوها إلى أنه منذ عدة سنوات كان الاعتماد على كابلات الفايبر محدود للغاية وكان يقتصر فقط على بعض المناطق بين السنترالات، إلا أن الأمر تطور حاليا ولم يعد قاصرا على قطاع الاتصالات بل شمل المنازل أيضا، وشركات التطوير العقاري.
ولفت إلى أن الشركة تسعى للتوسع في إنتاج مختلف أنواع كابلات الفايبر ومنها المخصص للمنازل ” fiber to the home” مع زيادة الطلب عليها.
وقال المهندس أسامة العرقسوسي، رئيس مجلس إدارة مصنع العرقسوسي القومي للكابلات، إن شركته تخطط للاستثمار في تصنيع كابلات الفايبر خلال الفترة المقبلة مشيرا إلى أن المصنع يستهدف إقامة خط إنتاج للكابلات الفايبر في البداية لحين جذب هذه التكنولوجيا، وبعدها يتم التوسع لضخ استثمارات لإنتاج كميات ضخمة.
وأشار إلى أن هذه الكابلات تشهد طلبا متزايدا خلال الفترة الأخيرة خاصة مع اتجاه شركات التطوير العقاري والمشروعات السكنية الجديدة إلى مد كابلات الفايبر في بنيتها التحتية، فضلا عن اتجاه الدولة لاستبدال كابلات الإنترنت الحالية بأخرى من الفايبر.
ونوه إلى جائحة كورونا وصعوبة السفر ووقف تنظيم المعارض الدولية التي تعد نافذة لنقل هذه التكنولوجيا، كلها تسببت في بطء الشركة في اتخاذ خطوات على أرض الواقع، وقال “حين تسمح الفرصة سيكون هناك سرعة في التنفيذ للاستفادة من نمو الطلب على كابلات الفايبر”.
تحديات صناعة كابلات الألياف
وأكد العرقسوسي، أن تصنيع كابلات الفايبر صعب بالإضافة إلى أن إمكانيات المصانع مازالت غير مهيأة لهذه الصناعة”، وتابع “بعض الشركات بدأت تتجه بالفعل للاستثمار في هذه المنتجات، وبعضها الآخر يحدث إمكانيات مصانعه تمهيدا لتصنيعها”.
من جانبه قال الدكتور حمدي الليثي، نائب رئيس غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات باتحاد الصناعات، إن عدد الشركات المنتجة لكابلات الفايبر مازال محدودا، ولا توفر هذه المصانع كافة احتياجات السوق من المنتجات المتنوعة من كابلات الفايبر، مشيرا إلى أنه مازال يتم استيراد جزء كبير من الاكسسوارات الخاصة بهذه النوعية من المنتجات.
وأضاف إن إنشاء مشروع بنية للكابلات الفايبر إلا أن تعدد وزيادة الاستثمار سيحمى المنافسة وسيحدث وفرة في المنتج فضلا عن تحقيق فائض للتصدير.
ووقعت شركة بنية، نوفمبر الماضي، اتفاقية مع الهيئة العربية للتصنيع، للتعاون في التصميم والإشراف على أعمال إنشاء المقر الجديد لشركة “بنية للكابلات” ومصنع بنية لكابلات الألياف الضوئية “الفايبر”، وجاء الاتفاق لإنشاء أكبر مصنع لتصنيع كابلات الألياف الضوئية فى مصر وإفريقيا والشرق الأوسط بحجم استثمارات يتعدى المليار جنيه وذلك بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وأفاد الدكتور حمدي الليثي بأن سوق أفريقيا سوق بكر وبحاجة لكميات ضخمة من هذه الكابلات خلال السنوات المقبلة لتعزيز البنية التحتية لديها وزيادة الاستثمارات سترفع قدرة الشركات على الطلب.
تابع:” الفترة المقبلة ستشهد ضغطا في الطلب على كابلات الفايبر مع اتجاه الدولة لتبديل كابلات النحاس بأخرى فيبر في البنية التحتية للاتصالات في مصر، إلا أن هذه الاستثمارات ستكون خلال 20 عاما فقط وبعدها من المتوقع أن يتم الاستغناء عن الكابلات في نقل المعلومات وتكون من خلال الأقمار الصناعية مباشرة.
تيسير التراخيص لشركات الاتصالات
وأكد الليثي، على أهمية تيسير التراخيص اللازمة لشركات الاتصالات لمد كابلات الفايبر وعدم قصرها على شركة المصرية للاتصالات؛ لتسريع وتيرة التحول إلى للعمل بالألياف الضوئية لتعزيز سرعات الإنترنت مع الاتجاه للرقمنة والتعاملات الإلكترونية في كافة القطاعات، متابعا “كان يوجد مقترح بإقامة شركة وطنية يدخل بها الأربعة شركات المحمول وشريك من القوات المسلحة؛ بهدف تنفيذ مشروع تبديل الكابلات التقليدية بأخرى فايبر لكنه لم ينفذ، ووجود مثل هذا التحالف سيحدث طفرة وسرعة في تنفيذ أهداف الدولة نحو التحول الرقمي.
السوق العالمي
ومن المتوقع أن يبلغ قيمة سوق كابلات الألياف الضوئية العالمية 90 مليار دولار بحلول عام 2023، مع تزايد الطلب على اتصالات أسرع وأعلى عرض النطاق الترددي يقود نمو سوق كابلات الألياف البصرية.
اقرأ أيضاً: كل ما تريد معرفته عن مصنع بنية للكابلات (إنفوجراف)