Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

«مصانع الذكاء الاصطناعي بأوروبا».. هل تفتح كنز تكنولوجي جديد لمصر يغيّر قوتها الرقمية؟

دفعت تصريحات أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية خلال انعقاد القمة المصرية الأوروبية الأولى، بأن الاتحاد الأوروبي سيسمح لمصر الوصول إلى مصانع الذكاء الاصطناعي في أوروبا، التساؤلات حول فوائد هذه الخطوة ومدي ملائمتها لاستراتيجية مصر للذكاء الاصطناعي وخطتها لنشر أدوات ذكاء اصطناعي محلية الصنع في قطاعات حيوية بالتعاون مع شركاء أوروبين، خاصة وأنها تأتي في ظل التفاهمات الاقتصادية الحالية بين مصر والاتحاد الأوروبي وحصول القاهرة على حزمة دعم جديدة بقيمة 4 مليارات يورو، وأيضا في ظل إطلاق أوروبا استراتيجية جديدة للذكاء الاصطناعي لتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة والصين.

وفي هذا الإطار أكد الاتحاد الأوروبي ومصر، تعاونهما الوثيق في تعزيز الذكاء الاصطناعي الموثوق والشامل، بما في ذلك من خلال بناء القدرات والتطوير المؤسسي، ومواصلة الطرفان تبادل وجهات النظر حول حوكمة الذكاء الاصطناعي وجوانب الابتكار، مع التزامهما بالتعاون في مجالات التحول الرقمي، وتحفيز الاستثمارات في البنى التحتية للبيانات والربط الرقمي الموثوقة والآمنة، وتعزيز الأمن السيبراني واقتصاد البيانات وتنمية المواهب والمهارات الرقمية، وهو مايتناسب مع سياسات وإجراءات المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي في مصر المتعلقة بالنسخة الثانية من الاستراتيجية الوطنية ومستهدفاتها خلال السنوات الخمس المقبلة  والتي تتطلع إلى وضع مصر على خريطة هذا القطاع الذي يشهد طفرة عالمية في جميع المجالات والتخصصات.

وأطلقت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات واليونسكو الشهر الماضي، تقرير تقييم جاهزية الذكاء الاصطناعي في مصر، الممول من الاتحاد الأوروبي، وركز التقرير على خمسة أبعاد رئيسية: الأطر القانونية والتنظيمية، الأبعاد الاجتماعية والثقافية، البحث العلمي والتعليم، الأبعاد الاقتصادية، والبنية التحتية التقنية، ولم يقتصر التقرير على التشخيص، بل خرج بتوصيات عملية تتعلق باللوائح التنظيمية، الإطار المؤسسي، وبناء القدرات البشرية، ومن المقرر أن يتم تضمين هذه التوصيات في المرحلة الثانية من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي (2025–2030).

وتأتي بعض دول الاتحاد الأوروبي في مراكز متقدمة في الذكاء الاصطناعي السيادي والمعني  بالتقنيات والبيانات المرتبطة بها وذلك بعد الولايات المتحدة والصين، حيث تقود دول مثل فرنسا وسويسرا وإيطاليا جهود كبيرة أيضاً في هذا الصدد، عبر بناء حواسيب فائقة الأداء، وأطلقت شركة سكيل واي  مشروع أيون، وهو تحالف يهدف إلى تأسيس بنية تحتية ومنصات أكثر تطوراً لدفع منظومة الذكاء الاصطناعي الأوروبية، بحسب موقع الشركة. كما أطلقت شركة فاست ويب الإيطالية أول حاسوب فائق مخصص لتدريب نموذج لغوي كبير باللغة الإيطالية. يخدم المشروعان تطوير تطبيقات ذكاء اصطناعي توليدي في القطاعين العام والخاص.

وبلغة الأرقام قُدِّرت قيمة سوق الذكاء الاصطناعي في أوروبا بنحو 66.4 مليار دولار في عام 2024 في سوق عالمي يقدر بـ 747.91 مليار دولار، ومن المتوقع أن تنمو بمعدل نمو سنوي مركب قدره 33.2% بين عامي 2025 و2030، وأعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيستثمر مايصل لـ 200 مليار يورو لدعم طموحات الذكاء الاصطناعي في أوروبا عبر مبادرة أبطال الذكاء الاصطناعي.

بينما تستهدف مصر أن تصل نسبة مساهمة الذكاء الاصطناعي للناتج المحلى الإجمالى لمصر إلى 7.7% بحلول عام 2030، حيث من المتوقع أن يصل حجم سوق الذكاء الاصطناعي في مصر إلى 1.08 مليار دولار بنهاية 2025 بزيادة 29% عن العام الماضي بحسب مؤسسة statista للأبحاث. ومن المتوقع أن يُظهر حجم السوق معدل نمو سنوي مركب خلال الفترة من عام 2025 وحتي عام 2029 بنسبة 26.26%، مما يؤدي إلى حجم سوق يبلغ 4.40 مليار دولار بحلول عام 2031.

من جانبهم أكد الخبراء على أن هذه الخطوات ستعزز من قدرات مصر لتطوير منظومة الذكاء الاصطناعي على كافة الأصعدة والاستفادة من الخبرات الأوروبية في هذا المجال، خاصة وأن المتابع لملف الذكاء الاصطناعي الأوروبي سيجد أن الاتحاد الأوروبي اتخذ خطوات هامة حتى تصبح أوروبا قارة الذكاء الاصطناعي، حيث قدّم الاتحاد الأوروبي في أبريل الماضي خطةً جديدة ومتطورة لتعزيز صناعة الذكاء الاصطناعي لديه ومساعدته على منافسة الولايات المتحدة الأمريكية والصين بقوة أكبر.

وأشاروا إلى أن المفوضية الأوروبية، تبنت خطوات فاعلة نحو تحويل الصناعات التقليدية القوية في أوروبا إلى محركات قوية للابتكار وتسريع وتيرة الذكاء الاصطناعي، وبناء شبكة من مصانع الذكاء الاصطناعي، وإنشاء مختبرات متخصصة مصممة لتحسين وصول الشركات الناشئة إلى بيانات تدريب عالية الجودة ويُعرّف الاتحاد الأوروبي هذه المصانع  بأنها منشآت ضخمة تضم رقاقات متطورة ضرورية لتدريب وتطوير أكثر نماذج الذكاء الاصطناعي تطورًا، وهو مايمهد الطريق أمام مصر للإطلاع على هذه المستجدات وتفاصيلها مايشكل هوية معرفية حقيقية يمكن نقلها إلى مصر عبر العديد من الاتفاقيات والشراكات الاستراتيجية بين الجانبين.

يرى المهندس محمد الحارثي، خبير تكنولوجيا المعلومات، أن إعلان الاتحاد الأوروبي عن تخصيص حزمة دعم لمصر بقيمة تقارب أربعة مليارات يورو لم يكن مجرد اتفاق اقتصادي تقليدي، بل خطوة تحمل في طياتها بعدًا استراتيجيًا أعمق يتجاوز حدود التمويل إلى شراكة تكنولوجية ورؤية مشتركة للمستقبل الرقمي.

وأضاف الحارثي، أن ما زاد من أهمية هذا الإعلان هو تصريح رئيسة المفوضية الأوروبية بأن الاتحاد سيسمح لمصر بالوصول إلى «مصانع الذكاء الاصطناعي» في أوروبا، وهي عبارة تختزل توجهًا جديدًا في العلاقات بين الجانبين، عنوانه الرئيسي هو الانتقال من التعاون الاقتصادي إلى الشراكة في إنتاج المعرفة والتكنولوجيا.

وأوضح أن عبارة «مصانع الذكاء الاصطناعي» لا تشير إلى مصانع بالمعنى الصناعي المادي، بل إلى منظومات أوروبية متقدمة تشمل مراكز حوسبة فائقة (Supercomputing)، وبنى تحتية ضخمة لمعالجة البيانات، ومنصات لتطوير النماذج والتطبيقات الذكية، إلى جانب بيئات اختبار آمنة (AI Sandboxes) معتمدة من المفوضية الأوروبية لتجريب الابتكارات تحت إشراف علمي وتنظيمي دقيق.

وأكد خبير تكنولوجيا المعلومات أن إتاحة هذه الإمكانيات أمام مصر تمثل نافذة نادرة للانخراط في البنية التكنولوجية الأعمق لأوروبا، وليس فقط الاستفادة من الدعم المالي أو الاستثمارات، بل من المعرفة والخبرة التراكمية التي بنتها أوروبا في مجالات البحث، التنظيم، والابتكار الأخلاقي للذكاء الاصطناعي.

ولفت إلى أن هذه الخطوة تفتح أمام مصر فرصًا واسعة يمكن أن تغيّر شكل حضورها الرقمي في المنطقة، مضيفاً أن أول هذه الفرص هو الوصول إلى قدرات الحوسبة الفائقة الأوروبية، مما يسمح للباحثين والمهندسين المصريين بتدريب نماذج لغوية ضخمة ومعالجة بيانات معقدة دون الحاجة إلى الاعتماد على خدمات خارجية مكلفة أو خاضعة لقيود سياسية، فهذه النقلة ستساعد في تطوير حلول ذكاء اصطناعي تتحدث اللغة العربية بعمق ثقافي وسياقي، وتخدم الأسواق المحلية والإقليمية في التعليم، الصحة، الأمن السيبراني، والخدمات المالية.

محمد الحارثي
محمد الحارثي

وتابع أن الفرصة الثانية تكمن في الاندماج البحثي والأكاديمي ضمن برامج الاتحاد الأوروبي مثل Horizon Europe، ما يتيح للجامعات المصرية والمراكز البحثية المشاركة في مشاريع أوروبية كبرى، والحصول على تمويل، ونقل الخبرات عبر تبادل الباحثين وإنشاء فرق عمل مشتركة، فمثل هذا التعاون يعزز مكانة البحث العلمي المصري ويزيد من إنتاجه من براءات الاختراع والتقنيات القابلة للتطبيق الصناعي.

أما على الصعيد الاقتصادي، قال المهندس محمد الحارثي إن فتح المجال أمام مصر للوصول إلى مصانع الذكاء الاصطناعي يعني إمكانية جذب استثمارات جديدة لبناء مراكز بيانات ومختبرات تطوير محلية بالشراكة مع شركات أوروبية. يمكن توجيه جزء من الحزمة المالية لدعم إنشاء مراكز حوسبة متقدمة داخل مصر تعمل وفق المعايير الأوروبية في الأمان السيبراني وكفاءة الطاقة، ما يجعل مصر مركزًا إقليميًا لتقديم خدمات الذكاء الاصطناعي لأفريقيا والشرق الأوسط، ويحوّلها من مستهلك للتقنية إلى مزوّد إقليمي لها.

وأردف الحارثي أن الفرص تمتد أيضًا إلى تنمية الكفاءات البشرية، إذ يمكن عبر برامج التعاون الأوروبي تدريب آلاف الشباب المصريين على أحدث مهارات الذكاء الاصطناعي، من هندسة البيانات إلى إدارة النماذج وأمنها وتشغيلها في بيئات إنتاجية (MLOps). هذا الاستثمار في العنصر البشري هو الضمان الحقيقي لتحويل الدعم الأوروبي إلى قيمة مضافة دائمة داخل الاقتصاد المصري، وجسر مستدام نحو مستقبل الابتكار.

وأشار إلى أنه بالنظر إلى الواقع الحالي، فإن مصر تمتلك بالفعل نقاط قوة تمكّنها من استغلال هذه الفرص بكفاءة، فمصر تمتلك قاعدة أكاديمية قوية تضم كليات هندسة وعلوم ومراكز بحثية بدأت تنتج أبحاثًا في الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق. كما أن موقع مصر الجغرافي يجعلها حلقة وصل طبيعية بين أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط، ما يمنحها أفضلية استراتيجية لتكون مركز عبور رقمي إقليمي. يضاف إلى ذلك أن الحكومة المصرية وضعت بالفعل استراتيجية للتحول الرقمي ومبادرة “مصر الرقمية”، وهي خطوات تمهّد الطريق لاستيعاب التعاون الجديد ضمن إطار وطني منظم.

وتطرق الحارثي إلى التحديات التي تواجه مصر في هذا الصدد قائلاً: صحيح هناك بعض التحديات، لكن يمكن النظر إليها باعتبارها فرصًا للنمو السريع والتطوير المؤسسي، فالبنية التحتية للحوسبة في مصر، وإن كانت محدودة مقارنة بالدول الكبرى، إلا أنها تمثل نقطة انطلاق لبناء مراكز بيانات جديدة بالتعاون مع الشركاء الأوروبيين الذين يبحثون عن مواقع استراتيجية قريبة من القارة وتتمتع باستقرار سياسي واقتصادي.

وفي مجال الاتصال ونقل البيانات، يمكن اعتبار الحاجة إلى تحسين الربط الدولي فرصة لتوسيع شبكات الألياف الضوئية وزيادة الاستثمار في البنية التحتية للإنترنت، وهو ما سيخدم الاقتصاد ككل وليس فقط قطاع الذكاء الاصطناعي أما فيما يتعلق بفجوة المهارات، فهي فرصة لإطلاق برنامج وطني ضخم لتأهيل جيل جديد من المهندسين والباحثين في مجالات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته الصناعية بالشراكة مع جامعات أوروبية مرموقة ,حتى الجوانب التشريعية، مثل حماية البيانات والحوكمة الأخلاقية للذكاء الاصطناعي، يمكن اعتبارها فرصة لمواءمة القوانين المصرية مع التشريعات الأوروبية المتقدمة، مما يعزز الثقة في السوق المصرية ويجعلها جاذبة للاستثمار الأجنبي في مجال التكنولوجيا.

من ناحية أخرى، تعد أوروبا اليوم لاعبًا رئيسيًا في صياغة مستقبل الذكاء الاصطناعي من منظور أخلاقي وتنظيمي. فهي القارة التي وضعت أول قانون شامل للذكاء الاصطناعي (AI Act) يوازن بين الابتكار وحماية الإنسان، وتمتلك منظومة بحثية قوية تربط الجامعات بالمؤسسات الصناعية. ورغم أن أوروبا ما تزال متأخرة عن الولايات المتحدة والصين في حجم الاستثمارات الضخمة في تدريب النماذج العملاقة، إلا أنها تمتلك ميزة فريدة في ضبط المعايير والتنظيم والحوكمة، ما يجعل التعاون معها فرصة آمنة ومستقرة لنقل المعرفة دون الوقوع في دوامة التبعية التقنية.

وأكد أنه انطلاقًا من هذا المشهد، تبدو الفرصة سانحة أمام مصر ليس فقط لتبني تطبيقات الذكاء الاصطناعي، بل للمشاركة الفعلية في تطويرها وتوطينها، فالتعاون مع أوروبا يتيح لمصر الانخراط في مشروعات بحثية تؤدي إلى ابتكارات وبراءات اختراع مشتركة، كما يمنح الشركات الناشئة المصرية فرصة لاختبار منتجاتها في بيئات أوروبية معتمدة، مما يعزز قدرتها على دخول الأسواق العالمية بثقة أكبر.

ولكي تتحول هذه الرؤية إلى واقع ملموس، شدد المهندس محمد الحارثي على ضرورة أن تبدأ مصر فورًا في تنفيذ خطة عمل محددة خلال العامين المقبلين. يمكن أن تشمل الخطة إنشاء مركز وطني للحوسبة والذكاء الاصطناعي بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وإطلاق برامج لتأهيل الكوادر التقنية، وتحديث القوانين بما يضمن حماية البيانات والابتكار، بالإضافة إلى إنشاء حاضنات أعمال ومسرّعات مشتركة تربط المستثمرين الأوروبيين بالشركات الناشئة المصرية. كما يجب تعزيز التعاون بين الجامعات ومراكز البحث المصرية ونظيراتها الأوروبية عبر مشاريع علمية مشتركة تركز على حلول الذكاء الاصطناعي في مجالات الزراعة والمياه والطاقة والنقل والتعليم.

الدكتور عادل دانش
الدكتور عادل دانش

من جهته، وصف الدكتور عادل دانش رئيس مجلس إدارة شركة واحات السيليكون للمناطق التكنولوجية، خطوة الاتحاد الأوروبي بالسماح لمصر بالوصول إلى مصانع الذكاء الاصطناعي في أوروبا بـ”مفتاح ذهبي” قدمه الاتحاد الأوروبي لمصر، موضحاً أن الاتفاق يوفر الأداة (القدرة الحاسوبية)، لكن الاستخدام يعود لمصر.

وأضاف أن النجاح لن يتحقق بمجرد توقيع الاتفاق، بل بقدرة الدولة المصرية على تأهيل أبنائها لاستخدام هذا المفتاح لفتح أبواب الابتكار، وبناء تشريعات تحمي مسيرتنا، وربط كل ذلك باحتياجات صناعتنا ومجتمعنا، مشيراً إلى أن الفرصة سانعة، والتحدي الآن في التنفيذ الحاسم.

وعن الآلية التي يمكن أن تستفيد بها مصر من هذه الخطوة، قال الدكتور عادل دانش إن التعامل مع هذه الخطوة يجب أن يكون على أكثر من مسار بداية من العنصر البشري وهو يعد العنصر الأهم فلابد من التركيز على التعليم والبداية من المرحلة الابتدائية وصولاً للجامعات مثلما فعلت بعض الدول.

وتابع أن العامل الثاني هو البنية التحتية ورغم تكلفتها العالية إلا أنه يجب الاهتمام بها وتحتاج إلى طاقة عالية، بمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي تقاس حاليًا بالطاقة (1 ميجا وات أو 1 جيجا وات وهكذا).

وأشار إلى أن أمريكا وحدها وفق البيانات المتاحة تحتاج حتى عام 2030 لمواكبة الصين الى بناء عشرات الجيجا وات من مراكز البيانات وهو ما يحتاج إلى نحو 20-30 مفاعل ذري لتوليد هذه الطاقة.

ولفت إلى أن العامل الثالث هو البيانات وهو العنصر الأغلى في مجال الذكاء الاصطناعي فلابد من الحفاظ على البيانات وان تكون قواعد البيانات الحكومية متجانسة مع بعضها البعض فضلاً عن حمايتها عن طريق التشريعات والتي تمثل العامل الرابع.

واختتم الدكتور عادل دانش حديثه بالقول إن مدى جاهزية مصر لتنفيذ اتفاقية الاتحاد الأوروبي يتوقف على التعامل مع الأربعة عناصر السابق ذكرها، فمن ناحية الموارد البشرية يبدو أن المجلس الأعلى للذكاء الاصطناعي ووزارة الاتصالات يقومان بمجهود كبير في وضع الأطر اللازمة لتحقيق هذه الطفرة.

وعلى مستوى البنية التحتية فلابد من الاهتمام ببناء العديد من مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، ومن الناحية التشريعية توجد قوانين حماية البيانات، ولكن في النهاية لابد أن تعتمد مصر على قدراتها بالتعاون مع الدول الكبرى مثل الصين وأمريكا.

بسمة راضي
بسمة راضي

من جانبها قالت بسمة راضي، رئيس قطاع علوم البيانات بشركة بلتون القابضة، والعضو المنتدب لشركة روبن، إن حجم الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي حاليا يصل إلى 1.2 مليار دولار في دول مصر، والخليج، وشمال أفريقيا، بهدف تحقيق أثر اقتصادي يتجاوز 150 مليار دولار بحلول عام 2030 من خلال استراتيجيات وطنية وتطوير البنية التحتية، ويشمل الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي، تطوير البنية التحتية، وتدريب الكوادر البشرية، وتعليم الذكاء الاصطناعي، وهو مايحتاج معه الانفتاح على التعاون مع شركاء استراتيجين يمتلكون الخبرة والكفاءة في هذا المجال وهو مايتمثل في الولايات المتحدة والصين وأيضا الاتحاد الأوروبي.

وأشارت إلى أن تعاون مصر مع الاتحاد الأوروبي بشكل خاص في مجال الذكاء الاصطناعي  يمثل مرتكز رئيسي لتبادل الخبرات، واستكشاف الفرص الاستثمارية، وتعزيز الشراكات الدولية، مع التركيز على التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي في القطاعات الحيوية ودعم الابتكار وريادة الأعمال ، وأيضا سيكون له أثر ايجابي على المستوى التشريعي خاصة وأن الاتحاد الأوروبي أعلن في أغسطس الماضي أول تشريع قانوني كامل “قانون الذكاء الاصطناعي” وهو الأول من نوعه على الصعيد العالمي بتطبيق قانون متكامل يعمل على حماية المستخدمين وحوكمة حقيقة لتقنية الذكاء الاصطناعي.

ولفتت بسمة راضي، إلى أنه في سباق الهيمنة على مستقبل الذكاء الاصطناعي، لم يعد امتلاك البيانات والتقنيات رفاهية، بل سلاحاً سيادياً بيد الدول، ويبرز الذكاء الاصطناعي السيادي اليوم كدرع رقمي واقتصادي يحمي الخصوصية ويعزز الاستقلال، ويمنح الدول قدرة غير مسبوقة على توجيه الابتكار وفق أولوياتها وهويتها.

ونوهت إلى أن مصر تبنت العديد من الخطوات الناجحة في مجال الذكاء الاصطناعي  حيث يبلغ حجم الاستثمارات في 1.5 مليار جنيه لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي لإنشاء بنية تحتية ومراكز بيانات لخدمة قطاعات الزراعة وتكنولوجيا المعلومات، مضيفة أن مصر تعتزم استثمار 100 مليون دولار في التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي العملية، وتدريب 30 ألف متخصص في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030.

وأكدت على أنه من منظور الاستراتيجي، فإن بناء شراكة قوية مع الاتحاد الأوروبي في هذا المجال يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للذكاء الاصطناعي يخدم أوروبا وأفريقيا معًا، ويوفّر وظائف جديدة قائمة على المعرفة، ويحفّز الاقتصاد نحو النمو المستدام ، منوهة إلى أن القاهرة تستعد لاستضافة النسخة الأولى من قمة ومعرض “AI Everything الشرق الأوسط وأفريقيا” في فبراير المقبل، وهو الحدث العالمي الذي يجمع صناع القرار والشركات والجهات والمستثمرين فى مجال الذكاء الاصطناعي من أكثر من 60 دولة مايمهد الطريق لبلورة شكل لهذا التعاون عبر المشاركات الاوروبية المنتظرة في الحدث.

 

The short URL of the present article is: https://followict.news/ruq2