حالة جديدة تستحق الإشادة شهدتها خلال الحوار المجتمعي الأخير الذي نظمته وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بحضور عدد كبير من ممثلي شركات التكنولوجيا العالمية وعلى رأسهم جوجل وأمازون ومايكروسوفت وفيسبوك، حيث لمست حرصا كبيرا من جانب ممثلي تلك الشركات الكبرى (والتي لن أتوقف عن التذكير بأنها باتت تحتل المراكز الأولى في العالم من حيث القيمة السوقية – متفوقة بذلك على القطاعات الاستثمارية التقليدية) للمشاركة بآرائهم وتوصياتهم بخصوص اللائحة التنفيذية لقانون حماية البيانات الشخصية المصري، ذلك وإن دل على شئ فإنما يدل على الاهتمام الكبير الذي توليه تلك الشركات للسوق المصري وأهمية تهيئته لجذب المزيد من الاستثمارات الاستراتيجية في مجال البنية التحتية للإنترنت – ككابلات الإنترنت الناقلة للبيانات ومراكز البيانات العملاقة.
وخلال الجلسة التي ترأسها وأدارها كل من المستشار جوزيف إدوارد المستشار القانوني لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والمهندس محمد نصر الدين مساعد الوزير للبنية المعلوماتية الدولية، وجدت تفاعلا إيجابيا وبناء مع ما يطرحه ممثلو الشركات من أفكار ومقترحات ناقشها مديرو الجلسة بانفتاح وموضوعية.
كما تعهد ممثلو وزارة الاتصالات بإتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص المصري والمستثمرين الأجانب للتعليق على المسودة النهائية قبل صدورها – كما هو المعمول به من قبل الكثير من الدول الإقليمية والعالمية التي تتنافس لجذب الاستثمارات التكنولوجية.
وأنتهز الفرصة للإشادة بوزارة المالية المصرية والتي أرست في الآونة الأخيرة مبدأ نشر مسودات القوانين على موقعها الالكتروني قبل صدورها وذلك لإتاحة الفرصة أمام الجميع للتعليق والتقدم بتوصيات.
ما شهدناه خلال تلك الجلسة سيسهم (بحسب ما قال لي أحد أصدقائي من المديرين الإقليميين لواحدة من كبرى الشركات العالمية) في “إعادة وضع مصر من جديد على خريطة الاستثمارات الرقمية في المنطقة”.
ولا يخفى عن الكثير من المراقبين والمهتمين بشأن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصري العريق بأن التشريعات والسياسات الرقمية باتت نقطة تحدي رئيسية لملف مصر في مجال مشروعات البنية التحتية للإنترنت.
إن الفترة المقبلة بما تشهده من تحديات وتطورات استراتيجية متلاحقة على الساحة الإقليمية تضع على عاتق الجميع في الحكومة والقطاع الخاص مسئولية وطنية لبذل المزيد من الجهد والعمل المشترك للحفاظ على تنافسية مصر في هذا المجال الهام.
وبالتأكيد فإن ما قامت به وزارة الاتصالات من عقد لسلسلة من الجلسات مع الشركات العالمية والناشئة والوطنية يعد خطوة مهمة في هذا الاتجاه نأمل لها النجاح والتوفيق.
وفي النهاية، أتمنى أن أرى من الحكومة والمجالس النيابية مراجعة شاملة للتشريعات والسياسات الرقمية وذلك لتعزيز الثقة في إقتصادنا الرقمي والذي تؤكد كل الأرقام والإحصاءات والدراسات حول العالم أنه ينمو وبقوة وفي طريقه لتحقيق المزيد من الطفرات خلال الفترة المقبلة.
الرئيس التنفيذي لمكتب محرم وشركاه للسياسات العامة والاتصال الاستراتيجي