Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

«المركزي» يستكشف العملات الرقمية للبنوك المركزية لإحداث ثورة في السياسة النقدية

في ظل تخوف النظام المالي العالمي من العملات المشفرة وما يمكن أن تحدثه من زعزعة للنظام المالي حول العالم، خاصة وأنها جعلت المدفوعات والتحويلات المالية عبر الحدود تحدث بشكل لحظي، إلى جانب التخوف من أن تصبح هذه العملات الافتراضية كبديل للعملات الورقية، بدأت البنوك المركزية في التوجه نحو إطلاق عملات رقمية خاصة بها استجابة للتغير في نظام المدفوعات والتمويل والتكنولوجيا في ظل التغيرات التي صاحبت تفشى جائحة كورونا.

وبحسب تعريف صندوق النقد الدولي، تعد العملات الرقمية للبنوك المركزية نسخ رقمية من النقود تصدرها البنوك المركزية وتنظم العمل بها، وبالتالي فهي تتيح درجة أعلى من الأمان وليست متقلبة بطبيعتها، على عكس الأصول المشفرة حيث يدرس أكثر من نصف البنوك المركزية في العالم إصدارها أو استحداثها، لذا تستعرض «Followict» في هذا التقرير أسباب اتجاه البنوك لإصدار هذه العملات ودرها في تعزيز التحول الرقمي وتحقيق الاستقرار في النظام المالي العالمي.

ويدرس البنك المركزي المصري وضع قواعد إطلاق العملات الرقمية بديلاً عن الأنواع الأخرى من العملات المشفرة وما لها من مخاطر، حيث قام «المركزي» بتشكيل لجان عمل داخلية وخارجية من كافة الوزارات والجهات الحكومية المعنية برئاسته، بهدف دراسة ملف تطبيق العملات الرقمية للبنوك المركزية، وفق تقرير الاستقرار المالي الصادر مؤخرًا.

وأشار التقرير، إلى استعانة البنك المركزي المصري بعدة مؤسسات دولية لدراسة تطبيق العملات الرقمية، إذ يأتي مشروع العملات الرقمية الخاصة بالبنوك المركزية، استجابة للتغير في نظام المدفوعات والتمويل والتكنولوجيا في ظل التغيرات التي صاحبت فيروس كورونا، وتعزيزًا لعملية التحول الرقمي والشمول.

البنك المركزي
البنك المركزي

وبحسب مسح لبنك التسويات الدولية، فإن 86% من البنوك المركزية تدرس بشكل نشط التبني المحتمل للعملات الرقمية فيما يختبر 60% منها التكنولوجيا الخاصة بها، بينما يعتزم 14% الإطلاق الأولي للمشروع.

ويسعى البنك المركزي المصري في هذه المرحلة إلى بحث الأثر الاقتصادي، وجاهزية السوق، والتطبيقات الفعالة والسريعة الممكنة لحلول الدفع باستخدام العملة الرقمية للبنك المركزي، إلى جانب النظر في المسائل المتصلة بالسياسات، والجوانب القانونية والتنظيمية قبل الانتقال إلى المراحل التالية من المشروع.

وخلال عام 2022، أطلق بنك التسويات الدولية 7 مشاريع لاختبار العملات الرقمية، بينها شراء أصول مرمزة، واستخدام العملة الرقمية للأفراد، ولتسوية المدفوعات الخارجية بشكل آلي للمؤسسات المالية، وكذلك وضع نموذج للتسويات الدولية من خلال مركز الابتكار الخاص بالبنك و4 بنوك دولية أثبتت قدرتها على الاستخدام المحتمل للعملة الرقمية.

 

وقال صندوق النقد الدولي، إن هناك ما يقرب من 100 عملة رقمية صادرة عن بنوك مركزية تمر بمرحلة البحث أو التطوير، واثنتان صدرتا بشكل كامل، وهما eNaira في نيجيريا، التي أُصدِرت في أكتوبر 2021، والدولار الرملي في جزر البهاما، الذي ظهر لأول مرة في أكتوبر 2020، لافتًا إلى أن العملات الرقمية التي تعد شكل إلكتروني من النقود يرجع تاريخها إلى ثلاثة عقود ماضية، منذ إطلاق بنك فنلندا بطاقة Avant الذكية في عام 1993.

وبزغ اتجاه عديد من المصارف المركزية حول العالم نحو إصدار عملات رقمية، الأمر الذي من شأنه أن يحدث ثورة في السياسة النقدية، من منطلق عدة دوافع أساسية؛ في مقدمتها السماح بقدر أكبر من الشمول المالي، إضافة إلى الوقاية من عمليات الاحتيال والجريمة، وكذلك تمكين المعاملات الدولية الفورية.

كما تطرق الصندوق إلى تشجيع مسألة إطلاق البنوك المركزية عملاتها الرقمية الخاصة، في خط متواز مع تطوير تقنيات الدفع وتحسينها وتسهيل المدفوعات وعمليات التحويل عبر الحدود، لتكون أرخص وأكثر سرعة وشمولية وشفافية.

صندوق النقد
صندوق النقد

ووفقًا للصندوق فإن هناك أكثر من 100 بنك مركزي حول العالم يخطط لتطوير وإصدار عملة رقمية خاصة به على رأسها الاتحاد الأوروبي والذي يخطط لإطلاق اليورو الرقمي، والولايات المتحدة التي تخطط لإطلاق الدولار الرقمي

وتعتبر الصين رائدة في مجال العملات الرقمية، حيث وصل مستخدمو اليوان الرقمي في أواخر 2021 إلى 140 مليون مستخدم ونحو 1.5 مليون تاجر، إذ يمكن للأشخاص الوصول إلى «اليوان الرقمي» عبر تطبيق على هواتفهم الذكية، على سبيل المثال، لكنه يختلف عن تطبيقات الدفع الأخرى من حيث إنه نسخة رقمية من الـ«رينمينبي»، صادرة عن بنك الشعب الصيني.

وتمت تجربة استخدام «اليوان الرقمي» في عديد من المدن الصينية واستخدم في أكثر من 8 مليار دولار من المعاملات في النصف الثاني من عام 2021، كما حفزت جهود الصين الدول الأخرى على التفكير في العملات الرقمية الخاصة بها، وما يقرب من 90 دولة، تمثل أكثر من 90% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، تستكشف بنشاط العملة الرقمية للبنك المركزي الصيني، وفقاً للمجلس الأطلسي.

 

فوائد العملات الرقمية

لا شك أن العملات الرقمية تتميز بالعديد من السمات التي تجعلها ضرورية في الوقت الحالي، حيث أثبتت التجارب أنها تساهم في تعزيز الشمول المالي والقضاء على الاقتصاد غير الرسمي ومكافحة العمليات المشبوهة مثل غسيل الأموال وتمويل الإرهاب؛ حيث سيؤدي اعتماد العملة الرقمية إلى إخضاع جميع العمليات لرقابة البنوك المركزية وبالتالي التعرف على كل المعاملات بين مختلف الأفراد والمؤسسات.

كما أن توجه البنوك المركزية لإطلاق العملة الرقمية ناتج من الدرس الذي تعلمته البنوك المركزية من أزمة كورونا وهو إيصال المعونات المالية للمواطنين بشكل أسرع، حيث أن تلك العملة ستمكن الحكومات من تطبيق وتنفيذ حزم الدعم بشكل سريع لتفادي أي ركود بالاقتصاد، كما يمكنها من معرفة أوجه الإنفاق بشكل دقيق.

وعلى الرغم من مزايا العملات الرقمية إلا أنها تتطلب وجود بنية تحتية تكنولوجية قوية مثل شبكات الإنترنت والهاتف المحمول بجانب تعزيز الاستثمار في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والبلوك تشين لتفادي مخاطر القرصنة وتهديد النظام المالي، وهو ما يعمل عليه البنك المركزي والمجلس القومي للمدفوعات ووزارة الاتصالات وأجهزة الدولة المختلفة بشكل مستمر لخلق بنية تحتية متطورة قادرة على استيعاب العملات الرقمية دون حدوث خلل.

وليد ناجي
وليد ناجي

وفي هذا الصدد، قال وليد ناجي نائب رئيس البنك العقاري المصري العربي، إن توجه البنوك المركزية حول العالم لإصدار العملات الرقمية هدفه إحكام الرقابة على معاملات الأفراد والشركات، والحد من عمليات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، بخلاف العملات المشفرة الحالية التي لا تتوافر بيانات حولها وتحظى بدرجة كبيرة من التشفير فيما يخص المعاملات.

وأشار إلى أن إصدار عملة رقمية تخضع لإشراف البنوك المركزية يسهم في عمليات تسهيل التبادل التجاري بين الدول، فضلاً عن دورها الكبير في تعزيز التحول الرقمي وتقليص استخدام النقود الورقية، موضحًا أنه يمكن استخدامها بين المؤسسات المالية لتسوية العمليات في الأسواق المالية.

وتابع بأن العملة الرقمية للبنك المركزي تدعم الاقتصاد الرقمي، حيث أنها شكل جديد من العملة الرقمية وأكثر أماناً، مما يعزز التنوع في خيارات الدفع، ويجعل المدفوعات عبر الحدود أسرع وأرخص، ويزيد الشمول المالي ويسهل تحويل الأموال، فضلاً عن دورها في خفض تكاليف الخدمات المالية من خلال القضاء على التوزيع المادي للنقد الورقي وإتلافه.

ومن جانبها، قالت سهر الدماطي نائب رئيس بنك مصر السابق، إن العملات الرقمية عملات مؤمنة بخلاف العملات المشفرة مثل البيتكوين وغيرها، حيث أنها تمكن العملاء من شراء البضائع والخدمات عبر الإنترنت، إذ يستعمل دفتر حسابات رقمي على شبكة الإنترنت، ذو تشفير قوي لضمان وحماية المعاملات المالية التي تتم أونلاين.

وأكدت أن هناك العديد من أنواع العملات الرقمية، والتي يصل عددها إلى أكثر من 100 عملة رقمية يتم تداولها والتعامل معها، لافتةً إلى أن تفكير البنك المركزي في تطبيق هذه العملات الرقمية خطوة جيدة جدًا ومستقبلية، وتساعد على تطوير سوق العملات في مصر، ورفع معدل النمو الاقتصادي، ومواكبة التحول الرقمي السريع الذي يحدث في مصر والعالم.

سهر الدماطي
سهر الدماطي

ولفتت إلى أن هذه العملات عبارة عن نسخة رقمية من النقود المصدرة بواسطة البنوك المركزية تؤدي وظيفة النقود العادية مثل الدفع وتحويل الأموال، وتختلف عن العملات المشفرة في أن العملات الرقمية تخضع معاملاتها لسيطرة البنوك المركزية بجانب تمتعها بالاستقرار والثبات والأمان على عكس العملات المشفرة الأخرى مثل البيتكوين وغيرها.

مشروعات رقمية على أجندة البنك المركزي

وبالتزامن مع جهود البنك المركزي لإطلاق العملة الرقمية، يعمل «المركزي» أيضًا على إطلاق 3 مشروعات رقمية أخرى خلال العام الجاري، وذلك بعد نجاحه خلال السنوات الأخيرة في رفع مستوى أداء الجهاز المصرفي وتحديثه وتطويره ودعم قدراته التنافسية وإطلاق العديد من المنتجات المصرفية الرقمية التي غيرت من شكل القطاع المصرفي، والتي كان آخرها إطلاق شبكة المدفوعات اللحظية وتطبيق «إنستاباي».

 

ويأتي مشروع التعرف على هوية العملاء إلكترونيا «E-KYC» على رأس أولويات البنك المركزي في المرحلة الحالية، حيث تهدف منظومة اعرف عميلك الإلكترونية إلى تطوير القطاع المصرفي المصري من خلال توفير وسيلة إلكترونية آمنة لمستخدمي الخدمات المالية تمكنهم من إنشاء هوية مالية إلكترونية تسمح بالتحقق من بيانات العملاء إلكترونياً بما تمكنهم من فتح حسابات البنوك بشكل إلكتروني عن بعد بدون الذهاب إلى فرع البنك (Remotely)، مما ينعكس بالإيجاب على عملية إدراج عملاء جدد لدى البنوك بطرق إلكترونية سهلة وسريعة وآمنة وكذلك خفض الإجراءات الورقية وخفض التكدس على فروع البنوك للتسجيل والحصول على الخدمات المالية.

يهدف المشروع إلى إتاحة الافتراض الإلكتروني لعملاء محافظ الهاتف المحمول بصورة لحظية من خلال قناة مؤمنة بناء على السلوك الائتماني لهم Alternative credit Scoring”، حيث تم إصدار القواعد الخاصة بهذه الخدمة خلال عام ۲۰۲۱، ويقوم البنك المركزي بالعمل مع الشركة المصرية للاستعلام الائتماني «أي سكور» للانتهاء من الجوانب الفنية الخاصة بالمشروع ليتمكن المواطن من الافتراض بصورة لحظية على مدار الساعة عن طريق محفظته الإلكترونية.

ولأن البنوك الرقمية من أهم الأدوات لتقديم خدمات مصرفية بصورة إلكترونية للعملاء والذي له بالغ الأثر في تحقيق الشمول المالي، فكانت الحاجة إلى ضرورة وضع الإطار الرقابي والتشريعي لاستحداث نوع جديد من البنوك يقوم بتقديم الخدمات بصورة إلكترونية وجذب شريحة جديدة من العملاء، لذا يعمل البنك المركزي المصري حالياً على وضع الإطار الرقابي لتراخيص البنوك الرقمية.