Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

دانة العنزي تكتب: حرب «بايدن» التكنولوجية على الصين

في فترة ولاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وهي الفترة التي شهدت فيها العلاقات الأميركية-الصينية مستوى عالياً جداً من التوتر، برز مصطلحان جديدان وهما الحرب التجارية، والحرب التكنولوجية. وظهور هذين المصطلحين يعبر عن نضج واعٍ من قِبل مؤسسات صنع القرار الأميركي بأن مجابهة القوة الصينية تستلزم أولاً وأخيراً إضعاف قوتها الاقتصادية والتكنولوجية. وعلى اثر الأخيرة، تبنى ترامب أوامر تنفيذية تقضي بتقييد صادرات التكنولوجيا الأميركية المتطورة للصين، ومنع عمل بعض الشركات الصينية في السوق الأميركية خصوصاً شركة «هواوي».

واحتلت الحرب التكنولوجية حيزاً رئيسياً في سياق الحرب الباردة بين واشنطن وبكين، لاعتبارات رئيسية عدة، ومنها، مخاوف واشنطن من عمليات اختراق وتجسس واسعة لبنيتها التكنولوجية التحتية، ويعد ذلك الادعاء الرئيسي لواشنطن لتكثيف حربها التكنولوجية على الصين. لكن لواشنطن أبعاد واعتبارات أخرى إستراتيجية، تتعلق بدور التكنولوجيا المتطورة في معادلة التفوق العسكري والاقتصادي والجيوسياسي بين بكين وواشنطن.

في ما يتعلق بالصين تحديداً، تبنى الرئيس جو بايدن خطوات ترامب التصعيدية ضد الصين، حيث أبقى على قيود الحرب التجارية مع بعض التعديلات الطفيفة. أما الحرب التكنولوجية فقد أبقى على القيود ذاتها، بل وتبنى أخرى أكثر تشدداً. ومنها، تقييد عمل بعض الشركات الأميركية في الاستثمار في صناعة التكنولوجيا الحساسة أو فائقة التطور في الصين التي تستخدم في الصناعات العسكرية المتطورة. وركز بايدن بشكل خاص على «الرقائق الإلكترونية» التي تدخل في جميع الصناعات والاتصالات الإلكترونية والعسكرية، حيث حظر تصدير الرقائق الإلكترونية المتطورة للصين، ومنع أي مواطن أميركي من العمل في شركات الرقائق الصينية، مع إضافة أكثر من 30 شركة صينية إلى قائمة الشركات المحظور التعامل معها أو تصدير التكنولوجيا لها.

وفي مطلع العام 2024، أقرت إدارة بايدن، علانية أنها بصدد تبني إجراءات موسعة لمنع الصين من تطوير صناعة الرقائق القديمة، وحث شركاء واشنطن على منع تصدير المنتجات المستخدمة في صناعة الرقائق والتكنولوجيا المتطورة. وذلك بغرض حرمان الصين مطلقاً من تطوير تكنولوجيا متطورة، خصوصاً أن الصين تتقدم على واشنطن بنسبة كبيرة في هذا المجال.

لا جدال أن السياسة المتشددة لبايدن، لحرمان الصين من التكنولوجيا المتطورة خاصة الرقائق، ستؤثر على تقدم الصين في المجال التكنولوجي، لكن ذلك لن يعيقها تماماً على مواصلة الاستحواذ والتقدم التكنولوجي على المديين المتوسط والطويل. إذ هناك مجموعة من الاعتبارات يجب الالتفات إليها، علاوة على تداعيات عدة شديدة الخطورة.

فيما يبدو أن الصين كانت على دراية أن الحرب التكنولوجية سوف تكون محوراً أساسياً في صراعها مع واشنطن، لذا أصدر الرئيس الصيني شي جين بينغ، في 2015 مبادرة «صنع في الصين» والتي ركزت على تحقيق الريادة في المجال التكنولوجي عبر تقليل الاعتماد على المكون الأجنبي بنسبة 70 % بحلول 2025 وبنسبة 100 % بحلول 2049. وفي سياق سياسة الاعتماد على الذات التكنولوجية، تدعم الحكومة الصينية الصناعات المحلية التكنولوجية خصوصاً صناعة الرقائق بما يعادل 30 مليار دولار سنوياً.

على الجانب الآخر، حققت الصين طفرة في الصناعات التكنولوجية وتكنولوجيا الاتصالات جعلت العالم يعتمد عليها خصوصاً في الأجهزة الإلكترونية وشبكات تشغيل الأقمار والهواتف والطاقة النظيفة. وبالتالي، ستجد الصين أبواباً كثيرة لاستيراد مكونات التكنولوجيا، كما ستفشل سياسة الولايات المتحدة في حث حلفائها على منع تصدير التكنولوجيا للصين أو التعامل مع الشركات الصينية، لا سيما أن تكنولوجيا الجيل الخامس للشبكات تستحوذ عليها الصين بشكل حصري.

وأيضاً، يجب الوضع في الاعتبار الضغوط التي ستمارسها الشركات الأميركية ذاتها لتخفيف القيود على التعامل مع الصين، حيث السوق الصيني ذات المكاسب الرهيبة، وأيضاً، بنية العمل والتصنيع في الصين ذات التكلفة الرخيصة.

وأخيراً، ستؤدي سياسة التشدد التكنولوجي إلى تداعيات شديدة الخطورة قد تتطور إلى مواجهات عسكرية وجيوسياسية كارثية. خاصة على صعيد ملف تايوان، حيث ستشدد وتسرع الصين من سياسة توحيد الجزيرة لما لها من أهمية عالمية في صناعة الرقائق.

دانة العنزي

كاتبة صحفية كويتية

deel