في مثل هذا اليوم، 20 أبريل من عام 1998، شهد العالم واحدة من أكثر اللحظات إحراجاً في تاريخ شركة مايكروسوفت، عندما فشل عرض عام لنظام التشغيل ويندوز 98 بشكل مذهل أمام حشد كبير من الحضور.
هذه الحادثة، التي وقعت خلال معرضي كومديكس ربيع 1998 وويندوز وورلد في شيكاغو، أصبحت لاحقاً من اللحظات الأكثر شهرة في تاريخ التكنولوجيا.
كان بيل جيتس، الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت آنذاك، يحاول إثبات مدى سهولة استخدام نظام ويندوز 98 وقدراته في التعامل مع أجهزة التوصيل والتشغيل (Plug and Play)، وكان التركيز بشكل خاص على دعم نظام USB الذي تم تحسينه بشكل كبير في هذا الإصدار مقارنة بسابقه ويندوز 95.
في لحظة العرض الحاسمة، قام مساعد جيتس، كريس كابوسيلا، بتوصيل ماسح ضوئي عبر منفذ USB إلى الكمبيوتر الذي يعمل بنظام ويندوز 98. بدلاً من أن يظهر الجهاز ويعمل بسلاسة كما هو متوقع، تعطل النظام بالكامل وظهرت ما يعرف بـ “شاشة الموت الزرقاء” (Blue Screen of Death) أمام جميع الحضور.
انفجر الحضور في الضحك فوراً عند رؤية الشاشة الزرقاء، وهي علامة معروفة على فشل نظام ويندوز، لكن بيل جيتس أظهر سرعة بديهة عندما علق قائلاً: “لهذا السبب لم نقم بشحن ويندوز 98 بعد”، وأصبحت هذه العبارة لاحقاً واحدة من أشهر اقتباسات جيتس، حيث أظهرت قدرته على تحويل موقف محرج إلى لحظة فكاهية.
كان ويندوز 98، الذي تم طرحه رسمياً في 25 يونيو 1998 (بعد شهرين من هذه الحادثة) يحمل تحسينات كبيرة في دعم USB مقارنة بويندوز 95، حيث كان ويندوز 95 يدعم USB نظرياً ولكن بشكل غير موثوق، بينما قدم ويندوز 98 دعماً محسناً بشكل كبير لهذه التقنية.
لكن كما أظهرت الحادثة، لم تكن هذه التحسينات كافية لمنع التعطل الكامل للنظام عند توصيل بعض الأجهزة، وقد ساهمت هذه الحادثة في لفت انتباه مايكروسوفت إلى ضرورة تحسين استقرار النظام قبل إطلاقه الرسمي.
رغم الإحراج المؤقت، لم تؤثر هذه الحادثة على نجاح ويندوز 98 لاحقاً، حيث حقق النظام مبيعات قوية بلغت حوالي 530 ألف نسخة في الأيام الأربعة الأولى من إصداره، كما أن مسيرة كابوسيلا المهنية لم تتأثر بهذا الفشل العلني، بل على العكس، استمر في الترقية داخل مايكروسوفت حتى أصبح نائباً للرئيس التنفيذي ورئيساً لقسم التسويق في الشركة.
من الناحية التقنية، ساهمت هذه الحادثة في زيادة تركيز مايكروسوفت على تحسين استقرار الأنظمة في الإصدارات اللاحقة، كما أصبحت الحادثة درساً لكل الشركات التقنية في أهمية اختبار العروض التوضيحية بشكل كامل قبل تقديمها للجمهور.
اليوم، بعد أكثر من 26 عاماً على هذه الحادثة، لا تزال لقطة شاشة الموت الزرقاء خلال عرض جيتس واحدة من أكثر اللحظات تداولاً في تاريخ التكنولوجيا، وهي تذكرنا بأن حتى أكبر الشركات التقنية وأكثرها نجاحاً ليست معصومة من الفشل، وأن كيفية التعامل مع الأزمات قد تكون أهم من منعها تماماً.
كما أن الحادثة سلطت الضوء على التحديات الكبيرة التي واجهتها مايكروسوفت في تطوير أنظمة التشغيل في تلك الفترة، حيث كان ويندوز 98 لا يزال يعتمد جزئياً على نظام MS-DOS القديم وكان هجيناً بين 16 بت و32 بت.
وفي مثل هذا اليوم، 20 أبريل من عام 1940، شهد العالم حدثاً علمياً بارزاً عندما قام المهندس والعالم الروسي الأمريكي فلاديمير زوريكين بعرض أول مجهر إلكتروني عملي في كامدن، نيو جيرسي، تحت إشراف شركة آر سي إيه (RCA) حيث كان يشغل منصب مدير الأبحاث. يمثل هذا الحدث نقلة نوعية في تاريخ العلوم والتكنولوجيا، حيث فتح المجال لدراسة العوالم المجهرية بدقة غير مسبوقة.
كان المجهر الإلكتروني الذي عرضه زوريكين إنجازاً هندسياً مذهلاً في ذلك الوقت، فقد حقق نموذج زوريكين تكبيراً يصل إلى 100,000 ضعف، وهي قفزة هائلة مقارنة بالنماذج السابقة التي لم تتجاوز 400 ضعف.
بلغ ارتفاع الجهاز حوالي 10 أقدام (ما يعادل 3 أمتار تقريباً) ووزنه نصف طن، مما جعله آلة ضخمة الحجم، واعتمد الجهاز على حزمة من الإلكترونات بدلاً من الضوء المرئي، مما سمح بتحقيق دقة أعلى بكثير من المجاهر الضوئية التقليدية.
يعد هذا الاختراع نقلة نوعية في عدة مجالات، حيث مكن العلماء من دراسة التركيب الدقيق للخلايا والمواد على المستوى الجزيئي تقريباً، وساهم في تطوير فهم أفضل للأمراض على المستوى الخلوي والجزيئي، وسمح بدراسة البلورات والسبائك المعدنية بدقة غير مسبوقة.
لم يكن زوريكين مجرد مخترع للمجهر الإلكتروني، بل كان عالماً موسوعياً ساهم في عدة مجالات، فهو يعتبر أحد الآباء المؤسسين للتلفزيون الحديث، حيث طور صمامي “الإيكونوسكوب” (مرسل) و”الكينسكوب” (مستقبل) اللذين شكلا أساس التلفزيون الإلكتروني، كما ساهم في تطوير الراديو، والمجهر الإلكتروني، وأنابيب المذياع .
بعد هجرته من روسيا إلى الولايات المتحدة عام 1919، عمل زوريكين في شركة وستنجهاوس ثم انتقل إلى RCA حيث أصبح نائباً للرئيس عام 1947.
رغم الضخامة المادية للمجهر الأولي، فإن هذا الاختراع مهد الطريق لتطوير مجاهر إلكترونية أصغر حجماً وأكثر تطوراً. اليوم، تعتمد العديد من المجالات العلمية بشكل أساسي على المجاهر الإلكترونية التي تطورت من هذا الاختراع الرائد.
كما أن مساهمات زوريكين في مجال التلفزيون جعلته أحد أهم الرواد في تاريخ التكنولوجيا، حيث لا تزال مبادئ اختراعاته تشكل أساس العديد من التقنيات الحديثة.
يذكرنا هذا الحدث بأن التقدم العلمي غالباً ما يبدأ بأجهزة ضخمة ومعقدة، ثم يتطور ليصبح أكثر دقة وكفاءة، مما يغير وجه العالم كما نعرفه.