Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

«المركزي» يفاجئ الأسواق برفع الفائدة.. وخبراء: ننتظر رفعًا جديدًا لاحتواء التضخم

رغم مفاجأة البنك المركزي المصري للأسواق برفع أسعار الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية الأخير يوم الخميس الماضي، بمعدل 100 نقطة أساس، إلا أن المفاجأة لم تأت بعد، حيث تشير بيئة التضخم الحالية في مصر إلى أنها لم تصل للذروة بعد، إذ يتوقع البنك المركزي أن تصل معدلات التضخم إلى ذروتها خلال النصف الحالي من العام الجاري 2023، قبل أن تعاود الانخفاض نحو معدلات التضخم المستهدفة والمعلنة مسبقاً، مدعومة بالسياسات النقدية التقييدية حتى الآن.

وقررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركزي، رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي 1% ليصل إلى 19.25%، 20.25% و19.75%، على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 19.75%.

ويرتكز مسار أسعار العائد الأساسية الذي يحدده البنك المركزي، على معدلات التضخم المتوقعة وليس معدلات التضخم السائدة، وستستمر لجنة السياسة النقدية في متابعة التطورات والتوقعات الاقتصادية خلال المرحلة القادمة، مع استخدام جميع أدوات السياسة النقدية المتاحة، بهدف الحفاظ على الأوضاع النقدية التقييدية لتحقيق معدلات التضخم المستهدفة والبالغة 7% بزيادة أو نقصان 2% في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024 و5% بزيادة أو نقصان 2% في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.

وارتفع المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر إلى 35.7% في يونيو 2023 من 32.7% في مايو 2023، كما ارتفع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 41% في يونيو 2023 وهو معدل التضخم الأعلى في مصر، مقارنة بمعدل بلغ 40.3% في مايو 2023، مدفوعًا بارتفاع واسع النطاق في أسعار معظم بنود الرقم القياسي لأسعار المستهلكين نتيجة لاستمرار صدمات العرض.

محافظ البنك المركزي
محافظ البنك المركزي

وعلى المستوى العالمي، ارتفعت الأسعار الفعلية للبترول خلال الشهر الماضي، في حين تراجعت توقعات معدلات التضخم لدى بعض الاقتصادات الرئيسية على الرغم من استمرارها عند مستويات تفوق المعدلات المستهدفة، كما ارتفعت التوقعات الخاصة بالنشاط الاقتصادي العالمي مقارنة بما تم عرضه على لجنة السياسة النقدية في اجتماعها السابق.

ومن المتوقع أن تظل أسعار العائد الرئيسية عند مستوياتها المرتفعة نتيجة استمرار المعدلات العالمية للتضخم عند مستويات أعلى من تلك المستهدفة، وهو ما يتسق مع تقييد الأوضاع المالية العالمية بشكل عام.

ورصدت «Followict» أراء مجموعة من الخبراء حول أسباب توجه البنك المركزي نحو رفع أسعار الفائدة، ومدى فاعلية القرار في تحجيم معدلات التضخم المرتفع، حيث أكدوا على أن رفع الفائدة يأتي بسبب حاجة مصر لجذب عملة أجنبية، وتوقعات ارتفاع معدلات الأسعار العالمية المتعلقة بالحبوب خلال الشهور المقبلة.

تحريك أسعار الصرف والمحروقات

وفي هذا الصدد، قال الدكتور هانى جنينة، المحلل الاقتصادى والمحاضر فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن رفع أسعار الفائدة يتواكب مع مستهدفات التضخم، متوقعًا أن يكون هناك تحريك فى أسعار الصرف والمحروقات وأسعار الكهرباء خلال الفترة المقبلة.

وتوقع أن يرفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة مرة أخرى خلال العام الجاري بواقع نقطة أو نقطتين مئويتين قبل أن يثبتها في بقية نهاية العام في سبيل السيطرة على التضخم والوصول لهدفه.

هاني جنينة
هاني جنينة

جذب عملة أجنبية

ولفت «جنينة»، إلى أن قرار رفع الفائدة يأتي بسبب حاجة مصر لجذب عملة أجنبية، مشيرًا إلى أن السيولة تتباطأ على كل المستويات لكنها مازالت أعلى من المطلوب لكى نصل إلى مستهدفات التضخم عند 7% بزيادة أو نقصان 2%، مضيفًا أنه من المهم في هذه المرحلة أن يعرف المستهلك والمستثمر في مصر أن التضخم تحت السيطرة، لأن انفلات التضخم مدمر لاقتصاد أي دولة.

ومن جانبه قال الدكتور عز الدين حسانين الخبير المصرفي، إن قرار رفع أسعار الفائدة من البنك المركزي المصري يأتي بناءً على عدة مبررات تتمثل في توقعات ارتفاع معدلات الأسعار العالمية المتعلقة بالحبوب خلال الشهور المقبلة على أثر تداعيات خروج روسيا من مبادرة الحبوب وتدمير ميناء أوديسا الأوكراني المسؤول عن تصدير الحبوب من أوكرانيا للعالم عبر البحر الأسود.

وأشار إلى أن هذه الأزمة ستضاعف من مشاكل توافر الحبوب بسهولة وتدفقاتها للعالم، خاصة وأن اتفاقية الحبوب ساهمت بحوالي 33 مليون طن من الحبوب خلال سريان المبادرة، موضحًا أن انسحاب روسيا من المبادرة سيحرم العديد من دول العالم من توافر الغذاء من الحبوب وبالتالي سيكون المعروض منها أقل من الطلب الكلي مما يدفع أسعارها إلى الارتفاع، مما قد يسبب ضغوط تضخمية إضافية لدول العالم غير المنتجة للحبوب أو تلك التي ليس لديها اكتفاء ذاتي، مع توقع ارتفاع أسعار الطاقة أيضًا خلال الأشهر القادمة مع دخول فصل الشتاء ونقص إمدادات الغاز والطاقة من أوكرانيا وروسيا، مما يساهم في ارتفاع اسعار المحروقات عالميًا.

امتصاص السيولة

ولفت إلى أن مصر ستتأثر بهذه الموجات التضخمية خلال الفترة المقبلة، وهو ما دفع البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة من أجل تقليل الاستهلاك المحلي وامتصاص السيولة التي ستنشأ مع دفع الفوائد المتعلقة بشهادات الادخار المطروحة حاليًا من قبل البنوك في مصر.

ونوه الخبير المصرفي بأن رفع أسعار الفائدة سيكون له تداعيات سلبية على حركة الاستثمار المحلي وارتفاع تكاليف التمويل الجديد من البنوك مما قد يجعل المستثمرين يعزفون عن طلب الائتمان -بالنسبة للشركات التي لا تخضع لمبادرات وزارة المالية بعائد 11%-، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفه الديون الحالية مما يتسبب في ارتفاع تكلفة السلع والخدمات ويتسبب في تعميق مشكلة التضخم.

وأضاف «حسانين» أن رفع أسعار الفائدة سيؤدي الى ارتفاع ديون القطاع العائلي بمقدار إضافي 1% مما يساهم في تذبذب صافي الدخل المتاح للأفراد للإنفاق على السلع والخدمات مما سيسرع في انخفاض الاستهلاك المحلي والدخول في ركود تضخمي.

زيادة أرباح البنوك

وحول الإثار الإيجابية لرفع أسعار الفائدة بمقدار 1%، أشار «حسانين» إلى أنها تتمثل في زيادة أرباح البنوك كنتيجة مباشرة لارتفاع صافي العائد من الهامش وهو الفرق بين الفوائد المحصلة مطروحًا منها الفوائد المدفوعة، حيث ستزيد الفوائد المحصلة من القروض مع فرضية ثبات تكلفة الفوائد للبنوك التي ستستمر بدون إصدار أي أوعية ادخارية جديدة.

وأضاف الخبير المصرفي، أن التأثيرات الإيجابية تتضمن زيادة أرباح البنوك على الودائع الموجودة لدى البنك المركزي، حيث ستحصل البنوك على فائدة 19.25 بدلاً من 18.25%، لافتًا إلى أن الرفع سيعزز من زيادة الأرباح على عائدات أذون الخزانة التي ستصدر خلال الفترة المقبلة مع إمكانية جذب استثمارات أجنبية غير مباشرة في أدوات الدين الحكومية بالإضافة إلى التأثير نسبيًا في سحب السيولة من السوق.

معالجة فجوة النقد الأجنبي

ومن جانبها قالت المحللة الاقتصادية منى بدير، إن قرار رفع أسعار الفائدة لم يكن مستبعداً في حال أقر البنك المركزي إجراءات تتعلق بالضبط المالي وتحركات لمعالجة فجوة النقد الأجنبي وشح السيولة الأجنبية في مصر.

منى بدير
منى بدير

وأضافت أن القرار قد يكون مؤشراً على أن المركزي سيتحرك في اتجاه خفض جديد في سعر الجنيه أو التوصل لموعد المراجعة الأولى مع صندوق النقد الدولي، متوقعةً أن يصل التضخم إلى ذروته في أكتوبر المقبل، مع الأخذ في الاعتبار الخفض المرتقب لسعر صرف الجنيه.

وأضافت منى بدير أنه في حال لم يتبع قرار رفع الفائدة في مصر قرارات أخرى مثل خفض سعر صرف الجنيه والتوصل لاتفاق بشأن المراجعة الأولى لبرنامج مصر مع صندوق النقد الدولي، فسيكون هذا الأمر هو المفاجأة.