يُعرف رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك بشغفه بالمغامرات الجديدة والتكنولوجيا المتقدمة، ويحسب له اعتناقه المبكر للكثير من الأفكار المبتكرة، ولا يمكن نكران التأثير الكبير لمغامرات إيلون ماسك على العالم، فقد ساهمت شركاته في تطوير تقنيات جديدة وتقديم حلول مبتكرة لتحديات عالمية.
فعلى سبيل المثال، كان ماسك سباقا في الالتفات إلى حلول تحويل الأموال عبر الإنترنت، وقد تعاون مع ماكس ايفيتشن وبيتر ثيل ولوك نوزيك في إطلاق “باي بال” (PayPal) في عام 1998، وهو موقع ويب تجاري يسمح بتحويل الأموال عبر الإنترنت باستخدام البريد الإلكتروني للمستخدمين، إلى جانب تحويل الأموال إلى الحسابات المصرفية، أو السحب منها، إلى جانب سداد عمليات الدفع للمواقع المختلفة، وقد أصبح “باي بال” رائدا عالميا في مجال حلول الدفع عبر الإنترنت مع أكثر من 169 مليون حساب في جميع أنحاء العالم.
وفي عام 2002، أسس ماسك شركة “سبيس إكس” (SpaceX)، وهي شركة تصنيع وتشغيل للمركبات الفضائية، والتي تهدف إلى تقليل تكلفة السفر إلى الفضاء، وجعلها في متناول الجميع، وبذلك يمكن إطلاق الرحلات الفضائية التجارية بصواريخ يمكن إعادة استخدامها وإطلاقها لأكثر من مرة.
وتحتل شركة “تسلا” (Tesla)، التي أسسها ماسك في عام 2003، الريادة في تصنيع السيارات الكهربائية، وهي واحدة من أولى الشركات التي أنتجت سيارات كهربائية تجارية على نطاق واسع، وقد أدى نجاحها إلى زيادة الاهتمام عالميا بالسيارات الكهربائية والسيارات ذاتية القيادة.
وكجزء من عشقه للابتكارات الجديدة، أطلق ماسك شركته “ذي بورينج كومباني” (The Boring Company) في عام 2016، وهي شركة تعمل على تطوير أنظمة النقل تحت الأرض، وتسعى الشركة إلى إنشاء شبكات نقل سريعة وفعالة تحت الأرض.
أما شركة “نيورالينك” (Neuralink)، التي أسسها ماسك في 2016، فتعمل على تطوير تقنيات ربط الدماغ بالحاسوب، وتسعى إلى تطوير تقنيات يمكنها تحسين حياة الأشخاص الذين يعانون من أمراض عصبية أو إعاقات، وذلك عبر زراعة شرائح إلكترونية في قشرتهم المخية.
ولا يغيب الذكاء الاصطناعي عن مجال اهتمام إيلون ماسك، والذي أسس شركة OpenAI في عام 2015، وهي منظمة غير ربحية تعمل على تطوير الذكاء الاصطناعي بصورة آمنة ومسؤولة، وهي المالكة لتطبيق “شات جي بي تي” (ChatGPT) الأشهر عالميا بين النماذج اللغوية القادرة على إجراء محادثات طبيعية مع المستخدمين، والإجابة على تساؤلاتهم، وإنشاء محتوى جذاب وتفاعلي وإبداعي أيضا.
“جروك” GROK.. جديد إيلون ماسك للمنافسة في الذكاء الاصطناعي
كشف إيلون ماسك النقاب عن “جروك” Grok، وهو برنامج دردشة آلي (شات بوت) يعمل بالذكاء الاصطناعي، يريد ماسك أن يسحب البساط من تحت ChatGPT، الأشهر عالميا حاليا بين برامج الدردشة الذكية العاملة بالذكاء الاصطناعي.
وفي الوقت الذي يحذر فيه ماسك من تهديد الذكاء الاصطناعي للإنسانية، أكد الرئيس التنفيذي لشركة تسلا أن “جروك” Grok سيكون متاحا للمشتركين المميزين على منصة “إكس” (X) بعد انتهاء عمليات الاختبار له.
وقال ماسك أن Grok تمكن من الوصول إلى منشورات المستخدمين على منصة X، التي يمتلكها ماسك حاليا، ونجح في إثارة الإعجاب لردوده الساخرة.
ونشر ماسك مثالا واضحا على ردود “جروك” Grok المرحة عندما تم سؤاله عن دليل مفصل لصنع الكوكايين، وقد رد البرنامج بضرورة الحصول على شهادة في الكيمياء، وإنشاء مختبر سري في مكان بعيد، قبل أن يقول البرنامج في النهاية: “أنا أمزح! من فضلك لا تحاول صنع الكوكايين، فهو أمر غير قانوني وخطير ونشاط لا أشجعه على الإطلاق”.
وقال ماسك أن “جروك” Grok لا يزال في مرحلة الاختبار المبكرة، وغير متاح للجمهور، وسيتم إصداره في النهاية لمشتركي “بريميوم بلس” على منصة X.
وتم تطوير “جروك” Grok بواسطة شركة الذكاء الاصطناعي الجديدة التابعة لماسك، واسمها xAI، وهو مصمم للإجابة على أي تساؤل، بل واقتراح الأسئلة أيضا، كما أنه مدعوم بنموذج لغوي متطور، يدعى Grok-1، والذي تتجاوز قدراته نموذج GPT-3.5 المستخدم حاليا لمشتركي حسابات ChatGPT المجانية.
هل تنجح شركة إيلون ماسك الجديدة xAI في منافسة جوجل ومايكروسوفت؟
أسس إيلون ماسك شركة الذكاء الاصطناعي الجديدة xAI من أجل “فهم الطبيعة الحقيقية للكون”، وفقا لإعلان نشر على موقع xAI الإلكتروني، وذلك عبر فريق مكون من 12 فردا!
وشركة xAI هي شركة مستقلة عن شركة X Corp، التي تمتلك منصة تويتر التي تحول اسمها إلى X مؤخرا، لكنها ستعمل بشضكل وثيق مع شركات ماسك الأخرى، بما في ذلك تسلا، حيث يخطط الملياردير الأمريكي إلى استغلال تقنياتها في دعم أنظمة الذكاء الاصطناعي في سيارات تسلا ذاتية القيادة.
يمثل إطلاق ماسك لشركة xAI امتدادا لاهتمامه الطويل بالذكاء الاصطناعي، وعودته إلى هذا القطاع المستقبلي بعد انسحابه من تمويل شركة OpenAI، بعدما كان ممولا رئيسيا للشركة عند انطلاقها في عام 2015 وحتى 2018، والمعروفة عالميا بتطويرها لنموذج الذكاء الاصطناعي الأشهر ChatGPT.
وانسحب ماسك من OpenAI بعد محاولات لفرض سيطرته وتولي إدارتها، بدعوى خوفه من خسرانها أمام جوجل في تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وقد تحولت OpenAI إلى شركة ربحية تقدر قيمتها بـ 30 مليار دولار بعد زوال تأثير ماسك عنها.
واستعان ماسك بموظفين سابقين في OpenAI وDeepMind وجوجل ومايكروسوفت وتسلا ضمن فريق xAI، كما ضم باحثين من جامعة تورنتو في كندا.
وبينما يميل كثيرون ممن يعرفون ماسك إلى الاعتقاد بحسن نيته وقلقه بشأن تطوير الذكاء الاصطناعي بطريقة خاطئة، ورغبته في القيام بذلك بطريقة أكثر أمانا، إلا أنهم لا يستطيعون تأكيد صدق نواياه بصورة حاسمة، كما تؤكد كاريسا فيليز من جامعة أكسفورد.
وكما تضيف فيليز: “كيف يمكن تصديق شخص سبق له المطالبة بإيقاف تطوير الذكاء الاصطناعي، بينما اليوم يشارك بقوة في السباق، بل يساهم في تأجيج سباق التسلح في الذكاء الاصطناعي!”.
جروك ضد ChatGPT.. ما الفارق؟
قد يرى البعض في “جروك” Grok تحديا كبيرا لروبوت الدردشة الأشهر عالميا ChatGPT، لكن المتخصصون يميلون إلى الحديث عن الفروق الرئيسية بين النموذجين، والتي قد تساهم في حسم هذا التساؤل.
(1) مصادر البيانات:
يحتوي ChatGPT، الذي طورته OpenAI، على مجموعة بيانات واسعة ومتنوعة، حيث يستمد من الإنترنت والكتب والموسوعات، بينما تم تدريب “جروك” Grok على استخدام البيانات في الوقت الفعلي من داخل منصة X.
(2) الملكية:
يمتلك إيلون ماسك روبوت الدردشة “جروك” Grok، ويحكم سيطرته عليه، بينما ChatGPT يتبع شركة OpenAI، التي تتكون من هيكل ملكية ومساهمين يحكم السيطرة تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي وتوجيهها.
(3) التوفر في السوق:
تم إطلاق ChatGPT في نوفمبر 2022، وقد اتسعت قدراته وأصبح في متناول قاعدة واسعة من المستخدمين، كما أضاف ChatGPT مؤخرا العديد من الدول إلى نطاق تغطيته، ومنها مصر، بينما سيكون “جروك” Grok متاحا للمستخدمين في الولايات المتحدة الأمريكية خلال مرحلته التجريبية قبل طرحه لمشتركي X بريميوم بلس.
(4) التسعير:
يقدم ChatGPT للمستخدمين نسختين، إصدار أساسي مجاني، وإن كان يفتقر لتحديث البيانات في الوقت الفعلي، وآخر بسعر 20 دولارا شهريا، يتم تحديثه بالمعلومات في الوقت الفعلي، بينما سيتاح “جروك” Grok بتكلفة 16 دولارا أو أقل شهريا، وهو بذلك أفضل من حيث التكلفة.
(5) أسلوب التواصل:
بحسب ماسك، تم تصميم “جروك” Grok للرد على الاستفسارات بنبرة متمردة وفكاهية، وهو أسلوب تواصل يتميز عن ChatGPT في نموذجه الحالي.