Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

محمد عبد العال يكتب: «وان بنك».. بنك المستقبل

لا أعتقد أن هناك حدثاً مصرفيًا يمكن أن يُسجل فى التاريخ المعاصر للجهاز المصرفى المصرى، أفضل من حدث موافقة البنك المركزى منح شركة “مصر للابتكار الرقمي” -الذراع الاستثمارية لبنك مصر – الموافقة المبدئية لإطلاق أول بنك رقمى فى مصر تحت اسم “وان بنك” One Bank.

إن إعلان منح أول رخصة لتشغيل بنك رقمي أو إلكتروني خطوة مهمة تشير إلى تقدم هذا القطاع في مصر نحو التحول الرقمي.

تاريخياً، فإن الجهاز المصرفي في مصر قد مر بعدة مراحل تطورية مهمة، بدأت هذه المراحل بالبنوك التقليدية التي تعتمد على العمليات الورقية والتعاملات النقدية، ومن ثم تطورت إلى تبني تقنيات الإنترنت والحوسبة السحابية لتقديم خدمات مصرفية عبر الإنترنت.

وبمرور الوقت، زادت الحاجة إلى بنوك رقمية تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة مثل تقنيات الذكاء الاصطناعي، تقنيات التشفير، والتحليل الضخم للبيانات.

ومنح رخصة لبنك رقمي أو إلكتروني يمثل خطوة نحو تطبيق هذه التقنيات الحديثة في القطاع المصرفي المصري، مما يسهم في تحسين الخدمات المالية المقدمة للعملاء وتعزيز الابتكار والتنافسية في هذا المجال.

ولهذا فإن إطلاق اول بنك رقمى فى مصر خلال هذا العام هو خطوة تاريخية تستحق أن تسجل فى سجل إنجازات البنك المركزي، وخاصة أن البنك الجديد هو بنك تابع لبنك مصر المملوك للدولة المصرية.

وتقدم البنوك الرقمية الخدمات المصرفية بشكل رقمى أو الكترونى، عن بُعد، أى أن الأمر لا يتطلب أن يتوجه العميل بنفسه الى فرع البنك لكى ينفذ متطلبات البنك أو يُحقق احتياجاته المصرفية، وإنما يتمم ذلك بنفسه عبر المنصات الإلكترونية، من خلال شبكات الإنترنت، وأجهزة الهواتف المحمولة الذكية.

وتحقق البنوك الرقمية الكثير من المزايا سواء للشركات والمؤسسات صاحبة تلك البنوك، أو العملاء، فتسمح البنوك الرقمية للافراد بالوصول إلى حساباتهم المصرفية، وإجراء المعاملات في أي وقت، ومن أى مكان بفضل توافرها عبر الإنترنت على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع.

إن الخدمات المصرفية الذكية، التى تقدمها البنوك الرقمية، غيّرت من ثقافة وأساليب وكيفية التعامل المصرفي، فبدلا من التوجه للبنك والتحدث مع موظفين حقيقيين، أصبح التعامل مع شاشات بمجرد اللمس، ويتم إعتماد المعاملات بالتوقيع إلكتروني.

كما تعتبر البنوك الرقمية عادةً أقل كلفة من البنوك التقليدية، حيث أنها لا تحتاج إلى هيكل تكاليف مرتفع أو مقار ذات أجور او أثمان عالية، وهو الأمر الذى يعكس في النهاية إمكانية تقديم خدمات ومنتجات بعوائد أفضل، أو تكاليف أقل، وبالتالى يكون هناك مجال لتعظيم مؤشرات و هوامش الربحية لمساهمي البنك وتعزيز المراكز التنافسية لتلك البنوك.

كما تتميز البنوك الرقمية بالقدرة على تنفيذ المعاملات بشكل فورى و بسرعة أعلى من البنوك التقليدية، فضلا عن كونها مركزاً للابتكار والتطوير التقنى في صناعة وفنون الخدمات والمنتجات المصرفية.

وعن طريق استخدام تطبيقات وآليات للتشفير المتقدمة لحماية بيانات العملاء وتأمين المعاملات المالية عبر الإنترنت، فإنها توفر قدر كبير من الأمان والحماية المصرفية.

وفى ضوء هذا التقدم التكنولوجى العالمى، وتأثيره على مستقبل الصناعة المصرفية، قام البنك المركزى المصرى واستنادا على قانون البنوك رقم ١٩٢ لسنة ٢٠٢٠، بإصدار قواعد ترخيص وتسجيل البنوك الرقمية والرقابة والإشراف عليها ، وهو ما يمثل خطوه هامة نحو ضمان ملاحقة الصناعة المصرفية المصرية لاحدث التطورات العالمية.

تضمنت اشتراطات الترخيص للبنوك الرقمية فى القطاع المصرفى المصرى، ألا يقل رأس المال المصدر والمدفوع عن مليارى جنيه، فى حالة ممارسة كافة أعمال البنوك باستثناء تمويل الشركات الكبرى، مع إمكانية تمويل تلك الشركات شريطة زيادة رأس المال إلى 4 مليارات جنيه، وكذلك أن يكون المساهم الأكبر مؤسسة مالية ذات سابقة أعمال فى أنشطة مماثلة بنسبة لا تقل عن 30% من إجمالى قيمة رأس المال.

ومن اشتراطات الحصول على الترخيص أيضاً تقديم دارسة جدوى مفصلة تتضمن تحديد الشرائح المستهدفة والمنتجات المخطط إتاحتها، وكذلك خطط تكنولوجيا المعلومات، وخطط واستراتيجيات الأمن السيبرانى، علما بأن البنوك الرقمية تخضع لذات القواعد والضوابط الخاصة بالرقابة والإشراف المطبقة على البنوك العاملة بجمهورية مصر العربية، وذات القوانين والضوابط الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بالإضافة إلى بعض المتطلبات الأخرى بما يتسق مع طبيعة عملها.

ومن المتوقع أن يستمر نمو البنوك الرقمية في مصر ويزداد الطلب عليها في المستقبل نظرًا للتطور التكنولوجي المستمر وتزايد استخدام الإنترنت والهواتف الذكية ، وسيكون الطلب عليها من قبل البنوك التقليدية القائمه التي ترغب في تطوير مجالات خدماتها، أو من الطلب من مؤسسات أو من شركات جديدة محلية أو من فروع بنوك رقمية أجنبيه من الخارج.

إن البنوك الرقمية، هى لا محال بنوك المستقبل، وهى البنوك التى ستفرض السبق فى الشمول المالى، وتوفير الخدمات المصرفية العصرية، إلى كافة العملاء من الأجيال القديمة وليس الاجيال الشابة الجديدة فحسب، حيث سنعيش جميعًا فى عالم افتراضي يحكمه الذكاء الاصطناعي.

كتبه: محمد عبد العال 

الخبير المصرفي