على مدار سنوات طويلة، نجحت غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات أن تكون المظلة الرئيسية لشركات تكنولوجيا المعلومات العاملة داخل السوق المصري، فمن خلالها يتم تقديم الدعم اللازم للشركات بمختلف أحجامها، ولم يعد دور الغرفة مقتصرا على تقديم الدعم بشكله التقليدي، بل تطالب الشركات بضرورة توسيع رؤية العمل داخل الغرفة لتمتد إلى التدريب والتأهيل والاستشارات وغيرها من الخدمات، وخلال هذا الحوار مع المهندس وليد جاد رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات، قامت FollowICT بعرض مجموعة من الأسئلة التي تدور بأذهان المسؤولين عن شركات التكنولوجيا في مصر، في محاولة للتعرف بشكل أكثر تعمقا على ما يدور حاليا داخل الغرفة.
إلى نص الحوار…
في البداية.. ما هو الدور الذي تقوم به غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؟
هدفنا الرئيسي ورؤيتنا داخل الغرفة هي خلق مجتمع رقمي متكامل قادر على البناء والمنافسة والتأثير الإيجابي على الدخل القومي، والمساهمة في تطوير كافة القطاعات والخدمات المقدمة للمواطنين من خلال الأطر التنظيمية بما يتماشى مع رؤية الحكومة والتوجهات الدولية، وذلك من خلال عدة عوامل:
تنظيم وإدارة البعثات للطرق الإقليمية والدولية من أجل فتح قنوات تسويقية جديدة للشركات المصرية أعضاء الغرفة، وزيادة القدرات التنافسية للأعضاء في مجالات الابتكار وتطوير المنتجات بما يتماشى مع المتغيرات العالمية المتلاحقة في الصناعة، التعاون مع العديد من مؤسسات المجتمع المدني والجهات غير الحكومية لتبادل الخبرات، دعم الشركات الأعضاء بالاستشارات المالية وتوفير الأدوات والمهارات المبتكرة لإدارة عمليات الاستثمار، وتمكين الأعضاء من خلال مجموعة كاملة من برامج التطوير والتدريب لتلبية احتياجات السوق.
بعض الشركات تقول إن أزمة كورونا كانت بمثابة فرصة ذهبية لأعمالهم.. فهل استفادت الغرفة وشركاتها من هذه الفرصة؟
بالفعل كانت كورونا فرصة لبعض الشركات، وفي الوقت نفسه كانت تحدي لكثير من الشركات الأخرى، والغرفة لديها نوعيات مختلفة من الشركات وأعمالها مختلفة، فالشركات التي استطاعت التحول لتقديم خدماتها عن بعد استفادت جدًا من الجائحة، مثل الشركات التي تقدم الدعم الفني عن بعد أو المشورة لعملائها، لكن الشركات التي تقدم خدمات مثل الهاردوير والدعم الفني الذي يتطلب تواجد في المواقع فهي تأثرت سلبًا لعدم انتظام كثير من عملائهم في العمل، هذا بجانب تأثر كثير من الشركات بضعف التدفقات المالية بسبب الهبوط في التحصيل، ما أدى إلى أن الشركات الكبيرة ذات الملاءة المالية المتوسطة والصغيرة تتأثر بشكل كبير حتى أن بعض الشركات تعرضت للإغلاق.
كيف كانت آثار كورونا على أعمال الغرفة؟
جزء كبير من عائدات الغرفة يأتي من دعم الشركات الكبيرة والمتوسطة واشتراكات التدريب للشركات الصغيرة، وجميعهم تأثروا بشكل كبير خلال فترة الجائحة، ونحاول تصميم نموذج عمل جديد مختلف لتفادي آثار الجائحة.
ما هو الجديد الذي فرضته أزمة كورونا على سوق الاتصالات المصري وقطاع تكنولوجيا المعلومات؟
خلقت أزمة كورونا نموذج عمل جديد سيستمر في المستقبل، وبالتالي سيكون شكل الخدمات أسرع وأرخص إلى حد كبير مقارنة بشكل الخدمات التقليدية، وستكون للشركات العاملة في هذا القطاع الكلمة العليا لما قد تحدثه من تأثير إيجابي من خفض التكاليف وزيادة العائدات.
هل ترى أن هناك عدالة في توزيع المشروعات على الشركات المحلية بالمقارنة مع الشركات الأجنبية العاملة في مصر؟
كثير من الشركات الأجنبية العاملة في السوق المصري تقوم بتنفيذ مشروعاتها في مصر من خلال شركات مصرية، لذلك فالشركات المصرية التي تعمل مع شريك أجنبي لها مجالات عمل جيدة، بينما الشركات المصرية التي تقدم منتجات مصرية ليس لها تواجد في تلك المشروعات.
إلى أي مدى تحظى الشركات المصرية بدعم حكومي أو من مؤسسات المجتمع المدني للتوسع في الأسواق الخارجية؟
الدعم محدود، البعثات الخارجية محدودة، في الماضي كانت البعثات للخارج أكبر والاتصالات مع الدول على نطاق واسع، لكن في الوقت الحالي الاتصالات محدودة، بسبب عدم وجود منتج مصر من الأساس لتصديره أو تسويقه، فالشركات الأجنبية باتت تسيطر على الجزء الأكبر عالميًا ومحلياً، لذلك نحتاج دعم الشركات المصرية في الأسواق المجاورة الإفريقية والعربية، وعلى الدولة أن تساعد وتمنح الشركات المصرية الخبرات ودعمها بالكفاءات بصفة منتظمة، وزارة الاتصالات تقدم دعما ملحوظا ولكن للشركات الجديدة الناشئة في حين أن الشركات المتوسطة والصغيرة تحتاج إلى دعم حتى تستطيع الاستمرار.
هل ترى أن هناك تكامل وتنسيق تام في الوقت الحالي بينكم كغرفة ومنظمات المجتمع المدني والحكومة والقطاع الخاص؟
نعم، هناك تنسيق مع منظمات المجتمع المدني من منطلق أن مشاكلنا وأهدافنا متقاربة وتطلعاتنا واحدة، وبالتالي بيننا تنسيق حتى لايكون هناك تكرار في الخدمات، أما التنسيق مع الحكومة فلدينا تنسيق محدود مع إيتيدا ومع وزارة الاتصالات إلى حد ما، ومن الممكن أن يكون التنسيق أفضل، ونحتاج إلى ترابط أكثر وإن كانت الحكومة معذورة نوعا ما بسبب قلة المنتجات المصرية المتاحة في هذا المجال.
إلى أي مدى تمتلك الشركات المصرية خبرات وكوادر مؤهلة لقيادة التحول الرقمي؟
الكفاءات والخبرات أصبحت متوفرة في أي مكان في العالم، ولكن مطلوب من الحكومة منح الشركات المصرية مشروعات تنفذها بالتعاون مع الخبرات الأجنبية أو الشركات الأجنبية أو الاستعانة بخبير أجنبي لتبادل الخبرات، وخفض التعاون المباشر بين الشركات الأجنبية والحكومة حتى تكتسب الشركات المصرية خبرات، وبعد 5 سنوات سيكون لدينا شركات قادرة على قيادة أي مشروعات، ولدينا صف تاني من الشركات المصرية تستفيد بعد اكتساب الخبرة، وعلى الدولة أن تضع المعايير حتى تكون الشركات المصرية نواة لشركات كبيرة بعد سنوات وتنطلق للعالم بمنتجات مصرية وسوابق أعمال وخبرة.
هناك خلاف كبير حول ما يحدث في مصر الآن بين الميكنة والتحول الرقمي الكامل.. فهل تراه ميكنة أم تحول؟
بداية دخول الكمبيوتر لمصر كانت مرحلة الميكنة، وحينما بدأ التكامل بين الأنظمة بعضها البعض بواسطة الشبكة وربط قواعد البيانات أصبح تحول رقمي، فالتحول الرقمي هو التطور الطبيعي للميكنة، والتحول الرقمي ليس للأبد ويجب أن يكون مواكب لتطور التكنولوجيا حتى نصبح في مجتمع رقمي كامل بدون تدخل بشري.
هل هناك نسبة محددة نستطيع من خلالها تقييم حجم مشاركة الشركات المصرية في مشروعات التحول الرقمي؟
من الصعب تحديد نسبة لتشعب الأمر، فهناك شركات مصرية تعمل بالتعاون مع الشركات الأجنبية وتلك الشركات المصرية نسبة تواجدها كبيرة، وهناك شركات مصرية بمنتجاتها المصرية نسبتها قليلة جدًا في تلك المشروعات وتنخفض، أما الشركات المصرية الممثلة للشركات الأجنبية غير الموجودة في مصر وهي نسبة مشاركتها جيدة، من تعاني هي المنتجات المصرية والسوق يضيق عليهم.
كم تبلغ عدد الشركات المنضمة للغرفة حاليًا؟
خلال عام ونصف ومنذ صدور قوانين الهيئة العامة للاستثمار الجديدة، ارتفع حجم الشركات المنضمة للغرفة من 1200 إلى 3000 شركة، ما يعني نموا بنسبة 150% بسبب القانون الجديد الذي يحتم على الشركات العاملة في هذا المجال أن تكون مسجلة في الغرفة.
بماذا ترد على ضعف القيمة المضافة المحققة للشركات المنضمة إلى الغرفة؟
قد يكون هذا التصور صحيحا، نحن نقدم خدماتنا وبعض الشركات تتجاوب معنا وبعضها لا يتجاوب، لذلك نحاول تقديم خدمات مختلفة لتغطية أكبر عدد من الشركات، والشركات الصغيرة أكثر استجابة واستفادة من الغرفة بينما الشركات الكبيرة ترى أنها ليست بحاجة الى الخدمات والتدريب، لكنها تشارك في المؤتمرات الكبيرة وتواجدها يمثل لها دعاية لتقديم نفسها لعدد أكبر داخل القطاع، لكن ما ستشعر به الشركات بشكل حقيقي في المرحلة المقبلة هو الجزء الخاص بمتابعة القوانين ومحاولتنا تخفيف الأثار السلبية للقرارات والقوانين الصادرة مؤخرًا.
ولماذا تشكو شركات التكنولوجيا في المحافظات من قلة اهتمام الغرفة بهم؟
هذا أيضًا انطباع صحيح، لأن الغرفة ليس لديها فروع خارج القاهرة، ولذلك أعمالنا مرتكزة بشكل أكبر على القاهرة الكبرى، ولدينا بعض الاتفاقيات مع بعض الجمعيات خارج القاهرة مثل الإسكندرية والمنصورة وأسيوط، ونأمل التوسع بشكل أكبر حتى يكون لدينا فرصة لخدمة أكبر عدد من الشركات، ونعتقد أن الشكل الجديد الأونلاين سيوفر لنا حلولا أفضل في تعظيم دورنا وجهودنا في الممرحلة المقبلة.
باعتبارك أحد رواد هذا القطاع.. فمتى كان العصر الذهبي لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات؟
ليس هناك شك بأن العصر الذهبي لهذا القطاع كان في فترة المهندس أحمد نظيف وخلال رئاسته مجلس الوزارء، فكان لدينا 7 وزراء من في الحكومة من داخل القطاع، وهذه الدفعة من الصعب تكرارها مرة أخرى، وما حدث من طفرة تكنولوجية وقتها صعب تكراره، فكانت للوزارة استراتيجية للتدريب تم تنفيذ الكثير منها، وحجم المتدربين كان كبيرا جدًا واكتشفنا بعد 15 عاما أهمية هذا التدريب في تصدير الكفاءات المصرية للدول العربية وكثير من دول العالم.
أين استقر برنامج جسور في الوقت الحالي؟
برنامج جسور أحد البرامج التي تأثرت بأزمة كورونا لتوقف السفر، فهو بشكل كبير مرتبط بتكلفة السفر والإقامة التي تضاعفت بعد تغير سعر العملة، ونحاول في المرحلة المقبلة إعادة هيكلة البرنامج بشكل جديد بعد هدوء أوضاع كورونا.
كنت أحد المشجعين للتوسع في فكرة المناطق التكنولوجية.. فهل تغير رأيك بعدما أحدثته جائحة كورونا لبيئات العمل المختلفة؟
ميزة المناطق التكنوولجية أنها بؤرة للتجمع ونشر الثقافة في المحافظات المحرومة، وحتى الأونلاين لن يحقق هذا، من الممكن استمرار هذا النموذج لدعم الحراك في المحافظات وتكون مركزا للربط في نموذج العمل الهجين، بينما المناطق القائمة على التصنيع سوف تستمر في النمو بشكل طبيعي ولديها فرص أكبر للنمو.
كم عدد الشركات الناشئة التي تحتضنها الغرفة حاليًا؟
قبل أزمة كورونا استطاعت الغرفة تخريج 7 شركات ناشئة كانت تحتضنهم وأصبحت شركات قائمة وناجحة حاليًا، ولكن في الوقت الحالي الأمور تسير ببطء لارتباط الأمر بالتعاون مع جهات مختلفة، وأزمة كورونا أدت لبطء هذا التعاون، ونستهدف احتضان 18 شركة ناشئة جديدة في المرحلة المقبلة.
لماذا تعاني صناعة البرمجيات المصرية في الوقت الحالي؟
دعم وتطوير وتكثيف صناعة البرمجيات وحمايتها وتنميتها يمثل تأمين للأمن القومي للدولة، باعتبارها قاعدة صناعة مصرية قوية، ولكن للأسف بعدما كانت المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص تعمل ببرميجات مصرية، شهدنا موجة أدت لانكماش البرمجيات المصرية بعد وجود شركات عالمية، حتى أن كل البنوك والمستشفيات ومختلف القطاعات باتت تستخدم برمجيات من شركات أجنبية، والشركات المصرية بدلا من أن كانت تقوم بتطوير البرمجيات أصبحت تقدم الدعم الفني للبرمجيات الأجنبية، ونحاول الآن من خلال الغرفة تبني أفضل طريق لخلق قاعدة برمجيات قوية داعمة للأمن القومي والصناعات المختلفة، فدولة بحجم مصر وعدد الخريجين والكفاءات فيها من الممكن أن تكون في مكان أفضل بكثير مما نحن عليه الآن.