تمكّن قطاع التكنولوجيا المالية بما يقدمه من خدمات ومنتجات وحلول مبتكرة من أن يصبح أحد أهم القطاعات الواعدة على مستوى العالم، وذلك لما له من قدرة على الاستعانة بالآليات والتقنيات التكنولوجية الحديثة لتقديم الخدمات والمنتجات المالية والمصرفية للعملاء؛ وتمديد نطاق إتاحتها والاستفادة بها، وهو ما أدى إلى ظهور جيل جديد من التطبيقات التي تسهم في زيادة كفاءة الخدمات المالية واتساع رقعة انتشارها، وبالتالي تنعكس إيجابيًا على المواطن والاقتصاد بشكل عام.
وعلى المستوى المحلي، نجحت الدولة المصرية خلال السنوات الأخيرة في تهيئة مناخ مناسب وبيئة داعمة لعمل الشركات الناشئة وتحديدًا العاملة في مجال التكنولوجيا المالية، وذلك من خلال إنشاء المجلس القومي للمدفوعات وإصدار العديد من القوانين والتشريعات المنظمة لعمل هذه الشركات والتي كان آخرها قانون التكنولوجيا المالية الصادر عن هيئة الرقابة المالية خلال فبراير الجاري، والذي سبقه قانون البنوك من خلال باب كامل تم تخصيصه لتنظيم عمل شركات الدفع الإلكتروني، فضلاً عن قانون تنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدي رقم 18 لسنة 2019، لتعزيز دور شركات التكنولوجيا المالية العاملة في مصر.
وتعد التكنولوجيا المالية والابتكار أحد الركائز الاستراتيجية في الإطار العام الذي وضعته مصر للتحول إلى مجتمع أقل اعتمادًا على النقد، لذا أطلق البنك المركزي المصري استراتيجيته القومية للتكنولوجيا المالية والابتكار في مارس 2019، برؤية أن تصبح مصر مركزًا للتكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط وأفريقيا وموطنًا للجيل القادم من الخدمات المالية والكوادر المؤهلة الساعية نحو التطوير والابتكار، حيث تعتبر هذه الاستراتيجية بمثابة حلقة الوصل بين رؤية البنك المركزي ورؤية مصر 2030 من ناحية واحتياجات وتطلعات السوق المصري من ناحية أخرى.
كما يأتي هذا في إطار الجهود التي يبذلها البنك المركزي لتعزيز صناعة التكنولوجيا المالية، وفقًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي لتحقيق أهداف الدولة المصرية بالتحول الرقمي المستهدف كجزء من رؤية مصر 2030، والتي تم في ضوئها إطلاق المختبر التنظيمي لتطبيقات التكنولوجيا المالية المبتكرة، وإجراء سلسلة جلسات للمناقشات لتحديد مجالات الطلب بالسوق، وكذا دعم وتشجيع كوادر التكنولوجيا المالية من خلال البرامج التعليمية المخصصة والموجهة لهذا الغرض.
سوق جاذبة للاستثمار
ونجحت مصر خلال السنوات الأخيرة في أن تصبح سوقًا جاذبةً للاستثمارات في مجال التكنولوجيا المالية، حيث صنفت الدولة ضمن أكبر 4 دول أفريقية وأكثرها نشاطًا في مجالات التكنولوجيا المالية من حيث أعداد الشركات الناشئة؛ وإجمالي حجم الاستثمارات في القارة السمراء، فضلاً عن أن مصر تحتل المرتبة الثانية على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث عدد الصفقات؛ وإجمالي حجم الاستثمارات في مجال التكنولوجيا المالية.
وفي ظل النمو المطرد لشركات التكنولوجيا المالية العاملة في السوق المصرية خلال 2021، استطلع «FollowICT»، أراء بعض قيادات الشركات المصرية والخبراء للوقوف على أبرز أسباب نمو القطاع استنادًا لما أظهره تقرير «فينتك إيجبت» الصادر عن البنك المركزي المصري خلال الأسبوع الجاري، والذي يُعد أول تقرير من نوعه، يقدم نظرة شاملة على النمو غير المسبوق الذي شهدته مصر في هذا المجال على مدار السنوات القليلة الماضية.
نمو بنسبة 300% في الاستثمارات
وأظهر التقرير، نمو حجم الاستثمارات في التكنولوجيا المالية، خلال السنوات الخمس الماضية، إلى أكثر من 159 مليون دولار، بعدد 32 صفقة خلال 2021، مقابل استثمارات لا تتخطى مليون دولار بعدد 3 صفقات فقط في عام 2017، كما شهدت الشهور الإثنى عشر الماضية ارتفاع الاستثمارات بنسبة تزيد عن 300%، مما يشير إلى تطور وتوسع شركات التكنولوجيا المالية الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيا المالية.
وشهدت الشركات الناشئة التي تدعم التكنولوجيا المالية والعاملة في هذا المجال زيادة مطردة، حيث ارتفع عددها من شركتين ناشئتين فقط في عام 2014 لتصل إلى 112 شركة بحلول نهاية عام 2021 في أكثر من 14 قطاعًا فرعيًا من قطاعات التكنولوجيا المالية المبتكرة مثل المدفوعات والتحويلات، وأسواق الأعمال التجارية، والإقراض والتمويل البديل وغيرها.
وأشار التقرير إلى أن أغلب شركات التكنولوجيا المالية المصرية تم تأسيسها من قبل الشباب والذي تراوح أعمارهم ما بين ال 25 إلى 35 عاماً، كما لفت إلى دور المواهب الشابة المؤسسة لتلك الشركات لكونها الاستثمار الواعد للمستقبل في تحقيق العديد من المكاسب للسوق المصري، حيث قامت 24 شركة بالتوسع في هذا المجال على الصعيدين الإقليمي والدولي، وأصبحت تحظى بتواجد ملحوظ في كلٍ من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ودول مجلس التعاون الخليجي، وأوروبا.
من جانبه قال طارق طه، رئيس مركز التكنولوجيا المالية والإبداع في البنك المركزي المصري، أن أعداد شركات التكنولوجيا المالية ارتفع في مصر بشكل مقبول خلال الفترة الأخيرة في ظل توافر المقومات المناسبة من الناحية التنظيمية والتشريعية وأيضا التغيرات التي فرضتها جائحة كورونا على مستوى الأعمال والتحول نحو التكنولوجيا وتسريع عملية التحول الرقمي، إلا أن أعداد هذه الشركات مازال أقل مما هو مطلوب، وبالتالي أمامنا فرصة لزيادة أعداد هذه الشركات وأيضا مزيدا من الدمج بين منظومة الاقتصاد والتكنولوجيا المالية.
وأشار إلى أنه من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة نموا في أعداد هذه الشركات أو مضاعفتها في مجالات وتخصصات مختلفة من التكنولوجيا المالية وذلك بناءا على النجاحات التي تحققت خلال الفترة الماضية، مرجحا أن تحظى هذه النوعية من الشركات بتمويلات داخلية وخارجية في ظل اتجاه العديد من الصناديق الاستثمارية للتوسع التمويلي في مجال التكنولوجيا المالية، خاصة في مصر التي بدأت فيها ملامح قوية لنمو مطرد في هذا المجال بها خاصة بعد نجاح العديد من الشركات في إغلاق جولات تمويلية بملايين الدولارات خلال الفترة الأخيرة.
وفي هذا الصدد، قال محمد الفقي الشريك المؤسس والمدير التنفيذي لمنصة «سيمبل– sympl»، والتي تعمل بنظام «اشتر الآن وادفع لاحقًا»، إن أبرز أسباب نمو شركات التكنولوجيا المالية يرجع إلى احتياج الأفراد للخدمات، فضلاً عن السهولة في المعاملات، والحصول على الخدمات بتكلفة أقل.
وأشار إلى أن انتشار التكنولوجيا المالية يسهم في رصد المعاملات المالية التي تتم على أرض الواقع، من قِبل الحكومات والهيئات المختصة في الدول، وذلك من خلال معرفة حجم الأموال وحركتها.
وعلى المستوى المحلي، أوضح «الفقي» أن أسباب الطفرة في التكنولوجيا المالية في مصر يرجع إلى أن شريحة كبيرة من المواطنين غير متعاملين مع البنوك وليس لديهم حسابات بنكية، وهو ما فتح المجال أمام تطبيقات التكنولوجيا المالية للدخول كوسيط لتأهيل هذه الفئات، وجذب شريحة كبيرة من خارج عملاء القطاع المصرفي.
واستطرد بأن «جائحة كورونا» أثرت على السلوك الاستهلاكي للأفراد، مما زاد من حركة المبيعات عبر الإنترنت لتتجاوز الـ12% في الوقت الحالي مقارنة بنحو 3% قبل انتشار الفيروس، فضلا عن زيادة استخدام المدفوعات الرقمية.
وفي نفس السياق، قال محمد أبو طالب رئيس قطاع التسويق بشركة باي موب لحلول المدفوعات الرقمية، إن أبرز أسباب نمو الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا المالية خلال 2021، يتمثل في تبني الدولة والبنك المركزي المصري استراتيجية طموحة للتحول إلى مجتمع لا نقدي وتعزيز الشمول المالي والتحول الرقمي، موضحًا أن مصر تمتلك الموارد الكافية لتدريب وتأهيل الشباب على هذه التكنولوجيا.
من جانبه قال بول أنطاكي رئيس مجلس إدارة شركة بريميوم إنترناشيونال، أن بيئة عمل قطاع التكنولوجيا المالية في السوق المصري على مستوى التشريعات والحوافز تتحرك خلال الفترة الحالية بسرعة لمواكبة العصر، مشيرا إلى أن السوق المصري يتمتع بفرص كبيرة في هذا المجال على مستوى الأفراد والمؤسسات، خاصة وأن الأعداد غير المتعاملة مع الخدمات البنكية كبير جدا مما يمهد الفرصة لشركات التكنولوجيا المالية الناشئة من تحقيق مستويات من النمو غير مسبوقة، خاصة وأن تحركاتها تأتي بالتوزاي مع أهداف الدولة الرامية للشمول المالي وضم الاقتصاد غير الرسمي.
وأكد أن قانون التكنولوجيا المالية سيوفر حماية لمقدمي الخدمة وأيضا المستخدمين، ويضمن بناء التطبيقات وفقاً للمواصفات العالمية المطلوبة في حماية قاعدة البيانات وتوفير مسارات سريعة للأوامر المنفذة، لافتا إلى أن قانون التكنولوجيا المالية سيعمل على تطوير الصناعة بشكل كبير وسيساعد على تنظيمها مما يخلق نمواً كبيراً في القطاع.
من ناحيته قال أسامة عباس، مدير خدمات فودافون كاش، أن منظومة التكنولوجيا المالية في مصر تمر حاليا بأفضل حالاتها من كافة النواحي سواء من حيث النمو المطرد في أعداد الشركات المقدمة لهذه النوعية من الخدمات، أو التكنولوجيا ومدى قوتها وتنوعها خلال الفترة الحالية سواءا من حيث البنية التحتية او التطبيقات المستخدمة والتقنيات المتطورة التي تعتمد عليها الشركات، وأيضا مستوى تمويل الشركات الناشئة في مجال المدفوعات الرقمية والتكنولوجيا المالية خلال الفترة الأخيرة حيث تأتي مصر على رأس قائمة جذب التمويلات في هذه النوعية من الشركات .
ولفت إلى أن هذا الهرم البنائي من النمو والتفاؤل بالمستقبل يحتاج إلى مزيد من العمل على توعية العملاء بأهمية خدمات التكنولوجيا المالية بكافة أنواعها، مشيرا إلى أن العديد من العملاء وفي فئات مختلفة تمكنوا من تحقيق حجم من الوعي يفوق توقعات الشركات وسياستها في هذا الإطار، حيث ظهر ذلك في الاستخدامات الحالية لخدمات المحمول بأشكالها المختلفة خاصة المتعلقة بالمحافظ الألكترونية وعمليات تحويل الأموال، وهو ما سينعكس بقوة على نمو الاقتصاد خاصة مع تكامل اللاعبين الرئيسيين في هذه الصناعة الحيوية التي ستدفع بنا إلى مستويات نمو غير مسبوقة.
صندوق دعم الشركات الناشئة
وقال المهندس أيمن حسين وكيل أول محافظ البنك المركزي لقطاع تكنولوجيا المعلومات، إن الجهود المبذولة لتعزيز التكنولوجيا المالية أسفرت عن خلق مستقبل مبشر لمجموعة واعدة من رواد أعمال التكنولوجيا المالية، والشركات الناشئة وكذا الاستثمارات المصرية في مجال التكنولوجيا المالية، متوقعًا أن تشهد هذه الاستثمارات نمواً كبيراً خلال 2022، وذلك بدعم من إطلاق مركز التكنولوجيا المالية (Grid)، بالإضافة إلى صندوق الاستثمار الذي قامت البنوك الثلاثة «البنك الأهلي المصري، بنك مصر، بنك القاهرة» بإنشائه برأس مال يتجاوز 1.3 مليار جنيه، والذي من المتوقع أن يصبح أكبر صندوق استثمار موجه يركز على قطاع التكنولوجيا المالية في المنطقة.
ومن جانبه توقع محمد الفقي، أن يلعب صندوق دعم الشركات الناشئة الذي قامت البنوك الثلاثة «البنك الأهلي المصري، بنك مصر، بنك القاهرة» بتأسيسه، دورًا كبيرًا في مستقبل شركات ريادة الأعمال في السوق المصرية، كما أنه سيساهم في الحد من هجرة تلك الشركات خارج مصر، خاصة في حال استحواذه على حصة كبيرة منها، وهو ما يسهم في توطين شركات التكنولوجيا المالية في مصر.
وحول شكل العلاقة بين الشركات الناشئة والجهات المختلفة العاملة في مصر، أوضح «الفقي»، أن العلاقة بين الشركات الناشئة وشركات الاتصالات، والبنوك، هي علاقة تكاملية وداعمة، وليست تنافسية، موضحًا أن الهيئات دائمًا تحافظ على معدلات النمو المستدامة.
فيما قال محمد أبو طالب رئيس قطاع التسويق بشركة باي موب لحلول المدفوعات الرقمية، إن إطلاق صندوق دعم الشركات الناشئة، يسهم في تشجيع الأفكار الابتكارية والشركات الناشئة وتحقيق رؤية البنك المركزي للتحول إلى مجتمع لا نقدي، فضلاً عن دور الصندوق في رعاية الكوادر الشابة باعتبارها الاستثمار الواعد للمستقبل والقادر على تحقيق العديد من المكاسب للاقتصاد المصري.
دعم الكوادر الشابة
ومن منطلق حرص البنك المركزي المصري على القيام بدوره المحوري في دعم الكوادر الشابة الواعدة في هذا المجال؛ قام البنك خلال السنوات الماضية بإطلاق عدد من المبادرات التي من شأنها رفع مستوى الوعي المالي الرقمي وتعزيز هذه الكوادر الشابة مثل؛ دمج مشاريع التكنولوجيا المالية في مشروعات تخرج طلاب الجامعات، وكذا إدراج التكنولوجيا المالية ضمن مناهج التدريس الجامعي، بالإضافة إلى توفير برامج تدريب لتنمية الكفاءات في هذا المجال.
ويعتبر محور جذب الكوادر المؤهلة، التحدي الأكبر الذي يقف حائلاً دون نمو بعض الشركات الناشئة، وذلك نظرًا لوجود فجوة هائلة في الرواتب بين الشركات الدولية والشركات الناشئة الأصغر.
وبالنظر إلى مجموعة المهارات المطلوب توافرها لدى الكوادر لتصبح مؤهلة للعمل في هذا المجال، أفادت الشركات الناشئة بأن من أصعب المهارات التي يمكن توافرها في المتقدمين للالتحاق بالعمل لدى الشركات الناشئة في هذا المجال، تتمثل في وظائف التكنولوجيا والبرمجيات، الامتثال القانوني، تطوير الأعمال وإدارة المنتجات، المبيعات ودعم العملاء، الأمن السيبراني، والتسويق، على الترتيب.
وقال أغلب العاملين في الشركات الناشئة إنه يمكن تنمية وتأهيل الشباب والحصول على عدد كبير من الكوادر المبتكرة في مجال التكنولوجيا المالية من خلال القيام بعدد من الأنشطة، والتي يأتي على رأسها؛ إنشاء بنك المعرفة بهدف حصر بيانات جميع الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا المالية في مصر، وإنشاء أكاديمية عبر الإنترنت تستهدف تعليم أسس وقواعد ومهارات العمل في مجال التكنولوجيا المالية؛ من خلال الاستعانة بكوادر ذوي خبرة أكاديمية وعملية في هذا المجال، لخلق جيل جديد من رواد الأعمال قادر على دمج الواقع العملي مع الدراسة الأكاديمية والوصول إلى أفضل المخرجات التي يمكن تطبيقها في مجال التكنولوجيا المالية بالسوق المصري.
وأوضحوا أنه يجب إضافة المزيد من التخصصات في مجال التكنولوجيا المالية بالجامعات، والدراسات العليا، والتعليم الفني، وتوفير وإتاحة عدد أكبر من الدورات التدريبية المتخصصة في هذا المجال، وتوفير منصة إلكترونية من أجل التوظيف، تستهدف تيسير التواصل بين الكوادر المؤهلة للعمل في مجال التكنولوجيا المالية وبين الشركات الناشئة التي تعمل في هذا المجال، حال رغبة أي من الطرفين التواصل مع الطرف الآخر لإتمام عملية التوظيف.
لذا أطلق البنك المركزي العديد من المبادرات بهدف دعم الكوادر في مجال التكنولوجيا المالية، وعلى رأسها، استراتيجية التثقيف المالي الرقمي وتعزيز التكنولوجيا المالية، وريادة الأعمال، ومبادرة «FinYology- FinTech» للشباب، بالإضافة إلى إطلاق برنامج أكاديمية التكنولوجيا المالية لمدة أربعة أشهر، بالشراكة مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي في مصر، والذي يُقِّدم تغطية لأهم الموضوعات التي تم إثارتها في مجال التكنولوجيا المالية، ويستهدف المهتمين بالتكنولوجيا المالية، ورواد الأعمال أثناء مرحلة صياغة الأفكار، مع تقديم محتوى ُمنظم من خلال مجموعة من الخبراء.
ونوه محمد الفقي، بأن مصر تمتلك الموارد الكافية لتدريب وتأهيل الشباب على استخدام تطبيقات التكنولوجيا لتأهيل كوادر لسوق العمل، مشيدًا الدورات التدريبية التي تقدمها هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا) للشباب في مجالات تكنولوجيا المعلومات المتطورة ذات الطلب المتزايد، فضلاً عن دورها كمسرعة أعمال لبعض الشركات الناشئة.
وأضاف أن نحو 60 :70% من شركات التكنولوجيا المالية جاءت من محافظات خارج القاهرة، لافتًا إلى ضرورة الاهتمام بالكوادر خارج القاهرة لاحتضان الأفكار الجديدة وتسريع عملها.
ويرى الفقي، أن أغلب مؤسسي الشركات الناشئة لديهم خبرة كبيرة في الشركات العالمية، مما ساعدهم في بناء أفكار من الواقع العملي الملموس، لافتًا إلى أن هناك مثلث مكتمل الأضلاع لتأسيس أي شركة ناجحة يتمثل في توافر التمويل، والخبرة، والعلاقات، مضيفًا أن أي عنصرين من الثلاثة يؤهل الشركة للانطلاق.
من جانبه، أشاد محمد أبو طالب بجهود الدولة خلال السنوات الأخيرة في العمل على تكثيف ورش العمل والدورات التدريبية، وخاصة التي تقدمها هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات «إيتيدا» متمثلة في منحة «مستقبلنا رقمي» لتدريب الشباب على مجالات تكنولوجيا المعلومات المتطورة ذات الطلب المتزايد، مطالبًا بضرورة تكثيف هذه الجهود في ظل النقص الذي تعاني منه أغلب شركات التكنولوجيا المالية.
وبسؤاله عن دورة تأسيس الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا المالية، وهل تتطلب اكتساب خبرة سابقة من خلال العمل لدى شركات عالمية، أشار «أبو طالب» إلى تجربة باي موب، والتي أسسها أصحابها قبل التخرج من الجامعة حيث كانت الفكرة عبارة عن موقع إلكترونى للتسوق، إلا أنهم اكتشفوا وجود مشكلة فى البنية التحتية للمدفوعات الرقمية فى مصر، ومن ثم صعوبة تحقيق مفهوم الاقتصاد الرقمي، وبناءً على ذلك قرروا البحث عن بديل للفكرة والتركيز على تطوير البنية التحتية للاقتصاد الرقمى والدفع الإلكتروني.
الحد من البيروقراطية وتوفير حلول تمويلية
ولتعزيز منظومة التكنولوجيا المالية المصرية، مما يؤثر إيجابًا نحو دعم الحلول والابتكارات الواعدة، قدم مجموعة من رواد الأعمال بعض المقترحات، والتي تتمثل في ضرورة إقامة الفعاليات والمؤتمرات الخاصة بمجال التكنولوجيا المالية، وإطلاق حملات لتوعية العملاء بشأن الحلول المبتكرة التي تقوم الشركات الناشئة المتخصصة في مجال التكنولوجيا المالية بتقديمها، كما اقترحوا ضرورة فتح مزيد من الأفواج للمختبر التنظيمي لتطبيقات التكنولوجيا المالية، بحسب تقرير فينتك إيجبت.
كما شددوا على أهمية تشجيع وتحفيز البنوك العاملة في مصر بهدف تقديم الدعم للشركات الناشئة المتخصصة في مجال التكنولوجيا المالية وتبني المشروعات التي تعتزم هذه الشركات تنفيذها، بالإضافة إلى ضرورة تخفيف القيود، والتحول إلى المعاملات الإلكترونية بشأن المستندات الورقية المطلوب تقديمها خلال مراحل تأسيس شركات التكنولوجيا المالية الناشئة المتخصصة في هذا المجال، وذلك بالتزامن مع قيام البنوك العاملة في مصر بتقديم حلول تمويلية لتلك الشركات الناشئة.
وفي هذا الصدد، أشار «الفقي» إلى أن 90% من التمويلات التي تحصل عليها الشركات الناشئة هي تمويلات خارجية، فيما يتم تغطية نحو 10% فقط من خلال صناديق خاصة تم تأسيسها في مصر، متوقعًا أن يلعب صندوق دعم الشركات الناشئة الذي تؤسسه البنوك دورًا كبيرًا في توفير الحلول التمويلية لهذه الشركات خلال الفترة المقبلة.
بينما قال محمد أبو طالب، إن بعض الشركات تلجأ إلى الحصول على التمويل من جهات خارجية، والبعض يتجه إلى المستثمرين المحلين للحصول على التمويل، مشيرًا إلى أن باي موب بدأت بدعم من مستثمرين محليين ولم تلجأ إلى المؤسسات الأجنبية في بداية عملية التأسيس.
القوانين والتشريعات
وأصدرت الدولة العديد من القوانين والتشريعات المُنظمة لعمل شركات التكنولوجيا المالية والتي كان آخرها قانون التكنولوجيا المالية الصادر عن هيئة الرقابة المالية خلال فبراير 2022، والذي سبقه قانون البنوك الصادر في سبتمبر 2020، والذي خصص بابًا كاملاً لتنظيم عمل شركات الدفع الإلكتروني، فضلاً عن قانون تنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدي رقم 18 لسنة 2019، لتعزيز دور شركات التكنولوجيا المالية العاملة في مصر.
وفي هذا السياق، قال محمد الفقي إن الخمس سنوات الماضية شهدت طفرة تشريعية كبيرة من قبل البنك المركزي المصري، والهيئة العامة للرقابة المالية، في توفير القوانين اللازمة لتحقيق مستهدفات الشمول المالي وتعزيز التحول الرقمي في مصر.
وتابع المدير التنفيذي لمنصة «سيمبل»، أن السنوات الماضية شهدت إقبالاً كبيرًا على عمليات الدفع عبر وسائل الدفع الإلكتروني، مدفوعةً بشكل كبير باحتياج الأفراد للخدمات، لافتًا إلى أن كل الجهات المعنية بالتكنولوجيا المالية نجحت في تأسيس بنية تحتية تكنولوجية لدعم عملية التحول إلى مجتمع لا نقدي.
وأكد على أن صدور القواعد والقوانين المنظمة لعمل شركات التكنولوجيا المالية في مصر، والتي كان آخرها قانون التكنولوجيا المالية الصادرة عن هيئة الرقابة المالية خلال فبراير الجاري، هو بمثابة احتضان للأفكار الجديدة في مصر، ويعطي مزيد من الطمأنة للمستثمرين الأجانب لدخول السوق المصرية.
وحول المزايا التي تحتاجها الشركات الناشئة في مصر، قال «لابد من تقديم بعض المزايا للشركات الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيا المالية من خلال تقديم حوافز ضريبية لتشجيع الشركات أيضاً علي التأسيس في مصر بدلاً من التأسيس بالخارج».
وأضاف، أن معالجة المسألة الضريبية على تلك النوعية من الشركات، من شأنها أن تجذب شركات أجنبية للتأسيس في مصر، فضلاً عن إتمام الجولات التمويلية محلياً بدلاً من الخارج، مشيرًا إلى أن هولندا، والإمارات، وجزر القمر، أحد أبرز الدول الحاضنة لتلك النوعية من الشركات.
من جانبه، قال محمد أبو طالب مدير التسويق بشركة باي موب، إن الدولة أصبحت تضع على عاتقها تطوير القوانين والتشريعات المنظمة لشركات التكنولوجيا المالية، بالإضافة إلى دورها في دعم أفكار الشباب من خلال المبادرات التي تطلقها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والهيئات التابعة لها، فضلاً عن مبادرات البنك المركزي المختلفة لدعم هذه الشركات وتشجيع البنوك على توفير التمويلات اللازمة لرواد الأعمال والأفكار الابتكارية.