حوار| سامح شكري: تأخر إطلاق الجيل الخامس في مصر يقلل من فرصتها التنافسية.. وإريكسون تراعي كافة معايير الأمان والحماية العالمية
تعد شركة إريكسون أحد الأعمدة الرئيسية لقطاع شبكات الاتصالات في سوق المحمول المصري، اعتمادا على تكنولوجيا وخبرات أوروبية، وتستقطع لنفسها مكانة متميزة في سوق تنافسي كبير مع عمالقة في هذا المجال، ولكن المنافسة الأشرس مع الشركات الصينية في نفس المجال، ومن منطلق سنوات تزيد عن عقدين من الزمن تعمل فيهم الشركة بمصر، ودرايتها بتفاصيل ما يحتاجه السوق، التقينا المهندس سامح شكري رئيس شركة إريكسون مصر، للحديث عن دور الشركة في دعم شركات المحمول وإمدادهم بالتكنولوجيا، وموقفهم من الجيل الخامس وأهمية الترددات ومنظومة الأبراج، ورؤيتهم للسوق المصري وقدراته، وشكل المنافسة العالمية وانعكاسها محليًا، وأبرز أمنياته التي يأمل تحقيقها في المستقبل القريب.
في البداية.. كيف تعاملتم مع أزمة كورونا، سواء على مستوى الموظفين داخل الشركة أو على مستوى التعامل مع العملاء؟
لدينا اهتمام كبير منذ فترة طويلة بالاعتماد على العمل خارج المكتب، وبالتالي لم نواجه أزمة كبيرة خلال جائحة كورونا، حيث تم الاعتماد بشكل كبير على العمل من المنزل حرصا على سلامة الموظفين التي تعد من أهم أولوياتنا، أما على مستوى العملاء فكان هدفنا الرئيسي هو الحفاظ على استمرارية أعمالهم دون أي تأثر، فقمنا بتشكيل لجنة لإدارة الأزمات بحيث نضمن حل أي مشكلة تواجه أي عميل من عملائنا داخل مصر، حيث أن عملنا في مجال شبكات الاتصالات يتطلب الحفاظ على كفاءة الشبكات خلال فترة الحظر المنزلي المصاحبة لأزمة كورونا.
ما هو تقييمك لقدرة المشغلين في السوق المصري على استيعاب حجم الطلب المتزايد على خدمات الاتصالات ونقل البيانات خلال فترة كورونا؟
نجحت شركات المحمول بشكل ملحوظ في استيعاب الطلب المتزايد من العملاء خلال فترة كورونا وما بعدها، ويرجع ذلك إلى حجم الاستثمارات الضخمة التي قامت الشركات الأربعة (فودافون- اتصالات- أورنج- المصرية للاتصالات) بضخها قبل فترة كورونا.
وما هي آلية الشراكة بينكم وبين المشغلين الذين تعملون معهم داخل مصر؟
إريكسون تقدم خدماتها ومعداتها للمشغلين الأربعة في مصر بشكل مباشر وليس من خلال وكلاء أو موزعين، ودائما نعقد اجتماعات ومباحثات للتعرف على احتياجاتهم من أجل العمل على توفيرها بشكل سريع ومناسب.
كم يبلغ حجم أعمال إريكسون مصر بالمقارنة مع المنافسين؟
نحن لا نفصح عن حجم أعمالنا في الأسواق التي نعمل بها، حيث يتم الإعلان من جانب الشركة الأم من خلال نتائج الأعمال الفصلية، ولكن نبرهن على قوة تواجدنا في السوق المصري بوجود نحو 500 مهندس يعملون بالشركة في مصر، وهو ما يؤكد حجم الأعمال الكبير مقارنة بالأسواق الأخرى أو بالمنافسين.
وهل حجم الموظفين الكبير يعطينا مؤشر على مدى أهمية السوق المصري بالنسبة لشركة إريكسون العالمية؟
بالتأكيد، فشركة إريكسون العالمية ترى أن مصر سوق واعد جدًا وجاذب للاستثمارات، لذلك قررت الشركة في 2020 افتتاح مركز لخدمات الاتصالات في مصر ليخدم السوق المصري والأسواق المجاورة، ويرجع ذلك لوجود كوادر مصرية مؤهلة ومتعلمين بشكل جيد بالإضافة للتطور الحاصل في البنية الأساسية على مدار السنوات الأخيرة، وخلال الـ18 شهر الماضية زاد عدد الموظفين بالشركة بنحو 25% وهو مؤشر على مدى جاذبية السوق المصري ودليل على أهمية هذا السوق بالنسبة لإريكسون العالمية.
وما هي العوامل الأساسية التي تشجع إريكسون على توسيع أعمالها في السوق المصري مستقبلاً؟
السوق المصري يضم 3 مشغلين عالميين، وكذلك المشغل الرابع وهو المصرية للاتصالات يعد مشغل إقليمي يقدم خدماته خارج مصر، ما يشير إلى قوة المشغلين، كذلك مصر قامت بإجراءات قوية للإصلاح الاقتصادي، بالإضافة لرؤية مصر 2030 لقطاع الاتصالات والتي يمثل فيها القطاع حجر زاوية، كل ذلك يؤدي لمقدار عالي من التنافسية للسوق المصري.
خلال العامين الماضيين أثيرت أزمات كبيرة حول معايير الأمان والخصوصية في معدات الشبكات التي تقدمها إحدى الشركات العالمية.. فإلى أي مدى تلتزم إريكسون بمعايير حماية البيانات في تعاونها مع مشغلي المحمول؟
معدات إريكسون التي نقوم بتركيبها في أي دولة في العالم متماشية مع المواصفات العالمية التي تحدد مستوى الأمان ومعايير الحماية سواء كانت “هاردوير أو سوفت وير”، ونحن ملتزمون أمام العملاء يتوصيل أحدث منتجات متطورة تتماشى مع الاشتراطات العالمية والدولية.
كيف تأثرت أعمال إريكسون بالأزمة التي أثارتها الإدارة الأمريكية السابقة تجاه شركة هواوي؟
ندرك تأثير الأزمة الجيوسياسية العالمية، لكن ليس لها تأثير على حجم أعمالنا في السوق المصري بالزيادة أو النقصان، ونحن نرحب دائمًا بالتنافس طالما كان شريفا، والدليل على ذلك فإن دولة السويد بلد المنشأ لشركة إريكسون أصدر فيها الجهاز المنظم للاتصالات قرارا بحظر أحد التكنولوجيات التي تقدمها شركة منافسة لبناء تكنولوجيا الجيل الخامس، وهو ما دفع شركة إريكسون للاعتراض على هذا القرار لأنه قرار غير مفيد لمستقبل صناعة الاتصالات.
من منطلق حديثك عن تكنولوجيا الجيل الخامس.. فكيف تقيّم أهميتها بشكل عام؟
رؤيتنا تتلخص في أن تكنولوجيا الجيل الخامس هي منصة للابتكار والتطوير، ومن خلالها سوف ترتفع معدلات الابتكار والتطوير ومن ثم خلق فرص عمل داخل الدول ويؤدي إلى زيادة جاذبية الاستثمار، وهو ما يدفع كثير من الدول حول العالم للإسراع في إنشاء وتشغيل شبكات الجيل الخامس.
وما هو مدى احتياج السوق المصري للجيل الخامس في الوقت الحالي أو في المستقبل القريب؟
بكل أمانة نرى أن مصر إن لم تطلق خدمات الجيل الخامس في أسرع وقت سوف تفقد أحد أهم عوامل جذب الاستثمار وهي البنية الأساسية المتطورة، وفي الوقت الذي تقوم فيه الدولة ببناء وتطوير منظومة الطرق بشكل ضخم يجب أن يواكبها تطور لتكنولوجيا الاتصالات بدعهما بالجيل الخامس، وعلى الدولة أن تحفز المشغلين العاملين في السوق المصري ليستغلوا خبرات شركاتهم العالمية في الدول الأخرى وتنفيذها في مصر.
وهل تعتقد أن المشغلين لديهم الرفاهية لتنفيذ ذلك بمفردهم دون وجود دور للدولة؟
الدولة تحتاج للجيل الخامس كما يحتاج إليها المشغلون لتحفيز الاقتصاد، وحتى تستطيع شركات المحمول إطلاق الجيل الخامس سيتطلب منها ضخ استثمارات جديدة، وهنا يأتي دور الدولة للوقوف بجوار المشغلين وعدم إرهاقهم بمقابل كبير للتراخيص والترددات، ونضع تجارب الدول المجاروة في عين الاعتبار في وقت التخطيط لمنظومة الجيل الخامس.
وماذا فعلت الدول المجاورة في هذا الملف؟
بعض الدول منحت المشغلين تراخيص تقديم الجيل الخامس بدون رسوم، وكذلك منحتهم الترددات بدون رسوم لفترة محددة من الزمن.
في إطار مساعدة الدولة للشركات.. فهل يمكن لإريكسون أن تخفض من قيمة المعدات التي ستسلمها لشركات المحمول لمساعدتهم على تشغيل الجيل الخامس؟
دورنا تقديم أحدث معدات ومكونات للشبكات بما يساعد شركات المحمول على تقديم أحدث خدمة لعملائهم.
وبماذا ترد على بعض المشغلين الذين يؤكدون أنه ليس هناك حاجة لتطبيقات الجيل الخامس حاليا وما زال هناك فرصة لانتشار الجيل الرابع؟
مشغلو المحمول عليهم تقديم الخدمات التي يطلبها العميل، وأغلب الأحهزة حاليًا وإنترنت الأشياء والمدن الذكية في حاجة لسرعة في نقل البيانات التي تشهد تطور في العالم كله، ولا يجوز لمصر أن تتأخر في تقديم تكنولوجيات لها احتياج واستهلاك، وعلى الدولة تحفيز المشغلين على إطلاق الخدمة، فعدم وجود جيل خامس يقلل فرص جذب الاستثمارات التي تساهم في دفع حياة المصريين للأفضل، ويقلل من القدرة التنافسية لمصر مقارنة باقتصاديات الدول المجاورة الشرق الأوسط أو إفريقيا.
هل سيكون لإريكسون دور مباشر في العاصمة الإدارية الجديدة؟
استراتيجتنا هي تقديم الخدمة من خلال مشغلي المحمول التي تملك رخص لتقديم خدمات الاتصالات في مصر، لذلك نتعاون مع المشغلين الأربعة في مشاريع تحديث التكنولوجيا ولا نعمل مع الحكومة بشكل مباشر في مشروعات العاصمة الجديدة.
كيف تقيم جودة الخدمات المقدمة للمستهلك النهائي في السوق المصري.. ومن يتحمل ضعف جودة الخدمة إذا صح ذلك؟
صناعة الاتصالات وخصوصا المحمول، تحتاج إلى أمرين هامين، الأول هو الترددات التي تمثل الطريق الرئيسي لحركة البيانات، وأي شركة تعاني من نقص الترددات سوف تعاني من جودة الخدمة، والأمر الثاني هو منظومة بناء الأبراج والمحطات الخاصة بالمحمول والتي تحتاج إلى إعادة نظر كبيرة ولا ينبغي أن ننتظر 18 شهرا من أجل بناء محطة محمول بسبب الموافقات والإجراءات والتراخيص، فهي بأقصى تقدير لا يجب أن تزيد عن 4 أشهر.
هل تعقتد أن لجوء الدولة لنموذج العمل بالأبراج التشاركية قد يساهم في حل الأزمة؟
نموذج الأبراج التشاركية معمول به في كثير من الدول حول العالم وهو نموذج ناجح وله تأثير طيب على سرعة الإنجاز والأداء، ونحتاج إلى أن نراه على أرض الواقع في مصر وتقييم التجربة، ومن المؤكد أنه يجب إعادة النظر في التشريعات الخاصة ببناء أبراج المحمول.
قام الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات مؤخرًا بالإعلان عن توفير ترددات جديدة لشركات المحمول بتقنية TDD وهو ما يتطلب مكونات جديدة في الشبكة.. فإلى أي مدى شركات المحمول أصبحت جاهزة للتشغيل وقت استلام الترددات؟
نتعاون مع شركات المحمول لتحديث شبكاتها وفقًا للعمل بالترددات الجديدة، لكننا لا نستطيع الرد نيابة عن مدى وتوقيت جاهزيتهم للتشغيل، دورنا توفير المعدات والأجهزة المطلوبة للتشغيل.
في الختام.. هل لديك ما تقوله كرسالة سريعة حول السوق المصري؟
الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يقوم بدور كبير جدًا وفعال في تنشيط وتدعيم الصناعة في مصر، ودوره في توفير الترددات مؤثر، ولذلك حتى يتم دعم منظومة التحول الرقمي وخطط الدولة في تحسين كافة الخدمات المقدمة للجمهور ورفع قدرات مصر التنافسية نحتاج إلى إعادة النظر في منظومة بناء الابراج لتحسين الخدمة، والاسراع في إطلاق الجيل الخامس باعتباره منصة للابتكار ويعمل على إدارة وتشغيل الشبكات بالذكاء الاصطناعي.
نبذة عن سامح شكري
يشغل المهندس سامح شكري منصب الرئيس لإريكسون مصر، ويتولى مسؤولية إدارة العمليات والمبيعات للشركة في مصر، مستعينًا بخبراته المتراكمة على مدار السنوات في إدارة الحسابات الكبرى والتي تحتاج تركيزًا خاصًا وتتطلب إحداث تغييرات جوهرية في أنشطتها.
تولى “شكري” العديد من المناصب القيادية في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بشركة إريكسون داخل ومصر وخارجها. ونجح “شكري” خلال تلك الفترة في إدارة العلاقات ضمن إطار ثقافي متنوع شمل بلدان أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية.
انضم “شكري” إلى إريكسون عام 2000 وعمل في مكتبها بالقاهرة، ثم استهل مسيرته على الساحة الدولية بالعمل في مكتب الشركة بالجزائر عام 2002، وأسس شكري بعد ذلك مقر أنشطة شركة إريكسون في جمهورية السودان ثم ترقى في السلم الوظيفي ليتولى منصب نائب الرئيس بالشركة عام 2004، ومنذ ذلك الحين تنقل “شكري” بين العديد من دول العالم ومن بينها كرواتيا والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ثم عاد إلى مصر مرة أخرى عام 2015 ليتولى قيادة عمليات الشركة من خلال منصب رئيس فرع الشركة بمصر.
حصل سامح شكري على بكالوريوس الهندسة من جامعة عين شمس، بالإضافة إلى ماجستير الإدارة من جامعة مانشستر البريطانية.