لا تزال قطاعات السوق المصرية المختلفة تعاني من انخفاض سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي، مع اعتماد معظمها على الاستيراد من الخارج بالدولار، لترتفع معدلات التضخم في مصر إلى أكثر من 20% بسبب انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار خلال الأشهر الماضية، بحسب وكالة بلومبيرج.
ويواصل الدولار الأمريكي ضغوطه على شركات المحمول العاملة في مصر، والذي يمثل التعامل بالدولار جزءا كبيرا من تكاليف تشغيلها وتقديمها لخدماتها، ما ينذر بسيناريوهات متوقعة لرفع أسعار خدماتها لتخفيف الأزمة.
مناقشات مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات
قالت مصادر مطلعة بسوق المحمول أن مشغلي خدمات الاتصالات في مصر بدأوا نقاشهم مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات حول زيادة أسعار خدمات المحمول.
وبحسب المصادر، فقد تم عقد أكثر من اجتماع مع مسؤولي الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، حيث تم تناول ارتفاع تكاليف الخدمات المقدمة بسبب ارتفاع سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري.
وبحسب شركات الاتصالات العاملة في مصر، فقد ارتفعت تكلفة تقديم الخدمات بنحو يزيد عن 100% على مدار السنوات الماضية، كما ارتفعت تكلفة إنشاء برج المحمول الواحد إلى الضعف تقريبا، من 2 إلى 4 مليون جنيها مصريا، بالإضافة إلى صعوبة توفير الدولار عبر البنوك، والذي يعد مكونا رئيسيا في عمليات بناء أبراج المحمول وتحديثها وصيانتها.
تناقص مستمر في أرباح شركات المحمول
واستقرت أسعار خدمات المحمول في مصر على مدار 24 عاما تقريبا، بحسب شركات المحمول، ولم يتم رفعها سوى مرة واحدة في عام 2017، بينما تواجه الشركات اليوم تحديا كبيرا أمام زيادة تكاليف تشغيلها وصيانة شبكاتها وارتفاع التضخم.
وتؤكد شركات المحمول العاملة في مصر تراجع أرباحها بسبب فروق أسعار الدولار الأمريكي، ما يمثل خسارة في ميزانياتها بسبب الديون الدولارية على الشركات.
زيادة أسعار خدمات المحمول
تنص لوائح الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات على ضرورة تقديم طلب رسمي بزيادة تكلفة خدمات الاتصالات المقدمة في مصر، في حال رغبة أي من شركات المحمول الأربعة العاملة في مصر، فودافون واورنج واتصالات ووي، في ذلك.
وحتى الآن لم يتم الكشف عن أي طلب رسمي تم تقديمه من قبل شركات المحمول إلى الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، في حين علمت FollowICT أن الشركات تطالب بحد أدنى زيادة في الأسعار بنحو 40% عن الأسعار الحالية.
وأشار مسؤولو شركات الاتصالات إلى أنه في حال اتخاذ أي إجراء لرفع أسعار خدماتهم، فإنه سيتم إصدار بيان رسمي للإعلان عن ذلك، مؤكدين أن سداد التزاماتهم مع الجهات الخارجية يتم بالدولار، مثل تراخيص استخدام حلول إريكسون وهواوي وكوالكوم، ما يتسبب في ارتفاع تكاليف التشغيل.
رفع الأسعار قرار مؤجل منذ فترة
بالعودة إلى منتصف العام الماضي 2022، كشفت شركات الاتصالات عن دراستها لتأثير رفع أسعار الوقود في مصر، وكذلك التضخم، على تكلفة الخدمات المقدمة، وما إذا كانت بحاجة إلى زيادة في أسعار خدماتها.
وبحثت شركات الاتصالات حينها تكاليف المدخلات في خدماتها، من أجل اتخاذ قرار بخصوص التقدم للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات رسميا بشأن رفع أسعار خدماتها بالسوق المصري، ما يؤكد أن قرار زيادة الأسعار كان محل دراسة منذ فترة، كما يرجح قرب اتخاذ القرار تحت ضغط الظروف الحالية الأكثر تأثيرا.
ضغوط متزايدة على شركات الاتصالات
تتعرض شركات الاتصالات، المحلية والعالمية، لضغوط شديدة من موردي معدات شبكات الاتصالات، الذين اضطروا لرفع أسعار معداتهم بسبب أزمة سلسلة التوريد والتضخم العالمية.
ويؤكد بيكا لوندمارك، الرئيس التنفيذي لشركة نوكيا، أن كل صفقة يتم التفاوض على سعرها بشكل منفصل، فقد أصبح الحفاظ على ثبات السعر في الصفقات الجديدة من المستحيلات، ومع الزيادات في تكلفة المدخلات، فلا بد أن تصل الزيادة إلى أسعار الخدمات المقدمة للعملاء.
وعلى سبيل المثال، اضطر عملاق الاتصالات الأمريكي AT&T إلى رفع أسعار بعض خدماته بنحو 6 دولارات شهريا للعملاء الأفراد، و12 دولارا شهريا للعائلات، وذلك منذ منتصف العام الماضي 2022.
ولا يوجد حل، فيما يبدو، أمام شركات الاتصالات العاملة في مصر لتخفيف أزمتها سوى رفع أسعار خدماتها فعليا، بما فيها أسعار شرائح الاتصالات وباقات المكالمات والإنترنت، وصولا إلى فرض رسوم أكبر على عمليات تغيير الشرائح إلى الأجيال الأحدث للاتصالات، أو زيادة نسبة العمولات على التحويلات المالية عبر محافظها الرقمية، وغيرها.
ركود سوق المحمول في مصر
لم ينج سوق الهواتف المحمولة من حالة التضخم والركود التي يعانيها قطاع الاتصالات ككل في مصر، ففي تصريحات صحفية، قال وليد رمضان، نائب رئيس شعبة المحمول والاتصالات بالغرف التجارية، أن أسعار الهواتف المحمولة ارتفعت تقريبا بنفس معدل انخفاض سعر الجنيه المصري أمام الدولار.
وقال رمضان أن سوق المحمول يعاني من ركود كامل بسبب تضاعف أسعار الهواتف المحمولة، بالإضافة إلى نقص المعروض من الأجهزة المحمولة.
وأوضح رمضان أن حجم الهواتف المحمولة المصنعة محليا لا يغطي حجم الطلب في السوق المحلي، ولا يساهم في خفض الأسعار بسبب استيراد المكونات التي ارتفعت أسعارها بسبب ارتفاع سعر الدولار.
وسجلت مبيعات الهواتف المحمولة في مصر أكثر من 15 مليون هاتف في عام 2021، وفقا لمؤسسة الأبحاث GFK، مقابل 13,3 مليون هاتف في 2020.
وانخفضت قيمة واردات مصر من الهواتف المحمولة بنسبة 50,7%، لتصل إلى 299,1 مليون دولار، خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2022، مقابل 607 مليون دولار في نفس الفترة من العام السابق 2021.
وبحسب رمضان، فإن سوق المحمول في مصر يمر بنفس السيناريو الذي شهدة عام 2016، عندما حررت مصر سعر صرف الجنيه مقابل الدولار في نوفمبر من ذلك العام، ما تسبب في ارتفاع كبير في أسعار الهواتف المحمولة تبعه حالة من الركود لفترة من الزمن.