للمرة الرابعة تقرر شركة أمازون، تقسيم أسهمها، حيث بدأت أمس الاثنين فعليًا في تنفيذ قرارها بتقسيم السهم إلى عشرين سهمًا، مما أثار الكثير من التساؤلات هو السر وراء تلك الخطوة، وأسباب قيام الشركة والشركات عمومًا، بتقسيم أسهمها.
في مارس الماضي قررت العملاقة أمازون تقسيم السهم إلى عشرين سهمًا، على أن تقوم الشركة بإعادة شراء أسهم بـ10 مليارات دولار على أن يكون القرار ساريًا اعتبارًا من يوم أمس، ليصبح كل مالك لسهم يوم الجمعة الثالث من يونيو لديه 20 سهماً في السادس من يونيو، وبوسعه التصرف في أي منها منفردة، مع قسمة قيمة السهم وقتها على 20.
لماذا تلجأ الشركات لتقسيم أسهمها؟
عندما ترى شركة أن قيمة سهمها قد ارتفعت بشكل كبير بحيث أصبحت “غير مريحة” بالنسبة للمستثمرين، أو أنها تفوق المستوى السعري للشركات العاملة في نفس القطاع تميل الشركة إلى تقسيم الأسهم بحيث يصبح السهم الواحد أرخص ويصبح كثيرون قادرين على شرائه.
وعلى الرغم من أن قيمة الشركة السوقية لا تتغير كما أن قيمة أصولها وموجوداتها تظل ثابتة، فإن أسهم الشركة تصبح محط أنظار المتداولين لتراجع سعرها، كما أن الكثير منهم قد يرون سعرها جذابًا بعد الانخفاض، ولا سيما المستثمرين قليلي الخبرة.
وتعد هذه هي المرة الرابعة التي تقوم فيها “أمازون” بتقسيم أسهمها، بعد 3 مرات سابقة في عامي 1998 و1999، أي أن الشركة قامت بتقسيم أسهمها 3 مرات خلال العامين اللذين تليا إدراجها في البورصة عام 1997 وظلت بعدها 23 عامًا دون تقسيم بما يثير التساؤل عن الأسباب الخاصة بـأمازون” تحديدًا”.
ومن جانبها، أعلنت الشركة أن الهدف من تقسيم الأسهم هو منح موظفيها حرية أكبر في التحكم في أسهمهم التي يحصلون عليها من الشركة من جهة، وجعل الوصول والحصول على الأسهم أيسر لبقية المشترين المحتملين من جهة أخرى.
شركة “كل شخص”
وتشير بعض التحليلات إلى أن “أمازون” ترغب في التحول إلى شركة لـ”كل شخص”، بعد أن أصبحت شركة “كل شيء”، أي أنها ترغب في توسيع قاعدة ملكيتها قدر المستطاع بعد أن تمكنت بالفعل من العمل في مجالات متعددة وكثيرة خلال السنوات الأخيرة خاصة.
“مايكل باشتر” الخبير في “ويبدوش” للاستشارات المالية يقول إنه عندما كان السعر حوالي 2500 دولار قبل التقسيم، فإن من يمتلك 10 آلاف دولار لم يكن ليضعهم في “أمازون”، ولكن مع نزول السعر إلى 125 دولارا بعد التقسيم على 20 أصبح من الممكن لمثل هذا الشخص أن يشتري بعض الأسهم في الشركة، وليكن بألف دولار مثلا، وهو ما ينطبق على كُثر غيره، بما سينعكس إيجابًا على سعر السهم.
وبشكل عام يرى كثيرون أن وجود أمازون في مستوى مقارب لـ”أبل” مثلا (حول 150 دولارا خلال العام الأخير) ستكون له آثار إيجابية على سعر السهم مستقبلا.
ويرى “باشتر” أن شركة “أمازون” كانت معتادة على عدم الاهتمام بالطريقة التي تراها بها السوق الأمريكية وأن تقسيم الأسهم لجعلها “أكثر شعبية” ولتحسين الصورة فيما يتعلق بمعاملة الموظفين -والتي تزايدت الشكاوى حول مظهرها السيئ مؤخرًا- من خلال زيادة توزيع الأسهم عليهم.
ويبدو أن توقع الشركة تحقيق نتائج غير جيدة خلال الفترة المقبلة هو ما دفعها لتقسيم أسهمها أيضا، حيث توقعت “أمازون” أن تكون مبيعات ربع السنة الجاري أقل من تقديرات “وول ستريت”، وسط إحجام من العملاء عن الإنفاق غير الأساسي في ظل ضبابية اقتصادية، إلى جانب منافسة شرسة لأنشطتها في الحوسبة السحابية.
وتوقعت أكبر شركة بيع بالتجزئة عبر الإنترنت في العالم صافي مبيعات يتراوح بين 116 مليارا و121 مليار دولار في الربع الثاني، بينما يتوقع المحللون 125.48 مليار دولار.
وتأتي تلك التوقعات بالتراجع النسبي في المستقبل المنظور بعد تحقيق الشركة لخسائر بلغت 3.8 مليار دولار في الربع الأول من 2022، وذلك بعد انتعاش قياسي خلال عامي وباء كورونا بلغ معه سهم الشركة معه قممًا سعرية غير مسبوقة مع التدفقات المالية الكبيرة والتوسع الاستثنائي في الأنشطة.
تجنبًا لـ”الأسوأ”
ولذلك تبدو استراتيجية توسيع قاعدة امتلاك الأسهم وسيلة لتجنب تعرض سهم الشركة لهزات عنيفة مع الإعلان عن أية نتائج سلبية محتملة في المستقبل، لا سيما إذا تحققت توقعات ركود الاقتصاد الأمريكي (وربما العالمي) بما سيكون له أثر شديد على عملاق التجارة الإلكترونية.
وما يدعم الحديث حول “استباق أمازون للأسوأ” هو أن شركات أخرى في القطاع التكنولوجي مثل “ألفابت” و”سبوتيفاي” وغيرهما تحديدًا قررت الإقدام على خطوات مماثلة، بتقسيم أسهمها، وأن أسهم الشركتين انخفضتا بنسبة 17% و70% على التوالي منذ الإعلان عن تلك الخطوات رغم تحقيق “ألفابت” نتائج جيدة نسبيًا، بما يجعل ترجيح توسيع قاعدة الملكية لضمان استقرار أكبر للأسهم يبدو منطقيًا في ظل توقع الاضطرابات.
أما بالنسبة لأمازون الشاهد أنه على الرغم من بعض المؤشرات السلبية خلال الفترة الماضية فإن شركة “مورنينج ستار” العالمية للخدمات المالية اعتبرت أن السهم مقدر أقل من قيمته الحقيقية بحوالي 37%، وترى أن آفاق النمو للشركة ما زالت موجودة في الفترة المقبلة بعد تجاوز فترة رفع أسعار الفائدة وتقليص المستهلكين لمدفوعاتهم بفعل التضخم ومخاوف الركود.
وعلى الرغم من ذلك انخفضت قيمة السهم 10% منذ الإعلان عن تقسيمه في مارس الماضي، بما يوحي أن المخاوف الحالية تتفوق على الآمال المستقبلية بالنسبة للشركة، ويبدو هذا منطقيا في ظل إجماع التقارير كلها حول سيطرة سوق الدببة الهابط على السوق الأمريكي، أو كما يبدو في الوقت الحالي، ليبقى أثر التقسيم مرهونًا بعوامل عدة تفوق فقط التأثير “النفسي” لتراجع سعر السهم.